أين الأحزاب الكوردية ….. من الحزام العربي ؟!

لازكين ديروني

الحزام العربي: هو مشروع قررته الحكومة السورية في عام 1965، يهدف إلى تفريغ منطقة الجزيرة أو  محافظة الحسكة من السكان الأكراد الأصليين وتوطين أسر عربية بدلاً عنهم.
وامتد الحزام بطول 300 كيلو متر وعرض 10-15 كيلو متر، من الحدود العراقية في الشرق إلى  راس العين في الغرب.

واغتنمت السلطات فرصة بناء  سد الفرات ومشروع إعادة توزيع الأراضي الزراعية كي تستولي على أراضي الفلاحين الأكراد لإقامة مزارع نموذجية مزودة بالمياه والمدارس والحماية الأمنية وتمليكها لفلاحين عرب غمرت مياه السد قراهم، وبالفعل تم توطين أكثر من أربعة آلاف أسرة عربية في الشريط الحدودي وتوزيع أكثر من 700 ألف دونم من الأراضي المصادرة عليهم.
رافق ما سبق سياسة ممنهجة تهدف إلى طمس الهوية الكردية وصهر الكرد كأفراد في بوتقة القومية العربية، تجلت في قمع الحركة السياسية الكردية واعتقال نشطائها وتغيير الأسماء الكردية التاريخية لمئات القرى والبلدات والتلال والمواقع واستبدالها بأسماء عربية، وحرمان الأكراد من التحدث بلغتهم الخاصة ومنع الموسيقى والأغاني الكردية.
يعود هذا المشروع بملامحه الأولى إلى الملازم أول محمد طلب هلال رئيس الشعبة السياسية في الحسكة الذي أصدر كراساً في عهد الانفصال عام 1962، بعنوان: «دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية، الاجتماعية، السياسية».

ويعطي هذه الكراس توصيات تتلخص في الدعوة إلى تجريد الأكراد من أراضيهم ومن جنسيتهم السورية وممارسة سياسة التعريب والتهجير والتجويع والتجهيل بحقهم، وإقامة مستوطنات  في مناطقهم.
قبل اندلاع الثورة السورية و منذ ما يقارب نصف قرن ,لم تكن تجد نشرة او بيان حزبي او ندوة او اجتماع يخلو من ذكر مشروع الحزام العربي و استنكاره و التنديد به و المطالبة بازالته واعطاء وعود باغتنام أية  فرصة قد تـأتي من أجل تحرير هذه الاراضي من تحت يد المغمورين و اجبارهم على ترك المناطق الكوردية و لكن بعد اندلاع الثورة السورية منذ اكثر من سنتين و التي هي اكبر فرصة لازالة هذا المشروع الشوفيني و آثاره و اعادة تلك الاراضي الى اصحابها من الفلاحين الكورد , نجد عكس ما توعدت به تلك الاحزاب تماما ,حيث لم نجد حتى الآن اية مطالبة بذلك لا في مظاهراتهم و خطاباتهم ولا في مجالسهم ولا في اعلامهم المقروء او المسموع وحتى يتهربون من أي سؤال متعلق بهذا الموضوع و خاصة في المجالس المحلية و القروية,و ليس هذا فحسب بل تقوم اللجان الخدمية لتلك الاحزاب بتوزيع المساعدات و المعونات و الغاز على تلك المستوطنات قبل القرى الكوردية و تقوم ايضا بحماية تلك المستوطنات ومحاصيلهم الزراعية بحجج لا يستطيع الفلاح الكوردي ان يفهمه و يقتنع بها.
ليس مسؤولية الفلاح الكوردي الذي حرم من ارضه التي فتحها آباءه و اجداده منذ مئات السنين ما تؤول اليه مصير تلك المستوطنات ,كما لا يمكن اعتبار ذلك عداوة او اعتداء على حقوق احد على الاطلاق ,و انما هو احقاق الحق وارجاع الحقوق الى اصحابها و تحقيق العدالة ,وحتى الآن لم تحصل بأن هناك أية قرية كوردية منعت المغمورين من فلاحة تلك الاراضي و زراعتها ,ولكن سبقتهم بعض القرى العربية في الجنوب ,حيث منعوا الكورد و السريان المنتفعين في تلك القرى من زراعة ارضهم في هذا الموسم و طلبوا منهم ترك تلك الأراضي ,وأن دل هذا على شيء انما يدل على انه هناك فرصة لمن يريد ان يرجع له حقه الذي سلب منه في ظل نظام شوفيني قمعي استبدادي.
هذه المسألة هي مسؤولية تاريخية تقع على عاتق كل كوردي غيور على ارضه و وطنه و بالدرجة الأولى الاحزاب الكوردية ,فأي تحرير و حرية للمناطق الكوردية التي تدعي بها بعض الاحزاب,وفي نفس الوقت الشعب  يهرب ويهجر الوطن بحثا عن رزقه و لقمة عيشه الذي حرم منه في قريته ,تلك الاراضي الخصبة التي لا زال المغموري يزرعه و يعيش عليه حتى هذه اللحظة.

31/5/2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…