وللعلم فقد حدث ما كان يتوقعه أغلب المحللين والمراقبين، إذ تأزمت الأمور شيئا فشيئا وبتنا نمرّ بعتبة مرحلة جديدة عنوانها: ضربة عسكرية على أبواب سوريا التي أصرّ نظامها الفاقد لتوازنه على المضي في شموليته وفرضه لمسلكية عسكرة الحلول وإنتهاجه للغة الحديد والنار وتهرّبه من الحوار ورفضه للمصالحة مع الداخل وعدم اصغائه لنصائح المحيط العربي وعدم اكتراثه بقرارات المجتمع الدولي الذي لطالما أبدى إندهاشه وانزعاجه حتى أنه لم يجد أمامه خياراً سوى اللجوء لإستخدام القوة لإيقاف نزيف الدماء البشرية الجارية أمام أعين ومسامع العالم الذي أبدى جديته مؤخراً، حيث يبادر الأمريكان حاليا بمعية بعض حلفائهم لتشكيل حلف دولي يشارك في ضرب ترسانة السلاح التي يقبع عليها نظام الأسد.
وبهذا الصدد فمنذ الحرب العالمية الثانية لم نجد أي رئيس أمريكي أخذ رأي الكونغرس لنيل الموافقة لتوجيه ضربة عسكرية ضد أي نظام يخالف المجتمع الدولي ويشكل خطراً على الأمن العالمي مثلما يفعله نظام البعث الكيمياوي الذي دمّر البلد وها هو يقذفه حالياً إلى مرمى المدفع الدولي، في حين ينبغي على المجتمع الدولي أن يكون متيقظاً وأن لا ينخدع بمراوغات النظام الذي يحاول المماطلة وإخداع العالم بالإعتماد على حليفته التقليدية روسيا التي تتفاوض وتناور وتحاول خلط الأوراق لصالح النظام المستعد لتقديم أي تنازل مقابل بقائه في الحكم، وفي هذا الإتجاه فإنه كلما تأخرت أمريكا وحلفائها في توجيه الضربة، كلما أعطت مجالا أكثر للنظام بإستكمال تدمير سوريا فوق أهلها.
أما بالنسبة للجانب الكوردي الذي أعلن منذ البداية بأنه جزء الثورة السورية، فسيتابع حواره مع الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، للسير معاً في مشوار بناء سوريا تعددية لامركزية تحقق الديموقراطية في البلد وتمنح الفدرالية لكوردستان سوريا كأنسب حل للقضية الكوردية العالقة منذ الأزمان.
وما بين الترحيب بتشكيل تحالف دولي للقيام بعمل عسكري ضد سوريا، وبين تعنّت النظام السوري وتحديه للإرادة الدولية وإحتكامه للغة التهديد والوعيد!؟، يقف الإنسان السوري حائراً ومترقباً ولا حول له ولا قوة سوى مناشدة المجتمع الدولي بعدم التقاعس والتحرك العاجل للتدخل والرد على الفظائع وتحرير أهل سوريا المرميون بالجملة بين مخالب جحافل الإرهابيين والشبيحة المنتشرون في طول البلاد وعرضها.