من نضال الكرد ضد الفرنسيين في الجزيرة سورية

برادوست ميتاني

   إن اسم الجزيرة ليس جديد العهد إنما يعود إلى ما قبل الميلاد إذ يذكر المؤرخ اليوناني “زينفون” اسمها في أخبار  الرحلة الملحمية لعشرة ألاف إغريقي فروا من سجون الإمبراطورية الفارسية عام /410/ ق.م اثر هزيمة “كورش” عندما دخلوا أراضي كان يطلق عيها  اسم “كازرتاي كاردو”(1) أي جزيرة كرد وهي جزيرة ابن عمر الحالية  وهي التسمية التي حتى الآن تطلق على الأراضي بين الدجلة والفرات وتعرف في التاريخ لدى الأمم باسم “ميزوبوتاميا” وسكنتها البشرية منذ عشرة ألاف سنة وشهدت صراعات سياسية ودولية عديدة,فتذكر كتب التاريخ  بان السوبارتين أو من مدوا إليها حكمهم وخاصة في “تل حلف” وتلاهم السومريون والأكاديون بقيادة “سركون” الأكادي و الاموريون بقيادة “حمو رابي” والحيثيون أما الميتانيون فكانت عاصمتهم في “آشوكاني” حالياً سري كانيى كما إن الهوريين سبقوهم إلى الجزيرة فكانت عاصمتهم “نسيبين” وقد أقام الهوريون والميتانيون (2) دولة واحدة أصبحت إمبراطورية

 دامت حتى الألف الأول قبل الميلاد وانتهت على يد الأشوريين وكان للآراميين أيضاً نصيب في الاستقرار في الجزيرة عند الفرات وإن الإمبراطورية الميدية التي قامت في الألف الأول قبل الميلاد في شمال غربي إيران في “اكباتان” همذان حالياً قد مدت نفوذها إلى الجزيرة السورية وظلت حتى مجيء الفرس على ,وهؤلاء بدورهم دحروا على يد “الاسكندر المقدوني” الذي احتل إيران والعراق وسورية وكردستان كافة في /331/ قبل الميلاد.

أسس الرومان تحصيناً في “سري كانيى” على يد الإمبراطور “تيودوسيوس”, ثم جاء المسلمون في عهد عمر بن الخطاب وعلى على يد قائده عياض بن غنم /18/هجري , ثم انتقلت السادة على الجزيرة إلى يد الأمويين فالعباسيين فالزنكيين فالايوبين الذين كان لهم مركز ولاية في “آمد”الدولة الدوستكية في ميافارقين ثم المماليك ,ولكن الأثر الكبير في الجزيرة كان في عهد الإمبراطورية العثمانية /1516-1918/ لمدة تزيد على الأربعة قرون , وانتهت على يد التحالف الانكليزي الفرنسي وتمزيقهم للجزيرة في اتفاقية “سايكس-بيكو” بين الدول الثلاث تركيا, سورية, والعراق ممزقين المنطقة جغرافياً حسب مصالحهم السياسية.

الجزيرة في نهاية الحكم العثماني :
    لم تشهد الجزيرة كثافة سكانية كبيرة خلال الحكم العثماني وحتى نهايته إذ كانت أراضي شبه خالية , تشهد بعض التنقلات البدوية من قبل العشائر الكردية والعربية ولم يكن لها أهمية اقتصادية واجتماعية متحضرة باستثناء بعض المراكز البشرية الموجودة الصغيرة مثل “عامودا ( التي تأسست في النصف الثاني من القرن التاسع العشر الميلادي), قرمانية ,بياندور , درباسية, ترباسببيى ,جل آغا , ديرك , سري كاني”  وتلعب هذه المراكز البشرية دوراً استراتيجياً مع خط إسفلت رئيسي يربط القسم الشمالي من الجزيرة من الشرق إلى الغرب , وكان أكثر السكان أكراداًً إلى جانب العرب و  السريان والأرمن والأشوريين وكان مجموع السكان في الجزيرة حينذاك يقارب 40 ألف نسمة (3).

وقد تميز الجميع بروح التآلف والتعاون والانسجام التام والغيرة في الدفاع ضد الدخلاء حفاظاً على كيانهم الاجتماعي , وعيونهم تترقب ما سيفعله الانكليز والفرنسيون بعد أن وقفوا إلى جانب شعوب المنطقة ضد الاحتلال العثماني وبعدما نجحوا في طردهم وتحرير المنطقة منهم بالتعاون مع الثورة العربية الكبرى /1916/ بقيادة الشريف حسين بن علي و ابنه فيصل وتخطيط من لورنس العرب والجنرال “لنبي”, منطلقين بها من الحجاز .
التواجد الفرنسي في الجزيرة:
   بعد اتفاقية سايكس-بيكو /1916/ والتي تمخض عنها رسم الحدود بين الأتراك والانكليز في العراق والفرنسيين في سورية , لم يتمكن الفرنسيون من بسط حكمهم المركزي على الجزيرة, عندما كانت تابعة للحكومة المركزية في دمشق  وبعد القضاء عليها /1920/ عاشت الجزيرة فترة من الزمن تفتقر إلى سلطة مركزية , وكان السكان يعيشون بمرارة إزاء وعود الدول الاستعمارية المخالفة للعهود التي اقتطعوها لهم لذلك كانت قلوبهم مع الثورات الوطنية التي عمت سورية ضد الفرنسيين , وكذلك إخوتهم في العراق ضدا لانكليز, بالإضافة إلى السياسة القومية التي استخدمها الأتراك ضد الشعوب في المنطقة بعد أن لملموا جروحهم بعد اتفاقية سيفر /1920/ , وقد خلقت تلك المشاعر لديهم روحاً قوية في الدفاع عن الأراضي عندما بدء النفوذ الفرنسي يتغلغل رويداً رويداً إلى منطقة الجزيرة بإنشاء مخفر لهم في بياندور في 3 ايار1922 (4)(بين تربا سبي و قامشلي حالياً),وكذلك مركز إداري وعسكري ومخفر في عين ديوار ( شرقي ديرك ) ومخفر في قرية القرمانية القريبة من عامودا , وتقدموا منها نحوها .

ولكنهم ردوا على أعقابهم وعندما حاولوا ذلك مرة ثانية لم يتمكنوا منها إلا بعد اتفاق مع أهل المدينة, بأن يكون المخفر ذو عناصر محلية حصراً.

