إبراهيم محمود
هأنذا هنا ملحق بقلبي، وقلبي مِزق، كما هي كردستانه، كما همو كرده، ولا حل حتى الآن للمّ شمله.
هأنذا مفارِقٌ المكان الذي كان علي ألا أفارقه، حيث المكان نفسه تشظى وتلظى جهة قامشلو وقامشلو جهة ماذا في عُرف الروح؟
هأنذا هنا ملحق بقلبي، وقلبي مِزق، كما هي كردستانه، كما همو كرده، ولا حل حتى الآن للمّ شمله.
هأنذا مفارِقٌ المكان الذي كان علي ألا أفارقه، حيث المكان نفسه تشظى وتلظى جهة قامشلو وقامشلو جهة ماذا في عُرف الروح؟
أي إبراهيم محمود كنت وأي إبراهيم محمود أصبحت في جهة كردستانية لا تدر حليباً ولا تحقق حلم مفجوع بالمكان وأهله كما يُظن، كما لو أن الأمكنة ذاتها تعيش حِدادها، ثكلى جهاتها أو أسمائها، أو انتظارات مرجأة حتى اللحظة وإلى إشعار آخر بالتأكيد؟
ثمة أحبة تناثروا في الجهات، والحبل على الجرَّار، ثمة أحبة يكابدون أهوال المكان..
لكن ثمة أحبة كانوا غفلاً من الاسم، وهأنذا أتذكرهم، أستعيدهم أحبَّة في غفلة الجهات المتضاربة وأهليها المتضاربين في بورصة” لي ولك وله”، إنهم الأحبة الذين أسأت إليهم أيما إساءة، اختلطت صورهم وأصواتهم وحركاتهم بالكثير من ارتعاشات روحي وخيالاتها.
في وسع أحبتي المعرَّفين بأسمائهم أن يعتبروا هذه التسمية جنوحاً، خطأ، انزياحاً عن معيار أخلاقي، ولكنها التسمية التسوية في مضمار المستجدات ومفاجآتها، خذوا إذاً:
في صدارة الأحبة الذين أستطيع تسميتهم وقد أسأت إليهم، العقارب” الذين كانوا يتكررون دورياً في مكتبتي الطينية”، وكنت أفاجأ بالعقرب وهو يعلن عن وجوده عبر خشخشة على جريدة أو احتكاك بقاعدة طاولة الكومبيوتر، وهو قريب مني، فأنقض عليه سريعاً، حيث أمعسه… أووه أيها العقرب الجليل..
كنت تعلمني بوجودك، سنوات وسنوات، واقتضت العادة في أن أزيل كل أثر لك، ولكنك لم تسيء إلي يوماً..
نعم، يا الحبيب العقرب..
يا نزيل مكتبتي المتهالكة..
من جملة الأحبة الذين يستحقون التذكير بأسمائهم: الفأر بأحجامه وألوانه..
كم فأراً أبصرته وهو يمارس هواية الركض على رفوف مكتبتي، أو يتسلقها أو يختفي في الخلف..
ولم أجد يوماً أثراً لفأر في قرض كتاب أو جريدة أو مجلة..
لكن عدوى مطاردة الفأر كانت تحفزني على الرصد له والنيل منه..
وهأنذا أستعيد اللحظات الممتعة تلك، مع فأر ربما أراد الإقامة في مكتبة تضم آلاف الكتب والمجلات والجرائد وغيرها، دون أن يتعرض لأي منها بسوء..
في عداد الأحبَّة الذين أسأت إليهم، جماعة الصراصير” الذين كانوا يظهرون بألوانهم النارية” حيث الرطوبة في المكتبة كانت تشجعهم على التكاثر، كما لو أنهم أرادوا إيناسي، رغم أنني عُوّدت على ملاحقتهم..يظهرون ويختفون..
من أحبتي أيضاً، كان هناك عناكب” وهم” يتركون آثاراً لهم من خلال النسيج الشفاف، بيتهم المعلق في السقف، أو إحدى زوايا المكتبة، ولكم كنت أرى ذبابة عالقة فيه أو أكثر..
إلا أنني بقيت سالماً سنوات وسنوات من كل أذى عنكبوتي..
خارج حدود مكتبتي، هؤلاء القطط الأحبة الآخرون” وهم” في موائهم” ليل نهار، لا أخفي أنني كنت أطاردهم، ولكنهم ما كانوا يبتعدون عن حدود البيت..
إنهم أحبة آخرون كم أشتاق إلى موائهم وغزلهم القططي الشباطي وغيره..
