الطريق الى «جنيف 2» يمر من عامودا

صلاح بدرالدين

  قبل نحو اسبوع ومن على هذا المنبر كتبت (لليوم الخامس على التوالي مازال اعتصام أهلنا بمدينة عامودا متواصلا والتظاهرة السلمية مستمرة مطالبة باطلاق سراح أعداد من أبنائها المخطوفين على أيدي مسلحي جماعات – حزب العمال الكردستاني التركي – بمسمياتها ” قوات الحماية + مجلس غرب + الاتحاد الديموقراطي + قوات الأسايش الخ ” واردفت (لقد دأبت مجموعات – ب ك ك – المسلحة أو جماعات ” الأمر الواقع والثورة المضادة ” ومنذ مرور حوالي ستة أشهر على اندلاع الثورة الوطنية السورية على استكمال خطوات تنفيذ خطة موضوعة سابقا ….
 في الساحة الكردية بالتعاون والتنسيق مع أجهزة النظام الأمنية تقضي بعزل الكرد عن الثورة ودفعهم ليكونوا جزءا من مشروع النظام وفي خضم التطبيق العملي لوظيفتها ومهامها المرسومة تصدت تلك الجماعات لناشطي الحراك الشبابي الثوري للحيلولة دون تصاعد التظاهرات السلمية الاحتجاجية وخاصة أيام الجمعة في معظم المدن والبلدات الكردية بدءا من جامع قاسمو – الرمز النضالي دون منازع بالقامشلي وفي مدن وبلدات ديريك وكركي لكي وتربسبي وعامودا والدرباسية وسري كاني والحسكة ومرورا بتل ابيض وكوباني وانتهاء بأحياء حلب وعفرين ومنطقة جبل الأكراد وزورافا وحي الأكراد بدمشق وقد شهدت هذه المواقع آلاف الحوادث المدبرة ضد الجماهير المنتفضة ومئات عمليات الاغتيال والخطف والاخفاء وآلاف حالات التهديد والترهيب ليس ضد الوطنيين الناشطين الكرد الذين يعتبرون أنفسهم جزءا من الثورة فحسب بل تمارس وحسب نهجها الشمولي الاستبدادي الارهابي عملية الغاء الآخر المختلف تنظيميا وسياسيا حتى لو كان خارج سرب الثورة وموقع معها على وثيقة اعلان مايسمى با ” الهيئة الكردية العليا ” المنهارة واتفاقيات أربيل ” الموؤدة …) وأكملت (وفي هذا السياق تميز أهلنا بعامودا ومنذ الأيام الأولى بشجاعة الاقدام على رفض كل الألاعيب الحزبية الكردية أو المنسوبة الى – المجلس السوري – المنهار وللمرة الأولى ظهر اصطفاف مؤثر للمستقلين في النشاطات الاحتجاجية والشعارات المميزة المعبرة بصدق عن الحالة الكردية الحقيقية كجزء من الحالة الثورية العامة في البلاد تماما مثل شعارات نشطاء (كفر نبل وداعل) التي استأثرت على شعبية واحدة تضرب بها الأمثال ولاننسى هنا نهوض مجاميع المستقلين من الوطنيين الكرد وخاصة من الشباب في ديريك والدرباسية ورأس العين وكوباني وعفرين وغيرها …) .

