إبراهيم محمود
لا يخلو بيت من وجود أوساخ قد تدفع بالداخل إليه أحياناً إلى الخروج منه سريعاً، كونه بيتاً طبعاً، ولحظة الحديث عن البيت الكُردي، فأنا أشير هنا إلى معنى عام، له طابع وطني وقومي، إذ يضم إليه في وساعته وتنوع غرفه وطوابقه، ومداخله ومخارجه، وكل ما يجعله بيتاً…الخ، فئات عمرية وجنسية مختلفة، ولحظة الإشارة إلى البيت أتذكر قبل كل شيء ما يعرض البيت للنفور على قدر الروائح الكريهة المنبعثة منه، وما يؤدي إليه من مداخل تؤثر في المعنيين به، وحتى في الخارج.
أتحدث هنا عن أوساخ بيتنا الثقافي والسياسي، مسمّياً إياها أكثر من غيرها، لأنها هي التي تهب البيت اسمه، أكثر من غيره بالتأكيد، بما أن المفردتين تتضمنان الكثير مما يبقي البيت بيتاً: صحة وسلامة ووضوح علامات وزمكاناً..
أسمّي بيتنا الكردي بحرْفيته الآن، وهل ينكر المرء أي امرئ البيت الذي ينتسب إليه على مدى أزمنة تترى؟ أسمّيه بود وأنا أدقق في بيوت الآخرين، وأنا أمنّي النفس بمناقب البيت المطلوب، وأنا أحاول- مع غيري وفي إثرهم- أن أعرّف بهذا البيت بالطريقة التي يجلوه ليس بيتاً يؤمه الآخرين، وإنما نظيفاً مضرب المثل.
أتوقف عند هذا البيت، وأنا أشير إلى الملتقى الثقافي الذي ضم مجموعة من الكتاب الكُرد في هولير، وعلى مدى يومين” 20-21/6-2013، انطلاقاً من مجموعة لها صلة بواقع الكاتب الكردي ودوره وكل ما يشده إلى وطنه وبلده بتنوع اثنياته ولغاته وما يجعله في قلب الأحداث سورياً، وما يعزّز فيه كينونته كردستانياً، وعبر البيت المسمّى، وما يقدّم البيت صحبة بيوت أخرى أكثر شأناً واستقطاب انتباه.
لا شك أن صورة البيت الكردي كانت سلبية كثيراً، ولا شك أن هذه السلبية لن تعدَم بين ليلة وضحاها، لكن مشهد البيت وهو معرَّف به مثقَل بالأوساخ، قبل الملتقى كان غيره بعده، ليس لأن سحراً غيّر واقع الحال، وإنما لأن لنوعية الكتاب الذي حضروا من البلاد ومن خارجها، وداخل كل منهم هاجس التغيير، وانجراحات جرّاء الجاري في الجهات الأربع، ومن خلال ما عبّروا عنه بمزيد من المصارحة والمكاشفة النقديتين، واعتماداً على جدول أعمال، أفصح عن رغبة مشتركة لجعل هذا البيت مقبولاً، باعتباره متقبل النظافة، حيث إن الأهم هو كيفية الربط بين دور الكاتب والسياسي، دون الإخلال بموقع أي منهما، سوى أن تأكيداً كان وتم التشديد عليه بالنسبة للكاتب الكردي وفي المرحلة الراهنة وشديدة الحرج، ليس لأن تفضيلاً يؤخَذ به على السياسي، وإنما لأن ثمة رسم ملامح أكثر عمقاً تحدَدت خطوطها بالنسبة للكاتب في خارطة التحولات الكبرى، كما هو ارتحاله في التاريخ، وتجلّي حضوره في عالم اليوم، ولعلها المرة الأولى، أن يكون هناك ملتقى خاص بمجموعة كتّاب، ودون تدخل أحد، أي أحد، حتى من حكومة إقليم كردستان، سوى أن مقابلات تلفزيونية كانت تجرى خارج الملتقى للتعريف بما يجري وما هو مأمول، ليس دخولاً في منافسة السياسي وإنما للتأكيد على الدور المغيَّب للكاتب الكردي أولاً، وليكون في علْم الآخر ما يمكن أن يستفيد منه، كما لو أن كلاً منهم كلمة سر الآخر، في مجتمع يستحق شرف الاسم: المجتمع المدني طبعاً.
