بعثي و بعثي

حسين جلبي

لم يكُن مُدير المدرسة الكُردي في القرية الكُردية التي كُنتُ أُعلم فيها بصفة مُعلم وكيل بعثياً، إلا أن الذي حصل هو أن مُعلماً آخر، كُردياً، من القرية ذاتها، قد تسرح من الجيش و كان بعثياً، ما شكل خطراً على مركز المُدير، ذلك أنهُ أصبح مُرشح التوجيه التربوي المُفضل و أخذ يقوم بإجراءات و تحركات للإستيلاء على الإدارة من زميله و ابن ضيعته، لكن الأخير أحس بالخطر المُحدق فتحرك على جناح السرعة و قدم طلباً للإنتساب الى حزب البعث العربي الإشتراكي تم قبولهُ و أصبح رفيقاً مُناضلاً جنباً إلى جنب مع الآخر، و بقي بالتالي مُديراً للمدرسة، و هكذا بقي منافسه يجتر حسرته.
بعد سنوات من ذلك صادفت بعض سكان تلك القرية و سألتهم عن أحوال الناس و المدرسة، أخبرني أحدهم أن مُعلماً عربياً (يجمع المجد من كل أطرافه) قد سكن مع عائلته في قريتهم و استلم الإدارة فأصبح جميع المعلمين الكُرد، بعثيون و غير بعثيون، سواسية كالأسنان المسوسة في فمه، يُمارس بهم التعليم الذي يريد.
تصورت وقتها الفرحة العارمة التي أجتاحت ذلك البعثي الأقدم، الذي كان في الجيش، و هو يرى الإدارة و قد طارت من مُنافسه، و أصبح مثلهُ، يحضر إلى الدوام و الإجتماعات في مواقيتها.
الحكمة: صراع المصالح، بين من هو مُقرب من النظام و بعيد عنهُ من الكُرد، قد يؤدي في النهاية إلى أن تأتي داعش و تأخذ صدارة المكان ليقوم الجميع على التنافس على خدمتها..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…