وقد مد الفرنسيون نفوذهم بعدها إلى ترباسبي كذلك إلى قامشلي (التي تأسست حديثاً, إذ كانت عبارة عن واد يمر فيه نهر “جقجق” وسط نباتات طويلة وكثيفة يقال لها بالكردي “قاميش” , ولكثرة هذا النبات سميت بقامشلو) وقد استقر في المدينة بكثرة الأكراد والسريان والأرمن بالدرجة الأولى ثم تجمع حولها بعض القبائل العربية مثل الطي في قسمها الجنوبي خاصة .وفي عام /1936/ كان الأكراد يمثلون ثلثي سكان الجزيرة (5).
1- معركة بياندور :28-29/7/1923م (6)
    أسس الفرنسيون في قرية بياندور مخفراً لإدارة المنطقة ,وجعلوا الجنرال روغان مسئولاً عن إدارتها دون مراعاة رضا الأهالي الذين تطلعوا إليها كاحتلال , بالرغم من بعض أساليب التقرب من قبل روغان واستخدام سياسة مرنة معهم لتحقيق أهدافه الاستعمارية, فكان يعمل على الاتصال مع كبار رجال القرية وحولها لإيجاد علاقات معهم , ويذكر أنه استدعى  الشهيد محمد عباس شيخ عشيرة “الشيتية” من “دوگر” ( هكذا في المصادر ولكن العشيرة هي “دوركا”), طلب منه التعامل معهم وبالطبع بما يخدم السياسة الفرنسية في بسط نفوذهم على المنطقة , ولكنه رفض ذلك فأمر بإعدامه دون أن يتراجع الشهيد عن موقفه الوطني الكبير .وفي سياق هذه السياسة غادر روغان بياندور إلى منطقة آليان و ديريك وبرفقته الملازمان روبرتو و كاريز لتهدئة الأهالي الرافضة للوجود الفرنسي , فبنى له معسكراً في قرية “زخيرة” أو”دمرقاپو”(باب الحديد) ومطاراً لطائرته وثكنة مدفعية .
     خلال غياب روغان ذاك عن بياندور قام السيد حاجو آغا زعيم اتحاد عشائر “هڤيركان”(7) من ترباسبي بشن هجوم على القاعدة الفرنسية في بياندور ومعه عدد من الوطنين الغيارين, واستولوا على عدد من الغنائم , وقبل ذلك كان حاجو آغا قد أرسل أربعة رجال يزيدين إلى القرية للتخلص من القائم مقام عندما كان موجوداً في القاعدة , فهاجموها ليلاً وأطلقوا عليه النار وأصابوه بجروح بالغة , ثم نقل إلى مشفى دير الزور , ولكنه توفي ,وبهذه الأعمال لاحق الفرنسيون حاجو آغا ورجاله , لذلك  فر إلى الأراضي التركية ضمن الجبال ليعود بعد ذلك عام1926م  فيجبره الفرنسيون على الإقامة في مدينة الحسكة , وكانت انتقامات الفرنسيين فظيعة من الأهالي العزل , وبالرغم من ذلك أتفق أهالي المنطقة جميعاً  على الهجوم كيد واحدة على المقر فأحرقوه وأخذوا أسلحته , حينذاك كان روغان قد وصل جزيرة “بوتان” وخاصة “عين ديوار” و “ديريك” ,وقد خطط الوطنيون ملاقاته أثناء عودته , وقد حدث ذلك في واقعة وطنية كبيرة وهي موقعة “گري تبي” عند (ترباسبي).
2- موقعة “گري تبي” (ترباسبي) والقضاء على روغان (8)
   انتظر الأهالي قدومه من رحلته الأنفة الذكر واصطدموا معه لأول مرة عند “زخيرة”أو”دمرقابو” باب الحديد , ولكنه تمكن من الإفلات من أيديهم , وكذلك عند قرية شبك , وكانت المعركة الكبرى كانت بالقرب من “ترباسبي”عند ” گري تبي”حيث كانت هي الفاصل ,فقد طوقه الأهالي الثوار من كل النواحي , فكانوا يداً واحدة والتاريخ ينصف ذلك إذ كان الكردي يقاتل إلى جانب العربي معاً وبروح وطنية , وبعد مناوشات عديدة تمكنوا من تحقيق النصر وخاصة بعد انضمام الجنود الكرد المرافقين لروغان إلى الثوار ,مما أفقدوه توازنه وقوته وعدم قدرته على المقاومة , وبذلك نجح الوطنيون من قتله , وظلت جثته في أرض المعركة ثم نقلت بعد ذلك بطائرة هليكوبتر إلى دير الزور , وكان شرف مقتله قد تحقق في معمعان القتال لذا صعب حتى هذه الساعة معرفة القاتل , ولكن تتردد ثلاث أسماء بهذا الصدد وهم : عباس عموكة الأكثر حضوراً في هذا المجال وهو من عشيرة حاجي سليماني من قرية حلوة الشيخ زارته أخت روغان بعد سنوات.

الاسم الثاني وهو أحمد الكعود أخو بكرة من جوالة أما الثالث فقد كان علي بطي.
     ومن الجدير بالذكر أن روغان قد أشتهر ببطشه فالأمثلة على ذلك كثيرة منها:أن ألقى القبض على بعض رجال قرية بياندور ومنهم يوسف حسو مختار القرية وأحمد يوسف مختار السيحة و سلومي بن حميد  شيخ الجوالة والشيخ عبد الرزاق نايف الطائي , وعبد الرزاق الحسو , وذلك لمعرفة قاتل القائم قام , فحفر حفراً عديدة وزرعهم فيها حتى العنق , ومنه من ضرب حتى الموت منهم : عبدو أحمي وخلف يادي و حسن مادو وخليل أحمي و عباس محمد .

وتمت ملاحقة حسين محمد طحلو ولكنه تمكن من التواري عن الأنظار .

أما بالنسبة لرأس روغان فقد قطعه الثوار وقدموه هدية لشقيق عباس محمد الذين كان بين الشهداء الذين بلغ عددهم قرابة 15 شهيد وعدداً من الجرحى من عشائر الشيتية والجوالة وأكثرهم من الفلاحين وبينهم آل عباس وآل قرو وكانت نتيجة هذه المعارك البطولية والقضاء على الفرنسيين في بياندور هي  اضطرار الفرنسيين إلى الانتقال إلى القامشلي التي كانت قد بنيت حديثاً .

3- معركة السفح ( الصفح) (9):
    بسب أساليب الفرنسيين البشعة مع السكان في منطقة “سري كانيى” رأس العين أتخذ الوطنيون مواقف مشرفة , ولعبت شخصيات كبيرة دوراً بارزاً في ذلك منهم السيدان عزت سليم بك وصالح الأتبي .

إذ تجمع حولهم الوطنيون  واشتبكوا مع المفرزة فرنسية عند قرية السفح التابعة للمدينة وقادوا المعركة الدامية لساعات طويلة نجحوا خلالها من تحقيق النصر والقضاء على المفرزة .
4- مقتل “غريناس”/1936/في “سري كانيى” (10):
     عندما كان السيدان عبد العزيز حاسة وابن شقيقه  عبد المحسن من عائلة پرسة من عشيرة چاچان في الطريق نحو أرضهما بقرية العريشة  قرب تل تمر وهما من “سري كانيى” تعرضت لهما سيارة  الكابتن غريناس وهو قادم من الصفح باتجاه “سري كانيى” وكان بحوزتهما بندقية حربية , فأستوقفهما الكابتن وطلب منهما تسليم السلاح , فأخبره عبد العزيز أن البندقية مرخصة وموثقة باسمه ولكن الكابتن أراد أن يسحبها منه غصباً و لم يتمكن , لذا أخذ يضربه بالركلات واللطمات حتى كاد أن يقتله  بشكل تعذيبي فصاح عبد العزيز بابن أخيه عبد المحسن قائلاً لقد قتلني أبن الحرام , عندئذٍ ابتعد عبد المحسن قليلاً وأطلق ثلاث طلقات على الكابتن وارداه قتيلاً , ولاذ سائقه ومرافقه بالفرار , كما إن السيد عبد العزيز و عبد المحسن هربا إلى تركيا  خوفاً من بطش الفرنسيين , الذين طوقوا المنطقة بعد ذلك بقيادة الجنرال “جاكو” وساقوا الأهالي من قرى “چاچان” من السفح ثم أحرقوا القرى والمزارع , وفرضوا غرامات باهظة وبنادق عديدة على الأهالي جمعها “الچاچان” من الأهالي والعشائر المجاورة التي لبت المساعدة .

لكن تركيا سلمت المناضلين إلى القوات الفرنسية , مقابل فدية هي عشرة رجال مقابل كل واحد منهما , فقامت السلطات الفرنسية بزجهم في سجن الرملة ببيروت  وجرت لهما محاكمة من قبل المحاكم المختلطة , ولصغر سن عبد المحسن نجح المحامي بأن يجعله من الأحداث , لذلك تم نقله إلى سجن استانبول في حلب بحكم مخفف وهو سجن عسكري ظل فيه لمدة سبع سنوات , ثم تم إرساله إلى سجن دير الزور .

