بانتظار ولادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الجديد ـ سوريا

خليل كالو

بداية نبارك تلك الخطوة إذا جاءت صميمة وبنيوية كاستجابة مسئولة لمتطلبات المرحلة ولصالح الكرد ودرء توسيع الهوة المجتمعية وردمها ونبذ الصراعات المحاورية من حفر الخنادق والاستقطاب…في الوقت الذي لا أهمية عمليا أن نزين التنظيم المنشود بقالب جميل وأفكار وشعارات براقة وجمل إنشائية وحركات استعراضية أيضا بقدر ما هو مطلوب من التنظيم الوليد العمل الميداني على الأرض ورجوع قادته إلى مكان عملهم الطبيعي علما بأن القضية التي يسعى الكرد إلى حلها تعتمد على فلسفة واحدة وفكرة واضحة وحق ثابت مؤلف من كلمتين هما حقوق كرد القومية وكرامته كشعب فقط.

لا يحتاج الكرد إلى شكل التنظيم وعنوانه كون الشكل لا يسمن ولا يغني عن جوع بل إنهم فقط يحتاجون الآن إلى صياغة سياساتهم وتوليف أفكارهم وضبط ذواتهم على أساس العمل المنتج والحقوق والقيادة الحكيمة والواعية المبدعة والعمل المشترك والقبول بالبعض لتخطي المرحلة بسلام وثمار ..

لا أن يفكر كل فرد  كما يحلو له كي يطبع الحراك بطابعه الخاص ولا حظوظ للبطولات الفردية الآن حيث أن عمل الشعوب من أجل حقوقها هو جمعي لا حزبي وفردي .وأن الظرف المعاش ومن كل جوانبه لا يحتاج إلى فكر وفلسفة عميقة وعقيمة ولا يقبل التأويل ولا التفسير لأن ملامح وأهداف المرحلة سورياً وكردياً قد أصبحت جلية واضحة للجميع بحيث لا تقبل التساهل مع المزاج الشخصي والحزبوي ولا تعترف بالظروف الموضوعية كثيرا بل بات الاعتماد على الذات وصقلها وتقويتها أمرا ضروريا لبناء قوة ونفوذ على الأرض ولا مانع من الاستفادة من كل ظرف وحالة موضوعية ..
 قبل كل شيء يجب إدراك المغزى الأساسي الذي نشأ عليه التنظيم الجديد من قبل مناصريه وسياسيه ومن ثم الانطلاقة من تلك الفكرة دون التلاعب بالألفاظ والتحايل  ونبذ كافة أشكال التنظيم ذات الطابع الشخصاني ( التحزب ) والحزبي كون مثل تلك الثقافة والتفكير تولد مجاميع أنانية ـ دكتاتورية ومتعصبة لذاتها وسيكون جل اهتمامها وتفكيرها ونشاطها هو الحفاظ على التنظيم الشخصي والدفاع عنه على حساب الأهداف التي وجد من أجلها .

فيصبح الحزب والتنظيم غاية بذاته ولذاته ويضيع الناس في متاهات حزبوية ويتولد الصراع من جديد وسوف يسعى كل طرف إلى الشد والاستقطاب ليزيد من آلام الشعب ومشاكله ويسود الانقسام جسده وسيدافع كل فريق عن ذاته مدعيا الحقيقة وستصيب البلادة عقول الناس وتحل اللامبالاة تجاه الأحداث  ويبقى الغل والكراهية سيد الموقف.

وهذا ما حصل في بعض مراحل النضال التحرري الكردي الحديث لذا علينا المعرفة والإدراك التام بما جرى والاستفادة من تجاربنا وتاريخنا.

هناك مسألة خطيرة أخرى وما زالت سارية النهج والمنهج تقوم بها التنظيمات الكردية الشخصانية والحزبية هذه الأيام ألا وهي البحث عن كم من الأفراد كيفما كان سلوكهم ودرجة استعدادهم للنضال والتضحية، وهنا لا يبقى المعيار الأخلاق القومي والمعرفي والتضحية وإخلاص أساسا لاختيار الكوادر والأنصار .

إن هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل الأمية السياسية والفكرية تنتشر في صفوفها فتدفعها إلى الابتعاد عن حقيقتها مما يؤدي إلى جعل التنظيم عرضة للأزمات والعلل الحادة والانقسام والاختراق .


خلاصة القول : إن القوى التي تسود وتقود السياسة والتنظيم هي في أغلبها مستهلكة ومترهلة وغير قادرة على الإنتاج لذا لن تستطيع تحقيق الهدف بنفس الفكر والآلية والاندفاع الذي لديها.

ولتحقيق الأهداف لابد من تدخل قوى جديدة شبابية قادرة على تحمل تبعات النضال في سبيل الأهداف والغايات.

علما بأن المهمة الأولى ليست إقامة شكل تنظيمي جديد متماسك فقط بل أيضا القضاء على الشكل القديم ونبذه لأنه لا يمكن بناء الجديد بالتعايش مع القديم البالي وقد علمنا تاريخ الحركة القومية الكردية أن الصعوبة وكل الصعوبة تكمن ليست في إقامة حالة جديدة بل في إفساح المجال أمام هذه الحالة للنمو والبقاء للارتقاء.

فليعلم الكرد بأننا مضطرون لمعالجة الوضع الراهن وإزالة سلبياته وتحديث كل فكر وثقافة وموروث رث بالي بكافة الوسائل والسبل اللازمة التي تضمن لنا البقاء والانتقال إلى حالة أفضل مما نحن عليه من التشتت والفوضى واللامسئولية والضياع وتجاوز حالة الثقة الزائدة المزيفة بالنفس، والحد من هدر الطاقات وعدم ربط مصير الشعب الكردي بأمزجة بعض الأشخاص المرضى نفسيا من ذوي السلوك الاستبدادي والأناني …

5.10.2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…