ثمة قطع الحديد الخردة، صفائح تنك على سطح الدار، كراس ٍ مخلعة القواعد، همو أحبة آخرون، لأن ذكريات سنوات وسنوات تشدني إليهم” إنهم هم” بالاسم الذي يليق بهم، كأنهم الآن في انتظاري..
ولا أدري ما حجم هذا الانتظار!
خارج حدود البيت أستعيد صور أحبة آخرين، وبقوة الآن، ما كان يسمى بـ” الكلاب الشاردة”، أسميهم الآن أحبة، حيث كنت أخرج أحياناً على صوت عوائهم، وحين أفتح الباب الخارجي، ألمحهم يمرون سريعاً دون أي التفاتة إلي، كما لو أنهم يوقعون عقد سلام بيني وبينهم، أو يشيرون إلى أنهم مجرد عابرين ولا داعي للخوف إطلاقاً..
في مواجهة الباب الخارجي، يكون الحائط المدرسي، كما لو أنه استحال شريطاً سينمائياً، حيث كنت أخرج، ويكون سلام من نوع خاص، يستحيل الجامد روحاً، وحينها لم أحسن فهمه باعتباره في عداد أحبتي الغفل من الاسم.
ثمة الجذع المتبقي من شجرة حكِم عليها بالإعدام لضرورات لا دخل لي فيها، كما لو أن الجذع المتبقي كان يسمعني نواح روح من أعماق الأرض، حيث تسكن جذور وتتنفس وتبصر العالم على طريقتها..
وهل أستطيع نسيان دالية العنب التي خيمت على كامل الحوش، وتدلت منها عناقيد كما لو أنها أم أسطورية، يا للأم الرؤوم، يا للحب النقي الذي يفوق الوصف..
أية أنفاس كائنات طاهرة كانت تعايش لحظة النظر إليها؟!
أيها الأحبة الأحبة الذين أسميكم في مقام الجمع العاقل جداً، لكم أسأت إليكم، أعتذر إليكم، بدءاً من العقرب، لكم كنتم مخلصين مذوقين ..
لكم واسيتموني دون أن أعلم بذلك..
وهأنذا أكتشف كل ذلك في محنة مغيبة النهايات..
لكن ثمة أحبة كانوا غفلاً من الاسم، وهأنذا أتذكرهم، أستعيدهم أحبَّة في غفلة الجهات المتضاربة وأهليها المتضاربين في بورصة” لي ولك وله”، إنهم الأحبة الذين أسأت إليهم أيما إساءة، اختلطت صورهم وأصواتهم وحركاتهم بالكثير من ارتعاشات روحي وخيالاتها.
في وسع أحبتي المعرَّفين بأسمائهم أن يعتبروا هذه التسمية جنوحاً، خطأ، انزياحاً عن معيار أخلاقي، ولكنها التسمية التسوية في مضمار المستجدات ومفاجآتها، خذوا إذاً:
في صدارة الأحبة الذين أستطيع تسميتهم وقد أسأت إليهم، العقارب” الذين كانوا يتكررون دورياً في مكتبتي الطينية”، وكنت أفاجأ بالعقرب وهو يعلن عن وجوده عبر خشخشة على جريدة أو احتكاك بقاعدة طاولة الكومبيوتر، وهو قريب مني، فأنقض عليه سريعاً، حيث أمعسه… أووه أيها العقرب الجليل..
كنت تعلمني بوجودك، سنوات وسنوات، واقتضت العادة في أن أزيل كل أثر لك، ولكنك لم تسيء إلي يوماً..
نعم، يا الحبيب العقرب..
يا نزيل مكتبتي المتهالكة..
من جملة الأحبة الذين يستحقون التذكير بأسمائهم: الفأر بأحجامه وألوانه..
كم فأراً أبصرته وهو يمارس هواية الركض على رفوف مكتبتي، أو يتسلقها أو يختفي في الخلف..
ولم أجد يوماً أثراً لفأر في قرض كتاب أو جريدة أو مجلة..
لكن عدوى مطاردة الفأر كانت تحفزني على الرصد له والنيل منه..
وهأنذا أستعيد اللحظات الممتعة تلك، مع فأر ربما أراد الإقامة في مكتبة تضم آلاف الكتب والمجلات والجرائد وغيرها، دون أن يتعرض لأي منها بسوء..
