أحسنهم عند ربك؟

  محمد أمين علي

بشار الأسد مازال يبيع سورية في المزادات الدولية بأرخص الأثمان، مقابل حفاظه على السلطة المجنونة.

فبعد أن دمر البلاد والعباد بكل ما أوتي من قوة، آل المطاف بالبقية الباقية من عباد الله في سوريا إلى الإنتفاض ضده، حين لن يبق لهم طريق آخر.

فقد إتضح للإنسان السوري أن له طريقان لا ثالث لهما: إما الموت رعبا في بيته أو في أقبية الأمن وإما الموت على ساقيه، فإختار الثانية وهب في وجه الموت السلبي.

مئة ألف شهيد وأكثر، مئات الآلاف من الجرحى، ملايين المشردين وبلاد مدمرة وشعب لا يهدأ ولا يتراجع عن المطالبة بالحرية وسلطة لا تهدأ كذلك ولا تتراجع عن القتل والتنكيل في إصرارها على ترك الحال كما كان بأي طريقة كانت.
والمعارضة المفككة والمتشاحنة والمتصارعة على كراس لم تصنع بعد ومناصب لم تشغر بعد، نست أن هناك أناس يموتون وبيوت تتهدم وعوائل تتشرد كل يوم وأن النظام تمكن بفضل تشرذمها من تفكيك الشعب السوري إلى طوائف متصارعة ومتناحرة وخائفة من بعضها البعض، إلى درجة أن البعض الصغير الضعيف منها صار يتمنى إستمرار الأسد القاتل على رأس سلطة دمشق على مبدأ أهون الشرين.

ساعد على كل ذلك وعلى عدم توحد المعارضة، غياب أي دعم حقيقي لها من الجهات الدولية النافذة، التي لو أرادت مصالحها لقدرت بكل تأكيد على تشكيل معارضة وتوحيدها وقيادتها إلى النصر أيضا.

وإختلط الحابل بالنابل في ثنايا الثورة والثوار وتكاثرت الفئات والكتائب والجبهات وبرز الإنتهازيون على السطح.

السعودية وقطر وتركيا ومن خلفهم (ربما من أمامهم) أوروبا والغرب ساهموا في إضعاف الثورة والثوار وتقزيم المعارضة في الخارج، وهذا ما يرى في الأسابيع الأخيرة من خلال المعارك الشرسة التي جرت وتجري في القصير وحلب ودرعا.

مقابل ذلك فإن الدعم الروسي والإيراني بمشاركة مباشرة من إرهابيي حزب الشيطان اللبناني لبشار وشبيحته مستمرة.

أي ذنب اقترفته سوريا وأهلها ليتحكم بها طغاة ومجرمون كبشار الأسد ووالده المقبور، ومعارضون إنتهازيون وفاسقون من جهة أحرى؟

الفكر الطائفي يقوى وينتشر بسرعة مما يشكل خطراً على الأمن و الإستقرار في المنطقة برمتها ويهدد البلاد والعباد لسنوات كثيرة قادمة لو ترسخ أكثر.

جهات معينة تقوم بدعو ونشر الخلايا الإرهابية الطائفية في سوريا وبلدان أخرى في المنطقة من أجل تحقيق أهداف بعيدة المدى.

وسيكون من نصيبنا في سوريا أن نحارب لسنين طوال ونجوع ونتشرد ونموت في سبيل الإختلافات بين علماء المسلمين في تفسير الآيات القرآنية والسنة النبوية.

هل كتب علينا أن نبتلي بقادة وساسة يعطون الحق لأنفسهم في تصنيف الناس إلى صالحين وطالحين حسب أهوائهم، ويقدمون مفاتيح الجنة والنار لمن يشاؤون ويصدرون التشريعات والفتاوي على هواهم فيرسلون من شاؤوا إلى الجنة أوإلى الناروكأن الله قد وهبهم تفويضا إلهيا على الأرض؟

هذا ما كان من حال المسلمين في منطقتنا وأما بالنسبة لغير المسلمين من طوائف وأديان فقد صار حالها أسوأ من ذي قبل، إذ أنها مصنفة في خانة الكفرة التي لا تملك الحق في البقاء على قيد الحياة وكأن الله لم يهبهم أرواحهم.

روسيا تريد لها بوابة إلى خيرات الشرق بعد أن فقدت البوابات العراقية والليبية وتريد إعادة أمجاد الإتحاد السوفييتي الساقط.

ومستشارو السيد أوباما ما زالوا يعلنون بين الحين والآخر بأنهم يدرسون سبل معالجة الأحداث في سوريا، دون أن يرى السوريون أية علاجات أو أدوية، والإتحاد الأوروبي يعلن كل مرة عن عقوبات عقيمة جديدة.

والمبغى هو الذهاب إلى جنيف 2 الذي ينبئ بترك الوضع على حاله حتى سنة 2014، كما كان الأسد دائما يريد وحينها سوف يكون له مثل غيره الحق في الترشح بشكل ديييييييمقراطي في الإنتخابات الرئاسية.

الثورة هي تغيير وتجديد، والتغيير بنظري يعني قبل كل شيء توفير بيئة ثقافية إنسانية تستند إلى التعددية والتسامح الديني والإثني وقبول الآخر وتفهم خصوصياته الدينية والمذهبية والقومية إلخ.

بذلك فقط يمكننا بناء قاعدة أساسية للتغيير الحقيقي في المنطقة ونخرج من دوامة الإستعباد والإستبداد والأحقاد الإثنية والدينية.

وإلا فإن سوريا لن تكون لا دولة واحدة ولا شعبا واحدا، بل شعوبا وقبائل أحسنها عند ربك، أقواها وأكثرها تسليحا.

ألمانيا، 2013.06.13

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…