لعبة توحيد الخطاب الكردي

محمد امين كدرو 
عضو اللجنة المركزية  للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي )

ان الشعوب في تطور دائم في تنمية وعيها المستمر للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية من خلال كل مقوماتها ومنظوماتها السياسية وكافة مؤسساتها المجتمعية لتكون قوية في داخلها وفي محيطها الخارجي وهي الضمانة لبقائها

ان الشعب الكردي في سوريا ومنذ عشرات السنين ناضل بذات الاسس ولازال رغم كل الصعوبات الهائلة   وهاهو الان في عصر الثورة السورية بعربه وكرده وكل الاطياف السورية والتي هي البوابة الديمقراطية لكل طيف سوري وفيها يتفاعل التاريخ المتناقض مع تاريخ جديد للعبور الى الحقوق الطبيعية في المجتمع السوري
كان الحلم في توحيد ما سمي بالخطاب الكردي الموحد متلازما مع زمن وتطور الحركة السياسية الكردية منذ عشرات السنين وقد اخفقت في ذلك نتيجة عوامل داخلية وخارجية متشعبية ومعقدة اوجدتها الحقبة الخمسينية من حكم البعث في سوريا وكذلك التعاون الاقليمي في ابقاء حالة التشرزم وخلق كل ما يؤدي اليه
اندلعت الثورة السورية وسرعان ما انتشرت لتكون امل كل السوريين في تخطي العقود السوداء من تاريخ سوريا
دخلت الحركة السياسية في الثورة اعلاميا بشقيه – المجلس السياسي الكردي – المجلس العام للتحالف   وهما على اشد الخلافات ؟؟؟ متخذين قرارا لكل منهما بعدم التحاور مع المسمى الاخر ومع تطور الثورة واتساعها وانضمام كل الاطياف السورية اليها بما فيها الشعب الكردي تطورت العلاقات في الحركة السياسية الكردية تحت شعارات وقرارات لابأس بها وكان ذلك امل الشعب الكردي في حركته السياسية لتنظم قواها لمرحلة انتظرها عشرات السنين فباركوها بنشوء اول مؤتمر وطني تجتمع تحت قبته معظم الاحزاب الكردية بأمل انشاء الخطاب السياسي الكردي الموحد ليساهم بشكل فعال في  رؤية بناء دولة ديمقراطية مع شركائهم في الوطن وفيها الحقوق المشروعة للشعب الكردي وثائر الاطياف السورية 
انعقد المؤتمر الوطني الكردي  ليشكل الخطوة التالية والمواكبة للثورة ببعض قراراتها واهمها اعتبار مكون المؤتمر جزء من الثورة السورية والمباشرة ببدء حوارات مع هياكل الثورة بغية وضع اسس لاستحقاقات القومية للشعب الكردي والانضمام اليها  فكان وقع انعقاد هذا المؤتمر واعلان بيانه الختامي كاف لاثارة مشاعر وامال الشريحة العظمى للمجتمع الكردي وللمرة الاولى منذ سنين طويلة الا ان القارئ السياسي ماكان متفائلا ولكن كانت استدارة نحو الاتجاه المطلوب كواجب وطني وقومي وعدم التفاؤل تشكل خلال التحضير للمؤتمر وتشكيل البنية الادارية لها والتي تمثلت ما سمي بالكوتا الحزبية في الهيئة التنفيذية والامانة وهم انفسهم الذين اسسوا لمنظومة عدم التوافق خلال سنين طويلة وظهرت ان مصالحهم هو الاستمرار على هذا الوضع رغم التفاعلات المتسارعة في الثورة السورية فتسارعت ولادة الاحزاب وكانت الاحزاب حبلى بها والانجاب بتوائم وهو المهم وليس الجنين السليم وسرعان ما نسيت القرارات والواجب فتاجج الصراع مؤثرا في بناء الرؤية السياسية الواضحة لمستقبل سوريا ومستقبل الشعب الكردي فيه  لازال الهدف نشيد توحيد الخطاب
مع تطور الثورة لتدخل المقاومة المسلحة رغما عنها وتشكلت في حراكها هيئات وتنظيمات لتعبر عن ارادتها ومتمسكة بها دون اعطاء فرصة لمن يمكن ان يتسلقها تحت وصف الكوتا السورية 
