حيدر عمر
heyder52@hotmail.de
إلى:
الهيئة الكردية العليا
مجلس الشعب لغرب كردستان
حزب الاتحاد الديمقراطي
تحية و بعد.
heyder52@hotmail.de
إلى:
الهيئة الكردية العليا
مجلس الشعب لغرب كردستان
حزب الاتحاد الديمقراطي
تحية و بعد.
نشر الكاتب الكردي المعروف بير رستم قبل يومين تصريحاً أشار فيه إلى أنه تعرض للإهانة من قِبل بعض أنصاركم و مجموعة من الأسايش في مدينة جنديرس التابعة لمنطقة عفرين/جبل الكرد.و أنا ككاتب و ناقد أدبي كردي أمضى شطراً كبيراً من حياته، و لا يزال، في خدمة الأدب و الثقافة الكرديين، و اختار، رغم الإغراءات من جهة و التهديدات من جهة أخرى، أن يقف إلى جانب شعبه بقلمه و عمله، قد آلمني، و آلم كثيرين من الزملاء، أن يُعامل كاتب كردي له إسهامات كثيرة في ميدان الفكر و الأدب و الثقافة بهذه الطريقة الفظة، و يُهان وسط أهله وأمام ناسه و معارفه.
أيها الأصدقاء!
إن أمة تهين مثقفيها و كُتّابها و مفكريها هي أمة تسير برجل واحدة، و تنظر بعين واحدة، و لن تنال حريتها و استقلالها رغم تضحياتها الجمة.
و لا أعتقد أنكم تجهلون هذه الحقيقة.
من هذا المنطلق وقف قادة عظام في مختلف أنحاء العالم أمام مثقفيهم و أدبائهم بكثير من الاحترام و التقدير.
من ذلك مثلاً، الإسكندر المكدوني الذي كان كبير العالم في عصره، أجلس الفيلسوف أرسطو على يمينه، و رئيس الوزراء على يساره، فدخل أحد قادة دولته عليه، و رأى المشهد، فتوجَّه إلى الإسكندر و همس في أذنه بشيئ من الاستنكار و الدهشة: ” أرى مليكي اسكندر قد أجلس أرسطو على يمينه و رئيس الوزراء على يساره؟” فما كان من اسكندر إلا أن يقول بصوت عالٍ: ” رئيس الوزراء الذي تراه على يساري أنا مَن صنعته، و أستطيع في أقل من دقيقة أن أصنع منك أيضاً رئيساً للوزراء.
ولكن مَن يستطيع أن يصنع أرسطو؟ تستطيعون أن تزيحوني عن مكاني هذا و تأخذوه، و تجعلوا مني شخصاً عادياً من عامة الناس، ولكن مَن يستطيع أن يجرِّد أرسطو من خصائصه و موهبته، و يجعله شخصاً عادياً مثلك و مثل رئيس الوزراء؟ رئيس الوزراء هو من إنتاجي، أنا مَن صنعه، ولكن أرسطو هو من إنتاج الخالق و إبداعه”.
و من الأمثلة أيضاً، حين قُتِل الشاعر الروسي العظيم بوشكين، هام الروائي العالمي دوستوفسكي على و جهه في الشوراع، يلطم وجهه كالمجنون، و هو يصرخ ( لقد قتلوا روسيا ).
و منها أيضاً، يقول برناردشو: “ثمة في تاريخ بريطانيا العظمى فقط زاوية مضيئة، و هي أنها كافأت الشاعر الألماني شيللر بمبلغ خمسين ألف جنيه” و يقول كارليل: “كلمة واحدة من شيكسبير تعادل جميع أموال و أملاك بريطانيا، ذهب ذلك المال و بقي شيكسبير خالداً”.
و منها أيضاً، كتب الرئيس الفرنسي فينسان أوريول إلى الشاعر الفرنسي روستان رسالة قال فيها: “أنا مواطن فرنسي عادي، فينسان أوريول، رئيس جمهورية فرنسا، أكتب هذه الرسالة إلى الشاعر الكبير روستان، معبراً فيها عن سعادتي لأنني أعيش في عصرك، و حين أشعر بأنني أليق بأن أحترمك، ستزداد سعادتي”.
و لكي لا نذهب بعيداً، نتلفت حولنا، فنجد أمثلة مشابهة لدى جيراننا أيضاً.
كان الشاعر السوري نزار قباني، في إحدى مراحل عمره، قنصلاً في السفارة السورية في لندن، أظهر الشاعر ذات مرة أمام السفير تبرُّمه من الساسة السوريين، بأنهم يقدمون مصالحهم على مصلحة الوطن، فقال له السفير: ” لا تتبرَّم، فنحن زائلون و أنتم خالدون”.
