باتجاه تحرير الإرادة

 علي مسلم – كاتب كردي

بالرغم من كل المصاعب والعقبات التي تعترض مسيرة الشعب السوري بكل مكوناته نحو الحرية والانعتاق خصوصاً في الجانب الكردي منه والذي أريد له أن يكون خارج دائرة الفعل والتأثر ، وهذه المصاعب وإن كانت تنبع في بعض جوانبها كإفراز أولي طبيعي نابع من تداعيات الثورة وإسقاطاتها على الأرض ومدى انسجامها مع الواقع المفروض بالرغم من إرادة القائمين عليها لكنها في جوانبها الأخرى تكون مفتعلة الغاية منها تضليل الرأي العام وإبعاد ما يمكن إبعادهم من المكونات عن مفاعيل الثورة تحت يافطات مضللة بغية إحداث شرخ مجتمعي يضاف إلى الشرخ الموجود أصلاً بالاستناد على الموروث الثقافي الاستبدادي القائم والذي عمل النظام لأجله طويلاً ويبدو أن الوقت قد حان لقطف ثماره فالمكون الكردي والذي ارتبط تاريخه النضالي بشكل أساسي بالوطن وحب الوطن وضحى وما زال يضحي في سبيل حريته ، مع احتفاظه دائماً بخصوصيته القومية
هذه الخصوصية التي لم تتعارض يوماً مع مجمل التطلعات الوطنية السورية بل زادها زخماً وقوة ، بالإضافة إلى ذلك يجري الآن التسويق لحالات معاكسة القصد منها تشتيت الشارع الوطني بشقيه القومي والمذهبي بغية تحييدها كلياً عن الحراك السوري العام حيث يتم تجييش البعض ضد البعض الآخر بالاستناد إلى نفس الأسباب التي أستند عليها النظام سابقاً وعمل على إبعاد ما يمكن إبعادهم كأفراد أو حالات وطنية قومية كالأكراد أو اثنية طائفية ، وبالرغم من الإيحاء بالنجاح النسبي عبر التكثيف الإعلامي المركز كما يحصل في القصير مثلاً كتعبير طائفي ويحصل في بعض مناطق عفرين والمناطق الكردية الأخرى كتعبير آخر قومي لكنها بالنتيجة لا تعبر عن واقع الحال الحقيقية فالثورة السورية قامت بالمحصلة على أساس جملة من التفاهمات الوطنية المشتركة بين كل المكونات السورية وأخذت طابعاً شبابياً وطنيا عاما في مراحلها الأولى السلمية منها والغير سلمية وكان من المفترض أن تنخرط كل القوى السياسية والمدنية إلى هذا الحراك الوطني كاستحقاق نضالي عمل له الجميع لعقود لكن الواضح وبعد مرور أكثر من 27 شهراً وكل هذا الدمار الذي طال الحجر والبشر ما زالت القوى السياسية والحزبية بعيدة كل البعد عن إدراك ما يجري على الأرض وهذا بالتأكيد يبرهن عن عجز تلك القوى في مواكبة متطلبات المرحلة وبالتالي فقدانها شيئا فشيئا لمبررات وجودها كممثل حقيقي للحراك الدائر خصوصاً في صفوفها القيادية تلك القيادات التي واكبت مرحلة حافظ الأسد الاستبدادية ومن بعده مرحلة الأسد الابن كامتداد لنفس العقلية وفشلت في الحصول على أي مكتسب حينها سواء في الجانب الوطني أو القومي بالرغم من كل ذلك تسعى نفس الهيكلية القيادية وبنفس العقلية لإيهام الشارع الكردي مرة أخرى وكأنها تمتلك زمام المبادرة ومفاتيح الحل 
من جانبه عمل النظام منذ البداية وعبر الحبال السرية القائمة على إفساح المجال لبعض القوى الكردية دون الأخرى للاستحواذ على بعض المكتسبات المؤقتة في المناطق الكردية بغية ضمان استمرار الخلاف بينهما كأكراد من جهة وتوسيع الشق الخلافي بينهم وبين باقي المكونات خصوصاً في محافظة الجزيرة من جهة أخرى عبر خطة أمنية يحصل عبرها على الولاء المستتر وحماية المنشآت الاقتصادية القائمة هناك عن طريق تقديم كل أنواع الدعم اللوجيستي لهم من عتاد وسلاح وتدريب وتوجيه وحماية سراً وهذا الأمر بالتأكيد لم يرق للغالبية العظمى من أبناء الشعب الكردي خصوصاً الأوساط الشبابية من داخل وخارج الحالات الحزبية الأخرى لذلك نلاحظ أن المناطق المعنية لم تهدأ أبداً ولن تهدأ وبدأت بوادر الرفض الحقيقي تبرز شيئاً فشيئاً وباتت تأخذ أشكال أكثر خطورة إثر تحولها من الأشكال السلمية التي جوبهت بقوة السلاح إلى أشكال قد تكون مسلحة على اعتبار أن القمع الموجود والمفروض لا يختلف في آلياته ومراميه عن القمع الذي يقوم به النظام في مناطقه من خطف واعتقال وقتل وتهجير، فالشارع الكردي الحقيقي ما زال ينتظر فرصته وهو يسير نحو تحرير الإرادة بخطىً واثقة ، وصدق من قال أن المناطق الكردية ما يزال يديرها البعث لكن بلغة كردية …؟
في 12/6 / 2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…