وأعفت بعد ذلك عنهم السلطات الفرنسية مغادرين إلى قريتهما السفح.
5- ملحمة عامودا (11) والبطل سعيد آغا الدقوري (1922-1942) ومن ضمنها “طوشا عاموي” 1937م :
    أهتم الفرنسيون بعامودا كونها متاخمة للحدود التركية  ولها دور اقتصادي كبير خاصة الزارعة ولكثافتها السكانية , وكما أسلفنا عن بنائهم مخفراً شريطة أن يكون عناصره محليين , ولكن الفرنسيين لم يلتزموا بتعهداتهم مع الأهالي , فأنشئوا ثكنة عسكرية صغيرة في المدينة من الجنود الفرنسيين “الكارد موبيل” (الحرس الجوال) فقاموا بتصرفات منافية للعادات والتقاليد الاجتماعية للمدينة , ويوجهون الشتائم للأهالي الذين ضاقوا بهم ذرعاً , فهاجموا الثكنة بالحجارة والعصي وبعض البنادق القديمة , فتمكنوا من طرد عناصرها الذين انسحبوا إلى  مدينة القامشلي , ولكن كخطة مموهة لتهدئة الأحوال والانتقام .
     في عام /1926/ شكلت القيادات الفرنسية جيشاً من بعض العشائر المجاورة , بقيادة مشعل الفارس الشمري تقدمهم قرابة  /300/ حرس فرنسي “هاجانا”, ولكنهم فوجئوا بمقاومة عنيفة بقيادة المجاهد التاريخي سعيد آغا الدقوري زعيم عشائر “الدقورية” الذي كان على اتصال دائم وتنسيق مستمر مع أعضاء الكتلة الوطنية في دمشق, أمثال المجاهد شكري قوتلي وجميل مردم وسعد الله جابري و فخري البارودي و البطل إبراهيم هنانو , وبالتنسيق مع العشائر و الوطنين في عامودا وما حولها أمثال عشائر الكيكية الكردية بقيادة المجاهد عيسى رستم المعروف باسم عيسى القطنة وعشائر الملية بقيادة المجاهد حسين أسعد , وكان اتصال المناضل سعيد آغا الدقوري قوياً مع الحركة الوطنية بزيارته إلى دمشق, بالرغم من صعوبة السفر آنئذٍ بسب بعد المسافة وقلة الوسائط وكثرة عيون الفرنسيين ( الجواسيس والعملاء) , فكان يتلقى الدعم والمشورة ويتوج ذلك بالتفاف الأهالي حوله بفضل الروح الوطنية القوية لدى الجميع, فتمكنوا من مجابهة الجيش الفرنسي الزاحف من القامشلي , والذي كان قد وصل إلى مشارف عامودا , وفي مكان بين قرى “تل حبش” و”چولي”و”ذو الفقار” دارت رحى معركة شديدة قبيل الفجر , حقق فيها المناضلون نصراً ساحقاً , بإلحاق الهزيمة بالدخلاء , بعد أن قدموا /12/ شهيداً من عشيرة “الدقورية” و/12/ من أهالي عامودا بينهم عبدي حاج يونس وعلي حاج قاسم و شيخموس سعد و شيخو محمد الهتو وسليمان العيشو و رمي حسو محمد ,و لما كان المناضل سعيد الدقوري يدرك غاية فرنسا بالتفرقة بين السكان من كرد وعرب وغيرهم للقضاء على الوحدة الوطنية في البلاد , فقد عقد صلات قوية مع أخوته العرب الذين لبوا دعوته وقد كان العربي يستشهد إلى جانب الكردي في ثورة عامودا ضد المحتلين .
    أثناء القتال أراد قائد الثورة السيد سعيد آغا الدقوري  إبعاد أذى الفرنسيين عن الأهالي لذا نقل مركز العمليات إلى خارج المدينة حيث تل عامودا الواقع 3 كم شمالها , وبعد مواصلة الدفاع بصورة حثيثة فلم يتمكن الثوار من مجابهة الآلة العسكرية الفرنسية المدعومة بأعتى العتاد .

أنتقل المناضل سعيد الدقوري مع أقربائه إلى تركيا عام /1927/ فمكثوا فيها لأربع سنوات وكان خلالها يقود معركة استنزاف مع الفرنسيين على قبالة الطرف الثاني من الحدود , فخلق لفرنسا توتراً شديداً لذا طلبت من تركيا أبعاد المجاهد الدقوري , فلبت تركيا ذلك فأبعدته لمسافة 100 كم إلى “آمد” ( ديار بكر ) على نهر دجلة , وبالرغم من ذلك ظل تأثيره على أبناء عامودا قوياً مما أدى إلى اضطرار فرنسا بالتفاهم معه , فأرسلت إليه مندوبين عنها للتفاوض معه وإقناعه بالعودة مقابل إعادة جميع سلطاته السابقة إليه غي المدينة , فأصدرت فرنسا عفواً عنه وعن أخوته و أقاربه , فعاد عام /1931/ إلى مدينته , وكانت غاية فرنسا في ذلك إقناعه بفصل الجزيرة السورية عن الوطن الأم ,بإيجاد شبه دويلة ,وبالتعاون مع حلفائه (بعض المسيحيين) ولتحقيق هذه الغاية كانت تركيا ترسل المسيحيين من أراضيها إلى الجزيرة السورية تلبية لطلب فرنسا , وتحقيقاً لهدفها أرسلت فرنسا ضابطين فرنسيين إلى منزل المجاهد الدقوري , لإقناعه بإنشاء دويلة ,ولكنه رفض قائلاً : أنني رجل سوري ووطني هو سورية (12) ,فكان رد الضابطين هو أن سعيد رجل شقي وسوف يرى في الأيام المقبلة ما لا يرضيه .

وكان المجاهد سعيد يعزز موقفه الوطني ضد المخططات الفرنسية بتجزئة سورية بزيارته عام /1936/ فيكون على صلة دائمة مع الكتلة الوطنية , وسافر للغاية نفسها مرة أخرى عام /1937/ برفقة الحاج شيخموس يونس حسو وسليمان حاج سعدون لشراء سيارة جديدة من نوع فورد موديل عام 1937 , وأثناء عودتهم أخذوا قسطاً من الراحة في دير الزور , إلا أن الأهالي في المدينة أعلموهم نبأ غليان عامودا ضد الفرنسيين , والتي أدت إلى قيام ثورة عارمة تعرف في التاريخ لدى الشعب الكردي باسم  “طوشا عامودي”  عام /1937/.
– طوشا عامودي”  عام /1937/.(13)
     أشعل شرارة الثورة شخص مسيحي ( وهذا مؤسف) وأسمه ملكوف ايلوسباخ بالاتفاق مع الاحتلال الفرنسي بإثارة فتنة دنيئة , وهي انه اتفق مع بعض مسيحيين آخرين على أن يذهب إلى حارات الأكراد , وعندئذ يقوم أولئك المسيحيين بإطلاق النار داخل الحارات الكردية , سيشاع خبر بأن المسيحيين قتلوا المسلمين , وهكذا سينفجر الوضع وتتدخل فرنسا لمعاقبة المدينة , وبالتالي القبض على زعيم الثورة , علماً أنه  وأصدقائه لم يكونوا في المدينة إذ كانوا في طريقهم قادمين من دير الزور , بعد العودة من دمشق , لذا عندما سمعوا بالفتنة غيروا وجهتهم إلى طريق صحراوي نحو الخابور , من خلال معبر الدبس بمساندة بعض الأخوة من العشائر العربية , ثم الوصول إلى قرية الجوهرية 4 كم غرب عامودا , ثم التسلل إلى المدينة وقيادة الثورة التي انطلقت شرارتها في 28/7/1937 بعد الفتنة القذرة , وشملت المعارك شوارع المدينة بين الحي المدعوم بالقوات الفرنسية وعملائها والحي الوطني , باستخدام مختلف أساليب القتال كالقنص وقتال الشوارع والسلاح الأبيض , وبطولات مشرفة تمكن الثوار من تحرير المدينة .

ويقال بأن المجاهد سعيد آغا الدقوري خلال نضاله وهو على ظهر فرسه المسمى “سيلوطي”(14)قتل رامي مدفع بواسطة فرسه التي قفزت عليه وقتلته بحوافرها .

وبعدها قتل ملكوف ايلوسباخ منتقماً لفتنته وذلك عند قرية حمدون قرب الحدود التركية.

ولكن نشوة النصر أصيبت بغصة ألم في اليوم التالي عندما أستخدم الفرنسيون طيراناً مكثفاً ضد المدينة وما حولها من قرى الدقورية تل حبش وغيرها كتل خنزير , حيث بلغ عدد القتلى 32 شهيداً وكذلك قرية “قره قوب” وأستشهد مختارها المناضل محمود هدو , وقرية ديكتية .

فكانت الخسائر كبيرة إذ أستشهد أكثر من /150/ شخص من المدن المجاورة لمدينة عامودا, ولكن الأخيرة كانت الأكثر ضرراً ,إذ تم تدمير المباني فأصبحت أنقاضاً , فأخليت من ذويها حتى قائد الثورة مع أفراد أسرته وأقربائه فروا إلى تركيا .

