عجباً لصحوة الطورانية

محمود صفو

في الاونة الاخيرة وتحديدا بعد تثبيت الفدرالية في الدستور العراقي الجديد وتوحيد الادارتين في اقليم كوردستان والاستقرار الامني المتواضع فيه وتشكيل حكومة موحدة وبرلمان يمثل شعب كوردستان العراق والتمسك الموضوعي من قبل الشعب الكوردي وقيادته السياسية بشان كوردستانية كركوك ومن ثم الالحاح المستمر والاصرار على تطبيق المادة / 140/ من الدستور العراقي …

رأينا كيف ان الطورانية التركية بدات تثير حفيظتها وتسيل لعابها بغزارة وتحاول مرةً أخرى وكعادتها ان تفرز وتبخ بسمومها على كوردستان وتصب بجام غضبها عليها وكانها بذلك ترغب آن تضغط  بعنصريتها على زر الخيال التاريخي البائد الذي مر عليه قرون عديدة وتصدأ بفعل العوامل البيولوجية والسياسية المتعددة وكأنها لا تود أن تقنع ما هيتها بأنه غير قابل للتشغيل مرة ً اخرى مهما كررت الضغط لان الظروف قد تبدلت وان الأنامل التي كانت تستخدم لذلك قد صيبت بالغار غرينا  أصبحت في خبر كان … وان كلمة السر لمرور المؤامرة عبر التزاوج بين الماضي المقبور والحاضر المبتور قد تاهت في دهاليز سياسات الوضع الدولي الجديد ,او أنها – الطورانية- تتناسى بان عهد الإمبراطورية العثمانية وسلطة السلاطين التي كانت تحكم  البلاد والعباد وتسيطر على مناطق شاسعة و واسعة بقوة الحديد والنار تحت يافطة الدين قد ولت ولم تعد تفيدهم بشئ … لست ادري لربما لا زالت لم تستيقظ من غفلتها ولا تريد ان تعي بان التاريخ قد تخطى مراحل متنوعة وان العالم قد تغير كثيراً ..

الجيش الأحمر قد انسحب من أفغانستان وان حركة طالبان قد اندحرت وجدار برلين قد سويت مع الارض وان تشيكوسلوفاكيا قد انقسمت الى …؟ وان النظام الدكتاتوري في العراقي قد سقط الى دون رجعة وان مرتكبي جرائم الانفال والقصف الكيمياوي ومنفذي حملات الابادة الجماعية ضد الكورد يمثلون الان امام المحاكم العراقية وسينالون القصاص العادل وان منظومة الدول الاشتراكية وعلى راسها الاتحاد السوفياتي قد انهارت وان الخوف من المد الشيوعي في المنطقة لم تعد تهم الولايات المتحدة الامريكية  وحلفائها  حتى تُستخدم تركيا لهذا الغرض او ذاك وتمدد معها عقدها كمخفرٍ امامي وكدركٍ لحامي حمى البوابة الشرقية وان سياسة الهيمنة والاضطهاد والاستبداد ستزول مهما طالت نفوذها وكان الطورانية التركية لم تشفى بعد من مرض انفلونزا  معادات الشعوب وباتت تظهر لديها اعراض الاختلال في التوازن وانخفاض شديد في الخبرة وعمى التمييز بين المواقف مما افقدتها السيطرة على مجمل ادوات الغوص لهذا لم تعد تستطيع ان تغوص مجدداً وكما تشاء في اعماق اجندة الولايات المتحدة الامريكية  المبنية اصلا على المصالح ثم المصالح …

فالطغمة الحاكمة التي تحكم في تركيا ما زالت لم تتعظ  ولم تستفيد من كل هذه الدروس والعبر ولم تتمكن التخلي عن تلك الرواسب والجينات التي ورثتها من جيل الى جيل… فها هي تكشر عن انيابها اللبنية وتعلو بصوتها الكهل عند مرور القافلة ومن ثم تتحرك وتجلس وتصدر القرارات باوامرمن جنرالات الحرب وبتوصيات من الاجهزةالامنية(الميت) التي تتاجربدماءالشعوب ماهي الا تعبيرحقيقي عن هويتها الاصلية وعن مدى اطماعها ونواياها الشرسة في المنطقة علا وعسى ان تعود بها عجلة التاريخ الى الخلف و لو قليلا لتحقق بعض من احلا مها المتمثلة بالقضاء على مكتسبات الشعب الكردي وانجازاته و ذلك عبر بناء حواجز ووضع العراقيل و اقامة تحا لفات ثنائية وثلاثية و….؟ للوقوف بشدة امام طموحات و تطلعات الشعب الكردستاني هذا الشعب الذي ذاق الامرين عبر التاريخ و الذي تعرض موطنه لعمليات التغير الديمغرافي و لسياسات التتريك و التفريس والتعريب دون رحمة وشفقة والذي عانى كثيرا ومازال اغلبيته الساحقة يعاني من تدمير وتهجير ومن نهب وسلب وتنكيل لوجوده القومي وحرمانه من ابسط حقوقه القومية والديمقراطية المشروعة لذلك مهما ازدادت شراسة وعدوانية غاصبي الحقوق نتيجة خوفهم من التغير الناشئ والتدريجي في ميزان القوى العالمية لمصلحة الشعوب على مسار نظرية (لا يموت حق ما دام وراءه مطالب) وبناءً على هذا والذي سياتي فان الطورانية التركية ومن تشاطرها الراي والفعل مهما حاولوا طمس قضية الشعب الكوردي والنيل منها … ومهما تكن نوعية المؤامرة دنيئة وقذرة فهم واهمون لانهم لا يستطيعون ان يحجبوا نور الشمس بالغربال لان وضع الكورد لم يعد خافيا على احد وان قضيته قد اصبحت بالفعل كالشمس الساطعة التي انتشرت لمعانها في جميع انحاء العالم ووصلت بريقها الممزوجة بالعدالة الى قعر كافة الهيئات والمنظمات الدولية (الحقوقية والانسانية ) واخترقت شعاعها ابواب ونوافذ الغرف المغلقة والمظلمة لتذوب بدفئها طبقة الجليد المتراكمة منذ عقود وعقود على تلافيف الشعور السياسي والانساني لدى كل من كان يدعم ويساهم بشكل او باخر في اضطهاد الشعب الكوردي ومحاولات تذويبه في بوتقة قوميات الدول الغاصبة لكوردستان وتجريده من مقومات تكوينه كامة لها الحق في ان تعيش على ارضها بحرية وكرامة كبقية الشعوب في المعمورة وايضا الذين كانوا يرون بمقلتيهم تضبيق  تلك السياسات العنصرية والشوفينية سياسات الابادة العرقية والثقافية والحضارية بحق ابناء الكورد دون ان يحركوا ساكنين …

