إن ما يشهده العالم في هذا العصر من تطورات ملحوظة وعلى كافة الأصعدة وخصوصاً على صعيد وسائل الاتصالا ت ، دفع بعض الأشخاص أو الجماعا ت أو حتى بعض الدول إلى اللجوء لاستخدامها لاغراض عدوانية بدلا ً من الاستفادة منها في خدمة البشرية وحمايتها من قوى الشر والدمار التي تضرب بكل القوانين الدولية والمواثيق الا نسانية عرض الحائط خدمة لمآربها إنطلاقاً من افكارها المتزمتة ومواقفها الرافضة للتعددية والتي تؤمن فقط بسياسة كم الأفواه وقمع الآخرين.
إن ما سنتطرق إليه اليوم يبحث في صلب هذا الموضوع ، فما شاهدناه بأم أعيوننا هو ما تعرض له موقع (كوجكا روز آفا كوردستان) من حملة هجومية غادرة من قبل مجموعة من قراصنة الانترنيت في ليلة 12 /13 من الشهر الجاري لهو خير شاهدٍ ودليل قاطع على حقيقة استخدام هذه التقنية الحديثة بالطرق غير الشرعية الغير متعارف عليها أصولاً .
إن هذه الغرفة التي يديرها الفنان الكوردي الشهير /شفكر/ منذ عدة أعوام تقوم بأعمال جليلة وعلى كافة الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية، وتمتاز بالاستقلالية وإيصال الحقيقة للجماهير الكوردية كما إن أبوابها مشرعةً لكل المناضلين الكوردستانيين كونها لا تميز بين هذا أو ذاك، بل تدعو باستمرار ممثلي الشعب الكوردي بجميع فعالياته السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية للمشاركة في الندوات خلال الأمسيا ت اليومية وتفسح لهم المجال لابداء آرائهم ومواقفهم من جميع القضايا ودون فرض أية شروط عليهم سوى الألتزام بالموضوعية وأحترام رأي الآخرين مع عدم المساس بقواعد الحوار الجاد وعدم الإساءة إلى الغير والتطرق إلى خصوصياته الشخصية، ومن مميزاتها بأنها لا تهمش أي حدث كوردستاني مهما يكن حجمه، بل تتناوله في حينه وتعطيه حقه الطبيعي من خلال المناقشا ت والآراء المتبادلة للضيوف والتي قد تتطابق تارة وتختلف تارة أخرى .
إن هذه الغرفة الإلكترونية اشتهرت بفضل خبرة مديرها /شفكر/ ونتيجة لجهوده الكبيرة وتسخيره لكل طاقاته من أجل تطويرها ، كما أن نجمها بات يسطع في الفترة الزمنية الأخيرة وذاع صيتها وأصبح العديد من ابناء الشعب الكوردي بجميع شرائحه من روادها فباتوا يهتمون أكثر بقضايا شعبهم ويتابعون همومه ومعاناته وأخباره اليومية من خلالها رغم إنتشارهم في أصقاع العالم، وأصبحت بمثابة نقطة الألتقاء وصلة الوصل بينهم جميعاً.
ورغم الطابع الكوردستاني العام السائد على اجوائها إلا أنها تولي أهتماماً كبيراً بالقضية الكوردية في كوردستان سوريا ، وقد لعبت دوراً مميزاً منذ إنتفا ضة 12 – 13 – آذا رعام 2004 بهذا الخصوص ، حيث ساهمت في لم شمل الحركة في كوردستان سورية إلى حدٍ ما ، من خلال تهيئة الاجواء وتمهيد الارضية اللازمة للحوار البناء بين جميع مكونات الحركة الكوردية بجميع أطرافها التحالفية والجبهوية والتنسقية ، وبهذا الصدد خصصت أكثر من أمسية سياسية لممثلي معظم فصائل الحركة الكوردية دون استثناء ، ولم تترك حزباً واحداًً ومهما يكن حجمه وتوجهاتهه السياسية ، إلا وأفسحت له المجال لشرح وجهات نظره ومواقفه السياسية دون حسيب أو رقيب .
كما تمكنت من تحقيق نجاح باهر من خلال تخصيص أمسيتين استغرقت كل واحدة منها قرابة خمسة ساعات أو أكثر لممثلي أحد عشر تنظيماً كوردياً سورياً، تطرقوا خلالها لأهم القضايا السياسية الساخنة على الساحة الكوردية في كوردستان سوريا وفي مقدمتها .
1- تحديد الثوابت القومية للشعب الكوردي في كوردستان سوريا .
وهل كوردستان سورية جزء من كوردستان الكبرى أم لا
2- تحديد سقف المطالب القومية للشعب الكوردي في كوردستان سوريا في المرحلة الراهنة بشكل شفاف وصريح .
