يرى بعضهم أنه في حال تم تغيير مفاجيء في البلاد ستكون الميليشيات المسلحة في سوريا من نصيب: جبهة الخلاص، النظام، رفعت أسد والأكراد.
وهؤلاء كلهم لا يمثلون مجتمعين سوى نسبة ضئيلة من المجتمع السوري.
ولا يمكن للقوى الليبرالية واليسارية والمجتمع المدني ومن لف لفهم أن يملكوا بندقية قديمة باستثناء الأكراد، أليس تلك هي الصورة العراقية على الخارطة السورية؟
لا اعتقد أن هناك ميليشيات لأحد، فالمظاهر المسلحة ليست لصالح الوطن، والشيء المسرّ في سوريا هو أن المعارضة عموما تنأى بنفسها عن ثقافة العنف والقوة، علينا الإصرار على النضال السلمي الحضاري، لاسيما وأنّ العالم أجمع حاليا يدين الإرهاب والعنف ويحترم التعامل الحضاري، وإذا راجعنا تاريخ سوريا الحديث نجد أنّه يخلو من الاقتتال الداخلي، وهذا مؤشّر جيد ودليل على التعايش السلمي بين مكوّنات المجتمع.
بماذا تفسرّ غياب رأس المال السوري عن عملية التغيير، علما أنّ المال هو المحرّك الأساسي لمعظم العمليات الانقلابية في العالم، وهل يمكن استعمال المال السياسي في التغيير الديمقراطي؟
الرأسماليون عموما جبناء ويتقربّون من الذين يسيطرون على الحكم، علما بأن سوريا لا تخلو من أغنياء شرفاء مستعدون للتضحية من أجل مستقبل الأجيال، من جانب آخر فأن أصحاب الرساميل حاليا معظمهم حديثي النعمة ومن البرجوازية الطفيلية، ومن ناهبي ثروات البلاد بالطرق غير الشرعية وهم من أوساط السلطة وما حولها، مهما يكن من أمر فأن تعاظم الدور المعارض للشعب سوف يجذب بعض أصحاب الأموال إلى صفوفه.
برأيك من الذي يحكم سوريا فعليا؟ الجيش، الحكومة، المخابرات، المقربّين من أسرة أسد أو الطائفة العلوية؟
الحكم هو للأجهزة الأمنية.
جاءت الانتخابات الديمقراطية بحماس للسلطة وقبلها الجبهة الإسلامية في الجزائر، وهل يمكن القبول بنتائج صناديق الاقتراع على علاتها في سوريا، وقد تأتي بالأخوان المسلمين أم أنكم تتوهمون الحصول على حكم كردي ذاتي في الجزيرة السورية وتصلحون ما أفسده محمد طلب هلال وعبد الله الأحمد؟
ينبغي احترام الديمقراطية وصناديق الانتخابات مهما تكن النتائج، شريطة أن تكون الأجواء حرّة وبأشراف من الأمم المتحدة، أما بالنسبة للكرد فينبغي أن يتضمّن الدستور المرتقب حقهم في إدارة مناطقهم التاريخية(الجزيرة-كوباني-جبل الكرد)وكذلك حقهم في التمثيل في البرلمان المركزي.
ما هي العوائق كي يصلح النظام من شأنه ويرمّم نفسه ويصلح البلد ويبقى بشار أسد رئيسا تاليا بوفاق وطني، سيما وأن النظام يملك المال والأجهزة، بينما المعارضة فقيرة وممزقة ولا يوجد لديها برامج بديلة حقيقية ولا تملك حتى حق الكلمة للتعبير عن أغراضها؟
أن يصلح النظام نفسه فهذا مستبعد، ومع ذلك فلو أعلن على الملأ وعبر التلفزيون أنه على أتمّ الأستعداد لطاولة حوار وطني عام ولإعادة بناء شامل في البلاد، فلا مانع لكن شريطة أن يقدم على إبداء حسن النية وزرع الثقة من خلال إلغاء قانون الطوارىء، وإغلاق ملف الأعتقال السياسي وتمكين جميع المنفيين من العودة إلى الوطن، وإصلاح القضاء، ولجم الأجهزة الأمنية، وإلغاء كافة المشاريع العنصرية بحق الشعب الكردي……………الخ
بشار أسد وأسرته لا يتخلّون عن الحكم إلا لو دمّرت سوريا، وهذا ما دعى الكاتب محمد الغانم ليطلق مبادرته لتتويج بشار أسد ملكا دستوريا على سوريا فهل ترون ذلك مخرجا يكون فيه “لا غالب ولا مغلوب”؟
النظام الملكي مرفوض، رغم أنّ العديد من الأنظمة الملكية الدستورية أثبتت جدارتها وخدمت شعوبها.ما نحتاجه هو دستور عصري جديد، يحدد صلاحيات الرؤساء والحكومات والبرلمان والجيش والأمن، وتتفق عليه جميع مكونات المجتمع السوري.
