بيان بتأسيس منظمة مُحامون ضد الصمت

 في بداية الثورة السورية، كانت هناك رغبة في إنشاء مُنظمة تُعنى بالعمل ضد الصمت كجريمة ناجمة عن الخوف و مرتبطة به، و الذي يتجلى في قمع المواطنين و منعهم من الإحتجاج ضد النظام و مُلحقاته من جهة، و في الخوف من التعبير بحُرية عن الرأي نتيجة الخشية من عواقب ذلك من جهةٍ أُخرى، لكن العقبة الأساسية كانت في وجود عدد هائل من الأحزاب و المنظمات و المؤسسات التي تتقاطع أهدافها مع مثل هذا الأمر، لذلك تم صرف التفكير عن هذا الأمر خشية من أن تُصبح تلك المنظمة رقماً إضافياً ليس أكثر، إضافةً إلى الإعتقاد السائد وقتها بسرعة سقوط النظام، ما يعني إنتهاء الخوف بعد تداعي دعامته الأساسية، و كذلك الإعتقاد بتمكن المنظمات التي كانت موجودة حتى ذلك الوقت من تغطية جرائمه كلها بسبب توقع إمكانية حصرها.

لكن الأمور لم تجري كما كان متوقعاً، فلقد طال عُمر النظام و إستطال، و كثرت جرائمه و تنوعت، و إستعان في ذلك بقوى جديدة و أنشأ أُخرى، و هكذا فإن الخوف الذي سقط في مكانٍ ظهر في آخر، و بعد أن سقطت بعض أشكالهُ ظهرت أُخرى جديدة، و بعد أن تحرر منهُ الكثيرون ظهرت عوارضه لدى آخرين، و تعزز وجودهُ لدى البعض الآخر، مع ظهور مُسببات جديدة له، بحيث أصبح في المُحصلة وباءً يحتاج إلى عمل جاد إستئصاله.
 لقد ضربت جريمة الخوف جذورها في الأرض و أخذت تنمو على دماء الناس، و أصبح لها أغصاناً شائكة تحجب عنهم مستقبلهم على عكس ما أرادوه من إشعال الثورة أو الإشتراك فيها، حتى كادت الآمال التي وضعوها عليها تضيع.

تعزز إذاً ظهور هذه الجريمة المعنوية يوماً بعد آخر رغم مرور سنتين تصاعديتين من عُمر الثورة، فأصبح الناس يعيشون إزدواجية مُريعة تمنعهم من التفكير، و من إظهار مشاعرهم الحقيقية و التعبير عن آرائهم، لذلك فضل بعضهم الصمت في حين أُضطُر آخرون للسباحة الصامتة مع التيار للنجاة بحياتهم.
و في المناطق الكُردية السورية كان للصمت إضافةً إلى ما ذُكر شكلٌ آخر، فلقد تحول الصمت خوفاً من النظام إلى صمتٍ آخر مزدوج منهُ و من شبيحته، و لم يتمكن القمع و التهجير و التجويع و القتل و الخطف و التشبيح و فرض الأتاوات و إغلاق المدارس من جعل الناس يصرخون من الألم و يجهرون بالإحتجاج ضد الفاعلين، على العكس من ذلك، فقد نجح تضافر هذه الأجراءات في زيادة نسبة الخوف لدى الناس، بحيث أن إزالته أصبحت تحتاج إلى جهودٍ أكبر.
لهذه الأسباب أجد نفسي اليوم مرغماً على إعادة التفكير في مشروع تلك المنظمة المدنية الطوعية، يدفعني إلى ذلك الرغبة في المساهمة في حل عقدة الخوف التي هي علة العلل، و ذلك بمساعدة أصدقاء و ناشطين و مهتمين أتمنى إنضمامهم إلى هذا الجهد المتواضع لنعمل معاً من خلال ما يصدر عنا من أقوالٍ و أفعال، و من خلال تقديم البرامج و الدراسات و إقامة الدورات في تقديم الأمثولة للجميع، و من خلال التواجد بين الناس و في مركز الحدث الكُردي و السوري في الوطن و خارجه في تقديم الحقيقة للجميع، للعمل على فضح الخوف تمهيداً لتجفيف منابعه، و العمل ضد من يقف خلفه، من خلال توثيق الجرائم التي يرتكبها في المناطق الكُردية السورية و الذي سيتم من خلال جمع الأدلة الخاصة بكل حالة على حدة تمهيداً لإقامة الدعاوي أمام المحاكم المحلية و الدولية ضد الفاعلين المُنفذين و المسؤولين عنهم و كل المحرضين على إرتكاب تلك الجرائم و المتعاونين و المتسترين على فاعليها و ذلك عند إكتمال ملفات كل حالة، بإعتبار أن ذلك يساهم في تحقيق العدالة و ردع الجُناة و إنصاف المجني عليهم.

