الشعب الكوردي ومنذ إنطلاقة الثورة السورية ضد نظام القمع والاستبداد إعتبر نفسه جزءا منها وملتزما بأهدافها وطابعها السلمي من أجل بناء سورية ديمقراطية دستورية تعددية لكل السوريين ، وظل متشبثا بالطابع السلمي لنضاله من أجل إسقاط النظام رغم التحولات التي طرأت على آلية الثورة في بقية المناطق السورية بالشكل الذي أراده النظام ، الأمر الذي دفع بالنظام إلى تسخير جل طاقاته من أجل إقحام المناطق الكوردية في اتون صراع قومي وطائفي بالنظر لتوفر المناخ الملائم لمثل هذا الصراع من تنوع التكوين الإجتماعي للمناطق الكوردية ، وكانت سري كانية المنطقة الأكثر ملائمة ، بإعتبارها الأكثر تداخلا مع بقية المناطق سواء تلك التي أصبحت تحت سيطرة الثوار أم تلك التي لا تزال تحت سيطرة قوات النظام وميليشياته ، هذا إلى جانب كونها معبرا حدوديا مع الدولة التركية حيث تراها العديد من قوى المعارضة العمق الإستراتيجي لها في مواجهة النظام ,
الأمر الذي دفع بهذا الأخير وفي ظل الهزائم التي ألحقت به في الداخل السوري إلى إشعال فتيل الصراع في المنطقة الكوردية من خلال ميليشيات مسلحة تم تعبئتها وتسخيرها لهذه الغاية تحت عباءة الجيش الحر ليجعل منها ذريعة لقصف المدينة الآمنة الأمر الذي تسبب في نزوح جماعي للسكان وتصبح بحق مدينة أشباح ، وفتح الباب على مصراعيه أمام حشود اللصوص والقتلة والفاسدين ممن ارتكبوا أعمال القتل والسلب والنهب، ليس في المدينة المنكوبة فحسب بل امتدت أعمال القتل والسطو المسلح من جانب عصابات جندتها النظام لتشمل ريف المنطقة، حيث لم تسلم من نهبهم حتى السكان الآمنين في الأرياف، هذا ناهيك عن المستودعات العائدة للمصارف الزراعية ومراكز الحبوب والتي كانت تخزن فيها استحقاقات المواطنين من البذور والأسمدة الزراعية والأكياس والشلول المعدة لتعبئة المحاصيل، وليدفع بالشعب الكوردي إلى محرقة صراع مع بقية مكونات المجتمع في المنطقة بغية تعطيل دوره الفعال في الثورة السورية من جهة، والإظهار بإنحراف مسار الثورة عن أهدافها الحقيقية المتمثلة بإسقاط النظام ومرتكزاته وبناء سورية ديمقراطية دستورية تعددية السيادة فيها للقانون وحده .
* الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا