المؤتمر الوطني الكردي في سوريا ضرورة كردية ووطنية

فيصل يوسف


يدور ومنذ شهور عديدة, مناقشات حامية, في الوسط السياسي الكردي السوري, ولاسيما بعد المبادرة التي أطلقتها الهيئة العامة للتحالف والجبهة الكرديتان ، بدعوة القوى والأحزاب الكردية الأخرى, للعمل من اجل التحضير لمؤتمر وطني كردي, ينبثق عنه قرارات سياسية, وتنظيمية ، تضبط وتنسق العمل الديمقراطي الكردي في سوريا,وفق برنامج سياسي, وتنظيمي واضحين ، يتضمن الآليات والسبل اللازمة لاشاعة الحياة الديمقراطية في البلاد واحترام حقوق الانسان, وإيجاد حل ديمقراطي للقضية الكردية في سوريا, كإحدى القضايا الوطنية الرئيسية ، بحيث يتمتع الشعب الكردي في سوريا بحقوقه القومية المشروعة مثل أبناء القومية العربية, في إطار الوطن السوري, … وقد لاقت الدعوة استحساناً جماهيرياً واسعاً مطالبة بالتسريع في اجراءت التنفيذ والالتقاء ., إلا أن أطرافاً كردية, اقترحت تعديل الرؤية المشتركة, وإضافة بعض التفاصيل, مما ورد فيها من مبادئ………..

..!؟

لا نقلل من أهمية الآراء المطروحة جميعاً, لأنها تنبع من إرادات كردية, لها الحق في بيان ما تريد ، لكن العلة تبدأ عندما يعتبر كل طرف أن برنامجه السياسي, هو المعبر الحقيقي, عن طموحات ومطالب الشعب الكردي في سوريا ، ويقلل من أهمية آراء الآخرين, وصولاً لفتح صفحات مليئة, بكتابات الرؤى القصيرة المبنية على الاتهامات, والمزاعم الباطلة, ..

وليتم تناسي ضرورة مشاركة أوسع فئات, وشرائح المجتمع الكردي, في إقرار أي مشروع سياسي, لأنها صاحبة المصلحة الفعلية  في تحقيقه ، وهي التي تمنح للحالة الحزبية, صفة الممثل الشرعي, للشعب الكردي في سوريا ، نظرا ,للتشظي المفرط في وضع الاحزاب, وانعكاساتها التقسيمية على المجتمع الكردي ، والحاجة الفعلية للعمل الجاد لخلق مؤسسة تعبر عن الحد الأدنى من التوافق الكرديفي سوريا, لتحقق المشروعية في نظر الآخرين سواء على صعيد السلطة او المعارضة……..

، وهذا يتم فقط عبر التئام مؤتمر وطني كردي, تتمثل فيه الأحزاب السياسية ,ومختلف الشخصيات السياسية, والثقافية, والاجتماعية, وينبثق عنه مجلس ذو صلاحيات واسعة, في القرارات التي تهم مصير الكرد في سوريا ..!

لقد قطعت الحركة الكردية في سوريا أشواطاً لا بأس بها ,في مجال إزالة الغموض, والتشويش ,والعقبات,   التي كانت تعترض إمكان الوصول لرؤى مشتركة, للحل الديمقراطي, للقضية الكردية, كالتي أعلنتها الهيئة العامة للتحالف, والجبهة في بداية عام 2006م, انطلاقاً من البرنامج السياسي للتحالف الديمقراطي, والجبهة الديمقراطية الإتئلافين الأشمل للأحزاب الكردية, وبالنظر الى مساهمة معظم الأحزاب ,سواء المنضوية ,فيهما, أو من هم في خارج الإطارين في صياغتهما, والتصديق عليهما .

وفي ظل تشبث الشارع الكردي بضرورة بناء الهيكلية التي يمكن بموجبها وحدة الموقف الكردي, بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة, بغض النظر عن تعاطفه مع هذا الرأي, أو ذاك, بل من خلال دعمه اللامحدود لحركته السياسية, في دائرة الفعل النضالي ونبذه للممارسات والتخندقات الحزبية, مما يرتب على الجهات الكردية المعنية, المزيد من الصبر والتنازلات ، ريثما يتم التئام المؤتمر المنشود, ويعرض عليه مختلف المشاريع السياسية لإقراره ,وإكسابه صفة المشروعية, أو الشرعية ….

