لابديل عن الخيار الديموقراطي وعلاقات حُسْن الجوار يا سلاطين بني عثمان الجدد…؟!

نـوري بـريـمـو

يبدو أنّ أطماع أحفاد بني طوران ((أي الحكومة الحالية لتركيا)) لم تتوقف عند حدود إعطائهم الحق لأنفسهم بسلخهم لكلٍّ من قبرص وإسكندرون وكوردستان عن أصولها وضم تلك البلاد بِمَنْ فيها من أمم وقوميات إلى بساط سلطنتهم البائدة في مقبرة التاريخ…!؟، ويبدو أيضاً أنّ نشوة إنتصارهم لن تكتمل إلا حينما تتوسع رقعة هيمنتهم في كافة الإتجاهات لتشمل مستَعمَرات أخرى، في محاولةٍ جشعة منهم لإستعادة أمجاد أمبراطوريتهم المندثرة مع تطوّر البشرية في بدايات القرن الماضي، إذ ليس من الغرابة أبداً أن تراودهم أفكاراً جهنمية بضم أوربا أو أفرقيا أو أمريكا أوحتى اليابان مثلاً…!؟، وإن لم تكن نوايا حكام الأناضول على هذا القدر من الأطماع العرقية الرامية إلى إعادة لمّ شمل ترِكتهم المتناثرة فلماذا إذاً لا يهدأ بالهم فيتحرّشون قصداً بين الحين والآخر بكل الشعوب المجاورة التي يعتبرونها مجرّد رعايا ليس إلا…؟!.

لكن رغم أنّ أنقرة التي عينها على الإلتحاق بالإتحاد الأوربي الممتنع نوعاً ما…!؟، لا تتخلى عن عقلية سلاطين السلطنة العثمانية في إغتصاب شؤون بلاد الميزبوتاميا…!؟، ورغم تعنّت حكوماتها المتعاقبة حيال إيجاد حلول ديموقراطية عقلانية لقضايا سياسية دولية وإقليمية وداخلية عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: القضية الكوردية المتصاعدة، المشكلة القبرصية العالقة، العلاقات التركية اليونانية المتفاقمة، الطائفة التركمانية التي تفتعل المشاكل بتحريض من الإستخباراتية التركية في كافة أماكن تواجدها، إضافة إلى مصافحة تركيا لا بل مصافقتها لبعض الدول الإقليمية ذات النظم الإستبدادية المارقة التي أضحت تثير بعمائلها السلبية حفيظة الأسرة الدولية…!؟، ليس هذا فحسب وإنما إيواء الترك للعديد من المجموعات الأصولية المناهضة للدمقرَطة والعابثة بالحضارة البشرية المعرّضة للعبث والتلاشي على أيدي الظلاميين و…إلخ، فإنه لا أحد يستطيع تفسير لغز ((غضّ نظر المجتمع الدولي)) عما يقوم به أردوغان وعما قام به أسلافه مثلاُ من إنتهاكات صارخة في كوردستان ومن تدخلات مريبة في شؤون دول الجوار ومن لعب أدوار ثعبانية تتعارض مع متطلّبات السياسات الدولية والإقليمية في شرق أوسطنا الغائص وسط سيناريوهات مرعبة قد تزداد عنفاً وسفكاً لدماء الأبرياء…!؟، فهل التسامح الدولي وخاصة الأوربي مع تركيا المتباهية رياءً بالعلمانية والديموقراطية وتقمّصها بقميص عثمان المزيّف كما يُقال…؟!، هو من قبيل إرضائها أومغازلتها خوفاَ من إفتعالها لأية شرور قد تداهم التخوم الشرقية للقارة العجوز…؟!، أم أنّ هذا التساهل الوحيد الجانب هو من باب دفع طاقم الجندرمة بإتجاه إزلاقه إلى مواقع مخالفة للإرادة الدولية…؟!، أم أنّ المشهد التركي مختلِف لأنه لا يزال في جعبة تركيا الأطلسي ثمة خدمات لوجستية قد تقدمها للأسرة الدولية على طبق من فضة في الحين المناسب…!؟، أي حينما تتلاقى المصالح.
إنّ إصرار رئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب أردوغان على التدخل بدون أي وجه حق في شأن إقليم كوردستان وشؤون العراق عموماً، عبر دعواته المتكرّرة لعقد مؤتمرات لا بل بؤر توتر تحضرها بعض الجهات المعادية للخيار الديموقراطي السلمي والساعية بحميّة نحو نسج خيوط مؤامرات شعوبوية ترمي إلى تتريك كركوك الكوردستانية والمطالبة مستقبلاً بضم لواء الموصل وغيره من الألوية والأقضية والبلدان التي يعتبرها الأتاتوركيون بأنها إرثاً شرعياُ لهم فيطالبون بتكرار إغتصابها لأعادة ترتيب ركام أمبراطوريتهم التي لا يستطيعوا أن يتصوّروا بأنها قد أصبحت في خبر كان…!؟، لهو أمرٌ مريب ويبْعثٌ على الشكوك ولا يوحي سوى إلى أنّ الأناضوليين الجدد قد تاهوا عن جادة صواب دمقرطة تركيا وحل القضية الكوردية فيها، وذلك كممر إجباري للعبور إلى العالم الأوربي الذي كان مطمَعاًً أتاتوركياً لم يتحقق حتى الحين والذي قد يبقى حلماً أردوغانياً صعب المنال أيضاً.
وفي هذا الصدد المصيري فإنّ التصريح الرسمي الذي أصدره مؤخراً رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني والذي جاء في الوقت المناسب وبمنتهى الحكمة والصرامة ليطالب الحكومة التركية بالتخلي عن تماديها في طورانيتها التي باتت تتجاوز مختلَف الخطوط الحمراء وخاصة ما يتعلق منها بسياساتها المعادية لحاضر ومستقبل كوردستان…، قد جاء ـ أي هذا الرد ـ بمثابة دفاعّ سياسي طبيعي عن القضية الكوردية وقد عبّر ويعبّر بوضوح عن الرأي العام الكوردي النابذ للعنف والتواق إلى الحرية والسلم، وبالتالي فإنّ مجتمعنا بكافة فعالياته ومكوناته وشرائحه في عموم أنحاء كوردستان يقف مسانداً لموقف رئاسة الإقليم النابع عن وعي سياسي يستمد قوته ومشروعيته من عمق معاناة شعبنا المقهور على طريق إستكمال مسيرتنا الهادفة إلى نيل حقوقنا القومية الديموقراطية العادلة، إسوة بباقي شعوب وأمم المعمورة.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…