حسن صالح (نائب سكرتير حزب يكيتي الكردي) يوجه رسالة الى كمال اللبواني يرد فيها على مقال له منشور على الانترنيت

الأخ الدكتور كمال اللبواني:
تحية الأخوة والنضال: اطلعت على مقالك المنشور على الانترنت بشأن الاتفاق الموقع بين المجلس الوطني الكردي وبين الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حيث لاحظت استياءك منه وشعورك بنوع من الاحباط لما آل إليه وضع قوى المعارضة في الخارج وتعرضها لإملاءات وضغوط من الأجانب.

أصارحك بأنني أصبت بالدهشة من موقفك الحالي تجاه الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية للشعب الكردي، فأنا اعرفك مناضلاً عنيداً وجريئاً منذ مرحلة ربيع دمشق فكنت تقول صراحة بأنك معارض للنظام المستبد (وأثبتت الأيام أنك كذلك) وعندما كنا ننقل إليك معاناة وهموم شعبنا الكردي، كان جوابك بأنك مع هذا الشعب المظلوم إلى أبعد الحدود بما فيها حق تقرير المصير،
وفي آخر لقاء بيننا في ربيع عام 2011 في سجن عدرا حيث اجتمعنا عند صلاة الجمعة وبحضور الشهيد الراحل مشعل تمو، شعرنا بوحدة الحال وتفاءلنا باندلاع الثورة السورية، وحينها أكدت لنا من جديد أنك مع حقوق شعبنا كاملة، وكنا دوماً نستشهد بمواقفك الجريئة تجاه قضية شعبنا.
أخي الفاضل:جاء في القران الكريم “وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله اتقاكم” وجاء في المواثيق والأعراف الدولية أن لكل شعب الحق في تقرير المصير، وشعبنا الكردي شعب يعيش على ارضه التاريخية منذ آلاف السنين وتمكن أسلافه من المساهمة في الحضارة الإنسانية وبرزت منهم امبراطوريات حكمت لقرون قبل الميلاد (الهوريون، الكوتيون، الميتانيون، الميديون) وتشهد تلال كثيرة على آثارهم كما في تل حلف، ليلان، كري موزان، تل براك، تل أحمدي وغيرها.

وبعد ظهور الاسلام اصبح معظم الكرد مسلمين وساهموا بقوة في نشر الاسلام وتوطيد دعائم دولته و لعبوا دوراً متميزاً لا سيما في عهد صلاح الدين الايوبي، ولقد عانى الشعب الكردي كثيراً بسبب موقع كردستان بين الامبراطوريتين الصفوية والعثمانية، حيثُ اصبحت بلاد الكرد مسرحاً لمعارك طويلة، فقدوا خلالها استقلالهم وهضمت حقوقهم، لكن رغم ذلك فإنّ فترات ضعف الامبراطوريتين شهدت ظهور إمارات كردية عديدة تمتعت بقدر كبير من الاستقلالية (لا مجال لذكرها)، وفي فترة الاستعمار الفرنسي لسوريا الناشئة آنذاك بموجب اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 لم تراع الدول الاستعمارية مصالح مكونات المنطقة ولم تحترم إرادتها في تقرير مصيرها، ونفذت الاتفاقية بعيداً عن رأي السكان الأصلاء.

وهكذا أصبح جزء من الشعب الكردي داخل الدولة السورية الوليدة، ولا يزال كرد سوريا حتى الآن متمسكون بأواصر القربى مع اقربائهم في كردستان تركيا من ديرك شرقاً وحتى عفرين غرباً، ورغم هذه المأساة فقد ادى شعبنا الكردي في كردستان سوريا، بكل قوة وحيوية واجباته الوطنية، وقاوم الاستعمار وكان أول شهداء الكرد وزير الحربية آنذاك يوسف العظمة، وشارك الكرد باندفاع في ثورة الغوطة وقاد ابراهيم هنانو ثورة عارمة في جبل الزاوية، كما ساهم كرد الجزيرة في المقاومة في معركة بياندور 1923 وعامودا 1937، وساهم الكرد بدورهم المتميز في بناء الجيش الوطني وقدموا تضحيات كثيرة في الدفاع عن حدود الوطن المشترك.
غير أن التعامل الإيجابي مع شعبنا الكردي لم يدم طويلاً، فبعد انقلاب حزب البعث عام 1963 تبنى سياسة تمييزية عنصرية حاقدة وبدأ بتنفيذ مشاريع سياسية تستهدف محو الهوية القومية لشعبنا وإنكار حقوقه وتجلى ذلك في الالتزام بمضمون التقرير السري الذي قدمه الملازم أول محمد طلب هلال في شهر تشرين الثاني عام 1963 وكان يشغل منصب رئيس شعبة الأمن السياسي بالحسكة،

