فريد سعدون
تزج بنا الأقدار – دون لأي – في صميم التجربة، قد لا نرغب فيها، ولكن حينما تحل الواقعة، وتقتحم علينا غفلتنا، نستسلم لجبروتها، فتنبئنا بمفاجأة توشك أن تنتاب هذا الكائن البشري – المنفوخ بلفحة الخيلاء – الذي يتوهم صدق الرواية، حين يشعلها بزيت ريائه، ثم يقرأها وحيدا، فيستلذ ببطولاته المجردة من البطولة، وتتورم أوداجه من ضحكة تستلبه نسمة الحياء، ويصبح الكلام فخاً يجسم مسار النكبة التي تتقمص الطمأنينة والسلامة، في هذا الانقلاب المهيمن بروغانه يختصر السرد المدى المتهالك بين الوهم والواقع، الوهم الذي يسحر صاحبه بنشوة الزعامة، والواقع الذي يرديه في مهاوي خياله، فتنتعش الأحلام وتملي عليه وساوسه زخرف الأماني والطموحات، حينئذ ترفع الأهداف وملفات القضية عن الطاولة لتزين الرفوف المعدة للأرشيف.
إنه العبث، يغشى علة التباهي بالخواء، ويتربع على عرش الادعاءات الجوفاء، ويعانق خبر المجد السالف بتواريه خلف أحقاب من الانكسارات، ومن السبي المنضبط بقيافته الراقية لهذا الشمال الوديع، الهادئ، الحزين بأهله، ونحن – أهله – نجتر مأساتنا النازفة على قرع طبول الغزاة، نمضغها كأشهى ما تكون مآدب اللئام، ثم نعربد كطواويس ترفل بريش الترف الزاهية، نحقن نظراتنا بتكبر لا يجلب إلا الاحتقار، ونجري فوق أوار الحسرة الملازمة لعمرنا الشقي، لنعلن جسارتنا الواهية في معمعة الجدل البائس البليد، ونداهن حين الآزفة باسم الاختلاف، وتباين الآراء، وعرض الأفكار، والصراع النقدي الذي يشحن حركة النضال بالحيوية والتقدم، أما سمعتم قول نبي الرحمة، وإمام الأمة:
(( لا تختلفوا فتختلف قلوبكم))، أم في أسماعنا وقر، وعلى قلوبنا أقفالها، لا بل تستهوينا نقمة الانقسامات، فإن لها متعة أوفر، ولذة تجفل منها الغواية في سهول
تمردنا المنبسطة على تخوم الألم، كما هي تخوم الانشطار اللامتناهي، فإن في الكثرة غلبة، وكلما توالت سلسلة القادة العظام، من الرؤساء والأمناء وأعضاء المكتب
واللجنة اللامركزية، تزاحمت الأفكار والرؤى الخلاقة التي تبشر بالفرج القريب، والنصر المبين، وإن شئتم اقرؤوا قوله تعالى: (( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم))، طوبى لنا، لهذا الموج المتلاطم من أصحاب الرؤى والمناظرات، ولتلك المداهنة المكشوفة، لنوائب يحتلبن أستار غينا، وجبروت أنانيتنا المطرزة بوشي الاختلاف، فينداح المكر كدوائر على صفحة ماء راكد، فتسقط العهود، ويتهاوى شرف الكلمة، وتذوب المصافحة على مغمس الدم المجبول بالتآخي، ويأفل القسم المكين، والحلف الأمين، وكل ما أزمعنا نسجه ينكث هباء منثورا، وما أبرمنا عقده ينفرط في خلسة من عتمة النفس الأمارة بالسوء، وتذبل المواثيق المورقة في ظلال