محمود عباس
ذكروا له أن الحوار ممكن، صدق فتجبر، شكك بالحضور، ووضع متطلباته ببنود، بعد أن مده الروس والأميريكان ببعض القصائد النثرية حول أبعاد البقاء في قصر الرئاسة أو معبد القرداحة، فطلب المزيد، وفرض شروط إبعاد الثوار المتجهون إلى أسوار مهجعه، وبالمثل رفضت المعارضة وجوده مع حاشيته، فكان التلاعب بأطراف المعارضة، أظهروا عوضاً عنهم (القطب المعارض) للمعارضة وليست للسلطة، والذي لا يسأل عن الثورة أو الثوار، يسألون أروقة موسكو الدبلوماسية عن مقترحات بشار الأسد وشبيحته، فيسمعون برضى ويهللون للحوار، أي كان ومتى ما كان، ولا يهمهم المقترحات والشروط والنتائج، المهم أنهم مقبولون من السلطة الطاغية، ومدعومون من روسيا و يراعون من أميريكا، وليذهب الشعب إلى مستنقعات العدم والشهداء إلى غياهب العتم الفكري، لما لا مئة ألف شهيد ويزيدون و مئات الآلاف من الجرحى، وملايين من المشردين، ونصف سوريا المدمرة لا تعادل غياب بشار الأسد ومجرميه من قصور الفساد في سوريا، إنها رغبة روسيا وأئمة ولاية الفقية، مدللي نصر الله.
خرج من مؤتمر القاهرة مجموعة (تيار ديمقراطي ! ويا أسفي على كلمة الديمقراطية) يتلاعبون بمصير الشعب السوري بخدعهم ونفاقهم، قسم منهم نقلتهم السلطة بطائرتها إلى قاعات المؤتمر، مع تقديم كل الخدمات، وكل متطلبات السفر والإقامة، والقسم المخفي تلبى طلباتهم من أموال مافيا الكرملين الأممية، والأنقياء شكلاً يدعمون من البيت الأبيض، وغذيت القاعة بمجموعات من الإخوة الكرد وأشخاص من الأقليات المتنوعة، الذين لا يعكرون الحوار مع السلطة الراضية عنهم.
وكان البيان الختامي موقعاً أثناء الرحلة ومن على متن الطائرة وعرضت على الجماعة قبل الفطور الذي سبق المؤتمر.
التيار الديمقراطي أو ما سمي بالقطب الشمالي (الديمقراطي – الروسي !) يتشدقون لجنيف – 2 القادمة، يحلمون بالحكومة المأمولة المؤقتة أو المرحلية، مع بشار الأسد أو من ينوب عنه، لا يهمهم، هناك من يفكر عنهم، ويرسم الآتي، مع الشعب السوري أو بدونهم، الذين سوف يهاجرون أو إن كانوا في الغربة، حيث المخطط أفراغ الوطن من الشعب، المهم لا معارضة بعد اليوم، ولا ثوار يتحكمون بالحوار ويهددون القصر الإلهي، لهذا طلبوا أن يحصروا المقاتلون الثوريون وحتى الإنتهازيون منهم في زوايا العدم والنسيان، فكان المطلوب منهم اليوم، الشح في المساعدات لتيارات معينة، وإنعدامها لآخرين، والذين كانوا يقدمونها سابقاً، وفي مقدمتهم السعودية وقطر وغيرهم، وتقليص دور تركيا كطرف لوجستي مهم ومن جميع النواحي، الكل يرضخون إلى ضغوطات من الأوروبيين، وخاصة الأميريكية، لإضعاف تأثيرات الثوار الميدانية وتقزيم المعارضة في الخارج، وهذا ما يرى في الأسابيع الأخيرة، خلال المعارك الفظيعة التي تجري على أطراف القصير وحلب ودرعا، وبالمقابل دعم روسي إيراني ومن جحافل نصر الله، لبشار وشبيحته، فقط لفرض الحوار، مع إبراز وجود القطب المتهاون، بديلاً عن المعارضة والثوار.