في عداد الأحبَّة الذين أسأت إليهم، جماعة الصراصير” الذين كانوا يظهرون بألوانهم النارية” حيث الرطوبة في المكتبة كانت تشجعهم على التكاثر، كما لو أنهم أرادوا إيناسي، رغم أنني عُوّدت على ملاحقتهم..يظهرون ويختفون..
من أحبتي أيضاً، كان هناك عناكب” وهم” يتركون آثاراً لهم من خلال النسيج الشفاف، بيتهم المعلق في السقف، أو إحدى زوايا المكتبة، ولكم كنت أرى ذبابة عالقة فيه أو أكثر..
إلا أنني بقيت سالماً سنوات وسنوات من كل أذى عنكبوتي..
خارج حدود مكتبتي، هؤلاء القطط الأحبة الآخرون” وهم” في موائهم” ليل نهار، لا أخفي أنني كنت أطاردهم، ولكنهم ما كانوا يبتعدون عن حدود البيت..
إنهم أحبة آخرون كم أشتاق إلى موائهم وغزلهم القططي الشباطي وغيره..
ثمة قطع الحديد الخردة، صفائح تنك على سطح الدار، كراس ٍ مخلعة القواعد، همو أحبة آخرون، لأن ذكريات سنوات وسنوات تشدني إليهم” إنهم هم” بالاسم الذي يليق بهم، كأنهم الآن في انتظاري..
ولا أدري ما حجم هذا الانتظار!
خارج حدود البيت أستعيد صور أحبة آخرين، وبقوة الآن، ما كان يسمى بـ” الكلاب الشاردة”، أسميهم الآن أحبة، حيث كنت أخرج أحياناً على صوت عوائهم، وحين أفتح الباب الخارجي، ألمحهم يمرون سريعاً دون أي التفاتة إلي، كما لو أنهم يوقعون عقد سلام بيني وبينهم، أو يشيرون إلى أنهم مجرد عابرين ولا داعي للخوف إطلاقاً..
في مواجهة الباب الخارجي، يكون الحائط المدرسي، كما لو أنه استحال شريطاً سينمائياً، حيث كنت أخرج، ويكون سلام من نوع خاص، يستحيل الجامد روحاً، وحينها لم أحسن فهمه باعتباره في عداد أحبتي الغفل من الاسم.
ثمة الجذع المتبقي من شجرة حكِم عليها بالإعدام لضرورات لا دخل لي فيها، كما لو أن الجذع المتبقي كان يسمعني نواح روح من أعماق الأرض، حيث تسكن جذور وتتنفس وتبصر العالم على طريقتها..
وهل أستطيع نسيان دالية العنب التي خيمت على كامل الحوش، وتدلت منها عناقيد كما لو أنها أم أسطورية، يا للأم الرؤوم، يا للحب النقي الذي يفوق الوصف..
أية أنفاس كائنات طاهرة كانت تعايش لحظة النظر إليها؟!
أيها الأحبة الأحبة الذين أسميكم في مقام الجمع العاقل جداً، لكم أسأت إليكم، أعتذر إليكم، بدءاً من العقرب، لكم كنتم مخلصين مذوقين ..
لكم واسيتموني دون أن أعلم بذلك..
وهأنذا أكتشف كل ذلك في محنة مغيبة النهايات..
أحبتي الذين أسأت إليهم كثيراً، تحيتي إلى أرواحكم في تنوعها..
لعلي أقول ذلك الآن في فاجعتي ككردي وكاتب لا حصر لميتاته كل يوم..شعوراً مني..
أن ثمة كثيرين وليس قليلين من عامة الكرد وخاصتهم، لا يتلمسون فيَّ، رغم كل ما قدِم باسمي وأنا في جهة كردية لما تزل تبحث عن وجهها الكردي، إلا العقرب أو الصرصور أو العنكبوت السيئ الصيت أو القط الذي يتبع مواءه..
أو الكلب الضال..
وعذراً من أحبتي الآخرين وما أقلهم عما حال إليه أمري !
لعلي أقول ذلك الآن في فاجعتي ككردي وكاتب لا حصر لميتاته كل يوم..شعوراً مني..
أن ثمة كثيرين وليس قليلين من عامة الكرد وخاصتهم، لا يتلمسون فيَّ، رغم كل ما قدِم باسمي وأنا في جهة كردية لما تزل تبحث عن وجهها الكردي، إلا العقرب أو الصرصور أو العنكبوت السيئ الصيت أو القط الذي يتبع مواءه..
أو الكلب الضال..
وعذراً من أحبتي الآخرين وما أقلهم عما حال إليه أمري !