الابتسامات القاحلة، بعد حوار طويل وعميق تناول مستجدات القضية، وسبل تفعيل النضال السلمي واللاسلمي، في أنماط شتى من ألوان التحايل الساذج بمناهجه البالية، وإن جد الأمر، ووقعة الواقعة، ركبنا فجور العبارة، ونذرنا للمنازلة مؤونة من الأخبار الكاسدة التي كنا ندخرها للأيام العصيبة هذه، وما كنا نبوح بها لأنها كانت زادنا الذي نشهره وقت المجاعة والفاقة، حين ينقطع غيث التواصل، ونشحذ للمصارعة جعبتنا المليئة بسيرة رفاق الدرب الميمون، تلك السيرة التي سنفتخر بها حتى قبل اللحظة الأخيرة من إعلان البيان رقم واحد، وبعدئذ يفور التنور، وتنشق الأفواه الصلدة عن روعة الشتائم، وأناقة الترهات، وفصاحة الهذيان، نكوم في معقلنا متاريس الهجاء، ونحصن ثغورنا بسبائك الألفاظ المدجنة بقوافي الرعونة وهتك الأعراض ( وكم من حبر إذا جاع شاطر القلم مهارة صوغ الأقوال )، في مبانيها ومعانيها، ويكبر الزيف، وتضيع الإنجازات، وعندما نستنطق نصوص البلاء، جهرا وهمسا، نتعجب من شجون ملأى ببطش سلطان الاختلاف، عاش الاختلاف، ولترتفع بيارقه فوق هامات نضالنا المبارك، ليتجدد إكسيره كلما خبا في مجمر الرأي الآخر صداه، وليكبر المقت عند الإله، ولتتضاءل الأفعال من ضنى البحث عن استعارة تجسد الفراغ، لتتلاشى من امّحاء ينقل إلينا – في منتهى الأمانة – وهم البقاء،ولتنكشف الأحوال عن متن يؤسس لإطار يتهشم، يتناثر، ولا يترك إلا أجزاء صورة تتلفظ مشقة الاحتضار، هأيتها الجهات الستة أفيضي علينا – من بركات البؤس وصناعة الألم المسجى في جنباتنا كقدر سرمدي – قدسية، هالة من ركب القوافل، من متاع يُحمل إلينا من مغيب الشمس كانحلال الهواء في رمس قديم، الروح ضالة الأموات، فاستنفروا الوجود بأرواحكم الضالة، واملؤوا السكون بصخب بياناتكم، واعبروا من متاهات كبريائكم الشريد إلى بلاغة المأثور من همس الشياطين، فما زالت التعاويذ تومض على عرش الفتنة، وما زالت القوارير تكشف عن عورة البلهاء، هلموا – كما تشاؤون – فإن مشيئة الفشل تسبق أمانيكم الضالة، تنازعوا، فإن الدعوة تشمل الجميع، ارفعوا عريكم في منابر الدسيسة، وانفخوا – ملء رئاتكم – أبواق الاحتراب لعلكم تحشدون لمحاوراتكم / مناوراتكم مناقير الرماد، فحسبكم المؤتمرات والاجتماعات، وحسب القضية قدرها، سدوا بمتاريسكم المهترئة حرارة اللقاء، و ارنوا إلى بريق الألقاب الفاخرة، كي ننتظر السراب ينهل من حقائق تعبنا، وينثر على المدى أحلامنا البهية دون عناء، طوبى لكم، لقيادتكم الحكيمة في تسيير شؤون العباد، وصياغة الأقدار، وها نحن ههنا نستجدي العون من الله ، ياالله يارب النعمة والنقمة نشكو إليك هواننا على الناس، (( فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم)).
