الأخوّة العابرة للحدود

توفيق عبد المجيد

سيذكر التاريخ لو كتب بأقلام موضوعية محايدة ، هدفها تسليط الضوء على الحقيقة لتوضيحها للقارئ بتدوينها بصدق وإنصاف عندما تتقادم على مر الزمن  أن الأخوة التي عرفناها وتعلمنا شروطها ومقوماتها في المدارس والمعاهد والجامعات وتمحورت حول أخوة الدم ورابطة القربى واللسان الواحد والقومية الواحدة ومن ثم وشائج العشيرة والعيش المشترك والبقعة الجغرافية الواحدة او المتكاملة .

نعم سيذكر التاريخ وهو يدحض تلك المقومات ويبين ويثبت ضعفها وزيفها عندما تتعرض للاختبار على أرض الواقع فتسقط للوهلة الأولى ولا تستطيع الصمود أمام الحدث الذي يفرض عليها التزامات معينة وملحة وإسعافية ومستعجلة .
كنا نقرأ ونحن طلاب على مقاعد الدراسة أبياتاً من الشعر يتوقع ناظموها أن يستنفر الجسد الواحد إذا تعرض عضو منه لأمر طارئ ، أن تضطرب راسيات الشام إذا حل مكروه بوادي النيل ، أن يلمس الشرق جنبه في أبعد نقطة توجعاً لأنين جريح في منطقة أخرى ، نقولها بمرارة وألم ان شيئاً من ذلك لم يحدث وعليه فقد اقتضى الأمر إعادة النظر فيما قيل سابقاُ وتعلمناه ، والبحث عن معايير جديدة للأخوة على ضوء المستجدات ومتطلباتها والاستجابة لنداءات المساعدة والاستغاثة والمسارعة إلى القيام بالواجب الإنساني والإنساني فقط .
نقولها بصراحة ووضوح وشفافية ودون التأثر بأي مقوم من المقومات السابقة والانطلاق من مفاهيم نظريه لم تصمد أمام التجربة بل سقطت في أول امتحان لها ،أن الذي لبى نداء الاستغاثة واستجاب وعلى عجل للمطلب الإنساني واستحقاقات الجيرة هو السيد الرئيس مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق عندما أوعز لمن يعنيهم الأمر أن يقدموا شتى أنواع الدعم لأبناء الشعب السوري في المناطق المتاخمة لإقليم كردستان كرداً وعرباً ، إسلاماً ومسيحيين ومن كافة المكونات الأخرى ، لتتدفق الإمدادات رغم الموانع الطبيعية العائقة من أرض وعرة ونهر ضخم سريع الجريان فأنشئ الخط العائم على دعامات أقيمت على عجل ليتدفق النفط من خلاله إلى الجانب السوري من الحدود ، كما نقلت المواد التموينية الأساسية عبر نهر دجلة لتتسلمها لجان من الطرف الآخر وتوزعها وبآلية مقبولة رغم ما شابها من نواقص وانتقادات .
تحية  إلى القيادة الكردستانية وعلى رأسها السيد الرئيس مسعود البرزاني على هذا العمل الإنساني العظيم ، وتحية أخرى لتلك السواعد التي أشرفت على إيصال هذه المساعدات لأبناء محافظة الحسكة .

7/2/2013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…