ياثوارنا بالداخل : الكرة في ملعبكم

صلاح بدرالدين

      على أعتاب العام الثالث للثورة الوطنية السورية لابد من اعادة تذكير كل من يهمه الأمر وبخاصة قوى الحراك الداخلي بحقيقة في غاية الأهمية والتي يعمل البعض على حجبها عن الأذهان أن الثورة لم تندلع بناء على قرار أو تخطيط أو برنامج من جانب الحركات السياسية التقليدية يمينهاويسارها الموالية للسلطة أو على هامشها أو معترضة برضى الحاكم وبصوت خافت بل قامت عفوية بمبادرة الجيل الشاب واحتضان شعبي لافت مالبثت بفعل التراكمات النوعية والتفاعلات الميدانية الناجمة عن انشقاق الضباط والجنود الأحرار وانضمامهم الى صف الشعب والدعم المعنوي والسياسي من جانب النخب الوطنية الثقافية أن أفرزت قوى الثورة الراهنة النامية والمتحولة باستمرار لاتعرف الجمود
 وبعد مرور أكثر من ستة أشهر ظهرت – المعارضات – التقليدية بأشكالها المتعددة وخاصة منها المنتمية الى جماعات – الاسلام السياسي – المطعونة بصدقيتها أصلا في ماضيها وحاضرها ومن سارت في ركابها من تيارات وشخوص محسوبة على التوجهات القومية أساسا حاملة معها كل أمراض واخفاقات العقود الماضية وبذور الفشل والعجز الى جانب الشعور بالذنب من تعاملاتها السابقة مع سلطة الاستبداد وبالدونية المشوبة بنوازع الانتقام من الشباب الثائر والجيش الحر الشجاع لأنها لم تكن سباقة في الدعوة الى الثورة والانتفاض  .

  وبما أنكم المبادرون الى الثورة وحاملوا شعلتها والمدافعون عن السوريين والعاملون في الميدان تقدمون التضحيات فأنتم المؤتمن عليكم وليس غيركم وأنتم المصدر الوحيد للشرعيتين الوطنية والثورية حتى تتحقق أهداف الشعب في دحر واسقاط نظام الاستبداد وتفكيك سلطته رموزا ومؤسسات وقواعد والانتقال الى اعادة بناء الدولة الديموقراطية التعددية الحديثة ولقد شاهدتم وتابعتم وخبرتم كل مسلسلات اجتماعات المعارضات وماانبثقت عنها من مجالس وهيئات وائتلافات وماتخللتها من مشاهد مؤلمة ومناظر مضحكة لاتليق بقدسية الثورة وبدماء الشهداء كما عانيتم أكثر من غيركم من سقطاتها وتسلط تياراتها الايديولوجية – الحزبوية وامعانها في تكريس التفرقة بين صفوفكم لأسباب عقيدية وتفضيل البعض على الآخر وحرمان الغالبية من المساعدات الانسانية والمالية والتموينية واستغلال ذلك لقهر المناضلين الشجعان وتجويع آخرين لم يقبلوا الذل والمهانة كما أنكم أصبحتم ضحية عجزها عن تأمين الدعم العسكري والتدخل الخارجي لانقاذ السوريين وتوفير المناطق الآمنة وأصابكم الذهول أكثر من مرة لأنها أبعدت خيرة المناضلين الوطنيين المجربين لاختلافهم عنها وخلافهم الفكري والسياسي معها وبذلك أساؤوا الى الثورة وأضعفوا قواها وفرقوا صفوفها .
  أنتم مسؤولون عن أمن الثورة ومستقبل الثوار وعن الحفاظ على أهدافها وشعاراتها وخطابها وتعلمون أن معظم ان لم نقل كل التحديات الماثلة الآن في الميدان وفي الداخل والخارج وكل مخاطر الانحراف والتطرف وميول الارهاب والسمعة السيئة قد نجمت عن تساهل وتقصير وعجز المعارضات وتواطئها في غالب الأحيان (المجلس والائتلاف) خصوصا وقد تابعتم كل وعود اعادة الهيكلة والاصلاح واعادة البناء منذ أكثر من عامين وحتى الآن التي ذهبت أدراج الرياح وتلحظون مدى التقهقر الذي حل الآن والعزلة والتقلص الى درجة لن تفيد بعد الآن الترقيعات والمعالجات الشكلية وجاء الوقت الذي يجب اجراء عملية جراحية واسعة وقوية ومراجعة بالعمق عنوانها الاستغناء عن – خدمات هذه المعارضات – والاكتفاء باقامة لجنة أو هيئة مصغرة لتكون رديفا سياسيا – اداريا – خدماتيا للثورة تكون جزءا عضويا من القيادة العسكرية الموحدة لثورتنا الوطنية التي تحتاج أيضا أكثر من أي وقت مضى الى اعادة التوحيد والبناء والترميم .
     الى متى ستتابعون المسلسلات  – المضحكة المبكية – على غرار أن المبعوث الدولي – العربي حول سوريا الأخضر الابراهيمي يزمع الاستقالة وهي خطوة ان تمت في غاية الايجابية حيث لم ينتدبه الشعب السوري لحل أزمته وهو كما كتبنا مرارا جزءا بلحمه ودمه وفكره من النظام العربي الرسمي ولن يفعل الخير تجاه ثورات الربيع المندلعة ضد ذلك النظام وهو كان شاهد زور على ابادة السوريين وقيل أنه باق في مهمته فقط من أجل مصلحة مادية بحتة أو أن الشيخ معاذ الخطيب رئيس – الائتلاف – بدوره يعلن بين الحين والآخر عن استقالته حيث أصيب بالاحباط الشديد لأنه عجز عن تمرير مشروعه التفاوضي مع النظام بسبب الرفض القاطع من جانب قوى الثورة في الداخل وقد يحذو رئيس حكومته المعين حذوه بعد فشله في تنفيذ ارادة أسياد نعمته من – الاخوان المسلمين – واصطدامه أيضا بموقف الداخل الثوري .
 هل تنتظرون محاولات بعض أشباه – المعارضين – من أتباع ومريدي (الشرع – بثينة) استثمار أزمة الثقة داخل الائتلاف وقرب انفراط عقده وبدعم مستتر روسي – ايراني – مصري اخواني والتحرك عبر الاجتماعات في العواصم الأوروبية والتحضيرات لتتويجها في مؤتمر موسع باحدى العواصم العربية  لوضع اللمسات الأخيرة على خطة التفاوض مع النظام تحت ذريعة ” الحفاظ على وحدة الدولة والمجتمع ” وكأن هناك خيطا يجمع مابين مشروعهم وبين اشتداد الضغط العسكري الرسمي والحزب اللهي على بعض المناطق المحررة حتى يظهر أن موازين القوى على الأرض لغير مصلحة الثورة وبالتالي يجب تقديم التنازلات .
 ياثوارنا ساحتنا – الكردية أيضا وهي جزء من الهم الوطني العام  بانتظار انكفاء مسببي الفشل ومفرقي الصفوف ومنفذي الأجندة الخارجية ولانستثني أحدا في (المجلسين والهيئة العليا والاتحاد السياسي) حتى تستقيم قواعد الصراع مع نظام الاستبداد وتعود الكتلة الكردية وأكثريتها الصامتة يتصدرها الشباب الى سابق عهدها في الفعل المنتج بالحراك الثوري كجزء لايتجزأ من الثورة السورية قولا وعملا .

