أيها السادة إن الحدث جلل فهذه السابقة أكثر من خطيرة والأخطر منها سيكون ضمور حجم الرد الأممي أمام هول الجريمة وفظاعتها.
نحن الآن بصدد تقرير من أعلى منظمة دولية يجزم بالأدلة القاطعة ارتكاب نظام الإرهاب لجريمة موصوفة يندى لها جبين العالم الحر.
لانشك أنكم مطلعون على واقع الحال في بلادنا، نتيجة ممارسات النظام، والتي أدت إلى مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمعتقلين والمختفين قسراً، وسببت دماراً في الممتلكات العامة والخاصة وأذكر حضراتكم بأن السكوت عن مجازر طائرات نظام القتل ومدفعيته التي حصدت ما يزيد عن مئتي ألف سوري، نعم ذاك السكوت هو من فتح الباب واسعا لاستخدام الكيماوي، وقد قضى بفعل ذلك أطفال ونساء يشكلون أغلبية الذين قتلوا في غوطة دمشق الشهر الماضي نتيجة هجمات النظام بالأسلحة الكيماوية، وهم الذين كانوا يعانون الحصار والجوع والقتل اليومي، وهو الوضع السائد اليوم في غوطة دمشق، وفي أنحاء كثيرة من بلادنا.
ومع فداحة هذه المأساة، يتساءل الشعب السوري …..
كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل تلك الصور المفجعة ….
التي تظهر أماً تبحث عن جثة طفلتها بين جثث الأطفال المصطفة على الأرض في رواق المشفى الميداني في الغوطة الشرقية ….
كيف له أن يتجاهل صيحات الأمهات اللاتي خرجن مضرجات بالدماء من تحت ركام القصف في القصير وهن يصرخن للاستنجاد ( أطفالي ما زالو في الداخل ) …
كيف للعالم المتحضر أن يجيب الطفلة الهلعة التي فقدت كل ذويها ..
وتسأل الطبيب هل هي على قيد الحياة أم لا ..
ماذا نقول لهذا الأب المفجوع الذي يمسك بجثة طفلته المزرقة بسبب الغاز السام ويرجوها لأن تصحو وأن تتنفس من جديد؟
أيها السادة : لا نريد أن يذكر التاريخ أنه في القرن الواحد والعشرين، قد تجرأ نظام على أن يستخدم السلاح المحرم بقوانين دولية رادعة … وأنه أفلت من العقاب، وضاعت قضية إنسانية بسبب تردد بعض البرلمانات وتعطيل دور مجلس الأمن المسؤول عن تحقيق الأمن والسلام الدوليين ..
لانريد أن تذهب دماء الضحايا الأطفال الأبرياء هدرا، من دون أن ينصرهم أشقاؤهم في الإنسانية ..
لا نريد أن يعتبر النظام الأسدي هذا التردد بمثابة ضوء أخضر له، لتكرار أفعاله المشينة.
فالذي يستخدم أسلحة فتاكة لإبادة شعب أعزل لا يمكن أن يؤخذ منه عهد أو وعد، والذي يقتل براءة الأطفال بالطائرات لا يفهم الدبلوماسية.لا نريد للأسد أن يستمر بحصد مئات الآلاف من رؤوس المدنيين بالآلة الحربية الثقيلة التي يملكها محميا باتفاق مع دول العالم الحر على أن يقتلنا بكل شيء إلا بالكيماوي.
إننا نؤمن بضمير العالم، وبمسؤولية المجتمع الدولي بما فيه الدول التي تمثلونها، بل إننا متأكدون ، أن ضمير العالم حي، وأنكم أمام مسؤولياتكم الإنسانية والتاريخية، تجاه الكارثة التي تجاوزت معطياتها أية كارثة إنسانية شهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
إن الشعب السوري، وقيادته ممثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، يطالبونكم اليوم بالتدخل الحازم من أجل وقف قتل السوريين وإنهاء معاناتهم، وهذا لا يمكن إنجازه، دون وقف عمل آلة النظام الحربية.
بإعلان حظر استخدام الطيران والصواريخ والمدفعية، ونزع سلاحه الكيماوي، ومحاسبة الذين أمروا ونفذوا كل المجازر في سورية وخاصة المجزرة الكيماوية في غوطة دمشق.
وإنجاز تلك الخطوات بوضعها تحت البند السابع من جانبكم، سيكون مقدمة عملية لإتمام الخطوات التالية في معالجة الوضع السوري، ودفعه إلى معالجة أوضاعه الداخلية، ولاسيما وقف التطرف ومحاربة الإرهابيين وتنظيماتهم، للوصول إلى نظام ديمقراطي، يعيد بناء سوريا الوطن والإنسان، وهي أهداف يتطلع الشعب السوري إلى مساعدتكم من أجل تحقيقها، ونحن متأكدون أن المجتمع الدولي لن يبخل في ذلك، لأننا شركاء في عالم واحد في حاضره ومستقبله.
أيها السادة: إن السوريين الذين يتطلعون إلى مستقبل حر ومسالم، يتطلعون اليوم قبل الغد لوضع نهاية لمأساتهم، ويؤمنون أنكم قادرون على مساعدتهم ليبدأوا طريقهم نحو الحرية وبناء الدولة، وهم متأكدون بأنكم لن تخذلوهم .
ونحن ننتظر خطواتكم العملية.
شكرا” لكم والسلام عليكم.
أحمد الجربا
17/9/2013