ولكنه بفطنته السياسية أدرك بأن الأتراك سيسلمونه إلى الفرنسيين مقابل تسليم الفرنسيين المجاهد الكردي محمد جميل باشا للأتراك, لذلك غير رأيه فأختار الملك غازي في العراق للالتجاء إليه مع أهله بسيارتين في 5/8/1937م .

قضى في العراق مدة خمس سنوات عانى فيها منها الفقر والعوزة الهوان ليعود إلى وطنه عام 1942م , بعد توسط العشائر الدقورية في كل من الجزيرة وحارة الأكراد في دمشق ومن معهم من آل شمدين في الكيكية (ركن الدين حالياً) .

وبعد ذلك مارس نضالاً سياسياً , إذ مثل أهل الجزيرة في البرلمان عام 1943 وشاهد الأسقلال 1946 وبعد إحصاء 1962م جرد من أملاكه ,وقضى بقية حياته مواطناً عادياً مغبوناً مجحف الحق في قرية صغيرة قرب الحسكة حتى مماته .ومن الجدير بالذكر أنه والد البطل الشهيد “أحمدي أغي” شهيد سينما عامودا عام 1960م والذي تمكن من إنقاذ أكثر من 12 طفلاً كردياً بحمله طفلين كل مرة إنقاذهما من النافذة التي حطمها , ويومها ضحت عامودا بأكثر من 250 طفلاً للثورة الجزائرية .(15)
6- كان المجتمع الجزيري بشكل عام منقسماً إلى قسم كردي بزعامة حاجو آغا , وقسم عربي بزعامة الشمري دهام الهادي , أما المسيحيون فكانوا موالين للسلطة الفرنسية يتطلعون إلى بناء “سيريانستان” (دولة سريانية في سوريا)  ولهم أغلبية الوظائف والمناصب الإدارية الهامة .

وقد رفض الفرنسيون طلب حاجو آغا وسيداي جگرخوين بتشكيل قوة كردية مؤلفة من عشرة ألاف مقاتل تقاتل إلى جانب القوات الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية معلنين ذلك بقولهم: لا نريد أن نشكل جبهة ضدنا من العرب و الفرس و الاترك من أجل كسب عشرة ألاف جندي كردي .
7- مناضلون من درباسية (16):
    فرحان آغا العيسى : الذي كان من وجهاء المدينة و زوجته التي كانت من أوائل النساء اللواتي يتحدين السلطات الفرنسية وذلك برفع العلم السوري فرق بيتها علماً إنها ولمرات عديدة تعرضت للاستجواب من قبل الفرنسيين بسبب  ذلك وكانت تجابههم بإصرار الروح الوطنية القوية , وكذلك بيت ملا فرو و أمير ذيب و بيت ملول .

لاقت هذه البيوت شتى أنواع المضايقات , وكان أحدهم يضع فوق داره بوري مدفأة شبيه بسبطانة مدفع فيثير بذلك خوف الفرنسيين فيطلبون منه إزالته  مراراً إذ كان في اتجاه ثكنتهم ولكنه يرفض و لذلك يعاقبونه و كذلك برفعهم العلم السوري .

وكذلك عائلة المناضل شيخو الناصر حيث فرضت عليه القوات الفرنسية 36 بندقية لمواقفه الوطنية , حيث سجن في دير الزور ثم السويداء , وحكم الأشغال الشاقة .
     والمناضل مجيد عبد القادر أبو سلو والسيد محمد الشلال أبو بهجت والذي كان شاهد عيان لثورة عامودا إذ قال أن والده ذاق أصناف التعذيب .

وكانت فرنسا تضع الوطنين في براميل تحت لهيب الشمس الحارقة التي كانت تشوي أجسادهم.
8- شخصيات نضالية أخرى:
 أ – المجاهد شيخموس حسين :
    هو من قرية “بريڤا” التابعة لناحية عامودا , وقف مع بني جلدته ضد الفرنسيين في “طوشا عامودي” وجابه الفتنة الطائفية بصرامة , وعند قدوم موكب المستشار الفرنسي من القامشلي لمتابعة الأوضاع في المدينة بصحبة أربع ناقلات مدرعة قام المجاهد برفقة الوطنين سليمان عبدو و بشار حاج موسى و أحمد علو بإطلاق النار على سيارة المستشار و مرافقيه على بعد 8 كم من عامودا , ففر المرافقون وتم القبض على المستشار, ثم أخذوه إلى قرية “بريڤا” ولأسباب إنسانية تركوه يهيم على وجهه في المزارع بين القرى , وفي اليوم التالي جاء الفرنسيون لإلقاء القبض عليه عن طريق العملاء , فأودع السجن في القامشلي, وتلقى فيها صنوف العذاب ولمدة 43 يوم ثم نقل إلى سجن القلعة في دمشق ولمدة سنتين , ثم نقل إلى سجن دير الزور .

بعد قدوم الانكليز المساندين للفيشين إلى سورية أطلقوا سراحه ليعود إلى قريته بعد نضال وطني مشرف ضد الفرنسيين و عملائهم أولئك الذين سلموه إلى الفرنسيين خلال فراره إلى العراق حيث المجاهد سعيد آغا الدقوري , وكان العملاء سبباً في اعتقاله لمرات عديدة  كما أسلفنا سابقاً .
ب – السياسي سعيد إسحاق: 
   ولد في قرية قلعة الأمراء التابعة لماردين , سكن مع أهله في عامودا وساهم مع أقرانه في تأسيس بلديتها , وانتخب رئيساً لها 1928 وأصبح فيما بعد نائباً عن الجزيرة في البرلمان السوري , ثم أميناً لسر البرلمان ,و ظل عضواً فيه لمدة خمس مرات , كما صار أمين سر الكتلة الوطنية لبعض الوقت , وفي عام 1951 أصبح النائب الأول للبرلمان , وبعد استقالة رئيس المجلس حل محله , وبذلك شغل منصب رئيس الجمهورية بالوكالة بعد استقالته في 1/12/1951 ولمدة قصيرة ساهم حينئذ في تجنب البلاد أزمة دستورية , عندما اقنع النواب بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة .
ج – المجاهد عيسى عبد الكريم :
    هو من قرية بكو على طريق عامودا شمال صفيا 10كم , كان من ضمن مؤسسي الكتلة الوطنية .

التجأ إلى العراق عدة مرات وكان مقرباً من المجاهد سعيد آغا الدقوري , إذ كان يرافقه بسيارته بالتجوال في قرى عامودا وغيرها للالتقاء بالأهالي , اعتقل في الحسكة .


د –  عيسى آغا الرستم (عيسى القطنة)(18) :
    من بيت رئاسة عشيرة الكيكية  , انضم إلى الكتلة الوطنية , أودع السجن في دير الزور1937 ,إذ كان على اتصال مع زعماء الكتلة الوطنية في دمشق , منهم المجاهد شكري القوتلي وجميل مردم  وغيرهما .

صادر الفرنسيون العديد من ممتلكاته في “تل كديش”  وشيخ منصور وكذلك 37 بارودة .
هـ – نايف مصطفى باشا  رئيس قبيلة كوچر :
    وقف إلى جانب شعبه ووطنه ضد المطالب الفرنسية فاضطر إلى الهجرة واللجوء إلى العراق حيث الانكليز , وإلى تركيا رافضاً التعامل مع الانكليز والفرنسيين , وكان على اتصال مع  أعضاء الكتلة الوطنية , وانضم إلى الأهالي في منطقة “ديريك” بالهجوم على القوات الفرنسية في المدينة , عندما أشعلوا فتنة بين الأهالي المسلمين والمسيحيين , وبالتعاون مع بعض المسيحيين  الذين استولوا على “دبو” الذخيرة (مخزن الذخيرة)  وقتلوا الناس في الشوارع والبيوت , مما أدى إلى الهجرة الجماعية واللجوء إلى القرى المجاورة (19).

