الكرد … ومؤتمرجنيف2

المحامية شهناز شيخهِ

لا زلت اذكر  اجتماعات أبي وأعمامي العشرة كلّ مساء ..

 أحاديثهم التي غالباً ما كانت تتحول إلى نقاشات حادّة وأحياناً إلى مشاجرات بسبب دفاع كل منهم عن نهج حزبه , حيث كان كلٌّ منهم منتسبا لحزب من أحزابنا الكردية .

كانت عيوننا تغفو وفي ظننا أنّهم لن يكلّموا بعضهم أبداً ..

لكنّ الصباح كان يفاجئنا بهم جالسين في فناء الدار يشربون القهوة!!!

أردت بهذه البيّنة الشخصية أن أقول إن خلافات أحزاب الحركة السياسية  الكردية إنّما هي خلافات البيت الواحد ..
و أنها في خطوطها العامة يمكنها أن تلتقي تحت سقف واحد هو  خدمة القضية الكردية , ورغم تململ المثقّفين المستقلّين من تقاعس بعض عناصر الحركة عن القيام بدورهم الحقيقي , كذلك من وجود انتهازيين سواء من صفوف الحركة أو من مستقلّين محسوبين عليهم كما يقال وصلوا حتى إلى الأطر العليا التي تغلف البيت الكردي, كذلك من وجود من ينتهج مبدأ شمولية النظرة والحزب الواحد , إلّا أنه ليس من المنطق الآن أن نأخذ بنصف الكأس الفارغ ! بل علينا الّا ننسى أن هناك أيضاً من بذل و لايزال يبذل من حريته وحياته في سبيل قضية شعبه في ظلِّ نظامٍ كان يعاقب الكرديّ حتى على  مجرد الكلام بلغته !..

ولا زالت صفحات الذاكرة المدافعة عن المعتقلين من بين صفوف الحركة الكرديّة تترجم  التعذيب بل والطريقة المهينة التي كانوا يعاملون بها حتى عند إحضارهم  إلى قاعة محكمة امن الدولة العليا !
إننا اليوم أمام خيار لابديل له هو توحيد الصف الكردي برؤية واضحة من أجل الشراكة في وطننا سوريا تلك الشراكة التي لا يستطيع الكثير من أبناء المعارضة السورية تقبل فكرتها رغم أن سوريا تكاد تغرق بالدماء من أجل الحرية والعدالة !!
إن كان ثمّة طاولة دولية فلا بديل  للكرد من الجلوس إليها ويبدو أنّ ممر العبور هو من خلال الانضمام لصفوف الائتلاف الوطني السوري الممثل الشرعي للمعارضة السورية رغم فشل مشروع الاتفاق الذي توصّل إليه الطرفان الكردي ووفد الائتلاف والذي كان من أهم أسبابه أنّ الائتلاف الذي في غالبيته  لم يستطع التخلص من ثقافة نفي الآخر و إرجائه التوقيع على وثيقة الاتفاق لحين التصويت عليها من قبل أول برلمان منتخب بعد إسقاط النظام!!!! متناسياً أنّ حقوق الشعوب لا تقبل التصويت لأنّها مكفولة بالقوانين والمواثيق الدولية  ….


لذلك من وجهة نظري وبصرف النّظر عن كل خلاف أجد انه بات من الضروري توحيد صفوف الكرد في مرحلة تاريخية حاسمة كالمرحلة التي نمرّ بها … وأظنني لا أبالغ إن قلت إعلان حالة استنفار سياسي من اجل الخروج برؤية موحدة- سياسياً – موثّقة – تاريخياً – من قبل خبراء التاريخ  والجمعيات المتخصصة بعلوم التنقيب والآثار لإثبات أنّ الكرد شعب أصيل في المنطقة وتوثيق ذلك بخبرة قانونية دولية من قبل خبرائنا الكرد والتعامل مع الطرف الاخر بالادلة والوثائق  … من أجل الضغط دولياً لتقبّل مفهوم الشراكة وعدم إلغاء الآخر من أجل سوريا تعدديّة ديمقراطية ستنهض رغم كل هذا الركام وهذه الدماء لتبني من جديد حضارة  الانسان .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…