أهم بنود مشروع هلال:
تهجير الكرد من أرضهم – حرمانهم من التعليم – سد باب العمل امامهم –شن دعاية واسعة ضدهم بين العرب – نزع الصفة الدينية عن مشايخ الدين الكرد وتبديلهم بمشايخ عرب – ضرب الكرد ببعضهم – إسكان عناصر قومية عربية في المناطق الكردية على الحدود – إنشاء حزام أمني عربي على طول الحدود مع تركيا- إنشاء مزارع جماعية للمستوطنين العرب – عدم السماح لمن لا يتكلم اللغة العربية بأن يمارس حق الانتخاب والترشيح في المناطق المذكورة – منع إعطاء الجنسية السورية مطلقاً لمن يريد السكن في هذه المنطقة، مهما كانت جنسيته الاصلية (عدا الجنسية العربية).
من الناحية العملية طبق ذلك المشروع الخطير بحق شعبنا حيث تم تجريد مائة وعشرين ألف كردي من جنسيتهم السورية (وصل العدد حتى بداية الثورة إلى حوالي 400 ألف)، حيث حرموا من كافة حقوقهم المدنية طيلة 49 عاماً كما تمّ الاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي 335 قرية كردية وهي من أخصب الأراضي المتاخمة للحدود السورية – التركية، بعرض 10 – 15 كم وطوال حوالي 275 كم وترحيل مستوطنين عرب من محافظتي الرقة وحلب واسكانهم في 41 مستوطنة، أراضيها كانت لملاكي قرى مشروع الحزام العربي، وتمّ التضييق الشديد على الشباب الكرد في مجال العمل في دوائر الدولة، كما نفذت سياسة التعريب لأسماء المراكز البشرية والطبيعية وسياسة التبعيث أيضاً، وحتى العمل الخاص والمشاريع الاقتصادية حرمت على الكرد، وتمّ ملاحقة النشطاء السياسيين لأتفه الاسباب واعتبرت الاحزاب الكردية محظورة ولم تخل السجون والفروع الأمنية من المعتقلين الكرد مطلقاً.
وهكذا حرم الكرد من تبوأ المناصب الهامة ومن البرلمان ومجلس الوزراء والسلك الدبلوماسي والجيش، هذه المعاملة القاسية أجبرت أعداداً هائلة من الكرد لترك مناطقهم والبحث عن العيش في كافة مناطق الداخل السوري لا سيما دمشق وحلب، كما هاجر قسم منهم إلى قارات العالم بالمقابل كان رد الفعل الطبيعي  لدى الكرد ملحوظاً فقد تمسكوا بحقوقهم كشعب له خصوصيته ويجب أن يعيش حراً وكريماً ودافع شعبنا عن وجوده وقدم التضحيات ولعل فترة ربيع دمشق هي الأبرز في تصعيد نضاله ففي 10/12/2002 تمكن حزبنا (جزب يكيتي الكردي) بمفرده من اتخاذ قرار تاريخي جريء بتنظيم مظاهرة احتجاجية سلمية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان أمام البرلمان السوري ووزع بياناً يطالب فيه بحل ديمقراطي للقضية الكردية وإلغاء كافة سياسات التمييز بحق الكرد، وبالديمقراطية والحريات العامة لعموم سوريا، وكانت هذه أجرأ خطوة عملية منذ قمع حركة الاخوان المسلمين ومجازر حماه وقمع حزب العمل الشيوعي، وأدت إلى الدخول في مرحلة كسر حاجز الخوف ونجم عنها اقدام السلطات على اعتقالي شخصياً مع زميلي مروان عثمان وتقديمنا للمحكمة العسكرية ومن ثمّ أمن الدولة والحكم علينا بخمس سنوات ثم تخفيضها إلى سنة وشهرين ولم تتوقف مظاهرات حزبنا وانضمت إلى نشاطاته أحزاب كردية أخرى مثل حزب الاتحاد الشعبي واليساري (اصبحا باسم آزادي فيما بعد) كما شارك معنا تيار المستقبل، وأحزاب أخرى بالإضافة إلى مشاركة شخصيات من قوى المعارضة السورية.