(( لا تختلفوا فتختلف قلوبكم))، أم في أسماعنا وقر، وعلى قلوبنا أقفالها، لا بل تستهوينا نقمة الانقسامات، فإن لها متعة أوفر، ولذة تجفل منها الغواية في سهول
تمردنا المنبسطة على تخوم الألم، كما هي تخوم الانشطار اللامتناهي، فإن في الكثرة غلبة، وكلما توالت سلسلة القادة العظام، من الرؤساء والأمناء وأعضاء المكتب
واللجنة اللامركزية، تزاحمت الأفكار والرؤى الخلاقة التي تبشر بالفرج القريب، والنصر المبين، وإن شئتم اقرؤوا قوله تعالى: (( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم))، طوبى لنا، لهذا الموج المتلاطم من أصحاب الرؤى والمناظرات، ولتلك المداهنة المكشوفة، لنوائب يحتلبن أستار غينا، وجبروت أنانيتنا المطرزة بوشي الاختلاف، فينداح المكر كدوائر على صفحة ماء راكد، فتسقط العهود، ويتهاوى شرف الكلمة، وتذوب المصافحة على مغمس الدم المجبول بالتآخي، ويأفل القسم المكين، والحلف الأمين، وكل ما أزمعنا نسجه ينكث هباء منثورا، وما أبرمنا عقده ينفرط في خلسة من عتمة النفس الأمارة بالسوء، وتذبل المواثيق المورقة في ظلال الابتسامات القاحلة، بعد حوار طويل وعميق تناول مستجدات القضية، وسبل تفعيل النضال السلمي واللاسلمي، في أنماط شتى من ألوان التحايل الساذج بمناهجه البالية، وإن جد الأمر، ووقعة الواقعة، ركبنا فجور العبارة، ونذرنا للمنازلة مؤونة من الأخبار الكاسدة التي كنا ندخرها للأيام العصيبة هذه، وما كنا نبوح بها لأنها كانت زادنا الذي نشهره وقت المجاعة والفاقة، حين ينقطع غيث التواصل، ونشحذ للمصارعة جعبتنا المليئة بسيرة رفاق الدرب الميمون، تلك السيرة التي سنفتخر بها حتى قبل اللحظة الأخيرة من إعلان البيان رقم واحد، وبعدئذ يفور التنور، وتنشق الأفواه الصلدة عن روعة الشتائم، وأناقة الترهات، وفصاحة الهذيان، نكوم في معقلنا متاريس الهجاء، ونحصن ثغورنا بسبائك الألفاظ المدجنة بقوافي الرعونة وهتك الأعراض ( وكم من حبر إذا جاع شاطر القلم مهارة صوغ الأقوال )، في مبانيها ومعانيها، ويكبر الزيف، وتضيع الإنجازات، وعندما نستنطق نصوص البلاء، جهرا وهمسا، نتعجب من شجون ملأى ببطش سلطان الاختلاف، عاش الاختلاف، ولترتفع بيارقه فوق هامات نضالنا المبارك، ليتجدد إكسيره كلما خبا في مجمر الرأي الآخر صداه، وليكبر المقت عند الإله، ولتتضاءل الأفعال من ضنى البحث عن استعارة تجسد الفراغ، لتتلاشى من امّحاء ينقل إلينا – في منتهى الأمانة – وهم البقاء،ولتنكشف الأحوال عن متن يؤسس لإطار يتهشم، يتناثر، ولا يترك إلا أجزاء صورة تتلفظ مشقة الاحتضار، هأيتها الجهات الستة أفيضي علينا – من بركات البؤس وصناعة الألم المسجى في جنباتنا كقدر سرمدي – قدسية، هالة من ركب القوافل، من متاع يُحمل إلينا من مغيب الشمس كانحلال الهواء في رمس قديم، الروح ضالة الأموات، فاستنفروا الوجود بأرواحكم الضالة، واملؤوا السكون بصخب بياناتكم، واعبروا من متاهات كبريائكم الشريد إلى بلاغة المأثور من همس الشياطين، فما زالت التعاويذ تومض على عرش الفتنة، وما زالت القوارير تكشف عن عورة البلهاء، هلموا – كما تشاؤون – فإن مشيئة الفشل تسبق أمانيكم الضالة، تنازعوا، فإن الدعوة تشمل الجميع، ارفعوا عريكم في منابر الدسيسة، وانفخوا – ملء رئاتكم – أبواق الاحتراب لعلكم تحشدون لمحاوراتكم / مناوراتكم مناقير الرماد، فحسبكم المؤتمرات والاجتماعات، وحسب القضية قدرها، سدوا بمتاريسكم المهترئة حرارة اللقاء، و ارنوا إلى بريق الألقاب الفاخرة، كي ننتظر السراب ينهل من حقائق تعبنا، وينثر على المدى أحلامنا البهية دون عناء، طوبى لكم، لقيادتكم الحكيمة في تسيير شؤون العباد، وصياغة الأقدار، وها نحن ههنا نستجدي العون من الله ، ياالله يارب النعمة والنقمة نشكو إليك هواننا على الناس، (( فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم)).