الممانعة المزورة ومستنقع القصير..!

إبراهيم اليوسف

لايزال الكثيرون من المنتشين بالدم السوري، يرفعون أقداح الانتصار، إثرانسحاب” الجيش الحرِّ”من القصير، كتكتيك منه، على طريقته ، كلما تكالب عليه الحقد المنبثق من “شهوة الحفاظ على كرسيِّ النظام” التي تجعل الأسد ومن معه من الطغمة المارقة، يمدون أيديهم في الاتجاهات كافة، واعدين بتحقيق حلم أعداء سوريا بتحويلها إلى محض طلل، وأشلاء سوريٍّ بات الوطن يضيق ب”المقابر” التي تحتضنه، وما تهجيرسبعة ملايين سوريٍّ، وهدم تسعة ملايين منزل سوري- ناهيك عن حسبة الأرواح المزهقة بأصناف الكيمياء وال”تي إن تي” والرصاص، بل و”السلاح”الأسود” الذي به ينحرأطفاله، ونساؤه، وشيوخه، مبهورين باللقطات الممنتجة التي باتت فضائيات النظام تبثها،
حيث ارتفع على إثرها سقف خطاب النظام، متوهماً أن”جنيف اثنين” هي العنوان النهائي للثورة التي بدأت، بيد أنها لن تنتهي حتى تقدم بشاراً وزبانيته إلى محاكم العدالة، والتاريخ، وتعيد سوريا إلى صورتها الأولى التي اتفق على رسمها بناتها الأولون، قبل استشراء حموض العنصريين التي كانت حاضنة هذا النظام، وفرَّقت بين المواطن والمواطن، وهي تعمل على أنساق خيانية عدة، منها إلغاء الآخر: إثنية الشراكة تحت سقف الوطن، أو صاحب رأي بانٍ لصروح المجد والوطن، كي يتم اختصاركل شيء في مجرد حزب، مجرد شخص، هوطاغية، وكي يذوب الحزب في الشخص، الأوحد، وهوما يبين لنا، الآن، كيف أن لابعث في الفضاء السوري، بل لقد كان البعث الأكذوبة الكبرى، على امتدادعقود، مادام أنه قد كان التربة التي احتضنت بطانة المجرمين، حيث وجودها مرتهن بديمومة الفرد، ميتاً، في روح الوريث الإبليسية، وهي المفطورة على الدم، وخيانة العهد، والأمانة، وهوما انتبه السوريون جميعاً إليه..!.
لم يعلم المنتشون بالدم السوري، أن احتفالاتهم في “القصر الجمهوري”- وهو البيت المكترى”، أوطهران، أو “الضاحية” أو”موسكو/بوتين”، ليست كما تشطح بهم مخيِّلاتهم الدموية، وهي تؤسِّس لمرحلة دموية- حسب وعيدها ومخططها وعلى ضوء المجري- حيث تبدو فلول” طلائع” القتلة، مستنسخة من روح الجريمة، ذاتها، وهي تتخبأ تحت عباءة الثورة، وإن كانت ليست-في الأصل- إلا الوجه الآخر للنظام، أو النظام نفسه، وهوموضوع لا تنساه حسابات الثورة، وهي تلاحظ أن المجرم يتحرك في الاتجاهات كلها، لتشويه اسم الثورة، أسطورة الثورات ومعجزتها، بل وعظمى ثورات التاريخ، وأمها، قاطبة، حيث أن القصير لم تقرأ في حقيقتها، في واقعها، في مستقبلها، حسب سنة التارخ، كما عودتنا دروسه الأثيرة، بل كانت” مقبرة” ل” متلازمة أوهام محق الآخر، واستحواذ مكانه، ومحوه، ما لم يمح ذاكرته، كي يكون أسير إرادته التي بات يكشف عن نتنها، وثقافة كراهيتها، حيث لا مفر لميليشيات حسن نصر” الله”، إلا من خلال عودتها إلى عنوانها الأول، العنوان الذي بات مصنعاً لتحويل الهزائم إلى انتصارات، في الأثير، والصور المدبلجة، والحبر الإلكتروني، مادام أنه لن يستطيع- مهما حقق من سفح الدم على سفوح وهضاب سوريا، إلا أن تؤدي الخدمة-الاخيرة- لسيدتها “إسرائيل” في محو نواة قوة، كان من الممكن أن تكون جزءاً من معادلة حماية ملامح الذات، واستعادة ما افتقد منها، وإن كنا هنا في صدد “قصقصة” أحد جناحي “إيران” المزوَّرة، فإن الجناح الآخر، الذي يتخبط، تيهاً، في مستنقع الدم، منذ مواجهته الثورة السورية بآلة “القتل”، لتحويلها إلى ثورة مدماة، ليكون ذلك ضمانة لاستمرارية المخطط، ألف عام آخر، خارج شريط العمر، في حسبة العارف بأمر اللحظة، أو حتى قارئها الخلدوني، واضع الحدِّ الأقصى لعمر دورة الاستبداد في الدولة المتخيلة، أو الواقعية.