و في ذلك الحين، تقدم أحد مواطني دولة عربية أخرى إلى السفار السورية في لندن بطلب تأشيرة دخول (فيزا) إلى سوريا، و رأى على جوازه اسم نزار قباني على التأشيرة، اندهش و تساءل بينه و بين نفسه: هل نزار هذا هو نفسه الشاعر نزار قباني؟ و لكي يقطع الشك باليقين، طلب مقابلة القنصل، و حين دخل غرفته، سأله: هل انت نزار قباني الشاعر”، فكان الجواب نعم أنا.
عندئذ قال له ذلك المواطن:” لو كنتُ سمعتُ من أحد ما أن نزار قباني الشاعر يعمل عملاً يمكن أن يؤديه بكل سهولة أي واحد من مخلفات الموظفين العثمانيين، لَما صدقتُ ذلك.
يا سيدي مكانك ليس هنا، و هذا ليس عملك.
عملك هو أن تغني كالبلبل دائماً، توقظ النيام، و تفتح طريق الحرية و التحرير أمام الشبان”.
و ها هو سعد زغلول، القائد المصري، الذي دوَّخ المستعمر الإنكليزي، يلتقي الشاعر أحمد شوقي ذات مرة، فينحني على يده ليقبِّلها، وشوقي يسحب يده بسرعة مندهشاً، ولكن القُبلة كانت قد سبقته.
فقال الزعيم بكل تواضع: “يا سيدي نحن زائلون و أنتم خالدون، فدع للزوال فرصة تقبيل يديّ الخلود”
تُرى لماذا كان أولئك العظماء يستصغرون أنفسهم أمام أولئك الشعراء و الأدباء؟ لماذا كان اسكندر المكدوني يستصغر نفسه أمام أرسطو؟ لماذا كان الرئيس الفرنسي يشعر بالسعادة لأنه يعيش في عصر شاعر، و سيزداد سعادة حين يعرف أنه يليق باحترام هذا الشاعر؟ لماذا ينحني الزعيم الذي ملك قلوب المصريين، و لم يستكن للمستعمر الإنكليزي، أمام شاعر، و يُقبِّل يده؟ هل قللت مواقفهم من قيمتهم، و جعلت شعوبهم تستصغرهم، أم أن هذه المواقف قد جعلتهم في عيون شعوبهم قادة كباراً ملكوا قلوب شعوبهم؟
إن لهذه الأسئلة كلها جواب واحد، و لتلك المواقف معنى واحد، هو أنهم فعلاً كانوا كباراً و عظماء، و كانو يدركون أن المرء إن لم ينتصر للقيم الإنسانية، لا يمكن أن ينتصر في النضال من أجل الأوطان و الشعوب.
و أدركوا أيضاً أن نتاج الأقلام هي التي هزت الدنيا منذ آلاف السنين، و لا زالت تهزها، و هي التي حررت الشعوب و بنت الأوطان.
و الشواهد على ذلك كثيرة في تاريخ الفكر و الأمم.
أيها الأصدقاء!
ربما يذهب أحدكم إلى أن شعراءنا و أدباءنا و مفكرينا ليسوا على قدر تلك القامات التي مرَّ ذكرها، و أنا أقول، بالرغم من أن زعماً كهذا لا يبرر ذلك العمل الهمجي لا الآن و لا غداً، حتى وإن كان مَن تلقَّى الإهانة مختلفاً معكم فكرياً، إن كل أمة لها ظروفها و لها خصوصياتها، و أنا على يقين لو أن الظروف التي أحاطت بالكرد، و أنتم تعرفونها، على مدى خمسة و عشرين قرناً، ألمَّت بأية أمة، لَكانت اندثرت ولَما كان قد بقي لها أثر، و الأديب الكردي نهض من خلال كل الكوارث التي حلت ببني جلدته، وأبدع و لا يزال يبدع، متحملاً مشقات الحياة على حساب صحته و قوته و قوت عياله، و ليس نصب عينيه سوى انتصار هذه الأمة.
ربما لا يدرك أولئك النفر من أنصاركم و الأسايش التابعة لكم، أنهم إذ يهينون أديباً، إنما يهينون ليس فقط الأدباء و الشعراء، بل يهينون الأدب و الثقافة و الفكر الذي نناضل جميعاً من أجله.
