شركي و سيمالكا

    برزان شيخموس

أحاديث كثيرة تداولها  الناس عن الحدود مع إقليم كردستان العراق , أولها الهروب إلى الإقليم عن طريق (شركي) ثم الاتفاقية الموقعة بين الهيئة العليا و الإقليم على فتح المعبر في (سيمالكا)  و انتهاء معاناة التهريب عبر (شركي) .

تسنت لي زيارة في الأيام الماضية إلى منطقة ديرك تقصدت فيها زيارة كل من قرية (شركي و سيمالكا )الحدوديتين لأرى بعض الأمور على طبيعتها للتأكد مما  يتناقله الناس سواء أكانوا  من المتفائلين بالوضع و ما سيئول إليه أو المتشائمين .
بعد المرور من مدينة قامشلو يرى المرء كل شيء عياناً و على حقيقته دون مبالغة أو تضخيم , أمطار كثيرة منهمرة على المنطقة بشكل عام و برك و مستنقعات مائية أينما وقع بصرك المنظر مألوف لكن مع ذلك تتاح الفرص أمام  المرء مشاهدة مجموعة من التناقضات التي أصبحت مألوفة بعض الشيء, بائعي  المحروقات على طرفي الطريق و في أزقة المدن و القرى التي مررنا بها .

إلى جانب الحواجز المصطفة كل البنيان المرصوص بعضها لا يبعد عن الأخر إلا بضعة أمتار مع اختلاف انتمائتها و مسميتها , و أعلام و صور مختلفة لرموز وطنية , إلى جانب علم النظام و صور أكثر من قائد , غير أن  الأكثر الفاتاً لنظر كان رفرفة علم البعث في مدخل اغلب المدن .


هكذا حتى الوصول إلى (شركي) , أعداد كبيرة من البشر رجال نساء أطفال شيوخ يفترشون الأرض بانتظار العبور إلى الطرف الثاني حيث ( ارض الميعاد ) عندها لا يتذكر المرء إلا شيء واحداً ألا وهو ( أسواق النخاسة)  , وعند التأمل في ملامح هؤلاء يمكن للمرء أن ينصدم بأسئلة كثيرة يجاوبها غموض لا حدود له , إلى أين يذهب هؤلاء؟  لما الرحيل؟
 خاصة لا وجود لقتال في المناطق الكردية لا مكان لتدمير و تفجير او سفك لدماء! مع وجود وعود بازدهار المنطقة في المستقبل برعاية أصحاب الرايات الملونة .
تلك الأسئلة لم أجد لها جواباً شافياً , و لازمتني حيرتي في توجهي إلى (سيمالكا) حيث الأمل المزروع في نفوسنا, بان عهدا جديدا قد بدأ خاصة بعد حصار دام عقوداً فرضه علينا النظام, و كان الأمل يسابقني بان أرى التجارة و وصول المساعدات المتدفقة من الإقليم, و جهات أخرى حسب ما نشر منذ فترة , لكن بدت الصدمة كبيرة عليّ , أناس قلة موجودين هناك و شاحنات تحصى على أصابع يداً واحدة محملة بكراتين على الضفة الأخرى و صهاريج تملئ الوقود , لكن هي الأخرى قليلة و محدودة ,فا دفعني الفضول للسؤال عن كل هذه التناقضات .

واه ليتني لم أجد من يرد عليّ جواباً ,  وازداد مفعول الصدمة أضعافاً مضاعفة لدى معرفتي بأن المغادرين هم فقط تجار ممن حصلوا على البطاقة مقابل مبالغ مالية كرسم لا يحق لغيرهم المرور , و كنت اجزم بان الكراتين في الطرف الثاني هي أدوية و حليب أطفال لكن الحقيقة أنها كراتين دخان , أما  ندرة ورود الوقود فاتضح أن ثمة (حوتان) محتكران لهذه المادة  حينها اتضحت الأجوبة التي كنت ابحث عنها في (شركي) , و زالت حيرتي و لاحت في مخيلتي صورة ( حيتاننا ) التي نثور عليها الآن .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…