لا أسمّي أحداً هنا، إذ بوسع متحرّي الأسماء أن يصل إلى قائمة المشاركين، ولن أسمي أحداً، لأن المهم والأهم هو محتوى الملتقى، هو الإفصاح عن الكاتب وبصفته يعمل في حقل الثقافي، يستطيع أن يلفت أنظار السياسي إليه، ليس من باب الدخول في مضمار تنافسي ثانيةً، وإنما ليخفف عنه ثقله، مثلما هو الآخر يستطيع ذلك، حيث لكل منهما إرادة مختزنة وقائمة أعمال وتصورات وصياغات بحثية ومسار عمل وهدف مرسوم، ومن خلال البيت المعلوم وإليه يكون الملتقى.
نعم، كان لجانب انفتاح الكتاب المشاركين على بعضهم بعضاً بمثابة ترجمة فعلية لجعل البيت الذي يعنيهم نظيفاً، لوهْب المبنى أكثر من معنى، والأكثر من ذلك للدفع بمتابعي الشأن الثقافي من الخارج إلى منح ثقة أكبر للكاتب على خلفية الجاري.
وربما بدت سلسلة من التعليقات التي تجاوزت السوقية كموقف من الملتقى، انترنتياً وفيسبوكياً، انطلاقاً من أكثر من حالة:
حالة عدم المشاركة، فيكون الانتقام والغمز وللمز
حالة تأكيد التمايز استجابة لرغبة هذا أو ذاك في محيطه
حالة التعبير عن أفق ضيق وذات ذات مسار أحادي ضدّي
ولأنني كنت من المشاركين، وهأنذا أسمّي نفسي من باب وجوب ما يلزم، آمل أن يكون هناك أكثر من ملتقى لكل الذين يشغلهم سؤال الثقافي والوطني والاجتماعي والإبداعي والسياسي، واعتماداً على جدول أعمال تنير أفق آخرين، لعلّي واحد منهم، ربما أن هذا التنويع يقرّبنا من بعضنا بعضاً أكثر، وفي هذا الظرف الحرج جداً جداً..
أهو مديح مدفوع الثمن إن قلت: شكراً لكل الذين أسهموا في جعل الملتقى ملتقى، ومن حرصوا على انعقاده: أفراداً وجهات ثقافية وسياسية؟
وربما ما أقوله في الخاتمة المفتوحة مثاراً لتعليق وتعليق، ليكن: لقد غذّيت معدتي كثيراً بأطايب الطعام على مدى اليومين المذكورين، واستحممت جيداً جداً، ونافست الكثيرين في تناول الحلويات… إنما الأهم الأهم، هو أنني تمكنت من أن أغذّي روحي أكثر، وأحمّم رؤاي الفكري والنقدي أكثر، برؤية من ابتعدنا عن بعضنا بعضاً منذ سنوات، عدا الغربة وسياجاتها ومن ينتمون إليها، إذ كلنا مغتربون بمعنى ما أيضاً، فلا يعود في الخيال مشهد أطايب الطعام أو لائحة الحلويات المختارة ” على كيفك” إنما زلال الكلام ومسك الختام أكثر.
أسمّي بيتنا الكردي بحرْفيته الآن، وهل ينكر المرء أي امرئ البيت الذي ينتسب إليه على مدى أزمنة تترى؟ أسمّيه بود وأنا أدقق في بيوت الآخرين، وأنا أمنّي النفس بمناقب البيت المطلوب، وأنا أحاول- مع غيري وفي إثرهم- أن أعرّف بهذا البيت بالطريقة التي يجلوه ليس بيتاً يؤمه الآخرين، وإنما نظيفاً مضرب المثل.
أتوقف عند هذا البيت، وأنا أشير إلى الملتقى الثقافي الذي ضم مجموعة من الكتاب الكُرد في هولير، وعلى مدى يومين” 20-21/6-2013، انطلاقاً من مجموعة لها صلة بواقع الكاتب الكردي ودوره وكل ما يشده إلى وطنه وبلده بتنوع اثنياته ولغاته وما يجعله في قلب الأحداث سورياً، وما يعزّز فيه كينونته كردستانياً، وعبر البيت المسمّى، وما يقدّم البيت صحبة بيوت أخرى أكثر شأناً واستقطاب انتباه.
