إبراهيم اليوسف
آخ *
آخ
ترتفع الصرخة، عالية، وهي مجبولة بكلِّ أشكال الأنين، والوجع، والاستغاثة، حيث الضحية مصفد، مسجى، وحوله زبانية النظام الذين راحوا يصورون الحدث الكبير، استمراء، واستمراراً لتوجيهات عقل آلة القتل لديه، هذا العقل الذي سرب منذ بداية الثورة صوراً كهذه، كشكل آخر من الحرب على الثورة،
آخ *
آخ
ترتفع الصرخة، عالية، وهي مجبولة بكلِّ أشكال الأنين، والوجع، والاستغاثة، حيث الضحية مصفد، مسجى، وحوله زبانية النظام الذين راحوا يصورون الحدث الكبير، استمراء، واستمراراً لتوجيهات عقل آلة القتل لديه، هذا العقل الذي سرب منذ بداية الثورة صوراً كهذه، كشكل آخر من الحرب على الثورة،
والثورة هنا: السوريون، والثورة هنا: سوريا، السياط تنهال على الضحية، وثمة من يدوس رأسه، ببوطه العسكري، ممارساً كل ما هو محرم في معجم حروب التاريخ، حتى تلك التي لاتزال أصداء أسماء قادتها الدمويين تتردد في حبر كتب التاريخ، وذاكرة المكان، بيد أن المرويَّ منها، ومن كل حروب التاريخ -طرَّاً- قبلها وبعدها، يبين أن ماكان يتمُّ- وهو حروب غزاة المكان الغرباء- أية كانت أيديلوجياتهم، ومراميهم، لم تهبط إلى حضيض ما هو جار، الآن، من قبل نظام مؤتمن -في افتراض المشرع والقانوني- على قطرة دم أيِّ مواطن من سكان سوريا الذين بلغ عددهم الأربعة والعشرين مليوناً، بحسب إحصاءات المعنيين، بيد أن خريطة هذه الكتلة الآدمية باتت- الآن- تتوزع على عناوين كثيرة، على العناوين كلها، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، أودون كل ذلك: تراباً ماجداً أو غريباً، وهي تشخب دماً، وتنزُّ جرحاً بحرياً بسعة خريطة أخرى، هي خريطة المكان السوري، كي يكون هؤلاء الناس الأفذاذ، إما أشلاء تحت الانقاض-حسب ما سلف من تفسير- أوجثثاً منتفخة في أماكن لما تصلها الأيادي التي ستقبر رائحتها الصارخة، أو محظوين بالمقابر، أو أحياء أمواتاً مهجرين في بعض معسكرات ومخيمات الجوار، بأقلّ ما يمكن من كرامة أو سبل حياة، أو مهجرين في فضاء الوطن السوري، وهو فضاء ليس بخارج سطوة طائرات النظام، بأسمائها، ومواصفاتها القاتلة، دون أن تترك جهة واحدة، بين الشمال والجنوب إلا وتسهم في أداء دورها الدموي، وهي -المشتراة- بثمن علبة حليب الطفل الذي تقتله، وبعرق جبين السوري الذي تهشم جسده إرباً إرباً، كمالم يحدث من قبل في أي مكان.
آآآآخ
يتقلب الجسد، الشاب، باندفاعة جبل مصفد بكل حبال العالم، يحاول التقلب يمنة ويسرة، ينشر تأوهه، وتأخُّخه، في جهات الأرض، حيث جلادوه-الجلاوزة- يواصلون الضرب الوحشيَّ، و في إمكان أي سوط أن يكون مدعاة إزهاق ألف روح، وهو لا شيء في باله، في هذه اللحظة التي تسير نحو انغلاق بتلاتها، انغلاق حياته، سوى وطنه، وطنه الذي يصلب معه، واثقاً أن الحرية التي سعى لإرسائها لن يتنسم رائحتها البتة، ولا معجزة البتة قادرة أن تنقذه، وهو يقترب من مصيره المحتوم، لاسيما بعد أن ترفع زجاجة البنزين المزروعة قربه، ويرشُّ أحد الجلادين محتواها فوق جسده، في انتظار لحظة إضرام النار في جسده، كي يكون ذلك رسالة للعالم كله، رسالة لأصدقاء النظام-سواء أكان الروسيَّ ذا اللحية الشقراء او الفارسي ذا اللحية السوداء- أو غيرهما من اللِّحى الملحدة، أو المؤمنة، وكلاهما كاذبان، هنا، كما الكومبارس، والمهرجون، والممثلون، في كل وجهة، بينما صديق الثورة، يواصل اجتماعه في قصر إحدى سلطانات العثمانيين- وهي ابنة السلطان عبدالحميد- على ضفة البوسفور،”مع أصدقاء، أشباه، مثله، ” يتناقشون في أمر الأسلحة غير الفتاكة، ومناظير الليل، لاكتشاف أشباح الشبيحة، بينما “عينة” التراب الملوث بكيمياء النظام، في زجاجة محكمة على طاولة الأصدعاء، يراها الأمريكي، والتركي، وكلاهما لايزال يجر وراءه خطوطه الحمراء على نظام دمشق.
