الارهاب عبر الخاصرة الرخوة

محسن طاهر

الارهاب بعيداً عن المصطلحات اللغوية والمدرسية, يختزل فيما تهابه الناس وتمقته البشرية, بمعزل عن أصله ودينه ولغته ومكانه تواجده, وأينما كان مقدمه ومآله؛ فالإرهاب حالة ظرفية مكانية متدحرجة من وإلى, وحسب مقتضيات داعميه وأجنداتهم المتنوعة, وفي المحصلة النهائية لا يمت الارهابي إلى الخير والنفع العام بصلة, بل يجد ضالته في إيذاء البشرية, مقابل رزمة من الأجندات السياسية والمالية في هذه البقعة أو تلك .
إنّ ما تعرض له كردستان وعبر تاريخ دامٍ وطويل لهو دليل صارخ, على ممارسة النظم المستبدة في كل من انقرة وطهران وبغداد ودمشق للإرهاب المنظم والممنهج (سياسياً, عسكرياً, اقتصادياً) ضد الشعب الكردي, الهدف منه, انهاء وجود الكرد وطمث معالمه التاريخية, والحيلولة دون تمتعه بحقوقه القومية والديمقراطية المشروعة,  وذلك عبر سياسات شوفينية بغيضة, ومحاولة صهر الكرد في بوتقة التتريك والتفريس والتعريب, أو من خلال لغة القتل الاعتقال والتهجير, وزج المناضلين في غياهب السجون, واستخدام كافة صنوف الاسلحة المتطورة والفتاكة, بما فيها الاسلحة الجرثومية والكيماوية المحرمة دولياً, ولكن وبفضل الارادة الفولاذية لأبناء وبناة شعبنا الكردي وحركته السياسية, تم إفشال معظم هذه المخططات والمشاريع العنصرية التي استهدفت وجود الكرد وقضيته العادلة, واليوم وبعد أن امسى شعبنا قاب قوسين او أدنى من تحقيق اهدافه وتطلعاته, تقوم عين الجهات المعادية لأمتنا, بالتعاون والتسيق مع جهات ظلامية, تتستر بلبوس الدين الاسلامي الحنيف, محاولة التسلل تحت جنح الظلام الى المناطق الكردية, في ريف الحسكة وكوباني وعفرين, ظنا منها أنها الخاصرة الرخوة للدخول الى العمق الكردستاني, وتأسيس اماراتهم المزعومة بيسر وسهولة, مستغلين وضع الكرد وانشغالهم بالثورة السورية, المناهضة لأعتى نظام دموي عرفه التاريخ, ناسين أو متناسين, بأن الشعب الذي قاوم النابالم والاسلحة الكيميائية, ولم ينحني أمام أشرس الدكتاتوريات عبر الزمن, لا بل الشعب الذي يعشق الموت من أجل الحرية, لن يستسلم لرغبات وأهواء الغوغاء الحفاة, وأسيادهم في الداخل والخارج.

 
يعرف عن الشعب الكردي, تمتعه بسجايا الوسطية والاعتدال الديني, ومناشدته الأمن والسلام في كل زمان ومكان, ولكنه في الوقت ذاته, مناهض للفكر المنغلق والتطرف الديني بكافة أشكاله, ويقف بحزم ضد من يحاول تدوير عجلة التاريخ لقرون خلت, (جبهة النصرة, دولة العراق والشام الاسلامية, المجماميع المسلحة التكفيرية……إلخ) فعودوا أدراجكم قبل ان تغرقوا في مستنقع أوهامكم (الخاصرة الرخوة) التي اخترتموها, منطلقاً لتأسيس مشروعكم القديم الجديد الذي لفظه التاريخ, ناهيكم عن المناخ الاقليمي والدولي, المناهض لفكرة اقامة كانتونات ارهابية في اية بقعة من سوريا, والتي باتت تهدد الأمن والسلم الدوليين, وتقف حجرة عثرة في طريق تقدم الشعوب, ومصالح القوى الاقليمية الدولية في المنطقة.
على الشعب السوري عامة والكردي خاصة, ألا يترك الحبل على غاربه للجماعات الارهابية المتطرفة التي تعيش خارج نطاق التاريخ, وتقلل من خطورة تهديدهم للمنطقة والعالم, لذا يجب العمل على تعزيز الثقة المتبادلة, والشراكة الحقيقية بين ابناء المنطقة, من كرد وعرب وسريان وكلدواشور, وباقي الطوائف والمذاهب, وتمتين عرى الأخوة والتعاون بينها, وبين المعارضة الوطنية السورية وذلك من خلال :
1- العمل على اسقاط النظام السوري, بكل رموزه ومرتكزاته الأمنية والفكرية والعسكرية, من خلال الانحياز التام لمصالح الشعب السوري, وأهداف ثورته المباركة.
2- الاقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي, وحل قضيته القومية, وفق العهود والمواثيق الدولية .
3- التأكيد على التعايش السلمي, بين جميع المكونات السورية من قومية ودينية ومذهبية, باعتباره السبيل الانجع, لمواجهة مخاطر المجاميع التكفيرية المسلحة.


4- الاقرار الدستوري بالهوية القومية للسريان, والكلدو آشور والأرمن والتركمان والشيشان, وباقي الاقليات القومية, وتضمين حقوقها في دستور البلاد.


5- التأكيد على إلغاء جميع الإجراءات الشوفينية والتمييزية المطبقة بحق الشعب الكردي, وتعويض المتضررين من أبناءه, وإعادة الحقوق المغتصبة لأصحابها, وخاصة مشروع الحزام العربي السيء الصيت, الذي طبق في الجزيرة حصراً, والعمل على إعادة الوضع إلى سابقه .
6- التأكيد أن سورية الجديدة دولة برلماني ديمقراطية لا مركزية, متعددة القوميات والأديان، وإقرار مبدأ المواطنة المتساوية, والمساواة في الحقوق والواجبات, دون تمييز في العرق أو المذهب أو الدين أو الجنس.
7- التأكيد على احترام حقوق الإنسان والحريات العامة في البلاد, وتحقيق العدالة الاجتماعية, خاصة في توزيع المال, والثروات الوطنية .
8- التأكيد على الحرية التامة, في ممارسة الطقوس والشعائر الدينية والمذهبية.

9- التأكيد على التنمية الشاملة في البلاد, والالتزام التام بمكافحة الفقر, من خلال إيلاء الاهتمام الأكبر بالمناطق التي عانت من السياسات التمييزية, ورفع مستوى معيشة المواطنين، وخاصة المناطق التي عانت التهميش والحرمان في ظل نظام القمع والاستبداد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…