إن سكوتكم على الأمر، و قد مضى عليه أسبوعا كامل دون أن يصدر منكم بيان أو تصريح يدين هذا العمل الهمجي ، و يدع حداً لأولئك الجهلة، ليس فقط يشجعهم و يشجع غيرهم من زملائهم على المضي في هذا المسار الذي تعرفون أنتم قبل غيركم كم يضرُّ وحدة الصف الكردي في غرب كردستان و لا سيما في هذه الظروف التي دفعت بشعبنا بين مطرقة نظام قوموي عنصري قاتل و سندان معارضة أغلبها عروبية إسلاموية حاقدة.
بل زد على ذلك، ستظهرون أنتم بمظهر مَن يدعو إلى الاستمرار فيه، و ستتحملون لوحدكم تبعات ذلك أمام التاريخ.
اللهم هل بلَّغت!.
إن أمة تهين مثقفيها و كُتّابها و مفكريها هي أمة تسير برجل واحدة، و تنظر بعين واحدة، و لن تنال حريتها و استقلالها رغم تضحياتها الجمة.
و لا أعتقد أنكم تجهلون هذه الحقيقة.
من هذا المنطلق وقف قادة عظام في مختلف أنحاء العالم أمام مثقفيهم و أدبائهم بكثير من الاحترام و التقدير.
من ذلك مثلاً، الإسكندر المكدوني الذي كان كبير العالم في عصره، أجلس الفيلسوف أرسطو على يمينه، و رئيس الوزراء على يساره، فدخل أحد قادة دولته عليه، و رأى المشهد، فتوجَّه إلى الإسكندر و همس في أذنه بشيئ من الاستنكار و الدهشة: ” أرى مليكي اسكندر قد أجلس أرسطو على يمينه و رئيس الوزراء على يساره؟” فما كان من اسكندر إلا أن يقول بصوت عالٍ: ” رئيس الوزراء الذي تراه على يساري أنا مَن صنعته، و أستطيع في أقل من دقيقة أن أصنع منك أيضاً رئيساً للوزراء.
ولكن مَن يستطيع أن يصنع أرسطو؟ تستطيعون أن تزيحوني عن مكاني هذا و تأخذوه، و تجعلوا مني شخصاً عادياً من عامة الناس، ولكن مَن يستطيع أن يجرِّد أرسطو من خصائصه و موهبته، و يجعله شخصاً عادياً مثلك و مثل رئيس الوزراء؟ رئيس الوزراء هو من إنتاجي، أنا مَن صنعه، ولكن أرسطو هو من إنتاج الخالق و إبداعه”.
و من الأمثلة أيضاً، حين قُتِل الشاعر الروسي العظيم بوشكين، هام الروائي العالمي دوستوفسكي على و جهه في الشوراع، يلطم وجهه كالمجنون، و هو يصرخ ( لقد قتلوا روسيا ).
و منها أيضاً، يقول برناردشو: “ثمة في تاريخ بريطانيا العظمى فقط زاوية مضيئة، و هي أنها كافأت الشاعر الألماني شيللر بمبلغ خمسين ألف جنيه” و يقول كارليل: “كلمة واحدة من شيكسبير تعادل جميع أموال و أملاك بريطانيا، ذهب ذلك المال و بقي شيكسبير خالداً”.
و منها أيضاً، كتب الرئيس الفرنسي فينسان أوريول إلى الشاعر الفرنسي روستان رسالة قال فيها: “أنا مواطن فرنسي عادي، فينسان أوريول، رئيس جمهورية فرنسا، أكتب هذه الرسالة إلى الشاعر الكبير روستان، معبراً فيها عن سعادتي لأنني أعيش في عصرك، و حين أشعر بأنني أليق بأن أحترمك، ستزداد سعادتي”.
و لكي لا نذهب بعيداً، نتلفت حولنا، فنجد أمثلة مشابهة لدى جيراننا أيضاً.
كان الشاعر السوري نزار قباني، في إحدى مراحل عمره، قنصلاً في السفارة السورية في لندن، أظهر الشاعر ذات مرة أمام السفير تبرُّمه من الساسة السوريين، بأنهم يقدمون مصالحهم على مصلحة الوطن، فقال له السفير: ” لا تتبرَّم، فنحن زائلون و أنتم خالدون”.
و في ذلك الحين، تقدم أحد مواطني دولة عربية أخرى إلى السفار السورية في لندن بطلب تأشيرة دخول (فيزا) إلى سوريا، و رأى على جوازه اسم نزار قباني على التأشيرة، اندهش و تساءل بينه و بين نفسه: هل نزار هذا هو نفسه الشاعر نزار قباني؟ و لكي يقطع الشك باليقين، طلب مقابلة القنصل، و حين دخل غرفته، سأله: هل انت نزار قباني الشاعر”، فكان الجواب نعم أنا.