كما انهم أي أولئك المسيحيين بالتعاون مع الفرنسيين انتقلوا إلى قرى أخرى مثل قزرجبةو حناوية ,وقتلوا الأهالي وذلك قبيل رحيل الفرنسيين من البلاد .
و- الشيخ محمد بشير الحامدي :
    من أهالي عامودا تعرض للأعتقال والإقامة الجبرية المطولة .
ي- حسين أسعد آغا :
   من أهالي القامشلي تقديراً لمواقفه الوطنية حل ضيفاً في بيته بـ “جرنة” رئيس الجمهورية المناضل شكري القوتلي , خلال زيارته للجزيرة بعيد الاستقلال .
ك – الشهداء ملا فخري سليمان , رشو أحمد وزوجته , حسن شندي من تل حبش في ناحية عامودا , علي حسن خوجة , شيخ نوري , خلف قركچي من قرية “قره قوب” بناحية عامودا , حج محمد مختار قرية “چولي” , عمرحجو من قرية تل خنزير وحاج عبدي شمدين وشهداء آخرون.

و من رجال المقاومة السيد طاهر تزه من هيمو بالقامشلي وطاهر محمود الذي أحرق داره على يد الفرنسيين.
ل – الشيخ إبراهيم قادري : نجل الشيخ طاهر شيخ عامودا .
م – أهالي قرية الحناوية في منطقة “ديريك” الذين اشتبكوا مع القوات الفرنسية في معركة غير متكافئة قدمت القرية فيها شهداء كثيرين , منهم شهيد من آل كورو 1941, بعدما أحرق الفرنسيين القرية ونهبوها .ثم تفرق أهلها الأكراد إلى أصقاع مختلفة , فمنهم من سكن “گري رش” (تل أسود) وآخرون سكنوا عرعور و “گري ديرا”(تل مزري).
 ن – الشهيد  عباس مطفج :
     ابن عم حاج سليمان عباس , آغا قرية “دوگر” , أستشهد على يد الفرنسيين اثر معركة بياندور1923 وقد هشموا جمجمته بالضرب  حتى لفظ أنفاسه الأخيرة , ثم لفوه بعباءة وسلموه لعمه سليمان عباس , وتم دفنه من قبل الأهالي في موقف جنازة تليق بالشهداء .

الخاتمة :
    ان الكتابة عن تاريخ الجزيرة السورية النضالي ضد الفرنسيين يحتاج إلى كتب عديدة وباحثين مختصين كثر , لغناه بالأحداث والشخصيات  الوطنية التي جسدت روح التفاني في سبيل الوطن , ولم أفلح خلال هذه المحاولة المتواضعة من جمع المصادر والمراجع الكافية وإذا كنت  ركزت على النضال الكردي بصورة أكبر ليشهد الله أنه ليس من باب أي اعتبار سوى لعدم الإطالة فقط ولا يستطيع أحد أن ينكر أو يغيب النضال الوطني المشترك في معارك الشرف للكرد والعرب والمسيحيين معاً والتي قامت ضد الاحتلال الفرنسي في معظم مدن وقرى وروابي الجزيرة , إذ جاء ذلك نابعاً من المعيشة المشتركة  والتلاحم الاجتماعي المتين ضمن بقعة جغرافية تشكل حديقة متنوعة الورود , تمثل كل شريحة و قومية واحدة منها في باقة فواحة جميلة , وإذا ما حاول الاستعمار النيل من وحدتها الوطنية  وجد نفسه يفشل في تحقيق هدفه بالرغم من وجود بعض ذوي النفوس الضعيفة , وإذا ما حاول أي طرف آخر التفرقة بين تلك القوميات سيكون مصيره مصير الذي أسلفنا سابقاً , إذ يؤكد دائماً هذا الشعب السوري عامة والجزيرة خاصة على النضال التاريخي المشترك ضد الدخلاء وسيبقون كذلك دائماً .

ويجب إدراك هذا النضال الشعبي وعدم تغيبه أو تجاهله أو النقصان منه من قبل الباحثين المتخصصين أو المؤسسات الثقافية, أو من حتى على مستوى الأشخاص لأنه تاريخ مشرف للجميع , ويفتخر الجيل الناشئ بالبطولات التي جسدها الآباء والأجداد من جهة , ونرد الجميل ويعيد  لأولئك الأبطال الذين سالت دماؤهم  على أرض الوطن وروت ترابه , وكذلك يعزز ذلك النضال في  تقوية الروح الوطنية لدى المخلصين في الدفاع عن سورية بالكامل أرضها و سهولها وجبالها  وفي مختلف جهاتها الأربعة من قبل  مختلف أطيافها و شرائحها الاجتماعية و قومياتها العريقة وبيد واحدة .
وفي الختام تحية إكبار لكل وطني  استشهد أو ناضل في معارك البطولة والشرف في الجزيرة السورية ,كم كانت لهفتي كبيرة بأن يزف لي أي  شخص  أسماً أو حدثاً آخر  لأدونه وأضمه إلى صف أولئك الأبطال ضمن هذا الموضوع .

مع تمنياتي بالفائدة والمنفعة والله ولي التوفيق .
المراجع والمصادر :
1 –   مجلة الحوار العدد 36 صيف 2002 ص12 مقالة للباحث نذير جزماتي .
2 –  كتاب الحواريون للباحث الأماني جرنون فيلهلم , ترجمة إلى العربية فاروق إسماعيل .
3 –  لمحة تاريخية عن أكراد الجزيرة للأستاذ عبد الحميد درويش ص27.
4 –   كتاب صفحات منسية من نضال الجزيرة السورية للأستاذ صالح هواش المسلط .
5 –  مجلة الحوار العدد41 خريف 2003 مقالة للباحثة ناليدا فوكارو ص18 .
6 – كتاب صفحات منسية من نضال الجزيرة السورية…ص69
7 – مجلة الحوار العدد 41 خريف 2003 مقالة للباحثة ناليدا فوكارو ص18 .
8 –  كتاب صفحات منسية من نضال الجزيرة السورية…ص69+71+207+223 .
9 –  المصدر السابق ص 71
10 –  المصدر السابق ص 62
11 – المصدرالسابق ص11-196
12 – مجلة الحوار العددان 34/35 شتاء وربيع 2002 للكاتب بهجت بكي ص 25 .
13 –  المصدر السابق ص 25+26+…
14 –  شريط غنائي للفنان  الشعبي الراحل سلو كورو .
15 –   مجلة الحوار العدد 36 صيف 2002 مقالة عامودا تتبرع للجزائر بجيل من أبنائها للأستاذين الناجي باڤي شنو + بهجت كي .
16 – كتاب صفحات منسية من نضال الجزيرة السورية …ص 196
17 – المصدر السابق ص237
18 –  المصدر السابق ص186
19 –  ما يرويه كبا السن .
20 –  سيرة حياتي للأديب الكردي سيداي جگرخوين , وبعض أقوال للضابط الفرنسي هوتز نجر في كتابه.

3- معركة السفح ( الصفح) (9):    بسب أساليب الفرنسيين البشعة مع السكان في منطقة “سري كانيى” رأس العين أتخذ الوطنيون مواقف مشرفة , ولعبت شخصيات كبيرة دوراً بارزاً في ذلك منهم السيدان عزت سليم بك وصالح الأتبي .

إذ تجمع حولهم الوطنيون  واشتبكوا مع المفرزة فرنسية عند قرية السفح التابعة للمدينة وقادوا المعركة الدامية لساعات طويلة نجحوا خلالها من تحقيق النصر والقضاء على المفرزة .4- مقتل “غريناس”/1936/في “سري كانيى” (10):     عندما كان السيدان عبد العزيز حاسة وابن شقيقه  عبد المحسن من عائلة پرسة من عشيرة چاچان في الطريق نحو أرضهما بقرية العريشة  قرب تل تمر وهما من “سري كانيى” تعرضت لهما سيارة  الكابتن غريناس وهو قادم من الصفح باتجاه “سري كانيى” وكان بحوزتهما بندقية حربية , فأستوقفهما الكابتن وطلب منهما تسليم السلاح , فأخبره عبد العزيز أن البندقية مرخصة وموثقة باسمه ولكن الكابتن أراد أن يسحبها منه غصباً و لم يتمكن , لذا أخذ يضربه بالركلات واللطمات حتى كاد أن يقتله  بشكل تعذيبي فصاح عبد العزيز بابن أخيه عبد المحسن قائلاً لقد قتلني أبن الحرام , عندئذٍ ابتعد عبد المحسن قليلاً وأطلق ثلاث طلقات على الكابتن وارداه قتيلاً , ولاذ سائقه ومرافقه بالفرار , كما إن السيد عبد العزيز و عبد المحسن هربا إلى تركيا  خوفاً من بطش الفرنسيين , الذين طوقوا المنطقة بعد ذلك بقيادة الجنرال “جاكو” وساقوا الأهالي من قرى “چاچان” من السفح ثم أحرقوا القرى والمزارع , وفرضوا غرامات باهظة وبنادق عديدة على الأهالي جمعها “الچاچان” من الأهالي والعشائر المجاورة التي لبت المساعدة .

