عدنان خليل يرحل بصمت تاركاً أحلام البارتي والحرية في منتصف الطريق، يترك رفيقة دربه وأولاده، يترك شقيقاته وأهله، يترك رفاقه ومعارفه وأصدقائه وخلانه في حزنٍ عميق ويقول وداعاً، لم يبخل يوماً بشيء، فإن كنتم لم تسمعوا بعدنانٍ فإن يوم رحيله كان شبيهاً بالقيامة، كل من سمع بالرجل كان يبكيه، إن لم تكونوا قد سمعتم بالرجل ونضاله، فلإنّ عدناناً لم يكن يعطي أهميةً للظهور والشهرة والصيت، فهو الذي كان يهيئ المسرح ثم يذهب للوقوف في الصف الاخير للتحضير لعمل آخر بعيداً عن كاميرات التصوير، هو الذي كان يسيل كنبعٍ صافٍ رقراقِ من دون ضجيج ليرتوي الجميع، هو الذي كان يزرع الحب والثقة ويسقيها لكي ينعم رفاقه بالحصاد سعداء، عدنان خليل ثورة حقيقية في عالم العطاء والبذل والتضحية ونكران الذات، كان يمدنا بالثقة والحنان.
يشق للبارتي طريقاً عميقاً في قلب كل من عرفه وألتقى به، لم يكن بارتياً فحسب بل كان برزانياً حقيقياً بعيداً عن الكلام والتنظير كان يطبق مبادئ البرزانية بكل تفاصيلها الإنسانية والاجتماعية والقومية و الوطنية ، كان يجوع ليعطي الآخرين، يتعب ليُريح الآخرين، يبكي ليزرع الابتسام على وجوه الآخرين، كان دائماً في المقدمة للبذل ، ولم يكن ينتظر ليأخذ قط.
لجهوده في المجالات الاجتماعية و الثقافية والتنظيمية الكثير الكثير ليقال، إنها مسيرة عقود قضاها عطاءً للأصدقاء والرفاق والمعارف ولبني قومه، أينما ذهب كان يحمل معه عالماً من الثقة والتفاؤل، كان صبوراً، هادئاً، حنوناً.
كان إنسان بكل معانٍ للكلمة كان حقاً خليلاً للجميع.عندما اصابه المرض، بدا وكأن البارتيون رفاقه، و الكورتبانيون جميعاً مصابون بالحمى ، فالرجال مثله نادراً ما يتكررون .
الشهيد نصر الدين برهك أبا علاء صديقه القريب القريب، والذي كان مدرسة إخلاصٍ وعطاء، في أحد الايام عندما لامه بعض الرفاق على بعض التقصير ، رد عليهم : هذه طاقتنا..ليس بوسعنا فعل المزيد، فرد عليه الرفاق : ما تقولونه فوق طاقتكم يفعله عدنان خليل دائماً.
فرد عليهم أبا علاء: ومن منّا مثل عدنان خليل..ومن منكم مثل عدنان خليل ،هذا الرجل لا طاقة لنا بعطائه، لا أحد يستطيع فعل ما يفعله، نحن لسنا مثله.
وهذه شهادة من الشهيد ابا علاء يعتز بها كائناً من كان.
عند انتسابي للبارتي في عام 1999 قدمت بوجود صديق لي طلب انتسابي لعدنان خليل ،قلت له لا أخفيك إن لي الكثير من الأخطاء.
فرد علي، وهو جاري العارف بي : بصراحة لم اسمع إن لك أخطاءً ابداً، كانت كلماته تعزز الثقة بالنفس وتفتح طريقاً للتسامح والبدء من جديد.
أذكر عند إنشقاق البارتي جاء أحد الرفاق من الشام وسمع بالانشقاق فقال لا تحاولوا معي أخبروني فقط عدنان خليل مع من؟ فأنا مع عدنان خليل فهو خير ممثل للبرزانية.
عندما سمعت بمرض عدنان قبل سنوات اتصلت به أطمئن على صحته بدا لي هو من يشجعني ويطمئن علي، قال لي كم أنا فخور بك ..فخور بابن قريتي الذي نقرأ له بحب….بعد سبع سنوات من الغربة كانت زيارتي الاول لكردستان..كان عملاق العطاء عدنان خليل طريح الفراش هناك، على وشك وداع الدنيا ، عينٌ على الحرية وعينٌ على لقاء الخلان..
أبا علاء والآخرون.
عند رؤيته فاضت عيناي وأنا ارى جبلاً مثل عدنان طريح الفراش، بعد أيامٍ قلائل من ذاك اللقاء رحل عدنان من عالمنا تاركاً تاريخاً مشرفاً، إنها سنة الحياة يسافر الجسد وتبقى الاعمال تعيش بيننا تذكرنا بالراحلين وما قدموه لأبناء شعبهم ..تحية الى روحك أيها المناضل عدنان خليل، ليس بوسعي إلا أن اردد ما قاله ابا علاء ..ومن منا مثل عدنان خليل.