ومن هنا فانه ثمة أمور عديدة  يجب الأخذ بها واعتبارها في الحسبان برأينا لتسهيل الطريق امام عقد المؤتمر ومن ثم التقاطع والتلاقي مع شركائنا الاخرين في الوطن :

1- إن جسم الحركة الكردية الاساسي هو إطار الهيئة العامة للتحالف والجبهة ولابد من اعتماد رؤيتهما, كورقة عمل, نحو هدف تحقيق وحدة الموقف الكردي عبر المؤتمر الوطني والذي سيبت لاحقا بمختلف الاراء والمقترحات  .

2- الانطلاق من ممكنات العمل ميدانيا,ً على الساحة الوطنية السورية العامة ، وليس من عفوية الجماهير الكردية فقط ( وعلى أهميته ) لأن عفوية المجتمع الكردي, بما يريد, ومعرفته البدهية بحقوقه القومية, أصبحت ناجزة, وتقع على عاتق القوى السياسية الكردية, مهمة زج طاقاته في النضال بأفضل الخيارات, والسبل, التي تؤمن له مطالبه, وترفع عنه المعاناة, بعيداً عن العواطف والحسابات المبنية على فرضيات تستدعي المزيد من المناقشات حولها .

3- أثبتت تجارب السنوات الماضية عقم محاولات الأحزاب الكردية ولاسيما الرئيسية, منها, في مواجهة بعضها بعضا بغرض الإلغاء, أو الإقصاء, بل كان المستفيد من ذلك القوى الشوفينية التي تضطهد الكرد ونتج عنها المزيد من الانقسامات التي أبعدت أجيالا من الكرد عن حركتهم السياسية, وأملت على الأحزاب المتصارعة بالقبول عملياً بمشروعية الانشقاقات والتعامل معها في دائرة مصالحها التحزبية الضيقة .

4- في ظل التجاذبات والسجالات الدائرة, في الوسط السوري العام, لتجاوز الوضع القائم في البلاد, نحو التغيير الديمقراطي السلمي, فإن الحركة الكردية في سوريا, مدعوة, وفي أكثر من أي وقت مضى, كي تكون صمام الأمان, وطنيا,ًمن خلال نشرها لثقافة الحوار مع الآخر ودعمها لمفاهيم العلمانية, والديمقراطية وحقوق الإنسان وبناء دولة الحق والقانون ، ولا شك أنها مدركة لدورها وقيمها الوطنية في بناء أفضل العلاقات مع القوى الوطنية والسعي لإشاعة الحياة الديمقراطية, والحرص على السلم الأهلي ، ونشر ثقافة التسامح, والابتعاد عن الانتقام, وردات الفعل ، وهي بهذا تكون مؤهلة تماماً لإيجاد قواسم مشتركة على صعيد المعارضة, والتحاور, مع السلطة, إن هي تجاوبت ، للبحث في عقد مؤتمر وطني شامل, يحضره جميع القوى التي تريد رؤية سوريا حرة كريمة, لإيجاد حل شامل لمختلف القضايا الوطنية, ومنها الحل الديمقراطي للقضية الكردية على أرضية الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي في سوريا, وحقوقه القومية السياسية, والثقافية, والاجتماعية, في إطار وحدة البلاد .

5- الانطلاق من الأرضية الوطنية السورية, والتأكيد على استقلالية القرار السياسي, والأخذ في الاعتبار, الخصوصية الكردية السورية ، واتخاذ القرارات على ضوء مصلحة البلاد العليا, باعتبار أن الكرد يشكلون جزءاً مهماً فيها ، وتكريس ذلك في الثقافة اليومية, ولاسيما بين أوساط الجيل الناشئ ، والتحلي بأكبر قدر من اليقظة, حيال المشاريع التي تطرح بشأن المنطقة.

6-البحث والمناقشة والتحاور مع جميع القوى السورية, حول الحقيقة الواضحة التي تلخص في أن الشعب الكردي في سوريا, يعيش في مناطقه الحالية, قبل تأسيس الدولة السورية ، وهو ليس حالة طارئة, أو وافدة, كما يحلو لبعضهم الزعم بذلك, بل انهم كسائر أبناء سوريا تماماً ، وهو شريك رئيس في الوطن, ويجب أن يتمتع بحقوقه, كاملة ، إلا أن الخوض في مثل هذه القضايا, يجب ان يكون بمنتهى الحرص على التوافقات الوطنية, ولكل ما يسيء للتضامن الوطني,ولماينشده جميع أبناء سورية المخلصين من اجل بناء وطن حر  ديمقراطي لكل أبناءها كي يتم بعدئذ فسح المجال امام مجمل الطاقات للتوسع في طرح الحقوق نظريا وعمليا في آن……………………واحد

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…