كسر حاجز الخوف:
بكسرنا حاجز الخوف لدى الكرد انعكس ذلك لدى المعارضة الوطنية العربية حيث قمنا معاً بمظاهرات وتجمعات مشتركة ..وبينما كان الشارع الكردي محتقناً ومستاءً من استمرار سياسة التمييز والقمع، جاءت أحداث ملعب قامشلو 12 آذار 2004 بمثابة الشرارة، فقد أمر محافظ الحسكة المجرم سليم كبول بإطلاق النار على المدنيين العزل مما أدى إلى استشهاد العديد منهم في قامشلو، وهنا هب الشعب الكردي عن بكرة ابيه وانتفض في وجه جلاديه وعمت الانتفاضة جميع المناطق الكردية وقمعها النظام بشدة حيث اعتقل نحو 7000 شخص ومارس التعذيب الشديد بحقهم واستشهد البعض تحت التعذيب، وقد كانت تلك الانتفاضة فرصة تاريخية للمعارضة السورية أن تتضامن مع شعبنا وتحول انتفاضته إلى ثورة لكن ذلك لم يحدث مع الأسف.
وفي أواخر عام 2008 اشتركت ثمانية احزاب كردية في مظاهرة احتجاجية أمام البرلمان السوري احتجاجاً على تنفيذ النظام للمرسوم 49 القاضي بمنع البناء في المناطق الكردية واحتجزت قوات الأمن نحو 200 متظاهر بينهم سكرتيرو وقادة هذه الأحزاب.
وفي 26/12/2009 جرى توقيفي مع زملائي من قيادة حزبنا (محمد مصطفى، معروف ملا أحمد، أنور ناسو) من قبل الأمن السياسي بالحسكة وتمّ تقديمنا لمحكمة أمن الدولة بدمشق بتهمة الانتماء إلى تنظيم محظور وتبني مؤتمرنا الحزبي لشعار الحكم الذاتي لكردستان سوريا حيث بقينا مسجونين في فرع الفيحاء وسجن عدرا حتى جاء الفرج بفضل انطلاق الثورة السورية من درعا.
أخي الدكتور:
قولك أنّ اللجنة القانونية للائتلاف لم يعرض عليها الاتفاق، لدينا في المجلس الوطني الكردي، أيضاً لجنة قانونية وهي أيضاً لها مآخذ كثيرة على مضمون الاتفاق، ولكن مصلحة الثورة ومصالحنا المشتركة في هذه المرحلة تقتضي الالتزام بالاتفاقية مهما كانت الملاحظات من الجانبين، وإذا أردتم إحالة الاتفاق على لجنة قانونية دولية محايدة مرجعيتها العهود والمواثيق الدولية فلا مانع.
–    بالنسبة لمسالة اجراء الانتخابات في اختيار اعضاء المجلس الوطني الكردي أو الائتلاف، كلاهما ليس باستطاعتهما بسبب الظروف الأمنية اجراء انتخابات حقيقية وشاملة، أؤكد لك أنّ مجلسنا يمثل الاكثرية المطلقة للتنظيمات السياسية الكردية كما يمثل معظم تنسيقيات الشباب والمرأة وشخصيات ثقافية وقانونية وعلمية واجتماعية مستقلة، كما أنّ حوالي 90% من الشعب الكردي يساند هذا المجلس وقد رفعت الجماهير في المظاهرات لافتات تعتبر هذا المجلس هو الممثل الشرعي لشعبنا.