نعم… لقد بدات بزوغ فجر جديد… واستيقظ الضمير النائم على انغام سنفونية حقوق الشعوب واغنية زوال الدكتاتورية … الدكتاتورية التي ذاقت مرارتها جميع مكونات الشعب العراقي لن استثني منهم احدا… وهنا يبدا العجب فلا تتعجبوا ….

لان العجب الاكبر هو من صحوة الطورانيين الاتراك في انقرة … هذه الصحوة السحرية التي ولدت منغولياً لانها كانت حبلى عن طريق الجماع اللا شرعي والعياذ بالله ……..

!!

فاية صحوةٍ هذه… هل هي صحوة الضمير ام صحوة التضمير… اية صحوة هذه التي ظهرت فجأة لدى الحكومة التركية وفي هذه المرحلة بالذات … وكانها الان ادركت بان لهم اخوة في كركوك يتعرضون للمظالم والانتهاكات كما يدعون… وساورتها الشعور القومي الباهت لتزرف دموع التماسيح على التركمان الذين عيشون في العراق وفي اقليم كوردستان بالذات بشكل ديمقراطيٍٍ حر دون رقيب او ترغيب …

فاين كانوا هؤلاء الذين يتباكون الان على الاخوة التركمان عندما كانت تستخدم بحقهم كافة اشكال الظلم والاستبداد من قبل النظام الدموي في العراق حتى التاسع من نيسان 2003 م … لماذا لم نسمع صوتا واحدا حتى ولو كان منخفضا من لدن أية حكومة من الحكومات المتعاقبة على سدة السلطة في تركيا تندد اوتستنكر (كتابيا او شفهيا) السياسات الهمجية والبربرية ضد الاخوة العراقيين عامة والتركمان بشكل خاص من قبل النظام المقبور… لماذا لم نلمس تهديدا ولو يتيما من جنرالٍ او قائد سياسي طوراني تخص الوضع التركماني في العراق في تلك الحقبة الزمنية السوداء .

المعادلة واضخة ولا تحتاج الى براهيين لانها من الدرجة المفضوحة وصدق من قال ( لقد ذاب الثلج وبان المرج) لذلك لم يعد سرا على احد السياسة التركية وتحركاتها في المنطقة والكل اصبح يدرك جيدا بان اهدافها الظاهرة والباطنة هو العمل على تعطيل تحقيق الفدرالية في العراق واشاعة الديمقراطية فيها خوفا من انتشار العدوى اليها وتسعى جاهدة لافشال المادة /140/ من الدستور العراقي الجديد  الخاص بتطبيع الاوضاع في كركوك وعودة الاصحاب الحقيقيين الى اماكن سكناهم وذلك عن طريق بعض من مرتزقيها في داخل العراق احيانا واحيانا اخرى عن طريق التهديد والوعيد بانها سوف تقتحم اقليم كوردستان بجيو شها الجرارة تارةً تحت غطاء حجج وزرائع واهية بانها ستلاحق ثوار حزب العمال الكوردستاني وتارة اخرى تحت ستار حماية التركمان في العراق وتارة تحت زريعة الحفاظ والحرص على وحدة الاراضي العراقية وتحت حجة عدم المساس بمسالة كركوك و …..

؟

 

 وبالرغم من كل هذا وذاك ليكن في معلوم الطورانية التركية والمتحالفين معها بان كل احلامهم سوف تتلاشى وان كل محاولاتهم وسياساتهم العنصرية والقمعية التي مارست وستمارس ضد الشعب الكوردي لن تفيدهم في تحقيق نواياهم و ماربهم السيئة بل على العكس بات الان قضيته من القضايا المهمة في الشرق الاوسط وذلك بفضل نضلاته الشاقة وتضحياته الجمة …
لذلك عليهم – غاصبي حقوق الشعب الكوردي –  ان يلتفتوا الى منطق الحوار ثن الحوار وعليهم ان النظر الى القضية الكوردية نظرة علمانية بانها قضية سياسية بامتياز وانها قضية شعب اصيل يعيش على ارضه التاريخية ولا يمكن التراجع او التخلي عنها مهما كانت الثمن والقرابين الا عند حلها حلا ديمقراطيا عادلا بعيدا عن روح التشنج وظاهرة الاستعلاء القومي المميت .

ديريك


15/2/2007

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…