شعب يصفق للسير نحو الهاوية عبر مادة كوردية ثامنة

دلكش مرعي

من يلقي نظرة على ما يجري في غربي كردستان من تجيش حزبي وعسكرة واستعراضات لعرض العضلات وشرخ وانقسام حاد وحقد بائس يشحن عبره الأطفال والمراهقين والرجال والنساء والشيوخ والعجزة من يلقي هذه النظرة سيصاب بالصدمة والذهول لخطر هذا التوجه الأرعن التي  ستؤدي إذا ما استمرت وبدون أدنى شك إلى صراع كردي دموي مدمر وبنتائج وخيمة… والغريب في الأمر هو إن الكل يبحث عن أناه ويركض ليكون سياسياً ومسئولاً و يحتل منصباً ما في هذه المنظمة أو في هذا الموقع الحزبي أو ذاك فالإشكالية الخطرة هنا تكمن في أن الكل يبحث عن تحقيق مصالحه الذاتية على حساب المصلحة العامة للشعب الكردي…
  فقد أصبح الشخصية المستقلة قطعة نادرة أو ربما كتلة صامتة تتفرج على الدراما الكردية البائسة بإخراجها السيء… اختصاراً أن دل هذه الظاهرة على شيء إنما يدل على فشل هذه الأحزاب على مدى عقود من التحرر من البنية الفكرية التقليدية المأزومة والمفاهيم الشمولية والقومجية السائدة التي سبق وتبنتها نظريا وعلى الورق الأنظمة الدكتاتورية المقبورة في المنطقة والغريب  في الأمر إيضاً بأن هذه الأحزاب قد تمكنت من احتواء الجماهير على نفس النهج التي اتبعتها هذه الأنظمة عبر دغدغة العواطف القومية واستغلالها  وأن تجعل من هذا الشعب البسيط بأن يرقص ويصفق لمصير مجهول لم تتوضح معالمه بعد أو ربما يسير بهذا الشعب رويدا رويدا نحو الهاوية لتحقيق مصالح  حزبية أنانية وهذه الحالة تشبه تماماً الكرنفلات الجماهيرية التي كانت ترقص لصدام والأسد وجمال عبد الناصر … وكما هو معروف فقد اخترقت هذه الأحزاب غشاء طبل الأذن لدى الناس عبر مناداتها  بحرية هذا الشعب وحقوقه الوطنية وبأنها ستعتقه من الظلم والعدوان والجور والتعسف وستؤمن له الكرامة والحرية وغيرها من الشعارات الفضفاضة المعروفة … ولكن بدلاً من العمل لتحقيق هذه الشعارات على الأرض والوفاء بتعهداتها واحترام دماء الشهداء الذين استشهدوا من اجل حرية وكرامة هذه الشعب فقد حولت بدلاً عن ذلك المجتمع الكردي البسيط إلى شيع متشرزمة وفرقاء متناحرين ….

فلم يكد يتحرر هذا الشارع  من ظلم البعث ومادته الثامنة وممارساته العنصرية ضد هذا الشعب على مدى نصف قرن لتطل علينا هذه المادة من جديد ولكن هذه المرة بلبوس كردي وبلون ونكهة كردية خالصة مختومة  باللون الأخضر والأحمر والأصفر…

اختصاراً فأن الكل يحاول أن يرسم عبر استعراضاته الكرنفالية الشبه اليومية  هالة من الحضور الكلي والقوة المطلقة حوله وبأنه هو وحده يمتلك الحق والحقيقة وهو وحده المرجعية السياسية والفكرية للكورد وهو الذي سيقرر مصائر البشر ووجهتم وتمثيلهم وهو عبر قوته على كل شيء قدير علما لم ينتخب هؤلاء الشعب الكوردي فهم بدئوا بتقسيم الكراسي وكأن هذا الشعب هو ملكية خاصة يمتلكونه … وعبر هذه الممارسات المستبدة البائسة والموبوءة والخاطئة وفي هذا المرحلة المصرية التي تستدعي تكاتف جميع أبناء هذا الشعب لأنتزاع حقوقهم المشروعة أصبح الشعب الكردي  يعيش بسبب هذه التصرفات حالة من التشتت والضياع والانقسام الحاد يدفع به شيئا فشيئا نحو العسكرة والاقتتال الكردي الكردي الذي بدأ  يظهر بوادره بشكل فعلي في منطقة عفرين وبالأمس في عامودة وفي العديد من المناطق الكردية ….

يبدو أن هذه الظاهرة هي نتاج سيكولوجية الإنسان المقموع المقهور المتخلف الذي عانى عقوداً من الظلم والاستبداد والدكتاتورية فلن يجد ما يعبر عن ذاته واحتقانه الداخلي إلا عن طريق التماهي بسلوك المستبد والسير على خطاه لأنه ببساطة ينتمي الى تراث المستبد ذاته

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…