زيارة صالح مسلم وعبد الحكيم إلى طهران

  شورشفان بطال

كثُر الحديث وازدادت التكهّنات في الآونة الأخيرة عن زيارة السيدين عبد الحكيم بشار وصالح مسلم الى طهران، بعد أن ساد الغموض أجواء الزيارة مع تسريبات إعلامية شحيحة عن فحوها والغاية المرجوّة منها، خاصة بعد الهجمة البربرية على غربي كردستان من قبل القوى الظلامية المتطرفة وصمت الرهيب الذي طغى على مواقف المعارضة السورية، إزاء تلك الهجمات وضبابية مواقفها من القضية الكردية وعجزها وضعفها عن تقديم رؤى وطنية لمعالجة القضايا السورية المصيرية ومنها القضية الكردية،
ومع اشتداد المعارك بين الأطراف المتصارعة والحالة التي وصلت إليها سورية عامة، بعد قرابة سنتين ونصف من عمر (الثورة) وتقاعس المجتمع الدولي وعجزه المقصود عن وضع الحلول للأوضاع في سوريا وجملة من التغيرات في المواقف الإقليمية والدولية، كل ذلك فرض بقوة على مجمل الحركة الكردية والقوى الكردستانية التي لها يد الطول في رسم سياسات غربي كردستان من تغير مواقفها وسلوكها، والبحث عن توافقات وتحالفات جديد مع اطراف اخرى على الاقل في الحالة السورية الراهنة وليس كحلفاء دائمين في جميع سياسات المنطقة.
حسب المعطيات والمعلومات المتوفرة لدينا أنّ الجولة المكوكية الى قام بها السيد نيجرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان إلى كلّ من تركيا وإيران، حيث كان الملف الكردي -السوري حاضراً بقوة على المواضيع التي نقشت مع كبار المسؤولين الإيرانيين والأتراك.
هذا وقد سبق ذلك زيارة لسيد مسلم لتركيا ولقائه بمسؤولين الأتراك لبحث أوضاع الإقليم الكردي في سوريا، حيث كان ردّ تركيا ب ” الرفض” بتفرد حزب الاتحاد الديمقراطي في القرار الكردي بل طالبه بفك ارتباطه بالنظام السوري خاصة أن هذا المطلب هو امريكي – اوربي، والسماح لحزب الديمقراطي الكردي (البارتي) بمشاركته في كل مفاصل السياسة في غربي كوردستان مقابل تغيرات في المواقف الأمريكية وحلفائها على رأسها تركيا، وتكون بوادر هذا التغير بفتح المعابر الحدودية مع غربي كوردستان.
تزامنت كل هذه الأحداث مع إطلاق تصريحات ليس من وليد الصدفة من قبل اللواء عزيزي ويسي عن جاهزية البشمركة للدخول الى غربي كردستان والدفاع عنهم ثم أكمله الدكتور عبد الحكيم بتصريح بجاهزية قواته للدخول والدفاع عن مناطق الكردية، إنما كانت هناك طبخة مشروع وتحالف جديد تعد من قبل اقليم كوردستان وتركيا وإيران برضى وبمباركة امريكية روسية.
إن ملامح الصفقة الجديدة التي تُعدّ من قبل أطراف إقليمية ودولية عدة أصبحت تتبلور في هذه الزيارة الى طهران وبرضى أمريكي -روسي مباشر، ورافق ذلك تصريحات عديدة كالتي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بخصوص الكرد السوريين وأيضا نائب رئيس العراقي أن بغداد ليست لديها مخاوف ولا تمانع من حكم ذاتي كردي في سورية كل ذلك مع ضرورة الحفاظ على المصالح الأمريكية والروسية في الاقليم الكردي مستقبلاً.
فالأخبار والمعلومات الواردة الذكر تقول إن في طهران حصلت تفاهمات جديدة تسمح بموجبها دخول قوات البشمركة الى الإقليم الكردي في سوريا خلال فترة ربما تكون ثلاثة أشهر وإن كانت تأخذ في الحسبان المعادلات التي تقرّ بإقامة إقليم علوي مستقبلاً وأن تكون حماية الإقليمين مشتركة، للعلويين حصة من النفط الكردي عبر الساحل السوري، وتركيا أيضا لها حصة من هذه الكعكة عبر موانئها في لواء الإسكندرونة.
أخيراً، نستطيع القول بأنّه في المرحلة القادمة سنرى تغيرات جذرية في اللعبة السياسية وقد تكون هذه المرة الأولى من نوعها التي تتفق فيها الأطراف الاقليمية والدولية على صفقة سياسية بموجبها سنرى الإقليم الكردي يبصر النور وتبدأ مرحلة جديدة من التعاطي الدولي معه.

هولير 10-8-2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…