سيكون في حزيران جنيف – 2 الروسي البحت، وهي البوابة التي ستبقي الطريق سالكاً للكرملين في النهل من خيرات الشرق، وتثبت له عنجهية التشدق إلى أيام الإتحاد السوفييتي، فهو بوتين رجل ال – ك ج ب – الذي لا يمكن أن ينسى حب العظمة المندثرة.
وهناك يتنازل أوباما الغارق في مخلفات إلإنهيار الإقتصادي، والمرعوب من المواطن الأميريكي الذي يدفع الضرائب ويحاسب، والذي لم يتمكن مستشاريه الأميريكيين من خلق خطة لسوريا القادمة، ولا من تكوين جبهة معارضة متكاملة، وفشلهم في إبراز الإئتلاف الديمقراطي، سيظهر القطب الموافق سلفاً على الحوار، وزعيم الإئتلاف السابق، وربما بغياب الإئتلاف، وبضموره المبان في حال تخلفه، مثله مثل المجلس الوطني الإخواني، مسببي إنحراف الثورة الآني، والمهم محاولات عزل مطلق للثوار والشعب السوري.
القاعات محجوزة منذ اليوم للقطب، ربيبة السلطة ومسانديها، وسينيب عن السلطة سفاء الرجال ومجرميها، الذين لم تلطخ أياديهم بدماء الشعب! والحديث عن وجود وعدم وجود بشار الأسد سيكون خط أحمر – أفظع من خط أوباما والأوروبيين في حال استعمال السلاح الكيميائي – وسيكون البند التالي سيد البنود، الكل حر بإنتخاب ذاته في العام القادم، وما أدراك ما الإنتخابات، حراسة الشبيحة والذين تدربوا على القتل الجماعي والجرائم الذي تجاوزت حدود قدرات الإنسان، والكل المنتخب أو المرشح سيمر تحت خيمتهم خيمة التقطيع والتمثيل بالجثث، فأربح يا تيار ديمقراطي ويا ميشيل كيلو والمجموعات المشاركة في مؤتمر القاهرة، زعيمكم الأوحد وإلى الأبد هو بشار الأسد، ويا ويلتاه ماذا ينتظر الشعب السوري من مصير على أيدي المجرمين والسفاحين الذين تخرجوا من أكاديمياتها.
مؤتمر الحوار، سيعقد، يسبقها الآن تمثيلية مؤتمر أصدقاء سوريا في الأردن، مثلما سبقها مؤتمر القاهرة لأختيار الأشخاص الذين سيحضرون بقبول أو غياب أطراف المعارضة، والكرد في الطرفين مجموعات تلهث بدون إرادة، السلطة سترفض ومن ثم ستتثاقل وتضع شروطها، وستقبل الكثير منها، وسيتشكل أثنائها لجنة لتشكيل حكومة أنتقالية، سترفضها المعارضة والسلطة معاً، لكنها إما ستستمر كمرحلة زمنية مثلها مثل غيرها من المشاريع العديدة التي مرت وأندثرت، أو أنها ستبقى إلى حين موعد الإنتخابات السورية، لكن المؤتمر سينبثق عن تيار معارضة المعارضة، المقربة في بعضه من السلطة، وهذه المعارضة المتمثلة بالقطب والحكومة الإنتقالية التي ستتشكل وستحمل بعض الأعباء عن السلطة في مواجهة الثوار سياسياً ومعها المعارضة النقية، والعملية ستستمر إلى حين الإتفاق النهائي بين أصحاب القرار، وعلى رأسهما روسيا وأميريكا، والمؤتمر في أبعادها النهائية سينتهي بدون نتيجة فعلية، فالمزاد العلني سيبقى مشرعاً لكل المارقين والمجرمين والإنتهازيين ولكل العروض التي من الممكن أن تظهر مستقبلاً.
أي ذنب اقترفت يا سوريا الوطن ويا شعبها العريق، ليتحكم بك هؤلاء الطغاة والمجرمين كبشار الأسد ووالده المقبور وشبيحته، ويقرر مصيرك هؤلاء الإنتهازيين والفاسقين.
د.
محمود عباس
الولايات المتحدة الأميريكية