3- على ضوء التغيرات التي يشهدها العالم و تشهدها منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، هل ستعمل الحركة الكوردية على بناء مرجعية وطنية كوردية شاملة لتغدو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الكوردي في سورية ؟ وما هي العراقيل التي تعترض بناء هذه المرجعية ؟ وفي حالة عدم تمكنها من تنفيذ المطلوب، ما هو البديل المطروح من قبلها ؟
4- الحركة الكوردية في سورية تطالب بحل قضيتها حلاً ديمقراطياً عادلاً ضمن إطار وحدة البلاد ، ما هو موقف القوى الوطنية الديمقراطية السورية من هذا المطلب العادل داخل البلاد وخارجها ؟ وكيفية التعامل مع الأطر القائمة ( إعلان دمشق – جبهة الخلاص الوطني —–) .
على أثر هذه الأمسيا ت الفعالة (لكوجكا روز آفا كوردستان ) تحركت عناصر مشبوهة ضدها ، فبدأت أولاً بتلفيق الافتراءات الكاذبة وبالتهجم على إدارتها واتهامها بشتى التهم، ثم لجؤوا ثانياً إلى أسلوب التهديد والوعيد إن لم يباد ر القائمون عليها بإغلاقها ، وأخيراً وفي ليلة 12 /13 من هذا الشهراستخدموا أسلوباً أتسم بالغدر والمكر ، حيث تمكنوا من استغلال العواطف و المشاعر القومية لمدير الغرفة ، وتسللوا إلى عقل جهازه الإلكتروني، وسيطروا عليه سيطرة تامة من خلال هجومهم القرصني الجبان وطردوا جميع الحضو ر وفي المقدمة مدير الغرفة والعاملين فيها، مرددين عبارات وألفاظ مشينة، والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على ماهيتهم كما يقول المثل (الإناء ينضح بما فيه).
ولكن بفضل جهود الطاقم العامل في الغرفة تمكن من تحريرها من قبضة هؤلاء القراصنة الذين أتضحت هويتهم فيما بعد وكانوا عبارة عن أكثر من عشرين شخصاً من العاملين في إدارة إحدى الغرف الالكترونية الكردستانية، وإن عملهم هذا بحق يستوجب إقامة دعوى قضائية ضدهم أمام المحاكم المختصة بتهمة السطو والقرصنة .
وازاء هذا التصرف الأرعن الذي يقشعر له الابدان بدأت تطفو على السطح أسئلة عديدة تفرض نفسها بألحاح منها :
1- هل هؤلاء القراصنة أكراداً ؟ أم إنهم أزلام الجها ت المعادية للشعب الكوردي وقضيته القومية العادلة ؟
2- هل هذا الأسلوب الجبان الذي يتسم بالإرهاب الفكري ينسجم مع طبيعة المرحلة الراهنة ؟
3 – لمصلحة من شنوا هذا الهجوم ؟ ولمصلحة من يطالبون باغلاق هذه النافذة الإعلامية التي تخدم القضية الكوردية بأمانة في سائر اجزاء كوردستان وفق الإمكانيات والظروف المتاحة ؟
4 – هل أمثال هؤلاء يؤمنون بالديمقراطية التي أصبحت سمة العصر ؟ وهل يؤمنون بالتعددية السياسية وبا لرأي والرأي الآخر ؟
.
بناءً عليه إن كان هؤلاء القراصنة أكراداً أليس من الأجدر بهم الاعتذار عن عملهم الشنيع هذا ، ومن ثم إعادة النظر في إطروحاتهم ومواقفهم السياسية إنطلاقاً من المقولة (الاعتراف بالخطأ فضيلة) إلى جانب مد أياديهم لكل الكورد المناضلين والعمل معاً كتفاً بكتف بغية القيام سوية بالمهام القومية الملقاة على عاتقهم ، بدلاً من اللجوء إلى مثل هذه الأعمال الهدامة .
فأيهما أفضل أن تفسح المجال لكل الوسائل الإعلامية الكوردية المرئية والمسموعة والمقروءة للقيام بواجبها تجاه شعبها الأبي المحروم من أبسط حقوقه القومية والديمقراطية ؟ أم العمل على إسكات كل صوت يخالف آرا ءهم وبشتى السبل ؟ وهل هذا الأسلوب يخدم القضية الكوردية على أرض الواقع أم يصب الماء في طاحونة أعداء الكورد ؟ .
إن البشرية دخلت الألفية الثالثة منذ بضعة أعوام بمنطق جديد وأفكارٍ جديدة ، فلا يمكن لعجلة التاريخ أن تعود إلى الوراء أبداً ، وبات من الأحرى أن نتسلح بوعي جديد وبفكر سليم ينسجم وطبيعة العصر الجديد كما لابد من نبذ الإرهاب بجميع أشكاله السياسية والفكرية والدولية ، لكونه يلفظ الآن أنفاسه الأخيرة ودخل في مرحلة العد التنازلي ومصيره الحتمي مزبلة التا ريخ .