طاغية دمشق يحطّم الرقم القياسي في تجاوز الخطوط الحمراء

فرهاد ميرو

يرتاب الكثيرون من الشعب السوري الشّك  بإنّ كلّ من يضع خطاً أحمر للنظام السوري ، يضع في الوقت ذاته أو فيما بعد نظارات ذات عدسات خضراء ، كم كثرت الخطوط الحمراء من لدن أصدقاء الشعب السوري !! كاد الشعب السوري يختلط عليه الألوان وكاد الإنسان السوري يتهامس مع ذاته هل من الممكن  بإنّ اللون الأحمر الذي يعرفه يختلف عن ذلك اللون الذي يتكلم به أصدقاؤه ، كاد يشك في قدراته السمعية والبصرية ، فمع إندلاع الثورة السورية أطلّ علينا السيد  أردوغان (المشهور بتصريحاته النارية ) بإنّ تكرار مأساة حلبجة الكردية  و حماة السورية ثانية خط أحمربالنسبة لنا،
 صدق الكثيرون كلامه واندفعوا دون وجل أو خوف إلى ساحات المدن والأرياف معتقدين بإنّ القتل العام لن يتكرر مهما كلّف الأمر فلهم أناس يحمون ظهورهم !!!، ومن ثم لم يكد يمضي نهارا من عمر الثورة وإلا ظهرت أصوات هنا أوهناك ورسموا خطوطاً حمراء فمنهم من أعتبر قصف المساجد وانتهاك الحرمات وتدنيس المقدسات خطوط حمراء ، ومنهم من اعتبر ارتفاع عدد اللاجئين السوريين الى مائة ألف خط أحمر ، ومنهم من قال إنّ أيّ إعتداء على سلامة أرضهم خط أحمر، ومنهم من قال قامشلي خط أحمر، وحلب خط أحمر ، وهكذا دواليك إلى أن وصلنا إلى الخط الشديد الاحمرار (الأحمر الغامق) الذي أعلنته الولايات المتحدة الاميركية ومن ثم المملكة المتحدة  اللتان تعتبران الاكثر قوة في عالمنا اليوم ، حيث اعتبرتا استخدام السلاح الكيميائي خط أحمر، وقالوا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنعمل بكل ما أوتينا من القوة  لردع النظام عن استخدامه ، ولكن بعد كل خط أحمر ما كدنا ننتهي من الاستماع إليه ويبدأ النظام الديكتاتوري وكتائبه في الفتك والقتل أضعاف المضاعفة متجاوزا كل الخطوط الحمراء من أصدقاء الشعب السوري بما فيه استخدام السلاح الكيميائي، و لم يتوان لحظة واحدة في تحدّي الدول الاقليمية والغربية وكأنّ به يبعث برسالة إلى مؤيديه : بإننا لا نهاب أحدا وإننا ما زلنا نمتلك كل أدوات القوة وسنجعل كل من وقف ضدنا يطلبون العفو والمغفرة ، ورسالة أخرى إلى العالم: لا نخاف من خطوطكم الحمراء ولا سبيل لكم سوى الركوع إلى الروس والصين وقبول بالحل السياسي و بشروطنا نحن  فقط .

ورسالة ثالثة إلى المعارضة السورية:  إنّ أصدقاؤكم يكذبون حتى النخاع ويضحكون على ذقونكم وإلا فلماذا لم يصونوا خطوطهم الحمراء كما زعموا ، ولا سبيل لكم إلا وأن تعودوا خانعين أذلاء إلى سيدكم بشار الأسد.

حقاً إنّ صلافة الحكام في سوريا بلغت حدودا لا يتصورها العقل، يضربون عرض الحائط كل القيم وأدبيات الحياة سواء في السلم أو في الحرب وفي نفس الوقت المجتمع الدولي يقدّم مثالاً مقيتاً وسيئاً للعالم المعاصر بسكوته المريب على طاغية يفتك بشعبه على المرأى والمسمع الجميع، لكم هو صعب على أولئك الذين صدقوا – وأنا منهم – بإنّ المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة وهيئاتها المتعددة وعلى رأسها المجلس الأمن الدولي يلعب دوراً كبيراً في حفط السلم والأمن الدوليين وتحقيق العدالة وتأمين الكرامة والحرية لشعوب المقهورة ، فشلت هذه المؤسسات فشلا ذريعا في حفظ أمن الناس في سوريا وفشلت في ردع الأفعال الاجرامية والوحشية للنظام الديكتاتوري المستبد فيها  .

وماذا بعد يا أصدقاء الشعب السوري !؟ هل مازال لديكم المزيد من الخطوط الحمراء !؟  لا أعتقد ذلك ، فسوريا قد دمرت بالكامل والطاغية مازال يدير دفة الحكم .

وعلى لسان زبانيته هم مستعدون للاستغناء عن أربعة أو خمسة من المحافظات السورية وسيعتبروها لم تكن، وها هم وحلفائهم في أيران وروسيا والصين يطبقون أقوالهم أفعالا وأصدقاؤنا يضعون أقوالهم في أرشيف الثورة السورية دون الاقتران بالأفعال، لا سبيل أمام الشعب السوري الثائر إلا المضي قدما في ثورته المباركة ودفع الثمن غاليا حتى النصر لأنّه بخلاف ذلك  هلاك أكبر ودمار أوسع، ولكن الاستمرار في الثورة يتطلب إجراء مراجعة شاملة لأسس الثورة وآلياتها والعمل على جذب كل فئات الشعب من خلال تبنّي مشروع وطني يكفل حق الجميع في سوريا الجديدة وذلك بصياغة برنامج سياسي يضمن حقوق كافة المكونات العرقية والمذهبية والدينية بشكل واضح وجلي ومن ثم إعادة بناء جيش حر حقيقي وفق رؤية وطنية جامعة بعيدا عن الإيديولوجيات الدينية أو المذهبية المقيتة ومن شأن ذلك دحر قوة النظام وحلفائه.

مازال شعبنا يؤمن بإنّ الثورة منتصرة لا محال وستتحقق الحرية والكرامة في ربوع سوريا عاجلا أو آجلا.

 

14.04.2013 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…