لكن تركيا سلمت المناضلين إلى القوات الفرنسية , مقابل فدية هي عشرة رجال مقابل كل واحد منهما , فقامت السلطات الفرنسية بزجهم في سجن الرملة ببيروت  وجرت لهما محاكمة من قبل المحاكم المختلطة , ولصغر سن عبد المحسن نجح المحامي بأن يجعله من الأحداث , لذلك تم نقله إلى سجن استانبول في حلب بحكم مخفف وهو سجن عسكري ظل فيه لمدة سبع سنوات , ثم تم إرساله إلى سجن دير الزور .

وأعفت بعد ذلك عنهم السلطات الفرنسية مغادرين إلى قريتهما السفح.5- ملحمة عامودا (11) والبطل سعيد آغا الدقوري (1922-1942) ومن ضمنها “طوشا عاموي” 1937م :    أهتم الفرنسيون بعامودا كونها متاخمة للحدود التركية  ولها دور اقتصادي كبير خاصة الزارعة ولكثافتها السكانية , وكما أسلفنا عن بنائهم مخفراً شريطة أن يكون عناصره محليين , ولكن الفرنسيين لم يلتزموا بتعهداتهم مع الأهالي , فأنشئوا ثكنة عسكرية صغيرة في المدينة من الجنود الفرنسيين “الكارد موبيل” (الحرس الجوال) فقاموا بتصرفات منافية للعادات والتقاليد الاجتماعية للمدينة , ويوجهون الشتائم للأهالي الذين ضاقوا بهم ذرعاً , فهاجموا الثكنة بالحجارة والعصي وبعض البنادق القديمة , فتمكنوا من طرد عناصرها الذين انسحبوا إلى  مدينة القامشلي , ولكن كخطة مموهة لتهدئة الأحوال والانتقام .

    في عام /1926/ شكلت القيادات الفرنسية جيشاً من بعض العشائر المجاورة , بقيادة مشعل الفارس الشمري تقدمهم قرابة  /300/ حرس فرنسي “هاجانا”, ولكنهم فوجئوا بمقاومة عنيفة بقيادة المجاهد التاريخي سعيد آغا الدقوري زعيم عشائر “الدقورية” الذي كان على اتصال دائم وتنسيق مستمر مع أعضاء الكتلة الوطنية في دمشق, أمثال المجاهد شكري قوتلي وجميل مردم وسعد الله جابري و فخري البارودي و البطل إبراهيم هنانو , وبالتنسيق مع العشائر و الوطنين في عامودا وما حولها أمثال عشائر الكيكية الكردية بقيادة المجاهد عيسى رستم المعروف باسم عيسى القطنة وعشائر الملية بقيادة المجاهد حسين أسعد , وكان اتصال المناضل سعيد آغا الدقوري قوياً مع الحركة الوطنية بزيارته إلى دمشق, بالرغم من صعوبة السفر آنئذٍ بسب بعد المسافة وقلة الوسائط وكثرة عيون الفرنسيين ( الجواسيس والعملاء) , فكان يتلقى الدعم والمشورة ويتوج ذلك بالتفاف الأهالي حوله بفضل الروح الوطنية القوية لدى الجميع, فتمكنوا من مجابهة الجيش الفرنسي الزاحف من القامشلي , والذي كان قد وصل إلى مشارف عامودا , وفي مكان بين قرى “تل حبش” و”چولي”و”ذو الفقار” دارت رحى معركة شديدة قبيل الفجر , حقق فيها المناضلون نصراً ساحقاً , بإلحاق الهزيمة بالدخلاء , بعد أن قدموا /12/ شهيداً من عشيرة “الدقورية” و/12/ من أهالي عامودا بينهم عبدي حاج يونس وعلي حاج قاسم و شيخموس سعد و شيخو محمد الهتو وسليمان العيشو و رمي حسو محمد ,و لما كان المناضل سعيد الدقوري يدرك غاية فرنسا بالتفرقة بين السكان من كرد وعرب وغيرهم للقضاء على الوحدة الوطنية في البلاد , فقد عقد صلات قوية مع أخوته العرب الذين لبوا دعوته وقد كان العربي يستشهد إلى جانب الكردي في ثورة عامودا ضد المحتلين .

   أثناء القتال أراد قائد الثورة السيد سعيد آغا الدقوري  إبعاد أذى الفرنسيين عن الأهالي لذا نقل مركز العمليات إلى خارج المدينة حيث تل عامودا الواقع 3 كم شمالها , وبعد مواصلة الدفاع بصورة حثيثة فلم يتمكن الثوار من مجابهة الآلة العسكرية الفرنسية المدعومة بأعتى العتاد .

أنتقل المناضل سعيد الدقوري مع أقربائه إلى تركيا عام /1927/ فمكثوا فيها لأربع سنوات وكان خلالها يقود معركة استنزاف مع الفرنسيين على قبالة الطرف الثاني من الحدود , فخلق لفرنسا توتراً شديداً لذا طلبت من تركيا أبعاد المجاهد الدقوري , فلبت تركيا ذلك فأبعدته لمسافة 100 كم إلى “آمد” ( ديار بكر ) على نهر دجلة , وبالرغم من ذلك ظل تأثيره على أبناء عامودا قوياً مما أدى إلى اضطرار فرنسا بالتفاهم معه , فأرسلت إليه مندوبين عنها للتفاوض معه وإقناعه بالعودة مقابل إعادة جميع سلطاته السابقة إليه غي المدينة , فأصدرت فرنسا عفواً عنه وعن أخوته و أقاربه , فعاد عام /1931/ إلى مدينته , وكانت غاية فرنسا في ذلك إقناعه بفصل الجزيرة السورية عن الوطن الأم ,بإيجاد شبه دويلة ,وبالتعاون مع حلفائه (بعض المسيحيين) ولتحقيق هذه الغاية كانت تركيا ترسل المسيحيين من أراضيها إلى الجزيرة السورية تلبية لطلب فرنسا , وتحقيقاً لهدفها أرسلت فرنسا ضابطين فرنسيين إلى منزل المجاهد الدقوري , لإقناعه بإنشاء دويلة ,ولكنه رفض قائلاً : أنني رجل سوري ووطني هو سورية (12) ,فكان رد الضابطين هو أن سعيد رجل شقي وسوف يرى في الأيام المقبلة ما لا يرضيه .

وكان المجاهد سعيد يعزز موقفه الوطني ضد المخططات الفرنسية بتجزئة سورية بزيارته عام /1936/ فيكون على صلة دائمة مع الكتلة الوطنية , وسافر للغاية نفسها مرة أخرى عام /1937/ برفقة الحاج شيخموس يونس حسو وسليمان حاج سعدون لشراء سيارة جديدة من نوع فورد موديل عام 1937 , وأثناء عودتهم أخذوا قسطاً من الراحة في دير الزور , إلا أن الأهالي في المدينة أعلموهم نبأ غليان عامودا ضد الفرنسيين , والتي أدت إلى قيام ثورة عارمة تعرف في التاريخ لدى الشعب الكردي باسم  “طوشا عامودي”  عام /1937/.- طوشا عامودي”  عام /1937/.(13)     أشعل شرارة الثورة شخص مسيحي ( وهذا مؤسف) وأسمه ملكوف ايلوسباخ بالاتفاق مع الاحتلال الفرنسي بإثارة فتنة دنيئة , وهي انه اتفق مع بعض مسيحيين آخرين على أن يذهب إلى حارات الأكراد , وعندئذ يقوم أولئك المسيحيين بإطلاق النار داخل الحارات الكردية , سيشاع خبر بأن المسيحيين قتلوا المسلمين , وهكذا سينفجر الوضع وتتدخل فرنسا لمعاقبة المدينة , وبالتالي القبض على زعيم الثورة , علماً أنه  وأصدقائه لم يكونوا في المدينة إذ كانوا في طريقهم قادمين من دير الزور , بعد العودة من دمشق , لذا عندما سمعوا بالفتنة غيروا وجهتهم إلى طريق صحراوي نحو الخابور , من خلال معبر الدبس بمساندة بعض الأخوة من العشائر العربية , ثم الوصول إلى قرية الجوهرية 4 كم غرب عامودا , ثم التسلل إلى المدينة وقيادة الثورة التي انطلقت شرارتها في 28/7/1937 بعد الفتنة القذرة , وشملت المعارك شوارع المدينة بين الحي المدعوم بالقوات الفرنسية وعملائها والحي الوطني , باستخدام مختلف أساليب القتال كالقنص وقتال الشوارع والسلاح الأبيض , وبطولات مشرفة تمكن الثوار من تحرير المدينة .

