نظرة في إعلان ( PYD ) لتأسيس مجلس إدارة ذاتية مرحلية في غرب كوردستان

محمد سعيد آلوجي

لا بد أن أغلبنا قد سمع خلال الأيام الثلاثة الفائتة بإعلان حزب الإتحاد الديمقراطي PYDعن تشكيله لمجلس مرحلي عام لإدارة ثلاثة مناطق كوردية.

وبذلك يكون القيمون على هذا الحزب قد أقروا عملياً بتقسيمهم لأراض كوردستان سوريا إلى ثلاثة كانتونات كما جاء في ذات الإعلان.

ومن المعروف أن الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى كانوا قد عمدوا إلى اقتطاع مساحات شاسعة من أراضي كوردستان التي كانت تقع في حينه ضمن أراضي الأمبراطورية العثمانية.

مثلها مثل كل دول المنطقة التي قسموها فيما بينهم بعد أن أقروا لكل منها حدوداً جيوسياسية على مقاسهم.
هذا وأن أراض كوردستان التي قاموا بتقطعها وضمها إلى الخارطة الجوسياسية السورية كانت تضاهي ثلاثة أضعاف مساحة لبنان الحالية قبل أن يحددوا لسوريا حدوها الحالية بالاتفاق مع تركيا مقابل اعتراف الحلفاء بالجمهورية التركية الحديثة على أنقاض أمبرطوريتهم المهزومة في تلك الحرب الكونية.

حيث لا نود أن نتناول هذا الموضوع في هذه العجالة لأننا نود أن نركز على ما أشرنا إليه أنفاً وهو (إعلان ” PYD ” لإدارةٍ محليةٍ أو ذاتيةٍ مرحلية في كوردستان سوريا).

وعلى دوافعه والمستفيدين منه وو.


وقبل أن نتناول دوافع هذا الإعلان ومن يقف وراءه.

نود أن نشير بعض الشيء إلى ردود الأفعال المثارة حوله من قبل المعنيين بسوريا وكوردستان سوريا وثورتها.
فقد أثار هذا الإعلان ردود أفعال كثيرة من المعنيين بالشأن الكوردي والسوري على حد سواء، وردود أفعال معاكسة من القيمين على أمر هذا الحزب نفسه، ومِن مَن يؤمرون بأمره.
هنا أريد أن أقر بأنني لم أعثر على طرف واحد يكون قد أيد هذا الإعلان كما جاء.

إلا أن يكون له علاقات أو مصالح مع حزب ” PYD “أو أنه يدور في نفس الحلقة التي تجمعهم سوياً مع البعث السوري وحلفائه بشكل مباشر أو غير مباشر.

ومن المؤيدين لذلك الإعلان.

السيد “هيثم مناع” ممثل جبهة التنسيق الوطنية خارج الوطن، ومن المعروف أن جبهة التنسيق تعرف بقربها من النظام وهي التي تضم في عضويتها الحزب المذكور.

فقد نجد السيد هيثم مناع يساند إعلان ” PYD ” من دون أية تحفظات.

لا بل نراه يدافع عن الإعلان أكثر من صالح مسلم الذي يشاركه في المقابلة التلفزيونية للقناة الفرنسية 24 ، وكأنه عضو في قيادة هذا الحزب.

حتى يصل به الأمر ليقول بأن هذا الحزب هو ابن للنضال السوري حتى وإن كان ابناً للإديولوجية الأوجلانية.

ويذهب في تأييده لسياسة هذا الحزب أكثر من ذلك.

ليقول بأن هذا الحزب ليس لديه أي معتقل سياسي واحد لدى إجابته على تعليق من لؤي المقداد وفي حال إثبات وجود أي سياسي محتجز لديهم فإنه يَمُونُ عليهم ليقوم بإطلاق سراحه.

ويتابع هيثم مناع مدافع عن إعلانهم بأنه لم يأتي إلا من أجل تنظيم حياة الناس، ويتابع قوله بأن سوريا تُدارُ أصلاً منذ وقت طويل بنظام الإدارات المحلية.

أي أنهم لم يأتوا بجديد.

لا سيما، وأن معظم المناطق السورية تعيش في هذه الأوقات في ظل فراغ أمني.إلخ..


ونلاحظ من خلال متابعتنا لردود الأفعال المثارة حول إعلان هذا الحزب من قبل كل المعنيين بالثورة السورية، وبسوريا الوطن وكوردستان سوريا بأنه لم يستطع أن يحصل على مؤيدين لمشروعهم من خارج الحلقة المشوبة التي يدور فيها هذا الحزب.كأمثال هيثم مناع وتلك التنظيمات الشكلية التي دخلت معه في ذلك الإعلان مندفعين من قبل الأمن السوري، حيث لا يتعدى أي من تلك التنظيمات نطاق اسمها وأعضاء قيادة كل منها.
ونرى بأن الغالبية العظمى من الحركة الكوردية قد أبدت تحفظاتها على إعلانهم أو رفضته من أساسه.

