ب ي د يحقق الحلم !!

  أمين عمر

لا يختلف كرديان على نوايا وأهداف المجاميع المسلحة التي تجتاح سري كانيّه، فالكل يدرك بإن إسقاط النظام لن يتم هناك! فلا “قصر الشعب” موجود في سري كانيّه ولا الأسد يجرؤ الاقتراب منها، بل إن الأسد أكّد على جهلهِ بالمدينة في خطابه الأخير، حيث وصفها بالقرية !! بل وبقرية صغيرة! إذاً الصورة تتضّح أكثر فأكثر وتظهر بإن غاية تلك المجموعات السلفية والعروبية ليست الحرية و الكرامة التي يتغنَّى بها ثوار سوريا منذ سنتين.

وتأكيدً على عدم ثوريتهم، فإن بعضاً من هؤلاء المسلحين قدِموا من مدينة الرقة التي لازالت متخلفة بشكل كبير عن المدن الأخرى في دخول عالم الثورة، وكمعلومة إضافية عنهم، فقد نشروا بياناً صريحاً قبل شهور يرفضون دخول الجيش الحر الى مدينتهم الفاضلة ، الرقة! كي لا تقصفها طائرات النظام! وهذه ليست بصفات الثوار فلو كانوا ثوارً حقاً،  لسعوا لتحرير مدينتهم أولاً أو توجهوا صوب العاصمة حيث رايات الأسد لا تزال خفاقة هناك! كما لا يجب علينا النسيان إن دبابات تلك المجاميع كانت تصول وتجول على تخوم سري كانيّه دون إن يتبرع النظام بقصفها بإحد صورايخه الغبية، التي لا تترك حتى الافران في مناطق تواجد الجيش الحر فكيف بالدبابات إلا إذا كانت تسير نحو تحقيق هدف من أهداف النظام.
ولكن من جانب الكرد أليس للكرد ذنبٌ فيما يحدث ، ألم يُقدِّم  ب ي د مبرراً تلو الآخر لتلك المجموعات ومن خلفهم لداعمتهم تركيا، كي يجتاحوا مناطقنا ويقزّموا دور الكرد في الثورة وبالتالي يقزّموا مستقبلاً حقوق الكرد ، بإظهارهم على الحياد ما بين الثوار والنظام ، بل أكثر من ذلك بتصويرهم ضد الثورة وفي صف النظام! 
 وإنصافاً للواقع و بمراجعة يوميات الثورة، ألا نلاحظ  إن حلم ب ي د قد تحقق، الحلم الذي راوده  منذ إتخاذ  قيادته، خطوته المباركة بالولوج الى الداخل السوري في بداية الثورة، ليتابع الحزب، مسيرة التحشيد لحربه المزمنة ضد أردوغان من سوريا.

حيث التوتر و الفوضى يسودان المشهد السوري.

