قضية للنقاش ( 100 ) عندما يتحدث غلاة منظري السيطرة على العالم

صلاح بدر الدين

  لفت نظري تصريحان متزامنان حول سوريا من أشهر منظري ” الامبريالية ” الأمريكية خلال عقود السيطرة والهيمنة الغربية على مقدرات العالم وأعتاهم غلوا في حقبة الحرب الباردة وأكثرهم ضلوعا في التخطيط للعمليات السرية بدول في مختلف قارات الكرة الأرضية انهما (زبغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي في ادارة كارتر وهنري كسنجر وزير الخارجية الأسبق) فالأول معروف بتأييده لسياسة الأسد منذ بداية الثورة ويشكك على الدوام مايقوله الاعلام عن حجم الحملة التي يشنها النظام ضد معارضيه والثاني يعتبر منذ البداية أن حرب سوريا مذهبية بين السنة والعلويين وفي آخر تصريحين لهما بعد الاتفاقية الروسية – الأمريكية الأخيرة دعيا الادارة الى دعم الموقف الروسي ومشاطرة الرئيس الروسي بوتين ” في قلقه من تزايد دور الاسلام المتشدد في اوساط المعارضة السورية حول سوريا ” .
  لاشك أن توقيت التصريحين يساهم في بث المزيد من مشاعر التردد لدى أوساط الكونغرس الأمريكي بخصوص التصويت على مقترح الرئيس أوباما (المتردد بدوره) بتوجيه ضربة عسكرية لقوى النظام كما أن مواقف الاثنين ليست صادرة من رجلين عاديين بل أنها تعبير عن سياسة مراكز قوى وقرار في الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى في التوافق الروسي – الأمريكي حول مصالحهما المشتركة أولوية قصوى بمعزل عن محنة الشعب السوري وحقه في تقرير مصيره .

  من الواضح أن الرجلين في مايرميان اليه (وهما من منظري الامبريالية وواضعي الاستراتيجية الغربية في مواجهة حركات الشعوب التحررية وأنصار التفوق والتفرد ودعاة التعامل مع العوالم الأخرى على طريقة لعبة الشطرنج) لايعترفان بوجود ثورات شعبية حقيقية في عدد من بلدان المنطقة تهدف الى ازالة الاستبداد وانتزاع الحرية والكرامة وتعزيز السيادة الوطنية بل ويعتبران أن الثورة السورية ومثيلاتها قد تشكل تحديا لمصالح بلدهما خصوصا وبلدان الغرب عامة ويلتقيان مع الذرائع الروسية بهذا الشأن في حين وبتناقض واضح من مشجعي التفاهم مع – جمهورية ايران الاسلامية – مصدر الارهاب والقسم الأكبر من الجماعات الاسلامية المتطرفة وبسبب حرصهما اللامحدود على أمن اسرائيل وقبل كل شيء فلاضير بالنسبة لهما من تجزئة سوريا على أسس دينية ومذهبية وللعلم فانهما كانا ابان توليهما المسؤوليات التنفيذية في الادارات المريكية من أشد المعادين لحقوق وطموحات الكرد في العراق .
  كما أرى فان مواقف هاتين الشخصيتين وهما من الأبناء المدللين في المؤسسات الحاكمة والقريبين من مصدر القرار ليسا بعيدين عن الأداء الاشكالي للادارة الراهنة تجاه الشعب السوري ومختلف القضايا في المنطقة بما في ذلك التحالف مع جماعات اسلامية تعتبرها ” معتدلة ” وأطرافا حاكمة مستبدة وذلك تمشيا مع مصالح وطنية خارجية تتناقض مع مصالح شعوبنا .
  والقضية تحتاج الى نقاش
– عن موقع الكاتب على الفيسبوك .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…