الأسد بطلاً قومياً ونوستالجيا أحضان النظام

إبراهيم اليوسف

بعد كل ما قام به المدعو بشار الأسد من جرائم وحشية يندى لها الجبين، ثمة من بات يقف معه- عن معرفة أو غباء- من خلال عدم  فهم حقيقة وأبعاد تهديدات مسرحية الضربة الأمريكية المزمعة، وهي في ظل حدود الإعلان عنها حتى الآن، إنقاذ لهيبة أمريكا وليس للشعب السوري، للخلاص من بين فكي أشرس وحش بشري عرفه التاريخ، حيث لم تستشر أمريكا أحداً، ولن تستشير أحداً، إلا في حدود فضاء  مستلزمات التمثيل المطلوب، وتعدُّ هي المسؤولة الأولى – قبل إيران وروسيا وحزب الله عن الدم السوري

 لأن نظام دمشق المحتلة، اعتاد السير على أصداء إيقاع إشاراتها، طوال عقود، ودخل ذلك طور العلانية، منذ بداية الثورة، ولو اتخذت أمريكا موقفاً جاداً- شفاهاً وليس عبر الغارات- لما قتل النظام عشرة سوريين، فحسب، لأن النظام يتحول إلى”وحش” أو”ثعلب” أو فأر” أو” خلد” حسب مواقف الأمم منه- حيث لا تزال أمريكا هي المختزلة لها جميعاً- فها هو بشار يتحدث “اليوم” عن “التصدي” للعدوان” بعد ما تم في مجلس الأمن، يوم أمس، وها بعض بيادق النظام يركزون على التدخل الأجنبي، ليعلو غبار ذلك، عبر ذبذبات الإعلام، كي ُينسي الحديث عن ربع مليون ضحية لكرسي القصر الجمهوري،  بطريقة بهلوانية، بل ثمة معارضون ينقلون رسائل النظام، لكبح أي تعاطف مع الثورة، ولتشويه الثورة، وتبرئة النظام، دون أن يكون للتحرك الأمريكي من علاقة إلا بخططها، ومصالحها، وبالتنسيق مع شركائها العالميين، بعيداً عن الحسِّ الأممي الإنساني، المفترض، مع يقي ن معرفتنا أن من أسقط النظام- منذ بداية الثورة- هم السوريون، وإن من سيسقط النظام، ويواصل بناء سوريا هم السوريون، وإن من أسقط هيبة أمريكا، وفضح أكاذيبها هم السوريون، و إن من آزرته، ولما تزل تؤازره هي أمريكا ومعها أسرتها شهود الزور العالميون، شركاء مايدور في المسرح السوري من إبادة شاملة، للشعب، والجغرافيا، والحضارة، والتاريخ، والمستقبل، في ظل وجود عالم متخاذل عن أداء دوره، والأمانة لرسالته، وللقيم المفترضة.

لهؤلاء المترددين، ومن بينهم من انسدت أمامهم الآفاق، واعتبروا الثورة لعبة “بيسبول” أو ” ورقة يانصيب”مضمونة النتائج، أو ممن يتحركون على مبدأ “الزمبرك”، المسبَّق -ولا مبدأ لهم بكل تأكيد- يمكن القول: أوليس النظام، هو من فتح بوابات سوريا أمام التدخل الأجنبي؟، أولم يعلن المدعو”حسن نصرالله: بوقاحة عاهرة، عن ذلك، في خطب تهريجية، عديدة؟، وألم تعلن إيران عن تدخلها في الشأن السوري؟، وما الذي تفعله روسيا، منذ ما يقارب ثلاثين شهراً، وحتى الآن؟.

لابأس، إن من لايميز هذه الأمور مجتمعة، ويخطط للارتداد عن الثورة، والعودة إلى مواقعه، فالطريق إلى أحضان النظام، بحكم” النوستالجيا” إلى الماضي، من قبل بعضهم، ومواصلة العربدة، أو بداعي ممارسة لعبة القفز بين المراكب، التي ظهرت بعد أن ترجحت كفة الثورة، سالك، ومحفوف بالورود.
 كما إن الدور المعول على المثقف الآن- كبير جداً- إذ لابد من توضيح كل شيء، من قبله، كي يسعى إلى تبيان الخطوط، بألوانها، أمام الناس- وإن كان، لا أحد يلتبس عليه الأمر، حيث ثمة مشهدان متناقضان: النظام، والثورة، بل وإن كان النظام، ورعاته الإقليميون، والعالميون، سيندبون من يتماهى ضمن إطار الثورة، لاعباً دور”حصان طروادة”، في هذا الزمن الذي يكاد يكون كل فرد محللاً استراتيجياً سياسياً، بسبب الفراغ الذي تعانيه بعض وسائل الإعلام التي باتت تشارك في تمييع هيبة السياسة، كفن، وكعلم، من خلال استقدام بعض لاعبي السيرك، الذين يعيدون إنتاج المقولات والكليشيهات الإعلامية، المعلوكة، إلى حد القرف، إلى جانب من بات متمرساً في خدمة النظام، وهوما قد يبدأ ب”ابتسامة صفراء” في وجه المعلومة الصحيحة، أو من خلال إيصال رسالة مفضوحة، مكشوفة، إلى النظام للقيام- بخطوة ما- قد لايكون منتبهاً إليها، مقابل محاولة بعض وسائل الإعلام، التعتيم على الأصوات التي قد تفاجئها، بما هوخارج عن رؤاها- وهنا يلتقي أزلام النظام والمعارضة في آن معاً- مايدعو إلى وحدة كلمة كل من يعمل من الإنتلجنسا السورية، التي تتفق على إسقاط النظام، أولاً وأخيراً، وبناء سوريا ديمقراطية تعددية، هي لجميع أبنائها، على حدٍّ سواء.

29-8-2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…