الاتحاد السياسي اختبار صعب والنتيجة… ؟!

  محسن طاهر*

بعد نقاشات جادة ومسؤولة بين قادة وكوادر أربعة فصائل من الحركة السياسية الكوردية في سوريا, بغية الوصول إلى تفاهمات ورؤى سياسية وتنظيمية مشتركة, بخصوص بناء اتحاد سياسي, يضع في اعتباره حساسية المرحلة وخطورة الوضع واستحقاقاتها على الصعيدين القومي الكوردي والوطني السوري, وحفاظاً على المجلس الوطني الكوردي في سوريا وحمايته, وتطويره نحو صيغ أرقى, تتناسب ومرحلة التغيير ومتطلباتها المقبلة, وبعد لقاءات ومباحثات مكثفة في  هولير العاصمة, بين الأطراف الأربعة, تمخضت عنها تأسيس الاتحاد السياسي الديمقراطي الكوردي- سوريا.
 بعد الإعلان عن المولود الجديد, يجب التأكيد بأنّ التنظيم السياسي الشمولي العقائدي المبني على المركزية الصارمة في الأحزاب الاشتراكية ذات الصبغة الماركسية, ومنها بعض أحزابنا الكوردية, أثبت عقمها وتخلفها عن ركب التطور والتقدم ومفاهيم الحداثة والتجديد, لذا تقتضي الضرورة, البحث عن إيجاد أشكال أخرى من حالات سياسية, تستطيع مواكبة التغيير وتجاري سيرورة التاريخ, منطلقين من مبدأ المجتمع كل متحرك ومتغير ومتجدد, وتالياً الحالة التنظيمية, يجب أن تتجدد وتتغير تبعا للمنظور ذاته, لذا على الكيان الناشئ, أن يضع في اعتباره خطورة المرحلة, ومعادلة المصالح على المستوى المحلي والإقليمي والدولي, ويسعى جاهداً لخلق توازن دقيق بين الثالوث المتشابك والمتلازم ( الحالة الوطنية العامة, الخصوصية الكوردية, الظروف الإقليمية والدولية) في إطار دولة اتحادية ديمقراطية تعددية تشاركية تقر بحقوق كل المكونات السورية من قومية ودينية ومذهبية, والعمل بجدية تامة على تحقيق ما توصل إليه المجلسين الكورديين في هولير بتاريخ 23/11/2012 حيال المطلب الكردي, ((سوريا دولة اتحادية تعددية ديمقراطية برلمانية متعددة القوميات؛ مما يستوجب إعادة بناء الدولة وفق النظام الاتحادي الفيدرالي بما يضمن حقوق جميع المكونات، واعتبار الكورد قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في مجال حل قضيتهم القومية والإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي في سوريا وفق العهود والمواثيق الدولية)).

 على الاتحاد السياسي الديمقراطي الكوردي, الذي أعلن في قامشلو بتاريخ 15/12/2012 ألا يستنسخ التجارب الوحدوية الفاشلة في تاريخ الحركة السياسية الكوردية في سوريا, عملاً لتحقيق الذات الحزبي القاصر, والمصالح الشخصية, لا بل عليه أن يسير بخطى راسخة, نحو بناء حزب جماهيري مؤسساتي ديمقراطي بطراز جديد, يعتمد العمل الجماعي التخصصي, والعقل الدبلوماسي المرن, للتعامل مع المحيط الكوردي من أحزاب ومكونات وقوى ودول إقليمية ودولية, ليصبح حاملا لتطلعات وآمال شعبنا الكوردي في سوريا الجديدة, يرتكز على دعامة الكوردايتي في تحركه, ويتخذ من النهج البارزاني ديدناً له وبوصلة لتصحيح وتحديد توجهاته الوطنية والقومية, كما على الاتحاد أن يُحدِث نقلة نوعية في عمل المجلس الوطني الكردي, ويعمل بجدية لتفعيل لجانه المختلفة, ويمسي صمام أمان لاستقلالية قراره السياسي, بعيدا عن نزعة التفرد والهيمنة الجهوية التي قيدت وثاق المجلس, وأوقعته في مستنقع الخلافات البينية, وعليه أن يتعامل باحترام تام, مع المعارضة السورية, وكافة القوى الكوردية والكردستانية الشقيقة, وفق مبدأ الاحترام المتبادل والتعامل بالمثل, وحتى يتجاوز الاتحاد السياسي الديمقراطي الكوردي- سوريا, اختباره الشاق والمضني ويحصل على وسام التقدير عليه أن يعمل ويبرهن على الثوابت الآتية :
 
1- العمل بروح فريق واحد وعلى كل الصعد, بعيداً عن الأنا المتورمة والمصالح الحزبوية الضيقة, وصولاً وفي أقرب وقت ممكن إلى حزب مؤسساتي تخصصي, يقود الجماهير إلى انتزاع الحرية وتامين الديمقراطية وحقوق الشعب الكوردي في كردستان سوريا.

2- إنه جزء لا يتجزأ من الثورة السورية, وسيبقى مدافعاً عنها حتى إسقاط النظام القمعي, بكل رموزه ومرتكزاته وأركانه, ويؤكد على سلمية المناطق الكردية, ولا يقبل أن يُجَرّ أبناء شعبنا نحو أتون حرب وآثاره المدمرة .
 
3- العمل على تطوير المجلس الوطني الكردي, وتفعيل مجالسه المحلية في عموم المناطق, وعدم التفريط به باعتباره الممثل الأكبر تمثيلاً لشعبنا الكوردي في كوردستان سوريا.


 
4- التأكيد على العمل الأخوي المشترك, بين المجلسين الكرديين(المجلس الوطني الكردي, مجلس الشعب لغربي كردستان) وتنفيذ بنود اتفاقية هولير وملاحقه,بما يتلاءم وخصوصية كل مجلس وذلك خدمة لشعبنا ومصالحه الوطنية والقومية المشتركة .

           

5- إقامة أفضل العلاقات, مع كافة القوى الوطنية المعارضة للنظام السوري, وفي مقدمتها الائتلاف الوطني لقوى  الثورة والمعارضة السورية, بغية الوصول إلى إطار جامع للكل السوري المعارض, من أجل إسقاط النظام الدكتاتوري ودحره في سوريا.
 
6- نبذ كافة أشكال العنف؛ والإقرار بحرية الرأي والرأي المختلف, واعتبار الأخير بوصلة تصحيح مسار الحزب, وقوة مضافة لتطوير عمله على جلّ المستويات.
 
7- العمل على إيجاد البنية التحتية, لإقامة مؤسسات إعلامية ومراكز ثقافية وخدمية واجتماعية, لاستيعاب كافة الكفاءات والكوادر والطاقات والمواهب, لأبناء شعبنا الكوردي في كوردستان سوريا, خدمة لقضيتنا القومية والوطنية في البلاد .

8- وضع المناطق الكوردية على لائحة المناطق المنكوبة في البلاد, والعمل على توفير أبسط مستلزمات ومقومات العيش والحياة للناس في هذه الظروف العصيبة من تاريخ شعبنا.

9- إبقاء باب الحزب الجديد مفتوحاً, لمن يود المشاركة فيه, والانضمام إليه, من أحزاب وشخصيات وطنية واجتماعية وفعاليات المجتمع بمختلف منابعهم ومشاربهم وتكويناتهم, وفق آليات متفق عليه من قبل الجميع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو القيادة العليا للاتحاد السياسي الديمقراطي الكوردي- سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…