مثلهم في ذلك مثل المعارضات العربية المختلفة لا سيما تلك المتمثلة في الائتلاف الوطني السوري مع تحفظاتي الشخصية الشديدة على بعض من الموغلين في العنصرية في هذا الائتلاف ( اللبواني على سبيل المثال ) والذي يبدي معارضته حتى على حق تقرير الكورد لمصيرهم ولو ضمن وحدة الأراضي السورية أو كما تقتضيه المعاهدات الدولية الموقعة عليها سوريا بالذات.
حتى أن الرئيس مسعود بارزاني أبدى قلقه تجاه تقرب (PYD) من النظام السوري.

وانفراده بإصدار قراراته التي تخص الشعب الكوري بمعزل عن باقي الأحزاب الكوردية ومن دون أن يجني من وراء ذلك أية مكاسب لشعبنا الكوردي.

حيث يقول السيد الرئيس مسعود بارزاني بخصوص تصرفات هذا الحزب ما يلي:
(والحقيقة انه لو كانت لهذه الأعمال التي قامت بها (PYD) أية مكاسب قومية لكانت ستقبل منه، لكن المحصلة هي أن (PYD) تفرد بغرب كوردستان مستفيدا من اتفاقية أربيل وبمعاونة النظام، وهذه لعبة خطيرة على مستقبل شعبنا هناك، لأن (PYD) لم تتوقف عند الاستيلاء على غرب كوردستان بل بدأت بقتل واعتقال أعضاء الأحزاب الأخرى.

  ولذلك ينتابنا قلق جدي إزاء مستقبل غرب كوردستان وضياع فرصة مهمة وسانحة للكورد.

لان النظام لم يعترف بأي حق من حقوقهم مقابل الدعم الذي يقدمه له (PYD)، والمعارضة تعد الكورد كحليف للنظام، وهذه تخلق مشاكل جدية لشعبنا في المستقبل، ومنذ بداية الأحداث كان من المفترض أن لا يتدخل الكورد في الحرب والمعارك الدائرة في سوريا، إلا في حالة الدفاع عن النفس، ولكن (PYD) ورط شعبنا في حرب ليست حربهم ولا في مصلحتهم، بل أدت هذه الحرب إلى تشريد عشرات الآلاف من مواطني غرب كوردستان.

  لقد وقفوا بالضد من الوحدة القومية، حيث وصل الأمر بهم أن يمنعوا علم كوردستان هناك.

وقاموا منفردين بإعلان إدارتهم في غرب كوردستان بشكل انفرادي مقصين جميع الأحزاب الكوردية الأخرى، ونحن نؤكد هنا موقفنا الثابت من مساندة الخطوات التي تقررها كافة الأطراف موحدة ولن نتعامل مع أية قرارات انفرادية).
هنا أود أن أقول بأن هذا الإعلان لم يأتي لملئ الفراغ الإداري في المناطق الكوردية كما يدعون.

فالحزب نفسه تسبب في خروج معظم القوى السياسية الكوردية التي بدأت بتنظيم شؤون الناس وهم الذين أفشلوا معاهدة هولير التي كانت ستمكن المعارضة الكوردية عند تطبيقها توحيد الصف الكوري وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين في غرب كوردستان إضافة إلى كسب دعم الرئيس مسعود المادي والمعنوي.

إلخ.
وبرأي فإن هذا الإعلان له خلفيات ودوافع غير تلك التي روجوا لها وأعلنوا عنها.

وهي عادة متأصلة في هذا الحزب فهم يقولون شيئاً ويعملون عكسه.

فهم الذين يدعون بأنهم يحاربون النظام، ويظهر لنا بأنهم يقومون بحراسة تماثيل المقبور وولده، ويقولون بأننا قد حررنا مناطقنا الكوردية والأمن السوري منشر في كل مناطقه إلى جوارهم .

كما أن قوات النظام العسكرية يبسط سيطرته التامة على قامشلو والحسكة.

يتهمون الناس زوراً وبهتاناً بتهم لا أخلاقيه ليبرروا اعتقالهم أو قتلهم، ويظهر لنا بأنهم من النشطاء السياسيين أو نشطاء في الثورة السورية.

وبناء على ما تمكنا من توضيحه بخصوص هذا الإعلان، وعلى خلفية التوقيت الذي جاء فيه ، وردود الأفعال المثارة حوله، وتلك التنظيمات الوهمية المشتبهة بأمرها.

أرى بأن هذا الإعلان يستهدف لتحقيق جملة من الأمور منها.
1.

التشويش على انضمام المجلس الوطني الكوري إلى ائتلاف قوى المعارضة السورية.
2.