كما أن كثيرين هم من شطّ بهم الوهم، بعد واقعة القصير، الافتراضية، كي يغرقوا في أيمة وهمهم التي شاؤوها مصائد لإغراق الآخر، المختلف، بعد تخوينه، بدمغة “اللاوطنية” وهو” الوطني” الأول، ليروا أن ليس للثورة إلا رئة واحدة وهي القصير، وإن تصوير تلقزيونات إيران، وحزب الله، والأسد، لها وهي تتخبط في دماء مجزرة أطفالها الغادرة، تعني أن الثورة إلى” موات” وأن” البعث” في طبعته الجديدة، وهو المقابل لحزب” الله”، مادام البعث صفة إلهية، كي يكون هناك: حزب الله ونصرالله، بيد أن في سوريا ملايين الرئات، على شساعة حدودها الممتدة، في هيئتها السايكسبيكوية، وهي هزيمة لنظام موسكو- في طبعتها الخيانية- زاعمة الحفاظ على آخرمعتقل “شيوعيٍّ” في رؤيتها، وهي ترقص على إيقاع “رأس المال”،” والإمبريالية”، و”الدولار”، وهو تناقض كاذب، منافق، لاسيما عندما تخطأ في فهم جوهر النظام، وهي تراهن على “الفرد” مقابل الشعب”، وعلى” الكرسي” مقابل الخريطة الواسعة، وعلى زئبق اللحظة، الموقوتة، على حساب ” التاريخ”، وهو الفهم اللافهم، الغبي، الذي بات يكشف كل الملتقين على حباله، هذه الحبال التي لامكان فوقها لزرع”شجرة الحرية” الخالدة…!

أجل، لقد سقطت الممانعة في طبعتها المزورة، في القصير، وهي تحاول أن تعيدإ نتاج هزيمتها، تصيرها انتصارات، تقدمها على طاولات”التفاوض” المحلوم بها، في عداد سلسلة الكوابيس التي تجمع بين “منامات” رأس النظام” و”قرارته”، كلما تصادت أصوات المدافع في مسامعه، وهوالعارف، القارىء، لحقيقة واقعه، في أن مجرد الاستعانة ب” ميليشات حزب”الله”، أو ميليشات نجاد، و إيقاعات الدعم البوتيني، مفتوح السقف- على حساب تدهور اقتصاد روسيا- إعلان” نعوة” لجيش النظام الذي انتهى، جيشه “اللاجيش” ، جيش “أبو شحاطة” الذي ركع منذ استقواء شوكة الاستبداد على الشعب السوري، في إطار الخيانة الأولى التي عمِّّرت عليها كلّ الخيانات التالية، وهو جيش تلقن الهزائم، حتى بات اسمه يعني الهزيمة، وثمة عشرات الآلاف فيه، لو أتيح لهم أمن العودة إلى بيوتهم، بعيداً عن طلقة” الظهر” لفروا مولين الظهر ل” معسكرات الدم” ، ساردين لذاكرة التاريخ ملايين قصص الغدر الحمقاء، وهي تتم على أيدي حثالات التاريخ وحمقاه…!
14-6-2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…