  يوم السابع والعشرين من الشهر الجاري هاجم المئات من مسلحي جماعات – ب ك ك – خيمة الاعتصام السلمي بعامودا ومختلف مكاتب منظمات المجتمع المدني مستخدمين السلاح المتوسط والخفيف وكانت الحصيلة أربع شهداء وعشرات الجرحى والمخطوفين .
  تقوم هذه الجماعات باثارة الفتن وعمليات الاقتتال في مختلف المدن والبلدات بالتزامن مع متطلبات مصالح نظام الأسد وفي المدة الأخيرة يجيرون نشاطهم القتالي وهجماتهم المسلحة منذ الهجوم على – القصير – والتدخل العدائي السافر لحزب الله لتحسين شروط سلطة الاستبداد في مؤتمر جنيف 2 ان عقد ومن ضمنها تأمين قيادتها لوفد ” كردي ” حسب المواصفات المطلوبة في دمشق وموسكو وقد افتتحت جبهات وعمليات حربية في عفرين والآن تعلن الحرب على عامودا في ظروف غير متكافئة وموازين مختلة وتقوم باستفزاز سلطات اقليم كردستان على الجانب السوري من الحدود لأغراض مماثلة وكتجسيد لنوع من الضغط الايراني على قيادة الاقليم  لتمرير عمليات ارسال المقاتلين والسلاح والذخيرة لنصرة نظام الأسد .
  هؤلاء وبالتعاون والتواطىء مع القوى الأمنية الرسمية السورية التي مازالت موجودة في محافظة الحسكة وغيرها لن تترك مدينة أو بلدة أو منطقة بأمان واستقرار ان لم يكن بالهجوم العسكري والتهديد الأمني فعبر الحصار الاقتصادي وفرض الأتاوات وليس هناك من جهة محلية كردية وغير كردية باستطاعتها ردع هؤلاء الفاشيين لذلك وكما أرى ومن أجل قطع الطريق على المنادين بعودة سلطة الدولة كاملة واعتبارها أهون الشرين لتحقيق الاستقرار (وقد تكون خطةهذه الجماعات الأمنية – العسكرية تقضي بوصول الأمور الى درجة يتم فيها استدعاء سلطة دولة الاستبداد من جانب الشعب)  الى مواقعها فان قوى الثورة السورية قد فوضت الجيش الحر وعلى المستوى الوطني بتحقيق الأمن والأمان لكل المواطنين وفي كافة المناطق وليس هناك من حل لاتقاء شرور المعتدين الا بدعم قوى الثورة وضماناتها عبر التنسيق مع الوطنيين والثوار الكرد وغيرهم  .
  من جهة أخرى فقد كنا نتوقع حصول مجازر على أيدي هذه الجماعات ولذلك دعونا وندعو الآن الى الاعتصامات السلمية في مختلف المدن والبلدات وممارسة الضغوط الشعبية والجماهيرية وهي احدى  الوسائل الرادعة وصالحة في كل وقت وزمان وهنا وفي هذا المجال فان كرد سوريا عموما وأهلنا بعامودا الصمود على وجه الخصوص يأملون اجراءات سريعة من جانب قوى الثورة السورية وكذلك الاشقاء في اقليم كردستان العراق .

  ان مايثير الاستغراب في هذه الظروف العصيبة تعامل البعض (عن حسن نية) مع الموضوع الخطير هذا بنوع من الاستخفاف من قبيل سرد الذرائع والأسباب المحلية لمجزرة عامودا وتناسي الدافع السياسي – الجنائي والدور المرسوم لجماعات – ب ك ك – في القضية السورية وتجاهل الظروف السياسية المحيطة خاصة في مجال اقتصار تحركات هذه الجماعة في دائرة الاستراتيجية المرسومة في غرف عمليات (تحالف الأسد – ايران – روسيا) وتنفيذ التكتيكات الصادرة منها فعلى سبيل المثال عندما حاول النظام تغيير موازين القوى العسكرية على الأرض في بعض المناطق بغية تعزيز موقعه السياسي في مؤتمر جنيف2 المرتقب قابلت هذه الجماعة بفتح معركتي عفرين وعامودا للغرض نفسه أي تعزيز أوراق النظام واسناد شبيحته في (نبل والزهرا) وفي الوقت ذاته التحضير للذهاب الى جنيف باسم الكرد من دون منازع كما اعلن ذلك مسؤولوا الخارجية الروسية متناسية أن الشعب الكردي السوري بغالبيته الساحقة لن يكون جزءا من صفقة جنيف وحسم أمره الى جانب الثورة الوطنية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…