ثم
كنا منذ البداية كمنظمة آثورية وكحركة كردية مصرين على السلمية وكنا ندعوا مع حزب الوحدة والقوى الأخرى للحل السلمي, ولكن إصرار النظام على الحسم العسكري والقوة أدى وكان من الطبيعي أن يؤدي إلى نشوء ظاهرة العسكرة والتسلح وظهور الجيش الحر, ونجح النظام في العسكرة وفي استدراج الخارج للتدخل على أساس أن يطرح نفسه بصورة أخرى جديدة كمكافح للإرهاب.
هذا وأشار الأستاذ كبرئيل أنه حتى الآن كل آفاق الحلول السلمية موصدة, لأن النظام ليس لديه الاستعداد لمثل هذه الحلول وهو مدعوم ومغطى من حلفائه الدوليين والإقليميين ولذلك نرى حديثه عن المؤامرة, التي هي على الشعب السوري أصلاً, فوقوف المجتمع الدولي موقف المتفرج على شعب يذبح ويقصف بالصواريخ وآخرها صواريخ السكود وعدم تقديم أية مساعدة جدية, واعتبار القضية السورية كقضية إنسانية أو كقضية لاجئين, يشير إلى أن هذه المؤامرة هي على الشعب السوري الذي يدفع الثمن يومياً من دماء وعذابات أبنائه, في حين إن الحقيقة هي أن القضية السورية هي قضية شعب ثار من أجل الحرية ومن أجل دولة ديمقراطية مدنية تليق بالسوريين, هذا من جهة النظام ولكن علينا أن لانخفي مسؤوليتنا أيضاً عن زيادة معاناة شعبنا السوري وذلك من خلال عدم القدرة على التفاهم بيننا كقوى وطنية ومن خلال عدم القدرة على طرح برنامج واضح يقنع المترددين, وأيضاً عدم القدرة على طرح البديل الذي يستطيع حماية مصالح الشعب السوري ويحافظ على المؤسسات وكيان الدولة ويحمي في الوقت نفسه مصالح اللاعبين الكبار الإقليميين والدوليين وبالتالي يقنع الخارج بالتحرك لإنهاء الأزمة, هذان السببان يفسران عدم الضغط جدياً على النظام للانتقال إلى سلطة أو حكومة انتقالية وبديل منطقي وواقعي للنظام, وما المؤتمرات العديدة إلا إثبات على عدم القدرة على إيجاد الحلول.
وأضاف الأستاذ كبرئيل إن المقاومة السورية والجيش الحر بالسلاح الموجود لديه لايستطيع الحسم مع الحصار الموجود, وتدفق السلاح الذي هو بالقطارة وذلك لضمان عدم انهزام المعارضة وعدم انتصار النظام , كما إن طروحات تشكيل حكومة مؤقتة أو غيرها ما هي إلا بالونات اختبار وكل هذه الطروحات ونجاحها مرهونة بالتوافق الأمريكي الروسي, والذي حتى الآن لم يحدث أي زحزحة في الموقف, فمازال الأمريكان غير قادرين على تحقيق رؤيتهم والروس مازالوا كحاضنة للنظام.
أما بالنسبة للقوميات المكونة للشعب السوري أكد الأستاذ كبرئيل أنها بدأت بداية ناجحة وذلك عندما كنا جزءً من الحراك على مستوى سورية والمرحوم (أبو شيار), كان له الدور الكبير في ذلك, من خلال دفع القوى الكردية وتشجيعها على الانخراط في الحراك السوري العام ونجحنا في تأسيس إعلان دمشق وأصبح هناك قبول وتحققت اختراقات على مستوى تفهم الحقوق القومية الكردية والآشورية, إلى إعلان المجلس الوطني السوري, الذي كنا نتمنى أن تشارك فيه أحزاب كردية لأننا نعتقد أن القوميات القليلة العدد من المهم أن يكون لها حاضنة وطنية, تحفف كثيراً الاحتقانات, وكنا سعيدين بتأسيس المجلس الوطني الكردي والهيئة الكردية العليا ونتمنى منها أن تكون جزءً من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة و جزءً من أي حاضنة وطنية أخرى, لأن مشاركتنا كآشوريين سريان وككرد تعزز أي إطار وطني وتقرب المسافة الفاصلة لإسقاط النظام, كما إن وجودنا يشكل حالة توازن في المعارضة الوطنية والتي نحتاجها اليوم كثيراً في ظل رد الفعل على عنف وبطش النظام من خلال شيوع حالات التطرف والتعصب في المجتمع السوري والذي يسعى النظام جاهداً إلى إبرازها وبالتالي إظهار المعارضين له كمتطرفين, ولذلك نتمنى أن تكون الحركة الكردية جزء من المعارضة الوطنية كما نحض على تبني حقوقهم وحقوقنا المشروعة والتي تؤكدها المعاهدات والمواثيق الدولية, وهي حقوق شعب يعيش على أرضه التاريخية ويشكل جزءً من النسيج الوطني ولذلك لابد لهذه الحقوق أن تؤخذ بموافقة وتفهم الغالبية من الأخوة العرب شركاؤنا في الوطن.
