الكرد في الوقت المتبقي من الصراع في سوريا .. كيف سيديرون اللعبة ؟

  فرحان مرعي

الأوضاع على الأرض تتغير بسرعة وبشكل دراماتيكي أحيانا ، النظام يستولي على مناطق عديدة كانت بيد الجيش الحر في اطار لعبة دولية مكشوفة ومفضوحة مما يسمح للنظام في فرض شروطه في المفاوضات السياسية المزمع ترتيبها مع المعارضة التي تخسر قوة التفاوض بالتوازي مع خسارتها على الأرض ، وبموازاة هذه التطورات تشهد الساحة الدولية نشاطا محموماً من اجل انعقاد مؤتمر جنيف 2 وخاصة من الجانب الروسي التي تبدو أنها استلمت الملف السوري كاملة من أمريكا وهي مصرة على عقد هذا المؤتمر في كل الأحوال ،
 ومع تعنت ائتلاف المعارضة السورية وشروطها المسبقة من المؤتمر ومع تشتتها أيضا تلجأ روسيا إلى إيجاد بديل آخر من المعارضة تم لملمتها من هنا وهناك في لوحة غريبة وعجيبة ، معارضة تتناغم مع النظام السوري وتتقاطع مصالحها معها في كثير من النقاط، وهذه رسالة روسية واضحة لائتلاف المعارضة الخارجية تقول فيها بأنها ستعقد المؤتمر بدونها ولو بحضور دمى وبيادق الشطرنج ، لأن روسيا تعلم جيداً أين تميل موازين القوى ، من هنا اعتقد أن المعارضة ستعيد حساباتها في ظل تراجعها على الأرض وهيمنة الروس والإيرانيين على الملف السوري وإنهائه بشروطهم التي هي شروط النظام أيضا ، ولمنع استفراد المعارضة الداخلية في المؤتمر من المتوقع إن تذهب المعارضة الخارجية وبالتنسيق مع القوى المقاتلة في الداخل بالذهاب إلى جنيف للحصول على الحد الأدنى من مطالبها …

 وهكذا يبدو إن هناك اتفاق دولي وإقليمي على إنهاء الأزمة على شكل لا غالب ولا مغلوب وعلى الطريقة اللبنانية ورسم خارطة جديدة لسوريا سياسياً وجغرافياً بحيث يكون اتفاق المزمع توقيعه يرضي جميع الأطراف المتصارعة وينهي مسلسل العنف والقتل في سوريا ، هذه هي لوحة سوريا عربياً ،إما كردياً فالصورة أيضا قد تطرأ عليها بعض التغييرات في المواقف والتوجهات وكل شيء حسب مقتضيات المرحلة وتبدلانها .
الكرد إمامهم حالياً وبصورة مستعجلة محطتين أساسيتين : محطة الانضمام إلى الائتلاف ومسألة الذهاب إلى جنيف ، كما هو معلوم لقد قطع الكرد شوطاً باتجاه الائتلاف ولم ينته الشوط الثاني وما زال النقاش والمفاوضات جارية بين الطرفين الكردي والائتلاف حول التوقيع النهائي في اتفاقية الانضمام ،في ظل المستجدات والتطورات الأخيرة داخلياً ودولياً التي ذكرناها سابقاً يتعين على الكرد تحديد اتجاه البوصلة بشكل دقيق للانطلاق وعدم تفويت الفرصة التاريخية من أيديهم ووضع المصلحة الكردية العليا في الميزان وإدارة اللعبة بذكاء في ربع الساعة الأخيرة من الصراع وخاصة إن القضية الكردية في سوريا هي من الأوراق الأساسية على طاولة المفاوضات .
الواقع الكردي ليس في أحسن حال ، ولكن يمكن الاستفادة من الصراع الحالي إلى ابعد حدود والاستفادة من الخلافات البينية بين الأطراف المتصارعة لصالح القضية الكردية ، وهنا يجب إعادة الحسابات في مسألة الانضمام إلى الائتلاف وتقليب المعادلة على أكثر من وجه وتقدير موازين الربح والخسارة دون إن تأخذنا العواطف بعيداً ، أما في موضوع الذهاب الى جنيف فعلى الكرد الحضور إلى جنيف أو غيرها بورقة تفاوضية قوية موحدة ، رغم أن هناك عقبات أمام هذا الحضور المفترض وهو وجود طرفين كرديين مختلفين غير متفقين ضمن البيت الكردي ولكنهما متفقين في الحضور إلى جنيف، وتبقى الإشكالية في كيفية وطريقة الحضور ، هل الكرد سيحضرون بوفد مشترك وموحد القرار ومستقل إلى جانب المعارضة والنظام ،أم بوفد ضمن ائتلاف المعارضة ؟وهنا وفي كلا الحالتين قد لا تتفق الرؤى والمصالح الدولية والإقليمية ،، في كل الأحوال لا توجد وصفة جاهزة في طريقة الحضور الكردي فالأمر يرتبط بشكل عام بالتطورات السياسية والدبلوماسية ، وعلى الكرد إن يضعوا مصلحتهم القومية فوق كل اعتبار ويختاروا بدقة الطريق الذي يؤدي بهم إلى تلك المصلحة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…