وفي الضفة الاخرى من المجلس الكردي كانت تتشكل قوى على الارض الكردية كوتا حزبية ذات قطب واحد تنمو بتسارع الثورة السورية نفسها ولكن متخصصة للشعب الكردي ليمتلك القرار ويفرض الارادة رغم انف كل ارادة  فظهرت القوة العسكرية منها في المناطق الكردية دون أي تنسيق مع أي جهة كردية  واصبحت لها اركان  – مجلس غربي كردستان –  والاسايش –  والجناح العسكري و كانت في صراع مستمر مع المكونات الاخرى بما فيها المجلس الكردي ولا زال الصراع يشتد يوما بعد يوم وسوف لن ولم يتوقف نتيجة عدم وجود أي تلاقي في رؤيتهما السياسية والوطنية وفي خضم هذا تشكل الهيكل الثالث    الهيئة الكردية العليا من مكونين لايمتزجان بالمطلق على الاقل في مرحلة ما قبل سقوط النظام السوري بها تراجعت امال الشعب والسياسيين والوطنيين وازداد الشعب رعبا من هذه المكونات والتي تتباعد فيما بينها وبين امال الشعب الكردي في وحدة رؤيته السياسية وهذا ما يصرح به مختلف الاطراف وسرعان اصبحت الهيئة العليا مطية سهلة لطرف على حساب الشعب
تشكل لاحقا الاتحاد السياسي دون خارطة طريق ودون قراءة هذه الوقائع وتطور الثورة بل اكدت العمل تحت مظلة هذه التناقضات والتي وصفوها بالفظة ولم تنتهي هذه التشكيلات فتشكلت ما سمي المرجعية الكردية من واحد وعشرون شخصية ليس لهم اية مواقف ويخشى لم يبلغوا بشرف تكليفهم بالمهام هذه هي مساعي توحيد الخطاب الكردي من قبل السادة    الكوتا  
ويمكن توضيح حالتين اديا الى ما نحن عليه:
الحالة الاولى:
تتعلق بمضمون الاحزاب الكردية وهي ايضا تسببت بها منظومة الكوتا الحزبية تهمشت معظم مؤسسات وهيئات الحزب في وقت نحتاج الى كل جهد منظم واستثماره في حشد طاقات المجتمع حيث قطعت الكوتا كل اتصالاته حتى مع القيادات في اللجنة المركزية مع غياب أي برنامج نشط ومكثف يتفاعل مع ما يجري في تطورات الثورة ودور الاحزاب فيها فاكتفا الكوتا بشخصه
وكذلك قطع التمويل عن فعاليات الحزب وهيئاته وقياداته في معظم اعضاء اللجنة المركزية حيث قبل الثورة كانت الحالة افضل نسبيا وهذا ذكاء من يريد ان تستمر الحال هكذا لان هذه الحلتين يشكلان اهم عاملين للنشاط
الحالة الثانية:
الصراع ما بين كل هذه المجالس والمرجعيات وتشعباتها  على مسمع كل متابع وكل حزبي وكل وطني ومثقف وكذلك الممارسات القمعية التي يتعرض لها مجتمعنا الكردي من ديريك وحتى جنديرس ولا ذنب لاحد منهم سوى انه يطمح منذ عشرات السنين لنيل الحرية المستحقة وشعور المجتمع بان هذا ليس جهلا من احد بل هو عمل له منهجيته واهدافه ويحدث هذا تحت مسؤولية الهيئة الكردية العليا والتي اصبحت مسؤولة عن كل التشعبات المتناقضة دون ان تستطيع فعل أي شيء ويتوسل بكل عظمته لعنصر تابع له ويرجع خائبا
وهذا ادى الى تبعثر طاقات المهتمين بشعبهم فارتدوا عن مجالسهم متوجهين يمينا ويسارا يركضون الى مؤتمرات ليس بمؤتمراتهم والى جهات ليس بمكانهم الصحيح ولكن غير جهاتكم
ايها السادة المحترمون ان شعبكم يستحق قيادة تمثلهم ترشدهم الى طموحهم النبيل في نيل حقوقهم السياسية والقومية في دولة ديمقراطية تعددية فالقوة المحركة والفاعلة مكمون في احزابكم وفي شباب مجتمعكم  وكذلك السلبية فيكم نرجو التكرم بمد اليد الى الديمقراطية لشعبكم قبل ان تطالبوها من غيرك
لابديل لخارطة طريق تجمعكم بشعبكم على اساس دولة ديمقراطية تعددية والحقوق السياسية والقومية للشعب الكردي
ينتظركم شعبكم بالانشقاق عن هذه التناقضات والانضمام اليه
ان الشعب على عهد بتقديم كل التضحيات في سبيل قضية الوطن وقضيته وان الشعب لا يستطيع تبيض من لابياض له ولكنه يصفع عن ابنائه
  عفرين  18/3/2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…