مشهد الموت واحد، في الجزء الأكبر من خريطة سوريا، مالم تكن هناك مهادنة مؤقتة-هنا أوهناك- ومن نراه أمام أعيننا في شاشات التلفزيون أو الكمبيوتر أو حتى هواتفنا المتحركة، هو صورة عما يتم في كل الأروقة التي تحتلها أجهزة النظام، ومخابراته، وشبيحته، التي غدت امتداداً للسجون، والزنزانات، ومنفردات الفروع الأمنية، أو حتى القطعات العسكرية التي تأكل جنودها والحياة، وهي تتآكل تدريجياً، في إطار مآلها الأخير، حيث حلم ثوار الميدان الذين دفعوا ثمنه، كي يصبحوا في سجل الغياب، أو أن يكونوا في مرمى القناصة، وشهوات قذائف الصاروخ التي سجلت بعد أربعين عاماً، إحداثياتها، الخاطئة، خارج الجبهات المحتملة، تبعاً لإحداثيات مخفية- عليها بصمات المهادنين، في تراتيبهم واحداً تلو الآخر.
رحلة الموت السوري، باتت تواصل دورتها، من غرفة المحقق، أو الحادث المدبَّر، أو المدى المجدي لرصاصة القناص، أو قذيفة الدبابة، أو المدفع، أو غارة الطائرة، كي يتجاوز حدود فرديته، إلى جماعيته، لتتحقق الأشكال كلها، و لا مانع من أن يكون الهدف: منازل أبرياء آمنين ، أو شارعاً يعجُّ فيه المارة، أو مظاهرات احتجاجية، أو جامعاً يؤدي فيه المصلون فريضتهم اليومية، أو فرناً يجمع على بابه مئات الأبرياء، وتتناسل الأمثلة بين نوى وعين ديوار، كي تكون حمص، وحماة، وديرالزور، وحلب، أو قامشلي، أو تل حميس، أو تل براك، أو حتى قرية صغيرة كحداد، إذ نحن هنا أمام مصطلحات، بتنا نتعرف على ترجماتها الدقيقة، بين مقصلة، ومجزرة، أو محرقة، أو الاشتقاقات والتوليدات التي أضافها نظام دمشق القاتل في هذا العالم المرعب الرهيب.
والمحرقة- كما تقول الفيديوهات المسرَّبة من جديدة الفضل- في حضن الريف الدمشقي- وهي صورة عن أمات وأخوات وبنات، تبحث عن رقمها الخاص، في مهرجان الدم، وإن كانت تؤكد أنه تزاوج فيها التنكيل بالجثث قبل صب سائل مشتق النفط عليها، وهي مرتبة تبين درجة نبل الضحية، وشكل غلِّ الوحش الآدمي، وهو يلحق العار بسلالته، ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً، إلى أبد الآبدين.
الصور العالقة في بال كل منا، لا تنتهي، تستيقظ معنا- إن استطعنا الاهتداء إلى النوم هنيهات من التوتر- كي تغفو عليها الأعين الغافية- إن غفت- مادامت هناك دورة للدم، والموت، لا تنتهي في سوريا، حيث أسدها في مهمة إدارة كل ذلك العدوان، والدمار، والخراب، في تقليد صبياني، أعمى، لنيرون سابق، لن يتكرر البتة، وأنت لاتدري من أيِّ هاتيك الصور تبدأ: أمن الطفل الذي يتحدث عن أهلين “طاروا” ذات قصف في الساعة العاشرة ليلاً لعنوانهم المدنيِّ، مرسلاً صرخة استغاثة” يتقاوون على الضعفاء”؟، أم من صرخة طفل درعا الذي يصر على إعادة درعاه، وهو أنموذج عن طفلنا السوري أينما كان…!
