أبناؤنا أحباؤنا…أمانة في أعناقنا

بقلم: ثناء الكردي

عبق بلادي منعش ….

ما أروع مشهد الشقائق وهن يتمايلن مع نسائم الربيع بألوانها الحمراء ..

انطلقت تصارع كل ما يصدُّها في طريقها إلى رؤية النور بعد أن اختلطت بها التربة الخصبة تربة كردستان التي طالما امتزجت مع دماء الشهداء … تلك الدماء رفضت أن تظل مخنوقة داخل حبيبات التربة ، وأبت إلا أن تخرج مع بذور شقائق النعمان لتظهر لنا بهذه الحمرة المشرقة ..

تذكرنا بأولئك الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الحرية ..

ليظلوا دائما في ذاكرتنا … يذكرونا بواجباتنا تجاه هذه الأرض المقدسة …

كما أبت هذه الدماء أن تظل مختفية بين أجزاء التربة ..

أبت كلماتي أن تنتظر داخل أعماقي أكثر لأنها بدأت تضغط علي وتخنق حنجرتي ..

وهي تخرج خائفة تارة وخجلة أخرى ..

كل ما أشعر به هو أنها تريد أن تخرج ..

وتريد أن أنطق بها لأن كل شئ بحاجة أن يتحول إلى كلمات ، من ثم إلى واقع عملي ..

هناك الكثير الذي لا بد أن نقوله لنشعر كل من ضحى في سبيل الوطن أن نسير على ذات الطريق هم ضحوا بأرواحهم وفتحوا لنا الأبواب … ونحن لا بد أن نبني ونكمل ما هم بدؤوا به …

هنا يأتي دور القلم … دور العلم ..

كل منا يتعلم ويتحمل مشاق الدراسة وقساوة العيش ومرارة التنقل وطول المسافة بالاضافة الى الخسائر المادية التي نتكبدها..كل ذلك لنكمل مسيرتنا التعليمية ونحقق أهدافنا التي خططنا لها منذ نعومة أظفارنا…لا لأن نجلس ونعتكف ونُعَلِّق كما يقال بالعامية هذه الشهادة على الحائط ..

لابد أن نطبق ما تعلمناه ….

مشكلتنا الأساسية هي أن الغالبية العظمى منا بعد أن يتخرج و يتعلم وكما يقال يتنور ..

يدخل مرحلة جديدة من الحياة ألا وهي مرحلة عدم التأقلم مع الواقع وهذا شئ طبيعي كلنا يشعر به لأن المسافة وللأسف تصبح بعيدة جدا بيننا وبين المجتمع وهذا شئ مؤلم ..

والمؤلم أكثر أن يكون أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو فكرة الهروب والابتعاد عنه ، والتقوقع والانحصار داخل إطار ضيق بحيث لا نتعامل إلا مع الشخصيات المثقفة وذوي العقول الناضجة….لكي نحصل في النهاية نتيجة أنانية جدا ألا وهي راحتنا الشخصية .

ماذا سنقدم لأبنائنا ؟ للأجيال التي تمر الآن بالمراحل ذاتها التي مررنا نحن بها ، لابد أن نساعدهم ونشجعهم بقوة ، أن نزرع فيهم الطموح لأنهم يعيشون في حالة فراغ للقدوة والمثل الصحيح ، أشعر بهذا بقوة وخاصة وأنا أتعامل مع سلك التربية ، هم بحاجة إلى من يمد لهم يد العون ، لمن ينطق لهم بعبارات توقظ ضمائرهم وتنور عقولهم

حتى أصدقاؤنا وأحباؤنا ممن لم تتح لهم فرص التعليم إما لظروفهم الاجتماعية أو لأسبابهم المادية أو حتى أسباب أخرى محزنة وأحيانا مبكية نملك واجبات كثيرة تجاههم ….

مكانة الإنسان مهما بلغت ، ومستواه العلمي والثقافي مهما ارتفع ,كل ذلك لا يساوي شيئا إذا لم يقدم ذلك وبشكل عملي لإخوانه وأبناء شعبه…

الكثيرون بحاجة إلينا إلى رعايتنا…إلى وقتنا … أقلامنا وحدها لا تفي بالغرض ..

مبادئنا الموجودة في داخلنا لا تكفي …..

لابد أن تتحول هذه الكلمات والمشاعر إلى واقع ملموس وبتعاوننا معا وتواصلنا سنكون قادرين على بناء جيل جديد قادر على فهم الواقع والاستفادة من أخطاءنا وتجاوزها …

هذا المجتمع الذي أرفضه هو من رباني ..هو من ترعرعت في كنفه ، لابد وأن أقدم له شيئا ما أبناؤنا … أحباؤنا أمانة في أعناقنا … لا بد وان نعطيهم وبدون مقابل لأنهم الهدف والأمل ولأنهم الجيل الجديد الذي سيحصد ويجني ثمرة ما زرعناه ..أتمنى أن نكون قد أحسنا زرعهم ورعايتهم ؛ ليكونوا دوما في المقدمة …….

وهذا حلم مشروع … من حقهم…..

َلأنّا كنا نحن أيضا نحلم دائما أن نكون في المقدمة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   في خضم هذا العصر المضطرب، حيث تتداخل الخطوط بين السيادة والخضوع، وبين الاستقلال والتبعية، تطفو على السطح أسئلة وجودية تُقلب موازين السياسة وتكشف عن تناقضاتها. فهل يمكن لدولة أن تحافظ على قرارها السيادي بين فكي كماشة القوى العظمى؟ وهل تُصنع القرارات في العواصم الصاعدة أم تُفرض من مراكز النفوذ العالمية؟ هذه التساؤلات ليست مجرد تنظير فلسفي،…

د. محمود عباس   لا يزال بعض الكتّاب العنصريين، ولا سيما أولئك الذين يختبئون خلف أسماء مستعارة، يتسكّعون في فضاءات بعض المواقع العربية، لا ليُغنوا النقاش ولا ليُثروا الحوار، بل ليُفسدوه بسموم مأجورة، تعيد إنتاج خطابٍ مريض يستهدف الكورد، هويتهم، وقضيتهم، بلهجةٍ مشبعة بروح بعثية أو طورانية حينًا، وبخطابٍ ديني شوفيني متكلّس حينًا آخر. هؤلاء لا يهاجمون فكرًا ولا يناقشون…

علي شمدين مع سماعنا للتصريحات الإيجابية التي أدلت بها، بعد انتظار طويل، رئاسة المجلس الوطني الكردي في سوريا، بات الطريق مفتوحاً أمام انعقاد المؤتمر الكردي في سوريا، الذي سوف تشارك فيه أوسع قاعدة جماهيرية، وينبثق عنه موقف كردي موحد ووفد مشترك يمثل مختلف أطراف الحركة الكردية في سوريا. لا نريد العودة إلى أسباب هذا التأخير والتي كادت أن تفوت هذه…

.. المحامي عبدالرحمن محمد   إلى السيدة.. إلهام أحمد، مسؤول العلاقات الخارجية.. وإلى كل مسؤول وقيادي حزبي كوردي في المجلس الوطني الكوردي: يرجى عدم طرح وتداول المفاهيم والمصطلحات الخاطئة في الرؤية السياسية الكوردية المرتقبة، كونها لها نتائج سلبية كارثية وخطيرة على حق تقرير المصير للشعب الكوردي في المستقبل، وللأجيال القادمة. من الناحية القانونية والسياسية والحقوقية، حسب القانون الدولي وميثاق الأمم…