ويقال بأن المجاهد سعيد آغا الدقوري خلال نضاله وهو على ظهر فرسه المسمى “سيلوطي”(14)قتل رامي مدفع بواسطة فرسه التي قفزت عليه وقتلته بحوافرها .

وبعدها قتل ملكوف ايلوسباخ منتقماً لفتنته وذلك عند قرية حمدون قرب الحدود التركية.

ولكن نشوة النصر أصيبت بغصة ألم في اليوم التالي عندما أستخدم الفرنسيون طيراناً مكثفاً ضد المدينة وما حولها من قرى الدقورية تل حبش وغيرها كتل خنزير , حيث بلغ عدد القتلى 32 شهيداً وكذلك قرية “قره قوب” وأستشهد مختارها المناضل محمود هدو , وقرية ديكتية .

فكانت الخسائر كبيرة إذ أستشهد أكثر من /150/ شخص من المدن المجاورة لمدينة عامودا, ولكن الأخيرة كانت الأكثر ضرراً ,إذ تم تدمير المباني فأصبحت أنقاضاً , فأخليت من ذويها حتى قائد الثورة مع أفراد أسرته وأقربائه فروا إلى تركيا .

ولكنه بفطنته السياسية أدرك بأن الأتراك سيسلمونه إلى الفرنسيين مقابل تسليم الفرنسيين المجاهد الكردي محمد جميل باشا للأتراك, لذلك غير رأيه فأختار الملك غازي في العراق للالتجاء إليه مع أهله بسيارتين في 5/8/1937م .

قضى في العراق مدة خمس سنوات عانى فيها منها الفقر والعوزة الهوان ليعود إلى وطنه عام 1942م , بعد توسط العشائر الدقورية في كل من الجزيرة وحارة الأكراد في دمشق ومن معهم من آل شمدين في الكيكية (ركن الدين حالياً) .

وبعد ذلك مارس نضالاً سياسياً , إذ مثل أهل الجزيرة في البرلمان عام 1943 وشاهد الأسقلال 1946 وبعد إحصاء 1962م جرد من أملاكه ,وقضى بقية حياته مواطناً عادياً مغبوناً مجحف الحق في قرية صغيرة قرب الحسكة حتى مماته .ومن الجدير بالذكر أنه والد البطل الشهيد “أحمدي أغي” شهيد سينما عامودا عام 1960م والذي تمكن من إنقاذ أكثر من 12 طفلاً كردياً بحمله طفلين كل مرة إنقاذهما من النافذة التي حطمها , ويومها ضحت عامودا بأكثر من 250 طفلاً للثورة الجزائرية .(15)6- كان المجتمع الجزيري بشكل عام منقسماً إلى قسم كردي بزعامة حاجو آغا , وقسم عربي بزعامة الشمري دهام الهادي , أما المسيحيون فكانوا موالين للسلطة الفرنسية يتطلعون إلى بناء “سيريانستان” (دولة سريانية في سوريا)  ولهم أغلبية الوظائف والمناصب الإدارية الهامة .

وقد رفض الفرنسيون طلب حاجو آغا وسيداي جگرخوين بتشكيل قوة كردية مؤلفة من عشرة ألاف مقاتل تقاتل إلى جانب القوات الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية معلنين ذلك بقولهم: لا نريد أن نشكل جبهة ضدنا من العرب و الفرس و الاترك من أجل كسب عشرة ألاف جندي كردي .7- مناضلون من درباسية (16):   : الذي كان من وجهاء المدينة والتي كانت من أوائل النساء اللواتي يتحدين السلطات الفرنسية وذلك برفع العلم السوري فرق بيتها علماً إنها ولمرات عديدة تعرضت للاستجواب من قبل الفرنسيين بسبب  ذلك وكانت تجابههم بإصرار الروح الوطنية القوية , وكذلك بيت و و .

لاقت هذه البيوت شتى أنواع المضايقات , وكان أحدهم يضع فوق داره بوري مدفأة شبيه بسبطانة مدفع فيثير بذلك خوف الفرنسيين فيطلبون منه إزالته  مراراً إذ كان في اتجاه ثكنتهم ولكنه يرفض و لذلك يعاقبونه و كذلك برفعهم العلم السوري .

وكذلك عائلة المناضل حيث فرضت عليه القوات الفرنسية 36 بندقية لمواقفه الوطنية , حيث سجن في دير الزور ثم السويداء , وحكم الأشغال الشاقة .

    والمناضل والسيد والذي كان شاهد عيان لثورة عامودا إذ قال أن والده ذاق أصناف التعذيب .

وكانت فرنسا تضع الوطنين في براميل تحت لهيب الشمس الحارقة التي كانت تشوي أجسادهم.8- شخصيات نضالية أخرى:    هو من قرية “بريڤا” التابعة لناحية عامودا , وقف مع بني جلدته ضد الفرنسيين في “طوشا عامودي” وجابه الفتنة الطائفية بصرامة , وعند قدوم موكب المستشار الفرنسي من القامشلي لمتابعة الأوضاع في المدينة بصحبة أربع ناقلات مدرعة قام المجاهد برفقة الوطنين سليمان عبدو و بشار حاج موسى و أحمد علو بإطلاق النار على سيارة المستشار و مرافقيه على بعد 8 كم من عامودا , ففر المرافقون وتم القبض على المستشار, ثم أخذوه إلى قرية “بريڤا” ولأسباب إنسانية تركوه يهيم على وجهه في المزارع بين القرى , وفي اليوم التالي جاء الفرنسيون لإلقاء القبض عليه عن طريق العملاء , فأودع السجن في القامشلي, وتلقى فيها صنوف العذاب ولمدة 43 يوم ثم نقل إلى سجن القلعة في دمشق ولمدة سنتين , ثم نقل إلى سجن دير الزور .

بعد قدوم الانكليز المساندين للفيشين إلى سورية أطلقوا سراحه ليعود إلى قريته بعد نضال وطني مشرف ضد الفرنسيين و عملائهم أولئك الذين سلموه إلى الفرنسيين خلال فراره إلى العراق حيث المجاهد سعيد آغا الدقوري , وكان العملاء سبباً في اعتقاله لمرات عديدة  كما أسلفنا سابقاً .

   ولد في قرية قلعة الأمراء التابعة لماردين , سكن مع أهله في عامودا وساهم مع أقرانه في تأسيس بلديتها , وانتخب رئيساً لها 1928 وأصبح فيما بعد نائباً عن الجزيرة في البرلمان السوري , ثم أميناً لسر البرلمان ,و ظل عضواً فيه لمدة خمس مرات , كما صار أمين سر الكتلة الوطنية لبعض الوقت , وفي عام 1951 أصبح النائب الأول للبرلمان , وبعد استقالة رئيس المجلس حل محله , وبذلك شغل منصب رئيس الجمهورية بالوكالة بعد استقالته في 1/12/1951 ولمدة قصيرة ساهم حينئذ في تجنب البلاد أزمة دستورية , عندما اقنع النواب بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة .ج – المجاهد عيسى عبد الكريم :     هو من قرية بكو على طريق عامودا شمال صفيا 10كم , كان من ضمن مؤسسي الكتلة الوطنية .

التجأ إلى العراق عدة مرات وكان مقرباً من المجاهد سعيد آغا الدقوري , إذ كان يرافقه بسيارته بالتجوال في قرى عامودا وغيرها للالتقاء بالأهالي , اعتقل في الحسكة .