–   حول عدد الكرد ونسبتهم في سوريا، ليست هناك احصاءات دقيقة بين ايدينا لكننا نقدر عددهم في المناطق الكردية التاريخية (الجزيرة، تل ابيض، كوباني، عفرين) بحوالي اربع ملايين نسمة هؤلاء يتحدثون بلغتهم الكردية ومرتبطون بقضيتهم القومية، أمّا الكرد في سائر انحاء سورية فعددهم يتراوح ما بين 4 – 6 ملايين نسمة ولكن قسماً كبيراً منهم نسوا لغتهم القومية كما في دمشق وريفها وحماه وريفها ودرعا وريف حوران والجولان وجبل الأكراد في الساحل السوري وتل كلخ وادلب وحلب وريفها مثل الباب وتل عرن وتل حاصل وهناك أعداد قليلة في حمص ودير الزور.

–   حول القول بأنّ الأحزاب الكردية لم تشارك في المظاهرات، هذا عار عن الصحة فعدا الانتفاضة الكردية والمظاهرات التي لم تنقطع طيلة تسع اعوام قبل الثورة كان الكرد ضمن فعاليات الثورة منذ بدايتها، فأنا كقيادي في الحركة الكردية عاصرت الثورة منذ خروجي من السجن في 7/6/2011 وفي أول جمعة بعد انتهاء استقبال المهنئين في قامشلو شاركت في مظاهرة كبيرة شارك فيها نحو عشر ألاف متظاهر تحت شعار جمعة الشيخ صالح العلي ورفعت لافتات تدعو إلى رحيل بشار وسقوط نظامه ولقد خطبت في المتظاهرين وأعربت عن سروري بالثورة واستعدادي للتضحية من أجلها، وكانت المظاهرة تضم قياديين وكوادر وأعضاء من الحركة الكردية ومن تنسيقيات الشباب ومن النساء والفتيات مع مشاركة عربية وإن كانت رمزية، لقد شاركت مع الآلاف في جميع المظاهرات سواء في أيام الجمعة أو غيرها، وحتى التي كانت تخرج بعد صلاتالتراويح في شهر رمضان، وأنا شخصياً تعرضت لعدة محاكمات في قامشلو بتهمة التظاهر وتعرض مئات النشطاء من الأحزاب والمستقلين إلى الملاحقة والاعتقال بتهمة المشاركة في فعاليات الثورة، هناك اشكالية في الأمر ففي بداية الثورة السورية تأخرت أحزاب الحركة الكردية في إصدار بيانات حول موقفها من المظاهرات، لكنها تداركت ذلك وتبنت الحراك الثوري بشكل رسمي لا سيما في المؤتمر الأول للمجلس الوطني الكردي في العام الأول للثورة حيث اعتبرت الكرد جزءاً اساسياً من الثورة واتخذت قراراً برفض الحوار مع نظام قاتل ..

في هذه الفترة تم اغتيال الشهيد مشعل تمو واستشهد اثنان من المشاركين في التشييع، كما جرت صدامات بين المتظاهرين وأمن النظام في قامشلو، وسائر المدن والبلدات الكردية، وتمّ تحطيم تمثال للطاغية في عامودا.

–   بشأن قولكم أنّ سوريا لم تقم عبر اتحاد ودول، وكأن هذا كاف لمنع الكرد من التمتع بحقهم في تقرير مصيرهم، في الدول الاتحادية إمّا أن تتحد عدة دول أو أقاليم أو العكس تقوم الأقاليم ضمن الدولة المركزية بتغيير علاقتها على أسس فدرالية، ثم لماذا التخوف من النظام الفدرالي فإنّ أرقى الدول وأكثرها ازدهاراً وتطوراً واستقراراً هي الدول الاتحادية كما في الولايات المتحدة والمانيا وبريطانيا وكندا والبرازيل وسويسرا والامارات العربية المتحدة وغيرها، ثمً لماذا لا تعطي الحق للشعب الكردي في كردستان سوريا أن يتمتع بحقه في نطاق سوريا الاتحادية، فالشعب الكردي موجود على أرض وطنه المجزأ ضمن أربع دول، وكل جزء يقرر مصيره وحسبما يراه مناسباً، الشعب العربي أيضاً مقسم بين أكثر من 20 دولة وهو يتمتع بحقوقه كشعب في كل دولة رغم تطلعه إلى وطن عربي موحد.
–   حول القول بعد وجود منطقة ذات غالبية كردية ولا توجد حدود والكرد موزعون جغرافياً في انحاء سوريا، هذا غير دقيق فعندما تمّ تقسيم تركة الدولة العثمانية التي خضع لها الاتراك والعرب والكرد وشعوب اخرى، تم رسم خارطة دولة باسم سوريا وأصبحت المناطق الكردية جزءاً من هذه الدولة، كان الكرد مستقرون يمارسون الزراعة وتربية الحيوان والتجارة المحدودة وكان خط الحدود الجديدة مع تركيا يشكل الحدود الشمالية أمّا من الشرق فكان الفاصل نهر دجلة ومن الجنوب جبل سنجار وجبل عبدالعزيز غرب الحسكة، أمّا في الغرب فالحدود تفصل بين منطقة عفرين ولواء اسكندرون ، أمّا منطقة كوباني عين العرب فيمتد ريفها جنوباً حتى الطريق الدوالي بين قامشلو وحلب .
لقد حافظ الكرد على مناطقهم التاريخية رغم المصاعب حيث انّ النظام طبق في الجزيرة مشروعاً استيطانياً وبشكل جزئي في الريف الغربي لمدينة تل أبيض حيث سلم النظام أراضي عدة قرى إلى مواطنين عرب كما أنّه منع على الكردي في تل أبيض أن يسجل حتى مسكنه الشخصي باسمه مما اضطره إلى تسجيله بأسماء مواطنين عرب مما تسبب في زيادة العنصر العربي هناك كما أنّ الظروف الصعبة دفعت بكثيرين من سكان تل ابيض وكوباني إلى الهجرة إلى الرقة ومناطق أخرى أمّا منطقة جرابلس واعزاز فقد قل فيها عدد الكرد واتجهوا نحو حلب، وهناك حالياً مناطق كردية صغيرة باتت مقطوعة عن الاقليم الكردي مثل تل عرن وتل حاصل وقرى شمال ريف مدينة الباب.
في المناطق التي ذكرنا حدودها الطبيعية، الشعب الكردي يعيش على ارضه التاريخية بأغلبية كبيرة، وحتى لو عدنا إلى مرحلة الاحتلال الفرنسي في محافظة الجزيرة سنجد في تقرير فرنسي مقدم إلى عصبة الامم عن سكان الجزيرة عام 1937 ما يأتي:
” 82000 من الكرد وكلهم قرويون تقريباً، 32000 مسيحي يعملون في التجارة في القامشلي والحسكة ومراكز صغيرة أخرى، 42000 عرب مسلمين رعاة مع أقلية متمركزة في القرى” فالكرد يشكلون الأكثرية المطلقة، أمّا المناطق الكردية الأخرى في عفرين وكوباني فهي كردية صرفة حتى الآن، من جانب آخر فإنّ الاقليم الكردي هو مشترك مع أخوة من العرب والآثوريين والسريان وغيرهم ويمكنهم العيش المشترك في إقليم خاص.
–   أنّ اصرار الكرد على توثيق حقوقهم منذ الآن هو لضمان تفعيل وتوحيد قوى الثورة والتسريع في اسقاط النظام لأن عدم الوضوح يثير المخاوف لاسيما وأن الكرد خلال نصف قرن تعرضوا للاضطهاد والتهميش وحوربوا في كافة المجالات، فهذا الاتفاق هو وثيقة تاريخية ضرورية وتساهم في زرع الثقة وبناء الشراكة الحقيقية بين كافة المكونات سواء في مجال تمتعها بحقوقها أو في مجال إلغاء المشاريع العنصرية التي طبقت على الشعب الكردي، المطلوب منا جميعاً أن نعترف بحقوق بعضنا وبأنّ سوريا الجديدة ستكون فعلاً لكل السوريين وستكون ديمقراطية، وتصان فيها حقوق وكرامة الجميع، أمّا مسالة قدسية الحدود فقد تزول تلقائياً عندما تتمتع جميع المكونات في المنطقة بحقوقها دون تمييز، ثمّ يقتضي تطورها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ومصالحها العليا ان تجعل الحدود الدولية شكلية كما فعلت دول أوربا بعد أن قدمت ضحايا هائلة بالملايين في حربين عالميتين..

