لقد باغته الثورة السورية الشعب الكردي في غربي كردستان وهو في وضع لا يحسد عليه فقد كان يعاني من أزمات متنوعة من بينها التخلف السياسي والمعرفي والثقافي بالإضافة الى المعانات الاقتصادية وغيرها ….
اختصارا فإن الشعب الكردي لم يكن مؤهلاً للتعاطي عبر ظروفه الاستثنائية المذكورة مع هكذا حدث فبدأت الصعوبات البنيوية تفصح عن نفسها وعن عجزها للتعامل مع الواقع الثوري على الأرض
حيث ظهرت بشكل جلي نتائج هذا الواقع المزري على السطح وظهرت معه عورات الوعي الكردي وبساطته وسطحيته الذي كان السبب في أنتاج التخلف التاريخي لهذا الشعب من جهة وبروز نتائج ما كرسه سياسات النظام من قيم فاسدة في السلوك العام عبر أعضاء البعث الكردي وعبر الخروقات الأمنية التي أحدثه النظام داخل هذا الحزب أو ذاك .
ونتيجة لجملة هذه الظروف بدأت الأمور تتعقد على الساحة الكردية تعقيدا شاملاً وعلى مختلف الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وتزداد يوماً بعد الآخر …
وقد زادت من تعقيدات هذا الوضع الصراعات السياسية البائسة التي بدأت هي الأخرى تدفع بالشعب الكردي دفعاً نحو القاع ونحو المزيد من التفتت والتحطم ونحو مستقبل باهت ومسارات مجهولة المعالم … فيمكن القول بأن عبر هذا الحالة المعقدة والمركبة قد أصبح من العسير ان يتمكن الشخصية الوطنية أو بعض المثقفين المستقلين أو بعض الشرفاء داخل هذه الأحزاب أن يغيروا من هذه الواقع المعقد والموبوء والسير به نحو مساره الصحيح وإيجاد الحلول اللازمة له أو تغير الواقع المزري عبر كتابة مقالا هنا أو إلقاء محاضرة هناك أو التنظير لوصف الحالة السائدة عبر وسائل الإعلام
إن التحولات الثورية التي اجتاحت المنطقة هي تستدعي بالدرجة الأولى إعادة هيكلة البنية الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذا الشعوب هذه البنية التي أنتجت هي بذاتها معظم الأزمات والويلات والتخلف الحضاري التي عانى منها هذه الشعوب تاريخيا ولكن من المؤسف بأن تغير واقع الشعوب ومفاهيمها ليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض بل يتطلب المزيد من الوقت والجهد الجماعي المكثف كي يتمكن هذه الشعوب من تجاوز أزماتها وتتحرر من جملة القيم والأفكار الخاطئة والمترهلة … أما بالنسبة للمثقف الكردي الذي يتهم بأن حضوره كان باهتا وخجولاً ولم يتمكن من القيام بالدور المطلوب منه على الساحة الكردية وما يجري فيها من إشكاليات ولماذا لم يتمكن من أحداث التغير الذي أحدثه جان جاك رسو وفولتير وافكار منتوسيكو وغيرهم من المفكرين والفلاسفة الفرنسيين الذين تمكنوا بأفكارهم الفلسفية من اشعال الثورة الفرنسية فالأمر يحتاج الى مقال آخر تتناول قصة نجاح هؤلاء وأسباب فشل المثقف الكردي من أحداث تلك التغير … وأعتقد بأن معظم مثقفي شعوب المنطقة قد فشلو بهذا القدر وذاك من أحداث التغير الفكري والسيوثقافي المنشود في المنطقة وليس المثقف الكردي وحده فلم يتمكن على سبيل المثال كبار مفكري وكتاب لبنان والعراق من تحرير شعوبهم من الفكر الطائفي وكذلك مفكري مصر وكتابها المعروفين لم يتمكنوا أيضا وإلى حينه من تحرير الشعب المصري من الفكر السلفي ولأخواني.
والسؤال الأهم هنا هو لماذا لا يوجد في تراثنا الفكري جان جاك رسو كردي أو منتوسيكو كردي ؟؟؟