قضية للنقاش (78) .. ملامح بروز اصطفافات جديدة في صفوف – المعارضات –

صلاح بدرالدين

  منذ اليوم الأول لاندلاع الانتفاضة الثورية داخل البلاد وحتى الآن ومع كل تطوراتها وتوسع صفوفها حول نواتها الأساسية مجاميع الجيش الحر والتنسيقيات الشبابية وجماهير المدن والأرياف والالتحاقات المتتابعة مؤخرا من جانب جماعات اسلامية متنوعة الأطياف  والى جانب التباينات السياسية والنظرة الى مستقبل النظام القادم البديل والتنافس حول من يقدم أكثر فقد ظل الهدف الرئيسي الأول : اسقاط النظام بكل مؤسساته ورموزه وقواعده وسلطته شعارا رئيسيا استراتيجيا لجميع ثوار الداخل دون أي تعديل أو مراجعة والمقصود بملامح الاصطفاف الجديد هو مايحصل الآن خارج اطار الثورة ولكن وبكل تأكيد الثورة معنية بذلك التطور وسيكون أحد طرفي الاصطفاف أقرب الى أهداف الثوار .
  الأمر يختلف لدى – المعارضات – التقليدية منها أو الحديثة العهد – بالصنعة – التي تتزايد أعدادها وتشتد تبايناتها الفكرية والثقافية والسياسية وهناك أسباب عديدة لتجاذباتها الداخلية وصراعاتها المحمومة و – هرولتها – المتسرعة تجاه الامساك أو المشاركة بالسلطة : سلطة المعارضة أولا ” على أمل أنها تمثل الثورة ”  للوصول الى الشراكة مع سلطة النظام باسم الحوار ومن أبرز تلك الأسباب :  

  تقليدية وتخلف متزعمي تلك – المعارضات – والفشل المزمن الذي يلازمهم منذ عقود وماخلق لديهم من احباط نفسي وشعور بالدونية في كل تعاملاتهم وانعدام الخبرة السياسية لدى الحديثي العهد وقد يكون هؤلاء جنودا مخلصين ولكن لن يكونوا قادة ظافرين وقد شكل هذان السببان استسهال اختراق – المعارضات – غير المحصنة أمام التحديات من جانب أجهزة النظام الأمنية الخبيرة المجربة في تفتيت المعارضة والحفاظ على أمن النظام وليس الشعب منذ حوالي نصف قرن .
  مايستشف من أداءات وبيانات المجلس الوطني والائتلاف وهيئة التنسيق والمجموعات العشائرية والفئوية والمحلية وبينها من يزعم تمثيل الكرد والتركمان والمسيحيين وفرسان الاجتماعات الأخيرة في القاهرة واسبانيا واستانبول التي تشكل بمجموعها – المعارضات – وما ينتظر من مشاريعها ومناوراتها وصفقاتها في قادم الأيام لاتدعو الى الاطمئنان فهي لاتحمل أي تخويل من الثورة ولاتنطلق من موقفها الثابت تجاه النظام بل تعبر في حقيقة الأمر وبغالبيتها عن مواقف عديدة بعدد الأنظمة الاقليمية والعالمية المعنية بالملف السوري والرامية بكل أطرافها وحسب مصالحها الخاصة والعامة فيما بينها من جهة وبينها وبين روسيا وايران من الجهة الأخرى الى عقد صفقة مع النظام على قاعدة هشة لاتضمن حتى الحل الوسط بل ستصب في مجرى الحفاظ على مؤسسات النظام وسلطته برأسه أو بدونه لافرق .
  من المفيد جدا لمقاولي هذه – المعارضات – وحرصا على أوقاتهم الثمينة ورفقا بشعبنا الذي ينزف الدم أن يتصارحوا بالحقائق ولايتكاذبوا حتى يتم الفرز السياسي النهائي بين من يريد الانخراط في عملية التحاور مع نظام الاستبداد ومستعد للعيش من جديد في ظله وبين من لايريد ذلك وعندها يمكن تشكيل الوفد المحاور حتى لو عارض البعض وفي هذه الحالة سيتم حدوث اصطفاف جديد ليس بفعل الاختلافات الآيديولوجية وليس حول الديموقراطية والاشتراكية والليبرالية والاسلام السياسي وليس بين السنة والعلويين والعرب والكرد والتركمان والآشور بل بين من يختار صفوف الثورة وبين من يركب موجة الثورة المضادة والقضية تحتاج الى نقاش .

– عن موقع الكاتب على الفيسبوك .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…