قطع دابر التفكير على أحزاب الحركة الوطنية الكوردية ذات القواعد الشعبية الواسعة، في إدارة المناطق الكوردية كما نص عليها بنود اتفاقية هولير، والتي اضطرت معظم قياداتها على مغادرة إقليمنا السوري بسبب تهمهم الباطلة وخوفاً على حياتهم.
3.

الرد المسبق على تحضير الاتحاد السياسي والبارتي للاندماج في حزب واحد.
4.

القضاء على أي أمل لتفعيل اتفاقية هولير بعد إعلانهم عن اتفاقهم مع تلك المجموعات الوهمية.

كما نص عليه إعلانهم، والعمل على تقوية علاقات هذا الحزب مع الحلف العراقي الإيراني البعثي على حساب علاقاته المنهارة مع إقليم كوردستان العراق.
5.

إنشاء تحالف جديد في المناطق الكوردي لسببين أساسيين:
أ.

التقليل من مكانة الهيئة الكوردية العليا والتي قد يقومون بإلغائها في أية لحطة إن لم تفاجئهم أمور معاكسة لم يكونوا قد حسبوا حسابها .

هذه الهيئة التي بقيت الأحزاب الكوردية متشبثين بها على أمل أن يتم تفعيله لخدمة أهداف شعبنا بالرغم من قيام حزب ” PYD ” بتسخيرها لأجنداته الخاصة.


ب.

التأسيس لتمثيل فاعل لهم في جنيف باسم إدارة تحالف غرب كوردستان سواء حضروا ضمن وفد جبهة التنسيق الوطنية.

أم كوفد مستقل لتقوية المشروع الروسي الإيراني المؤيد لبقاء الأسد على حكم سوريا أطول فترة ممكنة.
ت.

إعطاء صلاحيات واسعة لنفسه بالتحكم بالمعابر الحدودية مع العراق وتركيا.

كذلك التحكم بمنابع النفط لتأمين تزويد النظام السوري به.

حيث بدأت تُسرب أنباء عن عزم وزير النفط السوري في حكومة النظام بزيارة حقول نفط رميلان في وسط المنابع البترولية في الجزيرة، على أن تتولي القوات المسلحة لهذا الحزب بتأمين سلامة وصول الوزير إلى المنطقة.

كذلك قيام هذا الحزب لاحقاً بإيصال النفط إلى من يرغب وقطعه عن من يريد.

مِن مَن يخالف مشروعهم المشبوه المطلق أصلاً بالتعاون مع أمن السلطات السورية ، وإلا فكيف يعلنون عن إدارة ذاتية والأمن والجيش السوريين ينتشرون في كل أرجاء المناطق الكوردية.
ولكوننا من أبناء الشعب الكوري في سوريا نرى بأننا معنيون بشكل مباشر بما قد يترتب على قرارات واتفاقات وتصرفات هذا الحزب لأننا من سيتحمل لاحقاً ما سيترتب على تلك الأمور.

تماماً كما قامت كل الحكومات المتعاقبة على حكم سوريا باستهدافنا على هويتنا الكوردية.

لذا فنرى بأنه من واجبنا نحن الكورد أن نفكر ملياً بما يقوم هؤلاء.

فنسارع إلى ما يمليه علينا ضمائرنا بالتوافق مع مصالحنا القومية والوطنية العلياً ومصالح أجيالنا القادمة.

وأن نقر آراءنا بالحجج والبراهين في كل ما يمس وجودنا.
وهنا أود أن أوضح رأي الشخصي في هذا الإعلان الذي لا أجده إلا مشروعاً أمنياً بامتياز، حيث أعتبر ذلك الإعلان كتأسيس لإدارة مصالحنا القومية والوطنية وفق أجندات نتنة يفوح منها رائحة الخيانة، وأن كوردنا من كل ذلك براء.

لا سيما وأنهم لم يستشيرونهم فيه، ولم يؤخذوا بآرائهم لا من قريب ولا من بعيد.

بالرغم من أنني أؤيد مشروعاً متكاملاً لإدارة المناطق الكوردية بعيداً عن سيطرة البعث على أي شبر فيه.

على أن يشترك في تلك الإدارة جميع القوى الكوردية الحزبية الفاعلة، والحركات الشبابية التي حملت شعار إسقاط النظام.

إضافة إلى إشراك باقي المكونات السورية بما يوازي حجمهم الطبيعي في تلك المناطق ممن لم يشتركوا في التشبيح لصالح النظام، وممن لم تلوث أيديهم بدم الثوار السوريين.

وأن يُفتَح المجال أمام كل الفئات الشعبية دون استثناء للمشاركة الفاعلة في تسييس وإدارة المنطقة، أو تنظيم وإدارة أنفسهم بحرية تامة وفق القوانين المرعية التي يجب أن يتم التوافق على إقرارها لتسيير أمور الناس وتنظيم شؤونهم الحياتية وتأمين أمنهم وسلامتهم من خلال مؤسسات مدنية أم غيرها…
15.11.2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…