السياسة أصبحت مهنة من لا مهنة له

دلكش مرعي

  من المؤسف قوله بأن السياسة هي كانت ومازالت مهنة من لا مهنة له داخل العديد من الحركات السياسية في هذه المنطقة ولدى معظم الأحزاب الكردية ومازال هو السائد لدى من ينتسب إلى صفوف هذه الأحزاب منذ عقود.

فهذا التوجه السياسي عبر هذا اللا مهنة لا تكلف المنتسب لهذه الأحزاب الكثير من الجهد والعمل الشاق أو المؤهلات السياسية أو الخبرة القائمة على المعرفة العلمية في الجانب السياسي … ولكي تكون سياسياً حسب معاير هذه الأحزاب فما عليك إلا أن تحفظ بضعة جملاً عاطفية حفظا وبصماً وعن ظهر قلب لتستغل من خلالها الظلم التاريخي الذي تعرض لها هذا الشعب المسكين لإثارة عواطفه القومية والإنسانية …
 ومن ثم تظهر نفسك بين صفوف هذه الأحزاب التي تصطف وراء بعضها البعض عبر مناسبات التعزية أو دفن الموتى وتضع للوجاهة خلال هذه المناسبات ربطة عنق تنسجم مع لون طقمك لتظهر بمظهر الرجل السياسي المهم … إنها مهنة مريحة تلقى الاحترام والتقدير لدى الشعب البائس المقموع المسكين الذي يتعلق بقشة هؤلاء طالبا النجدة والنجاة من مستنقع الظلم والاضطهاد والاستبداد الذي عانى منه طويلا زد على ذلك فأن هذا التوجه يحقق  للمنتسب المفلس المتخلف البطال نوع من أعادة الاعتبار لذاته التي هي مفلسة بالأصل من أي اعتبار فعندما ينتسب المتخلف الى هذا الحزب أو ذاك فيعتقد بأنه أصبح بطلا قوميا في نظر الآخرين … ويتكرس هذا الشعور لديه خاصة عندما يقف وراء أحد المكروفونات أو تظهر له صور مع الجموع في موقع الكتروني أوفي أحد شاشات التلفزة فيزداد تورما وحمقا وغروراً ونتيجة لهذه الحالة يزداد لدى هذا النموذج التعصب الحزبي وثقافة الولاء بدل ثقافة الإنجاز واحترام الآخر الإنسان وحقوقه ناهيك بأن المكانة والتقدير السائد ضمن هذه الأحزاب لا تعتمد أصلاً على الكفاءة والخبرة والمؤهلات المتمكنة والنهج العلمي الصحيح بل على مقدار الولاء والتعصب للحزب وسكرتيرها أو زعيمها وللتذكير فقط فأن هذه النماذج المتخلفة كانت عبر التاريخ  حلفاء ووقود لقوى الطغيان والظلم والاستبداد أي يمكن القول بأن هذه الأحزاب لم تمتلك يوما ومنذ نشأتها نهجا فكريا جامعاً يحرر هذا الشعب من قيم التخلف والتأزم والجهل ويبني الإنسان بقيم معرفية صحيحة تؤهله لقيادة مصيره بنفسه بل كانت وما زالت تستغل بؤس واضطهاد هذا الشعب وحقوقه المشروعة وتتلاعب بعواطفه من اجل تحقيق غايات ومكاسب حزبية أنانية انتهازية ضيقة … فيمكن القول بأن البنية الفكرية لمعظمها لا يختلف قيد أنملة من حيث الجوهر من البنية الفكرية للأنظمة المستبدة المتخلفة فثقافة الولاء والتعصب الحزبي والتطرف لم تخلق يوماً سوى الصراعات الدموية وهدر الحقوق والتخلف الحضاري ..

فليس أهون على المتخلف الحزبي أن يهدر حياته وحياة الآخرين بل يهدر مستقبل الشعوب ..

فالمتخلف هو الطاقة الفائضة عن اللزوم التي يمكن التضحية به على مذبح مصالح الزعامات الحزبية ومصالحها الانتهازية

 كلمة في نهاية هذه الأسطر نقول: بأن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الشعب الكردي في الحالة الكردية الراهنة وصراعاتها الحزبية لا تتعدى اللغو والضحك على الذقون ولن يكون مستقبل هذا الشعب أفضل حالاً عبر البنية الفكرية السائدة لهذه الأحزاب من الشعوب التي عانت من ظلم الأنظمة المستبدة ودكتاتوريتها     

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…