وقد بدا هذا التدخل واضحاً في أكثر من مكان، وخاصة في منطقة القصير بحمص ومنطقة الغوطة الشرقية بدمشق وفي مدينة طرطوس الساحلية، وصرح به أيضاً حسن نصر الله الأمين العام للحزب المذكور في كلمته، أواخر شهر أيار الجاري.
وعلى الصعيد المبادرات السياسية، تبذل جهود دبلوماسية دولية وإقليمية مكثفة لترتيب عقد مؤتمر دولي (مؤتمر جنيف 2)، من أجل إيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية، بما يضع حداً للتدمير والتخريب وجرائم القتل والمجازر الجماعية الرهيبة، التي يقوم بها يومياً، أجهزة النظام القمعية والدموية بحق الشعب السوري، باستخدام كافة صنوف وأشكال الأسلحة، بما فيها الغازات السامة والخانقة والأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً، وأيضاً لوضع أسس الحل السياسي في البلاد، يلبي إرادة الشعب السوري وينهي النظام الاستبدادي الشمولي ببنيته السياسية والتنظيمية والفكرية وتفكيك الدولة الأمنية، وبناء سوريا جديدة، اتحادية ديمقراطية تعددية تشاركيه برلمانية، تقر بحقوق جميع مكوناتها ومن بينها الشعب الكردي، وفق مبادئ العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، واستناداً للقوانين والعهود والمواثيق الدولية، ولذلك فأنه من الضروري أن يتواصل المجلس الوطني الكردي في سوريا، ككيان سياسي معارض مستقل، مع جميع الجهات المنظمة للمؤتمر وكافة أطراف المعارضة السورية، بهدف المشاركة فيه وفق رؤية سياسية موحدة وشاملة، تحافظ على الثوابت القومية والوطنية للشعب الكردي في سوريا، المقررة في مؤتمرات المجلس ووثائقه واجتماعاته.
ورغم خطورة هذه الأوضاع والتطورات، فأن المعارضة السورية بكافة قواها وأطرها وفصائلها، لا زالت تعاني وبشكل لافت من المظاهر السلبية لحالة الانقسام والخلاف وعدم الاتفاق على رؤية موحدة لحل الأزمة ومستقبل سوريا، بدلاً من العمل على توحيد صفوفها ومواقفها في هذه الظروف المفصلية التي تمر بها البلاد، متمنين بأن تنجح الدورة المنعقدة حالياً في استانبول / تركيا، للهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في توحيد صفوف المعارضة ولملمتها والاتفاق على برنامج موحد تكون بمثابة خارطة طريق لحل الأزمة السورية وبناء سوريا المستقبل.
ونشير هنا، إلى أن عدم تفهم المعارضة السورية حتى الآن، لمطالب الشعب الكردي، وتثبيتها في وثائقها الرسمية، يشكل هو الآخر عاملا من عوامل ضعفها، لا بد من تجاوزه في هذه المرحلة الدقيقة، حيث أنه من الثابت والمعروف، أن الشعب الكردي في سوريا، شعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية ، ويشكل جزءاً أساسياً من النسيج المجتمعي والوطني والتاريخي لسوريا.
وقد تعرض خلال العقود الخمسة الماضية من حكم نظام البعث الفاسد، لسياسة الاضطهاد القومي وتطبيق المشاريع العنصرية والتمييزية والإجراءات والتدابير الاستثنائية بحقه، وحرمانه من جميع حقوقه الوطنية الديمقراطية والقومية المشروعة، وبالتالي فأن المعارضة السورية، مطالبة بالإقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي في سوريا وبحقوقه القومية، بما يضمن حقه في تقرير مصيره بنفسه، والذي يتجسد في الصيغة الاتحادية الفيدرالية ضمن إطار وحدة البلاد.
وفيما يتعلق بالتطورات التي جرت في الفترة الأخيرة في بعض المناطق الكردية وبعض مناطق التواجد الكردي، نرى أنه من الضروري الحفاظ على وحدة الصف الكردي وعلى السلم الأهلي في هذه المناطق والتفاهم مع أبناء المكونات الأخرى التي يتعايش الشعب الكردي معهم، ونرى أن الهجمات التي قامت وتقوم بها بعض المجاميع المسلحة التي تدعي انتماءها للجيش الحر، وبعض العشائر العربية على مدينتي تل تمر وسري كانيي (رأس العين)، وبعض المناطق والقرى التابعة لهما، لا مبرر لها وهي مدانة في جميع الأحوال، وندعو إلى وقفها فوراً، ووقف معاناة الأهالي بالهجرة خارج مدينتهم، ونطالب الجميع بضرورة الحفاظ على أرواح المواطنين الأبرياء وتجنب أي صراع أهلي يستفيد منه النظام.