هل لك أن تسم بعض أهل الحكم ممن يتحمل تبعات التعتيم على حجم الفساد والأموال المنهوبة والصفقات المشبوهة والفساد المستشري ؟
من بيدهم السلطة هم الذين يستأثرون بثروات وأموال البلاد، وهم لن يدينوا أنفسهم.أما البرلمان فهو من صنعهم، ومن يتجرّأ على التكلّم مثل رياض سيف وغيره سيكون مصيره السجن والملاحقة.
الاستحقاق الرئاسي خلال العام القادم، فمن ترّشح لرئاسة سوريا؟ هل تذكر اسم مرشح محتمل أو أكثر من المعارضة ومثله من النظام؟
لا أرى داعيا لترشيح أحد، علينا أن نفسح المجال لكل من يرغب بذلك ويجد في نفسه الكفاءة، سواء كان من العرب أو الكرد أو المسيحيين أو غيرهم، فالوطن للجميع ومن حق جميع أبنائه أن يكونوا متساويين في كافة الفرص.
لو كانت الانتخابات ديمقراطية في سوريا وصوّت كل مسيحيي سوريا لشخص واحد فلن ينجح بأصوات المسيحيين وحدهم، فما الحكمة من وضع بند في الدستور السوري يحدد دين الرئيس؟
أنا من جانبي لا أفرّق بين شخص وآخر بسبب معتقده، المهم أن يحظى بثقة الناخبين.
قبل بشار أسد بالتوريث فلماذا تعتقد المعارضة انه سيقبل بالتسليم والاستسلام لصندوق الناخب طالما أنه ليس هناك ما يجبره على ذلك؟
هناك فرق كبير بين فرض الأمر الواقع وتجاهل الإرادة الحرة للناخبين، وبين الاحتكام إلى الاقتراع الحر والمباشر والمراقب من قبل لجان محايدة.
وإذا اتجه الرئيس بشار نحو حرية الانتخابات وتعدد المرشحين فأنها تعتبر خطوة إلى الأمام.
لم يصدر النظام قانون للأحزاب حتى اللحظة، فهل برأيك سوريا مقدمة على استفتاء الأربع تسعات؟
حتى هذه اللحظة يبدو أن الأمور ستكون هكذا، إلا إذا استدرك النظام مخاطر تجاهله لإرادة الشعب وبادر إلى إجراءات نحو الديمقراطية.
وفقا للدستور الحالي للرئيس السوري دين محدد وحزب معروف، فما الحكمة من الاستفتاء وهو يزيد من سمعة البلد سوءا في الخارج؟
لاحكمة في ذلك وإنما تزيد الطين بلّة، وتزيد من عزلة النظام في الداخل والخارج.
ما هي إمكانية ترشيح مواطن مسيحي أو كردي سوري وفوزه في انتخابات نزيهة حقا؟
الأجواء الحالية لا تبشّر بإمكانية ذلك، ولو افترضنا توفر أجواء من الحرية الحقيقية، لاستطاع المسيحي أو الكردي الحصول على نسبة كبيرة من الأصوات تفوق النسبة العددية لانتماءاتهما.
هل تود إضافة كلمة ختامية لتجيب عما قد غفلنا سؤالك عنه؟
إنّ رياح التغيير قوية جدّا، ولن تجدي المعيقات ودفن الرؤوس تحت الرمال.
وتقبّلوا شكري وتقديري.
* جزيل الشكر للأستاذ حسن صالح على هذا الحوار المستفيض.
______________________
* إعداد وتقديم علي الحاج حسين
ali@alihoussain.com