«الاتحاد الوطني الكردستاني» وأسباب الهزيمة

صلاح بدرالدين

أعلن ” الاتحاد الوطني الكردستاني ” في العراق الذي يرأسه السيد جلال الطالباني عن تشكيل لجنة رباعية (اثنين من المكتب السياسي ومثله من أعضاء القيادة) لتقصي وتشخيص أسباب هزيمته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وحلوله في المرتبة الثالثة بعد أن كان من الأوائل ومن الطبيعي جدا وفي مثل هذه الحالات أن تتم عمليات المراجعة من جانب أي حزب أو حركة يشعر بالمسؤولية تجاه أعضائه ومناصريه وشعبه وفي الوقت الذي نحترم خصوصيات الأحزاب الشقيقة في مختلف البلدان والأجزاء وننأى بالنفس عن التدخل في أمورها الداخلية تماما كما نطالبها على الدوام بالتعامل معنا بالمثل نقول :
 حسنا قررت قيادة الاتحاد آملين اقتران القرار بالعمل والتوصل الى نتيجة شفافة مقنعة قد تكون لها فائدة في اغناء تجارب الحركة الوطنية الكردية ولكننا وبحسب حيثيات القرار وما أحيط به من معلومات وتصريحات وانتقادات متبادلة من هنا وهناك نرى أنها ترشح توجه التركيز على المسائل التنظيمية والأداء الإداري القاصر للمكتب السياسي وإعادة أسباب الهزيمة الى القضايا الداخلية المحلية الكردستانية البحتة بمعزل عن أية إشارة الى المواقف السياسية الخاصة لقيادة الاتحاد تجاه الحكومة الاتحادية والدول الإقليمية وخاصة المعنية بالكرد وقضيتهم والأزمة السورية والوضع الدولي عامة وان كنا نعتقد أن لقضايا الداخل أهمية فائقة ان لم تكن أساسية في حياة ومستقبل أي طرف ( والتي لن نتطرق اليها التزاما منا بعدم التدخل ) ولكن من دون تجاهل الأسباب الوطنية والقومية والإقليمية الخارجية التي تعاظم فعلها في الأعوام الأخيرة وباتت من العوامل المؤثرة حتى بأدق تفاصيل الأمور الداخلية  .

        على الدوام هناك ميول من بعض مراكز القوى ومصادر القرار في الأحزاب والحركات التقليدية على وجه الخصوص بانتهاج سبيل المراجعة على الأمور الداخلية وهي من أسهل الحلول وأقلها تكلفة حيث سيتم عادة تحديد – كبش الفداء – وتبديل أشخاص بآخرين من دون الغوص عميقا في المواقف والسياسات أو تحمل عناء البحث عن الخيارات البديلة ولكننا وفي حالة – الاتحاد – وبقدر مايتعلق الأمر بقضيتنا السورية ومن ضمنها الحالة الكردية خاصة وأنه لم يعد خافيا أن السيد أمين عام الاتحاد الوطني الكردستاني تعامل شخصيا مع الملف السوري وأعلن أكثر من مرة عن الإشادة برأس النظام السوري والدفاع عنه قبل وبعد اندلاع الثورة في حين مازلنا نرى أن موقع الحركة الوطنية الكردية في العراق كحركة تحرر وطني وجزء من الثورة الكردية لعقود هو الى جانب الثورات وحركات التغيير الديموقراطي في كل مكان وليس مع الاستبداد والدكتاتورية البعثية التي عانى منها شعب كردستان العراق قبل الجميع ونعتقد أنه واضافة الى المشاكل الداخلية والأخطاء التنظيمية والإدارية والتجاوزات والتقصير وحتى أشكال الفساد التي أشير اليها من جانب عدد من كوادر الاتحاد في بيانات منشورة بوسائل الاعلام ننصح الاخوة – الاتحاديين – باالوقوف مليا على موقف قيادتهم – أو بعضها المؤثر – تجاه جملة من المسائل والتي نراها كما نفهمها خاطئة أضرت بشعبنا وثورتنا في سوريا وانعكست سلبا على وضعهم الانتخابي أيضا بسبب وعي الناخب الكردستاني المتقدم فعليهم اذا كانوا جادين الإجابة على التساؤلات المشروعة ليس من جانب قطاعات من الكرد السوريين فحسب بل من الأوساط الوطنية السورية عامة وقوى الثورة حول ماتردد عن علاقات تعاون خاصة مع نظام الأسد ودور قيادة الاتحاد – أو بعضها – ومنذ اندلاع الثورة بالتجاوب مع رغبة هذا النظام الدموي المستبد في محاولة عزل كرد سوريا عن الثورة وتحييدهم ومن ثم دمجهم في مشروع السلطة السورية ومحاولة خلق المحاور في صفوفهم والتوسط في إعادة العلاقة بين نظام الأسد وحزب العمال الكردستاني للعمل سويةعلى قاعدة مواجهة الثورة السورية عبر التواصل والتنسيق مع نظامي سوريا وايران ولاأظن أن مسؤولي – الاتحاد – سينفون ما شهدته مدينة – السليمانية – منذ أكثر من عامين وحتى الآن من لقاءات واجتماعات تمت بمعرفتهم شارك فيها ممثلون أمنييون وسياسييون بارزون عن نظامي سوريا وايران لوضع الخطط وتنفيذ الأهداف المرسومة لمصلحة المحور السوري الإيراني الذي يضم أطرافا أخرى .

        نتمنى على الأشقاء في الاتحاد الوطني التجاوب مع رغبتنا الصادقة في الكشف عن الحقيقة وانصاف كرد سوريا والشعب السوري بمراجعة نقدية للمواقف السابقة التي نراها مسيئة والاجابة المقنعة على التساؤلات أعلاه وتحديد المسؤولية بكل شفافية ووضوح مما سيساعد ذلك في تعزيز الصف الكردي السوري أولا وتحسين العلاقة الأخوية مع كل السوريين وهنا أوضح أنني لاأطالب الاتحاد بالانخراط بالثورة السورية أو تحرير مناطقنا من الاستبداد فقط نتمنى عدم الحاق الأذى بقضيتنا المصيرية وثورتنا الوطنية التي نعول عليها بخلاص شعبنا مهما طال الزمن من الشوفينية والقمع والتمييز .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…