عندئذ قال له ذلك المواطن:” لو كنتُ سمعتُ من أحد ما أن نزار قباني الشاعر يعمل عملاً يمكن أن يؤديه بكل سهولة أي واحد من مخلفات الموظفين العثمانيين، لَما صدقتُ ذلك.
يا سيدي مكانك ليس هنا، و هذا ليس عملك.
عملك هو أن تغني كالبلبل دائماً، توقظ النيام، و تفتح طريق الحرية و التحرير أمام الشبان”.
و ها هو سعد زغلول، القائد المصري، الذي دوَّخ المستعمر الإنكليزي، يلتقي الشاعر أحمد شوقي ذات مرة، فينحني على يده ليقبِّلها، وشوقي يسحب يده بسرعة مندهشاً، ولكن القُبلة كانت قد سبقته.
فقال الزعيم بكل تواضع: “يا سيدي نحن زائلون و أنتم خالدون، فدع للزوال فرصة تقبيل يديّ الخلود”
تُرى لماذا كان أولئك العظماء يستصغرون أنفسهم أمام أولئك الشعراء و الأدباء؟ لماذا كان اسكندر المكدوني يستصغر نفسه أمام أرسطو؟ لماذا كان الرئيس الفرنسي يشعر بالسعادة لأنه يعيش في عصر شاعر، و سيزداد سعادة حين يعرف أنه يليق باحترام هذا الشاعر؟ لماذا ينحني الزعيم الذي ملك قلوب المصريين، و لم يستكن للمستعمر الإنكليزي، أمام شاعر، و يُقبِّل يده؟ هل قللت مواقفهم من قيمتهم، و جعلت شعوبهم تستصغرهم، أم أن هذه المواقف قد جعلتهم في عيون شعوبهم قادة كباراً ملكوا قلوب شعوبهم؟
إن لهذه الأسئلة كلها جواب واحد، و لتلك المواقف معنى واحد، هو أنهم فعلاً كانوا كباراً و عظماء، و كانو يدركون أن المرء إن لم ينتصر للقيم الإنسانية، لا يمكن أن ينتصر في النضال من أجل الأوطان و الشعوب.
و أدركوا أيضاً أن نتاج الأقلام هي التي هزت الدنيا منذ آلاف السنين، و لا زالت تهزها، و هي التي حررت الشعوب و بنت الأوطان.
و الشواهد على ذلك كثيرة في تاريخ الفكر و الأمم.
أيها الأصدقاء!
ربما يذهب أحدكم إلى أن شعراءنا و أدباءنا و مفكرينا ليسوا على قدر تلك القامات التي مرَّ ذكرها، و أنا أقول، بالرغم من أن زعماً كهذا لا يبرر ذلك العمل الهمجي لا الآن و لا غداً، حتى وإن كان مَن تلقَّى الإهانة مختلفاً معكم فكرياً، إن كل أمة لها ظروفها و لها خصوصياتها، و أنا على يقين لو أن الظروف التي أحاطت بالكرد، و أنتم تعرفونها، على مدى خمسة و عشرين قرناً، ألمَّت بأية أمة، لَكانت اندثرت ولَما كان قد بقي لها أثر، و الأديب الكردي نهض من خلال كل الكوارث التي حلت ببني جلدته، وأبدع و لا يزال يبدع، متحملاً مشقات الحياة على حساب صحته و قوته و قوت عياله، و ليس نصب عينيه سوى انتصار هذه الأمة.
ربما لا يدرك أولئك النفر من أنصاركم و الأسايش التابعة لكم، أنهم إذ يهينون أديباً، إنما يهينون ليس فقط الأدباء و الشعراء، بل يهينون الأدب و الثقافة و الفكر الذي نناضل جميعاً من أجله.
إن سكوتكم على الأمر، و قد مضى عليه أسبوعا كامل دون أن يصدر منكم بيان أو تصريح يدين هذا العمل الهمجي ، و يدع حداً لأولئك الجهلة، ليس فقط يشجعهم و يشجع غيرهم من زملائهم على المضي في هذا المسار الذي تعرفون أنتم قبل غيركم كم يضرُّ وحدة الصف الكردي في غرب كردستان و لا سيما في هذه الظروف التي دفعت بشعبنا بين مطرقة نظام قوموي عنصري قاتل و سندان معارضة أغلبها عروبية إسلاموية حاقدة.
بل زد على ذلك، ستظهرون أنتم بمظهر مَن يدعو إلى الاستمرار فيه، و ستتحملون لوحدكم تبعات ذلك أمام التاريخ.
اللهم هل بلَّغت!.