وقد تصل منطقتنا مستقبلاً إلى الاتحادات الاقتصادية وحتى السياسية كما فعل الأوربيون لكننا الآن بحاجة إلى حل كافة القضايا دون تردد، وبرأييالكرد لم يعتدوا على جيرانهم مطلقاً ولم يغزو أراضي أحد وإنما كانوا ضحية اعتداءات وتجاوزات غيرهم وقد آن الأوان لأن يتمتعوا بحقوقهم الطبيعية كسائر الشعوب والبشر، كفانا حروباً وصراعات عقيمة، وإذا كان النظام قد زرع اضاليل واباطيل ضد حقوق شعبنا طيلة 50 عاماً فقد بات لزاماً على كل ديمقراطي وكل مؤمن حقاً بحقوق الشعوب أن يتخلص من ذهنية الاستعلاء والانكار.

–   على الاخوة العرب أن لا يغضبوا من تسمية سوريا كما كنا ندرسها في كتب المدارس منذ الاستقلالوحتى بداية الستينات، فالاقتصار على اسم العرب فقط غير منصف لأنّ هناك شعوباً أخرى أصيلة وغير عربية مثل الكرد والآشوريين والسريان، بالإضافة إلى أقوام اخرى مثل التركمان والأرمن والشيشان والشركس، وبالتالي فأسم الجمهورية السورية يناسب كل السوريين.
–   بشأن اتهامك لبعض الكرد بأنّهم يعملون لصالح النظام، لا يخفى عليك بأنّ النظام بدسائسه وألاعيبه قد حاول حرف الثورة الديمقراطية السلمية عن مسارها وتحويلها إلى اقتتال طائفي كما حاول ضرب المكونات في كل منطقة ببعضهم، كما حاول حتى ضرب الكرد ببعضهم وإذا كان قد نجح جزئياً، إلا أن الحقائق في عصر الانترنت والعولمة والإعلام المرئي، لا يمكن لأحد أن يطمسها، فالكرد ليس من مصلحتهم التصادم مع قوى المعارضة سواء من الجيش الحر أو الكتائب الإسلامية، بل مصلحتهم هي مع توحيد جهود الجميع من أجل اسقاط النظام، وإذا كان النظام قد دس أزلامه ضمن بعض المجموعات المسلحة وحاول جرها للتصادم مع قوات PYD، فإنّه يسعى إلى جر الكرد والعرب إلى الاقتتال وهذا مرفوض تماماً من قبل شعبنا ومجلسنا الوطني وأن أفضل حل هو أن تصبح إدارة جميع المناطق التي خرج منها النظام أو ضعف فيها هو الاتفاق بين مكونات كل مدينة أو منطقة على إدارة مدنية مشتركة لتقديم الخدمات وحماية السلم الأهلي، ويمكن للائتلاف الوطني بعد انضمام المجلس الوطني الكردي إليه أن يسعى في هذا المجال لتعزيز دور الثورة في كافة المناطق.
لقد استخدم نظام صدام السلاح الكيميائي ضد سكان حلبجة الكردية وراح ضحية ذلك عام 1988 خمسة ألاف شهيد وعشرة ألاف مصاب ودفع ثمن فعلته فيما بعد حيث قام المجتمع الدولي لحمايه المناطق المهددة وحظر الطيران فيها والآن يكرر النظام السوري نفس الجريمة على سكان غوطة دمشق ومجدداً المجتمع الدولي أمام امتحان تاريخي بصدد حماية الشعب السوري من الإبادة.

حسن صالح نائب سكرتير حزب يكيتي الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…