وبالنسبة للمجلس الوطني الكردي في سوريا، نؤكد من جديد التزامنا الكامل، بسياسته وبثوابته الوطنية الديمقراطية والقومية وجميع القرارات الصادرة عن محطاته وهيئاته الشرعية، وضرورة تطبيقها بشكل متكامل تجسيداً لوحدته، ونرى أهمية الحفاظ عليه وصيانته وتطويره وتفعيله ليصبح ملبياً لآمال وطموحات أبناء شعبنا الكردي وآمالهم القومية والديمقراطية المشروعة، وكلنا أمل أن تكون اجتماعاته الأخيرة، سواء المنعقدة في هولير بكردستان العراق أو في مدينة قامشلو، وما أفرزتها من قرارات ونتائج إيجابية، نقطة تحول في مساره وبداية انطلاقة جديدة له تضعه على السكة الصحيحة.
ولا بد من التأكيد هنا، أن اتفاقية هولير بين المجلسين، المجلس الوطني الكردي ومجلس الشعب لغربي كردستان، التي تمت برعاية السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، لا تزال تمثل الخيار الاستراتيجي لشعبنا الكردي في سوريا، لصيانة وحدته وتجنب الصراع الكردي – الكردي، ومن الضروري تنفيذ جميع بنود هذه الاتفاقية، وفق أسس الشراكة الحقيقية وتفعيل الهيئة الكردية العليا وجميع اللجان التابعة لها، والابتعاد عن جميع أساليب وممارسات الإقصاء والهيمنة، حيث أدت بعض الانتهاكات والتجاوزات من قبل مجلس الشعب لغربي كردستان، في الفترة الأخيرة (اعتقال بعض كوادر الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) واعتقال عناصر كتيبة الشيخ معشوق الخزنوي، واعتقال كوادر من تنسيقية أحفاد البرزاني، اعتقال مسعود كورمي من (قوات التدخل الكردية)، إلى إغلاق المعبر الحدودي الذي يربط كردستان سوريا مع إقليم كردستان العراق من قبل حكومة الإقليم، وتسبب ذلك في مضاعفة معاناة أبناء شعبنا الكردي في سوريا، الذي يعاني أصلاً من الحصار والعوز والفقر، وإننا نأمل أن تؤدي اللقاءات التي جرت مؤخراً بين ممثلين عن المجلسين، وما رافقتها من نتائج وأجواء إيجابية، إلى تجاوز جميع الإشكاليات التي تعترض سبيل تفعيل هذه الاتفاقية التاريخية وتفعيل الهيئة الكردية العليا ومن ثم التحضير لعقد اجتماعها الأول للدورة الجديدة في هولير/ عاصمة إقليم كردستان العراق، بإشراف راعي الاتفاقية، وبالتالي ترجمة وتطبيق كل ذلك على أرض الواقع.
وحول واقع الحركة السياسية الكردية في سوريا، فإننا نرى بأن ما تعانيه من حالة الانقسام والتشتت، باتت غير مقبولة ضمن الظروف الراهنة، لذلك يجب العمل وبجدية من أجل إنجاز الوحدات الاندماجية بين الأطراف المتقاربة سياسياً.
وقد جاء الإعلان عن الاتحاد السياسي الديمقراطي الكردي – سوريا، بين حزبنا وثلاثة أحزاب كردية شقيقة، هي: الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي )، وحزب يكيتي الكردي في سوريا، وحزب آزادي الكردي في سوريا، كخطوة هامة في هذا الاتجاه وعملية انتقالية على طريق الوحدة التنظيمية والاندماجية الكاملة، لتشكيل حزب جماهيري موحد قادر على التصدي لاستحقاقات هذه المرحلة الجديدة.
أواخر أيار 2013
اللجنة السياسية لحزب آزادي الكردي في سوريا