المجزرة مفتوحة- عبارة أدرجها حبرنا، قبل الآن، حينما كان نظام الدم يتحدث عن فصيلة محددة، من دماء السوريين، كي يسفكها، في حرب بدأها في الأصل منذ ولادته، حيث ميتات لاتحصى، عرفها معذبونا، عبر إعدامات متعددة، أو مجازر بغاز الاستبداد –وهو الصناعة السورية “بامتياز- ضمن فضاء عمر قادته، منذ أول هؤلاء، وحتى آخرهم الذي يجري إلى نهاياته في هرولات أمام أعين العالم أجمع…..!.
لا تفرق الطائرة بين هدف وآخر-أية كانت لغة المتكلم السوري بها-عربية، كانت، أم كردية، أو غيرها من لغات أهل المكان، حيث كل ينتظر دوره، وشكل دفع ضريبته، في الوقت القصير، من عمره، حيث استطاع أن يرفع خط بيان الدم إلى أعلى درجاته، بما يعادل كل الدماء التي عرفتها الدماء المراقة على مسرح الرقعة، منذ بداية نشوئها، وحتى حاضر دمها الذي يسيل:
آآآخ………..!!
22-4-2013
*الأصدعاء نحت من كلمتي: الأصدقاء-الأعداء وهي مستخدمة في الشعر الجديد
سوريا التي تصلب من جديد: إشارة إلى رواية نيكوس كازنتزاكي
آخ: أعظم، أنواع التوجع، والتأوه، حيث: لا أخ …
آآآآخ
يتقلب الجسد، الشاب، باندفاعة جبل مصفد بكل حبال العالم، يحاول التقلب يمنة ويسرة، ينشر تأوهه، وتأخُّخه، في جهات الأرض، حيث جلادوه-الجلاوزة- يواصلون الضرب الوحشيَّ، و في إمكان أي سوط أن يكون مدعاة إزهاق ألف روح، وهو لا شيء في باله، في هذه اللحظة التي تسير نحو انغلاق بتلاتها، انغلاق حياته، سوى وطنه، وطنه الذي يصلب معه، واثقاً أن الحرية التي سعى لإرسائها لن يتنسم رائحتها البتة، ولا معجزة البتة قادرة أن تنقذه، وهو يقترب من مصيره المحتوم، لاسيما بعد أن ترفع زجاجة البنزين المزروعة قربه، ويرشُّ أحد الجلادين محتواها فوق جسده، في انتظار لحظة إضرام النار في جسده، كي يكون ذلك رسالة للعالم كله، رسالة لأصدقاء النظام-سواء أكان الروسيَّ ذا اللحية الشقراء او الفارسي ذا اللحية السوداء- أو غيرهما من اللِّحى الملحدة، أو المؤمنة، وكلاهما كاذبان، هنا، كما الكومبارس، والمهرجون، والممثلون، في كل وجهة، بينما صديق الثورة، يواصل اجتماعه في قصر إحدى سلطانات العثمانيين- وهي ابنة السلطان عبدالحميد- على ضفة البوسفور،”مع أصدقاء، أشباه، مثله، ” يتناقشون في أمر الأسلحة غير الفتاكة، ومناظير الليل، لاكتشاف أشباح الشبيحة، بينما “عينة” التراب الملوث بكيمياء النظام، في زجاجة محكمة على طاولة الأصدعاء، يراها الأمريكي، والتركي، وكلاهما لايزال يجر وراءه خطوطه الحمراء على نظام دمشق.
مشهد الموت واحد، في الجزء الأكبر من خريطة سوريا، مالم تكن هناك مهادنة مؤقتة-هنا أوهناك- ومن نراه أمام أعيننا في شاشات التلفزيون أو الكمبيوتر أو حتى هواتفنا المتحركة، هو صورة عما يتم في كل الأروقة التي تحتلها أجهزة النظام، ومخابراته، وشبيحته، التي غدت امتداداً للسجون، والزنزانات، ومنفردات الفروع الأمنية، أو حتى القطعات العسكرية التي تأكل جنودها والحياة، وهي تتآكل تدريجياً، في إطار مآلها الأخير، حيث حلم ثوار الميدان الذين دفعوا ثمنه، كي يصبحوا في سجل الغياب، أو أن يكونوا في مرمى القناصة، وشهوات قذائف الصاروخ التي سجلت بعد أربعين عاماً، إحداثياتها، الخاطئة، خارج الجبهات المحتملة، تبعاً لإحداثيات مخفية- عليها بصمات المهادنين، في تراتيبهم واحداً تلو الآخر.