  عامان على ثورة الشعب السوري وماقدمت من شهداء أبرار وجرحى ومعتقلين ومشردين ومااستخلصت من دروس وعبر من نجاحاتها واخفاقاتها كاف لأن تنجب  قيادات من نوع جديد وأن تعيد انتاج بديل للمتسلقين وحديثي العهد بالمعارضة وأصحاب المصالح والأجندات الخاصة والآيديولوجيات الشمولية فالثورة الوطنية السورية بأهدافها وتضحياتها وشجعانها وتجربتها الفريدة تستحق الحفاظ على نقاوتها وبذل الغالي والرخيص من أجل أن تبقى بأيد أمينة وقيادات مخلصة مجربة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، دخلت سوريا منعطفًا تاريخيًا بعد إسقاط نظام الأسد، إيذانًا ببدء مرحلة انتقالية تهدف إلى إعادة بناء الدولة على أسس جديدة، بعيدًا عن عقود من الاستبداد والحرب. هذه المرحلة تشكل نقطة تحول نحو تحقيق تطلعات السوريين للحرية والكرامة، بعد أربعة عشر عامًا من النضال والتضحيات. الفرص والتحديات أمام سوريا الجديدة مع إسقاط النظام، باتت…

يبدو أن هناك مرضاً متجذراً في المنظمات الكردية في روج آفاي كردستان، يتمثل في التبعية لمحاور كردستانية وإبراز المصالح الفردية على حساب الروح الجماعية والمؤسساتية. وللأسف، أصبح العمل عكس الشعارات والمواثيق والبرامج التي تعلنها هذه المنظمات ظاهرة واضحة، وكان آخرها ما يُسمى بـ”جبهة كردستان سوريا”. لقد كانت مطالبنا في هذه المرحلة واضحة وصريحة: توحيد الخطاب السياسي الكردي، والاتفاق على حقوق…

عصمت شاهين الدوسكي * هل الحرية أن تكون إنسانا أم شبيه إنسان ..؟ * هل ربحنا الحرية وخسرنا أنفسنا ..؟ * هل ربحنا الحرية وخسرنا أرض تنعم بالصحة والنعمة والأمان والسلام ..؟ * يا ترى من يقرأ ومن يسمع ومن يرى ومن يدون الحرية الإنسانية الحقيقية ..؟ تراكمت الحريات في العصر الحديث واغلب الناس يتمسك بها كملاذ لفكره وسلوكه وعمله…

إبراهيم اليوسف الثورة بين المفهوم والواقع لا يختلف اثنان على أن الثورة الحقيقية، في جوهرها، هي تعبير عن إرادة الشعوب الطامحة إلى التغيير الجذري في الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسلب حقوقها وحرياتها. إنها حركة تنبع من شعور عميق بالظلم والقهر، تهدف إلى تأسيس واقع أكثر عدلًا وإنصافًا. بهذا المعنى المثالي، كانت الثورة السورية في بداياتها-…