بعد هذا السرد الشيق أنتقل الأستاذ كبرئيل للحديث عن أوضاع الجزيرة السورية وأشاد بدور الحركة الكردية في المشاركة في الحراك الثوري وأكد إن مشاركتهم كانت مشاركة سياسية وهذه كانت رؤيتهم لإبراز الحراك كحراك وطني, وكل متابع لهذا الحراك منذ البدايات في المنتديات إلى إعلان دمشق إلى الائتلاف الوطني يرى دائماً حضوراً كبيراً للجزراويين فيه وهذا دليل حيوية في هذا المجتمع.
ولكن مع الأسف شهدنا ولاحظنا مرات عدة بوادر احتقانات عربية-كردية أو مسيحية-إسلامية وعوامل التوتر ازدادت كما غذت الكثير من الأطراف هذه الاحتقانات وأولها النظام الذي هذه هي لعبته التي أتقنها منذ أربعين عاماً ودخلت دول إقليمية أيضاً على الخط, بالإضافة إلى ابتعادنا عن العقلانية والحكمة زادت من هذه الاحتقانات إلى أن تفجرت ورأينا ذلك في رأس العين التي أخرجتنا كقوى سياسية من حالة التفرج.
أكد الأستاذ موشي إنهم كمنظمة حاولوا منذ تموز الماضي بتقديم مبادرة لكل القوى السياسية الموجودة في الجزيرة وهذه المبادرة معنية بالجزيرة بشكل خاص وأفكارها ليست وليدة من أفكارنا فقط بل كل القوى الوطنية الأخرى لها نفس الأفكار, ولكن بالرغم من التشجيع والدعم اللفظي للمبادرة فإنها لازالت تراوح مكانها, وقد دعانا مكتب العلاقات الوطنية في الهيئة الكردية العليا ولكن مازلنا نراوح وندور حول الكلمات, والمبادرة باختصار جوهرها يقوم على المشاركة بين أبناء الجزيرة ونتوجه فيها فقط للأحزاب السياسية وقوى الحراك الثوري والشخصيات التي انحازت إلى الثورة في البدايات وللقوى التي تحرص أن تبقى منطقة الجزيرة كملاذ آمن, حيث نسعى لتشكيل لجنة تحضيرية للدعوة لاجتماع تشاوري لإبراز التنوع والتعدد والغاية من هذا اللقاء الموسع تشكيل هيئة وطنية سياسية تكون بمثابة المظلة لكل القوى الوطنية التي تؤمن بالتغيير, ولتكون بذلك هذه الهيئة بمثابة رسالة آمان واطمئنان وتكون نواة لائتلاف وطني يقود المرحلة الانتقالية, حيث الآن أكثر من /70%/ من سوريا خارج سيطرة النظام و/80%/ من الجزيرة خارج سيطرة النظام أيضاً فقط الحسكة والقامشلي بقي فيها النظام وهو لا يقوم بأي دور أو وظيفة من مهامه وهو يعاني من ضعف وضمور شديدين وهمه الوحيد هو حماية مقراته وهناك إمكانية أن تتحرر المدينتان أيضاً سلمياً ومتوقع أن ينهار فيهما النظام في أية لحظة كما إن شيوع مظاهر التسلح ووقوعه في الكثير من الحالات في أيادي غير مسؤولة وشيوع مظاهر الجريمة المنظمة والخطف والسرقات ونحن حتى الآن كقوى سياسية لم نستطع تحقيق أي إنجاز وبقينا متفرجين وجوهر مبادرتنا هي الخروج من هذه الحالة السلبية وبتشكيل هذه الهيئة الوطنية سنستطيع ملئ الفراغ وقطع الطريق على الفوضى والفلتان وقطع الطريق على تدخل خارجي , لذلك كلنا مطالبين اليوم بالتخلي عن إيديولوجياتنا وتخندقاتنا وأن نتخلى عن شعاراتنا الكبيرة وأن نتواضع, لأن الجزيرة هي صورة مصغرة لسورية وتنطوي على كل الحساسيات الموجودة في سوريا, وبالتالي نجاح النموذج الديمقراطي في الجزيرة هو نجاح لهذا النموذج في عموم سوريا, علينا التفكير في تقديم الخدمات وأن لا نستنسخ تجارب النظام, ونتمنى أن ننتقل من دائرة القول إلى دائرة العمل والحركة الكردية تعتبر كرافعة ومن الضروري تشكيل البديل في الجزيرة وأي صراع عربي كردي أو مسيحي الكل خاسرين فيه, وبتشكيل هذه الهيئة سنقطع الطريق على ذلك وسنكون كلنا رابحين, نربح المستقبل والأجيال القادمة ونربح الوطن نربح سوريا جديدة تقوم على أساس الشراكة والعدالة.