لا شك أن صورة البيت الكردي كانت سلبية كثيراً، ولا شك أن هذه السلبية لن تعدَم بين ليلة وضحاها، لكن مشهد البيت وهو معرَّف به مثقَل بالأوساخ، قبل الملتقى كان غيره بعده، ليس لأن سحراً غيّر واقع الحال، وإنما لأن لنوعية الكتاب الذي حضروا من البلاد ومن خارجها، وداخل كل منهم هاجس التغيير، وانجراحات جرّاء الجاري في الجهات الأربع، ومن خلال ما عبّروا عنه بمزيد من المصارحة والمكاشفة النقديتين، واعتماداً على جدول أعمال، أفصح عن رغبة مشتركة لجعل هذا البيت مقبولاً، باعتباره متقبل النظافة، حيث إن الأهم هو كيفية الربط بين دور الكاتب والسياسي، دون الإخلال بموقع أي منهما، سوى أن تأكيداً كان وتم التشديد عليه بالنسبة للكاتب الكردي وفي المرحلة الراهنة وشديدة الحرج، ليس لأن تفضيلاً يؤخَذ به على السياسي، وإنما لأن ثمة رسم ملامح أكثر عمقاً تحدَدت خطوطها بالنسبة للكاتب في خارطة التحولات الكبرى، كما هو ارتحاله في التاريخ، وتجلّي حضوره في عالم اليوم، ولعلها المرة الأولى، أن يكون هناك ملتقى خاص بمجموعة كتّاب، ودون تدخل أحد، أي أحد، حتى من حكومة إقليم كردستان، سوى أن مقابلات تلفزيونية كانت تجرى خارج الملتقى للتعريف بما يجري وما هو مأمول، ليس دخولاً في منافسة السياسي وإنما للتأكيد على الدور المغيَّب للكاتب الكردي أولاً، وليكون في علْم الآخر ما يمكن أن يستفيد منه، كما لو أن كلاً منهم كلمة سر الآخر، في مجتمع يستحق شرف الاسم: المجتمع المدني طبعاً.
لا أسمّي أحداً هنا، إذ بوسع متحرّي الأسماء أن يصل إلى قائمة المشاركين، ولن أسمي أحداً، لأن المهم والأهم هو محتوى الملتقى، هو الإفصاح عن الكاتب وبصفته يعمل في حقل الثقافي، يستطيع أن يلفت أنظار السياسي إليه، ليس من باب الدخول في مضمار تنافسي ثانيةً، وإنما ليخفف عنه ثقله، مثلما هو الآخر يستطيع ذلك، حيث لكل منهما إرادة مختزنة وقائمة أعمال وتصورات وصياغات بحثية ومسار عمل وهدف مرسوم، ومن خلال البيت المعلوم وإليه يكون الملتقى.
نعم، كان لجانب انفتاح الكتاب المشاركين على بعضهم بعضاً بمثابة ترجمة فعلية لجعل البيت الذي يعنيهم نظيفاً، لوهْب المبنى أكثر من معنى، والأكثر من ذلك للدفع بمتابعي الشأن الثقافي من الخارج إلى منح ثقة أكبر للكاتب على خلفية الجاري.
وربما بدت سلسلة من التعليقات التي تجاوزت السوقية كموقف من الملتقى، انترنتياً وفيسبوكياً، انطلاقاً من أكثر من حالة:
حالة عدم المشاركة، فيكون الانتقام والغمز وللمز
حالة تأكيد التمايز استجابة لرغبة هذا أو ذاك في محيطه
حالة التعبير عن أفق ضيق وذات ذات مسار أحادي ضدّي
ولأنني كنت من المشاركين، وهأنذا أسمّي نفسي من باب وجوب ما يلزم، آمل أن يكون هناك أكثر من ملتقى لكل الذين يشغلهم سؤال الثقافي والوطني والاجتماعي والإبداعي والسياسي، واعتماداً على جدول أعمال تنير أفق آخرين، لعلّي واحد منهم، ربما أن هذا التنويع يقرّبنا من بعضنا بعضاً أكثر، وفي هذا الظرف الحرج جداً جداً..
أهو مديح مدفوع الثمن إن قلت: شكراً لكل الذين أسهموا في جعل الملتقى ملتقى، ومن حرصوا على انعقاده: أفراداً وجهات ثقافية وسياسية؟
وربما ما أقوله في الخاتمة المفتوحة مثاراً لتعليق وتعليق، ليكن: لقد غذّيت معدتي كثيراً بأطايب الطعام على مدى اليومين المذكورين، واستحممت جيداً جداً، ونافست الكثيرين في تناول الحلويات… إنما الأهم الأهم، هو أنني تمكنت من أن أغذّي روحي أكثر، وأحمّم رؤاي الفكري والنقدي أكثر، برؤية من ابتعدنا عن بعضنا بعضاً منذ سنوات، عدا الغربة وسياجاتها ومن ينتمون إليها، إذ كلنا مغتربون بمعنى ما أيضاً، فلا يعود في الخيال مشهد أطايب الطعام أو لائحة الحلويات المختارة ” على كيفك” إنما زلال الكلام ومسك الختام أكثر.
أعتقد هنا، وكما أرى، أن البيت الثقافي والسياسي الكردي معدٌّ لأن يكون أكثر نظافة لاحقاً؟ ذلكم تحدينا المشترك !