يا جماهير شعبنا الكردي:
في الثامن من آذار من كل عام يحل عيد المرأة العالمي، الذي تحتفل به البشرية التقدمية, اعترافا منها بمكانة المرأة، وبأهمية دورها في بناء وتطوّر الأسرة والمجتمع, وتأكيداً من مختلف القوى والمنظمات الطامحة لإنصاف المرأة، على مواصلة النضال في سبيل استكمال تحررها، كإنسانة، من مختلف القيود التي تعيق تقدمها وتضع العراقيل أمام مشاركتها في البناء والتقدم حيث لا يمكن تصور إمكانية النجاح الكامل لأي عمل يهم المجتمع, دون أن تكون المرأة شريكة في إنجازه وتكون مصلحتها، باعتبارها نصف المجتمع، هدفاً له… ومن هنا فإن قضية المرأة.
التي تعتبر من القضايا التي ارتبطت بوجود الإنسان منذ القدم, لا تخص المرأة فقط, كما لا تخص الرجل وحده, ولا تعني مجتمعاً واحداً بعينه, بل أنها قضية الإنسان بكل معانيها، وتعد إحدى المقاييس الأساسية الدالة على مدى التقدم الحضاري للمجتمعات والدول، ولذلك يجب التعامل معها بعمق ومسؤولية في إطار التعامل مع المجتمع ككل، دون تمييز بين الذكور والإناث ، فالمشاكل التي تصيب هذا المجتمع أو ذاك هي نفسها, والتخلف وتردي الأوضاع يصيبان المرأة والرجل على حد سواء، كما أن الاستغلال يستهدف الطرفين, وكذلك الاضطهاد بكل أشكاله وتداعياته.،وعليه فإن المجتمع مطالب بإنهاء النظرة الدونية تجاه المرأة, والمبادرة إلى إشراكها في الحياة العامة وفي مشاريع التنمية على مختلف الأصعدة، وإعادة النظر في كل القوانين التي تكرّس تلك الدونية والعمل على انسجامها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان, لكي تصبح المرأة ندّاً للرجل في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية, ولكي تتمكن من أداء رسالتها في إقامة أسرة سعيدة وفاعلة، لأنها ركيزة تلك الأسرة، والمنظّمة الرئيسية لاقتصادها، والمربّية الأولى لأولادها,والموجّهة الأساسية لسلوكهم، ولذلك عليها أن تنتقل من خلف الرجل, مثلما تفرضها تقاليد المجتمعات المتخلفة, إلى جانبه لتستكمل شروط الالتحاق بالركب الحضاري العالمي ..وتستمد تلك المطالبة ضروراتها من التطورات الكبيرة على المستوى الدولي ، بعد أن دخل العالم عصر العولمة،واتسع نطاق الأفكار الديمقراطية والليبرالية، وبدأت تظهر بوادر نظام عالمي جديد، أخذت فيه المرأة تتبوأ مكانة متقدمة، وتمارس دورها بفاعلية في بناء حضارة إنسانية تضمن تحررها من قيود العادات والتقاليد الرجعية البالية.
أيتها الأخوات، أيها الأخوة:
رغم أن المجتمع الكردي معروف منذ القدم بتمكين المرأة من بعض حقوقها، وتميّزه في ذلك عن مثيلاته من المجتمعات المحيطة في إشراك المرأة ضمن حدود معينة في الحياة العامة ،فإن المرأة الكردية لا تزال تحمل دلالات التخلف ، ولا يزال مستوى تحررها دون الطموح المطلوب ، فهي تعاني من اضطهاد مزدوج, الأول من قبل الرجل الذي يجب أن يتحرر من القيود التي توهمه بالتفوق, قبل أن يشارك في تحرر المرأة،..
والاضطهاد الثاني من قبل السياسة الشوفينية التي تضع العراقيل أمام تطور المجتمع الكردي عموماً، وتمارس الاضطهاد القومي بحق جميع أفراده، ذكوراً وإناثاً،حيث يتحولون معاً إلى ضحايا لتطبيق القوانين الاستثنائية والمشاريع العنصرية,ومنها الإحصاء الرجعي, الذي ألحق أفدح الأضرار بآلاف الأسر الكردية, من خلال تجريد أفرادها, رجالاً ونساءً, من الجنسية السورية,ومن خلال تداعياته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإنسانية,حيث حرمت المرأة المجردة من الجنسية،نتيجة لذلك، من حقها في ضمانات قانونية كافية لتثبيت عقد زواجها الذي سيظل مهدداً بالطلاق التعسفي، كما أنها حرمت من حقها في الميراث والتركة، ومن حقها في تبني أولادها رسمياً،..
وكذلك مشروع الحزام العنصري الذي حرم آلاف الأسر الفلاحية الكردية من الأرض, وجعلها ضحية التشرد والهجرة إلى أوربا والمدن الداخلية لتعيش على هامش الحياة، وتتحول المرأة الكردية بذلك إلى الضحية الأولى لتلك المشاريع، مما يخلق لديها شعوراً عميقاً بالقلق, ينعكس على تماسك الأسرة واستقرارها الاجتماعي والاقتصادي.
إذن ، ومما تقدم، فإن تحرر المرأة الكردية قضية وطنية وديمقراطية وإنسانية بنفس الوقت, ولذلك فإن من واجب الجميع مساعدتها في إنجاز مهمة التحرر والتخلص من الإتكالية والتبعية, ومساعدتها على الانطلاق نحو العمل المنتج والممارسة السياسية, من أجل إعادة التوازن للمجتمع الكردي وتفعيل نصفه الآخر وإنصافه، وصولاً لبناء مجتمع سليم، لا مكان فيه للظلم والاستغلال والتمييز والاضطهاد، والعمل على سن وتشريع قوانين جديدة ومفاهيم عصرية ، ترتقي إلى مستوى حاجة المرأة لرفع الظلم وإزالة الغبن وإنهاء العنف والاستغلال بحقها، لتكون مساوية للرجل في حقوقها وواجباتها وتساهم مثله في تطوير مجتمعها.
أوائل آذار 2007
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا(يكيتي)