رحلة الموت السوري، باتت تواصل دورتها، من غرفة المحقق، أو الحادث المدبَّر، أو المدى المجدي لرصاصة القناص، أو قذيفة الدبابة، أو المدفع، أو غارة الطائرة، كي يتجاوز حدود فرديته، إلى جماعيته، لتتحقق الأشكال كلها، و لا مانع من أن يكون الهدف: منازل أبرياء آمنين ، أو شارعاً يعجُّ فيه المارة، أو مظاهرات احتجاجية، أو جامعاً يؤدي فيه المصلون فريضتهم اليومية، أو فرناً يجمع على بابه مئات الأبرياء، وتتناسل الأمثلة بين نوى وعين ديوار، كي تكون حمص، وحماة، وديرالزور، وحلب، أو قامشلي، أو تل حميس، أو تل براك، أو حتى قرية صغيرة كحداد، إذ نحن هنا أمام مصطلحات، بتنا نتعرف على ترجماتها الدقيقة، بين مقصلة، ومجزرة، أو محرقة، أو الاشتقاقات والتوليدات التي أضافها نظام دمشق القاتل في هذا العالم المرعب الرهيب.
والمحرقة- كما تقول الفيديوهات المسرَّبة من جديدة الفضل- في حضن الريف الدمشقي- وهي صورة عن أمات وأخوات وبنات، تبحث عن رقمها الخاص، في مهرجان الدم، وإن كانت تؤكد أنه تزاوج فيها التنكيل بالجثث قبل صب سائل مشتق النفط عليها، وهي مرتبة تبين درجة نبل الضحية، وشكل غلِّ الوحش الآدمي، وهو يلحق العار بسلالته، ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً، إلى أبد الآبدين.
الصور العالقة في بال كل منا، لا تنتهي، تستيقظ معنا- إن استطعنا الاهتداء إلى النوم هنيهات من التوتر- كي تغفو عليها الأعين الغافية- إن غفت- مادامت هناك دورة للدم، والموت، لا تنتهي في سوريا، حيث أسدها في مهمة إدارة كل ذلك العدوان، والدمار، والخراب، في تقليد صبياني، أعمى، لنيرون سابق، لن يتكرر البتة، وأنت لاتدري من أيِّ هاتيك الصور تبدأ: أمن الطفل الذي يتحدث عن أهلين “طاروا” ذات قصف في الساعة العاشرة ليلاً لعنوانهم المدنيِّ، مرسلاً صرخة استغاثة” يتقاوون على الضعفاء”؟، أم من صرخة طفل درعا الذي يصر على إعادة درعاه، وهو أنموذج عن طفلنا السوري أينما كان…!
المجزرة مفتوحة- عبارة أدرجها حبرنا، قبل الآن، حينما كان نظام الدم يتحدث عن فصيلة محددة، من دماء السوريين، كي يسفكها، في حرب بدأها في الأصل منذ ولادته، حيث ميتات لاتحصى، عرفها معذبونا، عبر إعدامات متعددة، أو مجازر بغاز الاستبداد –وهو الصناعة السورية “بامتياز- ضمن فضاء عمر قادته، منذ أول هؤلاء، وحتى آخرهم الذي يجري إلى نهاياته في هرولات أمام أعين العالم أجمع…..!.
لا تفرق الطائرة بين هدف وآخر-أية كانت لغة المتكلم السوري بها-عربية، كانت، أم كردية، أو غيرها من لغات أهل المكان، حيث كل ينتظر دوره، وشكل دفع ضريبته، في الوقت القصير، من عمره، حيث استطاع أن يرفع خط بيان الدم إلى أعلى درجاته، بما يعادل كل الدماء التي عرفتها الدماء المراقة على مسرح الرقعة، منذ بداية نشوئها، وحتى حاضر دمها الذي يسيل:
آآآخ………..!!
22-4-2013
*الأصدعاء نحت من كلمتي: الأصدقاء-الأعداء وهي مستخدمة في الشعر الجديد
سوريا التي تصلب من جديد: إشارة إلى رواية نيكوس كازنتزاكي
آخ: أعظم، أنواع التوجع، والتأوه، حيث: لا أخ …