د –  عيسى آغا الرستم (عيسى القطنة)(18) :    من بيت رئاسة عشيرة الكيكية  , انضم إلى الكتلة الوطنية , أودع السجن في دير الزور1937 ,إذ كان على اتصال مع زعماء الكتلة الوطنية في دمشق , منهم المجاهد شكري القوتلي وجميل مردم  وغيرهما .

صادر الفرنسيون العديد من ممتلكاته في “تل كديش”  وشيخ منصور وكذلك 37 بارودة .هـ – نايف مصطفى باشا  رئيس قبيلة كوچر :    وقف إلى جانب شعبه ووطنه ضد المطالب الفرنسية فاضطر إلى الهجرة واللجوء إلى العراق حيث الانكليز , وإلى تركيا رافضاً التعامل مع الانكليز والفرنسيين , وكان على اتصال مع  أعضاء الكتلة الوطنية , وانضم إلى الأهالي في منطقة “ديريك” بالهجوم على القوات الفرنسية في المدينة , عندما أشعلوا فتنة بين الأهالي المسلمين والمسيحيين , وبالتعاون مع بعض المسيحيين  الذين استولوا على “دبو” الذخيرة (مخزن الذخيرة)  وقتلوا الناس في الشوارع والبيوت , مما أدى إلى الهجرة الجماعية واللجوء إلى القرى المجاورة (19).

كما انهم أي أولئك المسيحيين بالتعاون مع الفرنسيين انتقلوا إلى قرى أخرى مثل قزرجبةو حناوية ,وقتلوا الأهالي وذلك قبيل رحيل الفرنسيين من البلاد .و- الشيخ محمد بشير الحامدي :    من أهالي عامودا تعرض للأعتقال والإقامة الجبرية المطولة .ي- حسين أسعد آغا :   من أهالي القامشلي تقديراً لمواقفه الوطنية حل ضيفاً في بيته بـ “جرنة” رئيس الجمهورية المناضل شكري القوتلي , خلال زيارته للجزيرة بعيد الاستقلال .ك – الشهداء ملا فخري سليمان , رشو أحمد وزوجته , حسن شندي من تل حبش في ناحية عامودا , علي حسن خوجة , شيخ نوري , خلف قركچي من قرية “قره قوب” بناحية عامودا , حج محمد مختار قرية “چولي” , عمرحجو من قرية تل خنزير وحاج عبدي شمدين وشهداء آخرون.

و من رجال المقاومة السيد طاهر تزه من هيمو بالقامشلي وطاهر محمود الذي أحرق داره على يد الفرنسيين.ل – الشيخ إبراهيم قادري : نجل الشيخ طاهر شيخ عامودا .م – أهالي قرية الحناوية في منطقة “ديريك” الذين اشتبكوا مع القوات الفرنسية في معركة غير متكافئة قدمت القرية فيها شهداء كثيرين , منهم شهيد من آل كورو 1941, بعدما أحرق الفرنسيين القرية ونهبوها .ثم تفرق أهلها الأكراد إلى أصقاع مختلفة , فمنهم من سكن “گري رش” (تل أسود) وآخرون سكنوا عرعور و “گري ديرا”(تل مزري).

ن – الشهيد  عباس مطفج :     ابن عم حاج سليمان عباس , آغا قرية “دوگر” , أستشهد على يد الفرنسيين اثر معركة بياندور1923 وقد هشموا جمجمته بالضرب  حتى لفظ أنفاسه الأخيرة , ثم لفوه بعباءة وسلموه لعمه سليمان عباس , وتم دفنه من قبل الأهالي في موقف جنازة تليق بالشهداء .

   ان الكتابة عن تاريخ الجزيرة السورية النضالي ضد الفرنسيين يحتاج إلى كتب عديدة وباحثين مختصين كثر , لغناه بالأحداث والشخصيات  الوطنية التي جسدت روح التفاني في سبيل الوطن , ولم أفلح خلال هذه المحاولة المتواضعة من جمع المصادر والمراجع الكافية وإذا كنت  ركزت على النضال الكردي بصورة أكبر ليشهد الله أنه ليس من باب أي اعتبار سوى لعدم الإطالة فقط ولا يستطيع أحد أن ينكر أو يغيب النضال الوطني المشترك في معارك الشرف للكرد والعرب والمسيحيين معاً والتي قامت ضد الاحتلال الفرنسي في معظم مدن وقرى وروابي الجزيرة , إذ جاء ذلك نابعاً من المعيشة المشتركة  والتلاحم الاجتماعي المتين ضمن بقعة جغرافية تشكل حديقة متنوعة الورود , تمثل كل شريحة و قومية واحدة منها في باقة فواحة جميلة , وإذا ما حاول الاستعمار النيل من وحدتها الوطنية  وجد نفسه يفشل في تحقيق هدفه بالرغم من وجود بعض ذوي النفوس الضعيفة , وإذا ما حاول أي طرف آخر التفرقة بين تلك القوميات سيكون مصيره مصير الذي أسلفنا سابقاً , إذ يؤكد دائماً هذا الشعب السوري عامة والجزيرة خاصة على النضال التاريخي المشترك ضد الدخلاء وسيبقون كذلك دائماً .

ويجب إدراك هذا النضال الشعبي وعدم تغيبه أو تجاهله أو النقصان منه من قبل الباحثين المتخصصين أو المؤسسات الثقافية, أو من حتى على مستوى الأشخاص لأنه تاريخ مشرف للجميع , ويفتخر الجيل الناشئ بالبطولات التي جسدها الآباء والأجداد من جهة , ونرد الجميل ويعيد  لأولئك الأبطال الذين سالت دماؤهم  على أرض الوطن وروت ترابه , وكذلك يعزز ذلك النضال في  تقوية الروح الوطنية لدى المخلصين في الدفاع عن سورية بالكامل أرضها و سهولها وجبالها  وفي مختلف جهاتها الأربعة من قبل  مختلف أطيافها و شرائحها الاجتماعية و قومياتها العريقة وبيد واحدة .وفي الختام تحية إكبار لكل وطني  استشهد أو ناضل في معارك البطولة والشرف في الجزيرة السورية ,كم كانت لهفتي كبيرة بأن يزف لي أي  شخص  أسماً أو حدثاً آخر  لأدونه وأضمه إلى صف أولئك الأبطال ضمن هذا الموضوع .

مع تمنياتي بالفائدة والمنفعة والله ولي التوفيق .المراجع والمصادر :1 –   مجلة الحوار العدد 36 صيف 2002 ص12 مقالة للباحث نذير جزماتي .2 –  كتاب الحواريون للباحث الأماني جرنون فيلهلم , ترجمة إلى العربية فاروق إسماعيل .3 –  لمحة تاريخية عن أكراد الجزيرة للأستاذ عبد الحميد درويش ص27.4 –   كتاب صفحات منسية من نضال الجزيرة السورية للأستاذ صالح هواش المسلط .5 –  مجلة الحوار العدد41 خريف 2003 مقالة للباحثة ناليدا فوكارو ص18 .6 – كتاب صفحات منسية من نضال الجزيرة السورية…ص697 – مجلة الحوار العدد 41 خريف 2003 مقالة للباحثة ناليدا فوكارو ص18 .8 –  كتاب صفحات منسية من نضال الجزيرة السورية…ص69+71+207+223 .9 –  المصدر السابق ص 7110 –  المصدر السابق ص 6211 – المصدرالسابق ص11-19612 – مجلة الحوار العددان 34/35 شتاء وربيع 2002 للكاتب بهجت بكي ص 25 .13 –  المصدر السابق ص 25+26+…14 –  شريط غنائي للفنان  الشعبي الراحل سلو كورو .15 –   مجلة الحوار العدد 36 صيف 2002 مقالة عامودا تتبرع للجزائر بجيل من أبنائها للأستاذين الناجي باڤي شنو + بهجت كي .16 – كتاب صفحات منسية من نضال الجزيرة السورية …ص 19617 – المصدر السابق ص23718 –  المصدر السابق ص18619 –  ما يرويه كبا السن .20 –  سيرة حياتي للأديب الكردي سيداي جگرخوين , وبعض أقوال للضابط الفرنسي هوتز نجر في كتابه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…