الحلم قد تحقق قبل أيام ، بل زاد فيه نغماً وخيالاً هو مشاركة أطراف أخرى في ذاك السيناريو الحالم، الحقيقي، وهم  أطراف من ” شعب آخر”  ينتمون الى مجلس الوطني الكردي! فكما يُفهم من تسمية ” مجلس شعب غرب كردستان” أن المجلس الوطني الكردي وكل المستقلين والتنسيقيات الخارجة عن دائرة ب ي د، يعتبرون شعب آخر غير شعب غرب كردستان، فكلمة الشعب أغلقت ابوابها بعد إنتهاء مجلس الشعب غرب كردستان من تشكيل مجلسه!
حلم ب ي د الذي طال انتظاره قرابة سنتين، قد تحقق بحذافيره، وهو خروج الشعب  الكردي في سوريا مع ب ي د، بالتظاهر لإسقاط أردوغان بشكل رسمي وبإسم الهيئة الكردية العليا، إذ رأينا رئيس المجلس الوطني الكردي لا حول ولا قوة له ، وهو يردد الشعار الملقن و المطلوب منه وهو كلمة “أردوغان” وبقية الجملة يقولها ملقنون آخرون!!! فالتاريخ قبل معارك سري كانيّه يختلف عما بعدها، حيث كان خروج ب ي د للتظاهر فيما مضى من عمر الثورة ضد عدو الكرد ” الوحيد” أردوغان ، خروجاً خجولاً ، لذا كان نصفه بإسم مناهضة الأسد والنصف الآخر من حصة أردوغان، رغم إن المضمون كاملاً كان ينصب على الأخير فقط!
الحلم تحقق إذاً، وما دامه تحقق، فلا يهم أن طالت المعركة أو قصُرت، بل و لا يهم ، من يفوز أيضاً، طالما البطولة محصورة باسمهم في كلتا الحالتين، ورفاقهم يتكاثرون مهما أزداد عدد الشهداء، ففي مراسيم كل شهيد ، يتم حشد المئات بدلاً منه! ولا شك إن نسبة تمثيل ب ي د التي كانت في البداية اربعين بالمئة وبعدها صعد الى الخمسين ولا بد إنها ستحطم حاجز السبعين بعد إضافة نقاط معارك سري كانيّه !!
فالحزب يخوض معركة مصيرية ضد أردوغان لإسقاط الأسد ! و كأن الأسد لم يسلم يوماً رفاقهم الى أردوغان، وكأنه لم يقم بتصفية مناصريهم بالسجون، وكأنه لم يقم بحملات تصفية لجنود الكرد في الجيش السوري وعلى وجه التحديد رفاق ب ي د والتي توقفت فجأة ببدء الثورة! وكأنهم نسوا المرسوم الأسدي الذي شرّد سبعمائة ألف كردي خلال سنتين ولولا الثورة لكانت مناطقنا الان خاوية على عروشها!
الشعب الكردي، أهالي سري كانيّه لم يخطئوا بالخروج مؤخراً ضد أردوغان تظاهراً كان أو حرباً فهو رد طبيعي على تماديه في سري كانيّه، ولكن هل كان محقاً من خرج ضده  قبل معارك سري كانيه بسنة، ألم نكن أحوج على توحيد طاقتنا على النظام المتهاوي لننال حقوقنا في سوريا ، هل لدينا تلك القوة على فتح جبهتين في هذا التوقيت! هل كان اردوغان في بداية الثورة قد هاجم سري كانيه، هل كانت هناك كتائب سلفية أو ارهابيين في سوريا قبيل إنتهاء السنة الأولى من الثورة، إذاً ماذا كان يزعج ب ي د من شعارات، إسقاط النظام، و ” الله أكبر” في بداية الثورة ، فكما هو معروف، إن اي إنسان ، حتى لو لم يكن مؤمناً، عندما يقع في خطر فإنه يقترب من الحالة الروحية فيتوجه ويناجي الله، الخالق، حيث يتأمل الخلاص!
هل يصدق أحداً ان ب ي د يريد انتهاء معركة سري كانيه.

كيف وهم من نادى العدو أردوغان الى التحدي منذ سنتين، وقد بذلوا ما بذلوا من مجهود لإثارة زعبراته ومنازلته في أرضنا وبين جمهورنا على خلاف العادة حيث كانت المعارك تُخاض قبل الآن على أطراف دولة أردوغان او في خارجها، في كردستانات أخرى!!! لغايات نضالية لا يعلمها إلا أولوا الأمر من ب ي د ، هاكم، ها هو ” القبضاي” اردوغان، الذي زعم أنه لن يسمح بتكرار حمص أخرى وحماة أخرى وحلب أخرى ، ها هو قادمٌ يلبي نداء المعركة ، طامعاً في كعكعة سري كانيّه بعد عزائم عديدة له ومنذ شهور.

و بعد أن تضور جوعاً من كعك المدن الأخرى دون أن يناله شيء.
لا زال ب ي د يوهم شعبنا ان تحرير كردستان سيكون في سري كانيه ويتناسون تماثيل الاسد في قامشلو التي تحيي الجماهير الحرة عند تشييع أي شهيد.

ويتناسون موارد منطقتنا النفطية التي تذهب ثرواتها للنظام، وشعبنا يئن من الجوع والبرد!
إذا كان لنا من هزيمة في سري كانيّه فرغم قتال ب ي د الى جانب أهالي سري كانيّه فهم يتحملون المسؤولية ، فلو سمحوا للشعب الكردي بالتسلح ولو سمحوا بتشكيل جيش مشترك موحد للكرد لبلغ تعداده عشرات الألوف حينها كنا سنرى عند أي هجوم على الكرد لخرج الكرد شيباً وشباناً يتوجهون صوب أي إعتداء عليهم !
على العقلاء! في قيادة ب ي د التوجه الى الشارع والتوحد مع الشعب لا المطلوب من الشعب التوحد معهم ، عليهم كسب ثقة الشارع بإحترام الشارع وقبول وجهات نظر الأحزاب الأخرى لا إلغاء الجميع كي يبقى الشارع فارغاً من الشارع! عليهم قبول إتفاقية هولير وتنفيذها كاملاً لا تنفيذها على هواهم و كسب الشرعية تحت غطاءه لبسط نفوذ حزبهم وتقويض مفعول الهيئة الكردية العليا أكثر فأكثر والتي باتت كهيئة كردية صغرى!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…