  
خارطة الطريق لهذا العمل الحقوقي ستكون على الشكل التالي:
1.

مرحلة التأسيس: و ستمتد حتى ثلاثة أشهر، و قد تُمدد عند الحاجة لمرة واحدة فقط، سأقوم خلالها و لوحدي بتحمل جميع الأعباء المادية و المعنوية لهذا العمل، و ستكون البيانات و النشاطات المُذيلة بإسم المنظمة و الصادرة عن بريدها أعلاه مُعبرة عنها، و بالتشاور في كل مرة مع الأصدقاء المنتسبين إليها، كل ذلك بما ينسجم مع مضمون هذا البيان، على أن أحتفظ بإستقلاليتي فيما عدا ذلك.
2.

رغم أن أسم المنظمة هو (مُحامون ضد الصمت) إلا أن الإنتساب مفتوحٌ لجميع النشطاء الحقوقيين الراغبين في العمل لتحقيق أهدافها التي يوضح هذا البيان معالمها، دون أن يكونوا حائزين على شهادة في القانون، إلا أن هناك رغبة أكيدة في ضم عدد كبير من الزملاء الحقوقيين و أصحاب الإختصاصات الأُخرى للعمل مع الجميع على تعزيز ثقافة إحترام حقوق الإنسان.
3.

سيتم وضع نظام داخلي متكامل و برنامج للمنظمة خلال مرحلة التأسيس بناءً على إقتراح الزملاء الراغبين في الإنتساب على أن يتماشى مع مضمون هذا البيان، و مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، و سيتم إختيار عدد من الزملاء كمؤسسين بناءً على التشاور مع الجميع، و على ظروفهم.


2.

مالية المنظمة تتكون من مساهمات الأعضاء و تبرعات الأفراد و المؤسسات التي تشجع العمل الحقوقي، و يمكن قبول التبرعات المادية في مرحلة التأسيس لأغراض إغاثية محددة، على أن تذكر مصادرها و كمياتها في أول مؤتمر تأسيسي تُذكر فيها الصرفيات بشكلٍ شفاف، هذا المؤتمر الذي قد يكون رمزياً للتخفيف من الأعباء المادية التي قد تحتاجها المنظمة لتحقيق أهدافها.
5.

تم طرح الفكرة على عدد من الأصدقاء و الناشطين فلقيت قبولاً لديهم و أبدوا حماساً للعمل لأجلها، لذلك سيكون هذا البيان بمثابة إستفتاء لمعرفة المزيد من الآراء حول الموضوع و إغناءهُ، و كذلك بمثابة دعوة للإنتساب إليه.
6.

مركز المنظمة الحالي هو ألمانيا، و سيتم تسجيلها حسب القوانين و الأصول المرعية فيها عندما تتوافر الشروط لذلك، و سيتم الإستعانة ببرامج إعادة التأهيل التي تُساعد المنظمة على تحقيق أهدافها.

حسين جلبي

مُحامون ضد الصمت

Parêzerên li dijî bêdengiyê  
 
E-Mail: pdb13@hotmail.de   
 Facebook:
153858644778923

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…