الحركة الكردية تعاند التغيير

  كلمة العدد: كتبها محسن يوسف (م .

بافي ژيـــن)

bavejin@hotmail.com

تجاوزت الحركة السياسية الكردية في سوريا يوبيلها الذهبي بسنوات, وقد حفلت خلال تاريخها الطويل بـ القليل من النجاحات والانجازات, والعديد من الانكسارات والإخفاقات, وأفنت جلّ وقتها في صراعات جنونية, وخلافات تنظيمية لا طائل منها, تناطحَ من خلالها الغافلون عن الحقيقة, والغارقون في عظمة الأنا, والبعيدون عن مصلحة الشعب, لأجل المناصب الخاوية والمراتب الوهمية والمنافع الشخصية, وساهموا في إنتاج أزمات بنيوية عميقة, وانتكاسات تنظيمية حادة, حصيلتها كانت حالة من التفكك والضعف والتشرذم والانقسام,
 وأمست الحركة تصطف خلف الشعب, بدلاً أن تكون قوة منظمة وفاعلة في طليعته, تقوده إلى حيث الحرية وتأمين حقوقه القومية, وأخفقت قيادة الحركة الكردية على الدوام في تأمين مستلزمات المقاومة وفق الممكنات, كما عجزت في تقديم رؤى واضحة, حيال المضامين والمفاهيم القومية للشعب الكردي في سوريا, بمنأى عن الغموض والضبابية, وأضحى المجتمع الكردي غارقاً في سجالاتهم العقيمة, بخصوص بعض الرؤى والمفاهيم التي لا تسمن أو تغني عن الجوع(اليمينية, اليسارية, الحيادية,الماركسية, الالتزام, الاهتداء, الاسترشاد,….الخ) مما سببت في نسيان أو تناسي المهام النضالية الملقاة على عاتقهم, وتخلفهم عن أداء دورهم الريادي في الفعل التاريخي التراكمي, لا بل أسهمت هذه العقلية الموبوءة في الاغتراب بين الجماهير وحركته السياسية, وأضحى المجال واسعاً للأوساط الشوفينية, لتمارس عربدتها في الترهيب والترغيب في الميدان وراحت تتمادى في غيها وجبروتها تجاه شعبنا الكردي الأعزل والتنكيل به.

لقد طال التغيير جوانب أساسية للعديد من النظم والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية, في دول العالم خاصة بعيد انهيار المنظومة الاشتراكية؛ بقيادة الاتحاد السوفيتي/1989/ حيث سارعت إلى إجراء مراجعات نقدية شاملة, شملت مختلف الجوانب والبنى الفوقية والتحتية لتفعيل برامجها, وآليات عملها لمواكبة حالة التغيير, واللحاق بركب التقدم والتطور الجارية وإيقاعاته السريعة, والسؤال المطروح أين قادة الحركة السياسية الكردية في سوريا, من هذه المتغيرات الكونية المتسارعة؟ وهل تأثرت الحركة الكردية برياح التغيير الكوني التي اشتدت أوارها منذ أوائل التسعينات من القرن المنصرم ؟ وما مدى قوة التغيير, وملامسته للبنى الفكرية والسياسية والتنظيمية للفصائل السياسية الكردية ؟ ثم هل المشروع المفترض(التجديد والتغيير) بات من أولويات ساسة الكرد, كحل ناجع لحركة تعاني الوهن والضعف والتفكك وأزمات مستعصية ؟ وهل التغيير سيبدأ من  داخل التنظيم, أم من خارجه؟ وما سبل النجاح للخروج من حالة السكون, وتجاوز النمطية المستدامة في كيان الحركة السياسية الكردية التقليدية اليوم ؟
إنصافا للحقيقة يمكن القول: أن بعض الفصائل سارعت ولو بخطوات خجولة نحو التغيير, بعد تحرير العراق وانتفاضة آذار عام/2004/, ولكنها لم ترتقِ إلى مستوى التجديد البنيوي الشامل, كونها لم تتجاوز بعض المسائل النظرية والشكلانية, كإطلاق موجة من الشعارات البراقة, حيث تراقص البعض على أنغامه حيناً, ثم خلدوا إلى نوم عميق ولم يستفيقوا من نشوة السكرة بعد…!! كون التغيير أو التجديد يكمن في القدرة على تأمين مستلزمات نواة حزب مؤسساتي ديمقراطي تخصصي قادر على قيادة الجماهير, في ظل أصعب الظروف, والبحث الجاد والمستمر لتأمين الحاضنة الاقتصادية المتينة, لتغدوا سنداً قوياً للحراك اليومي (السياسي, المدني), لذا وبعد مرور أكثر من نصف قرن على تأسيس الحركة السياسية الكردية في سوريا, ألم يحن الوقت المناسب لتقييم الذات, بعيداً عن جلده, وتقويم الأداء النضالي للمشهد السياسي الكردي وأساليب العمل الديمقراطي للحركة السياسية الكردية وقادتها المفترضين بعيداً عن التشهير والتخوين ؟ وهل سيتمكن الذين يأبون التغيير, ويسيرون عكس تياراته الجارفة, من المسؤولين التقليديين في الحركة السياسية الكردية حتى النهاية, من مواجهة ثورات التغيير في المنطقة؟ أم سينجحون كما في كل مرة, للتغلب على رياح التغيير الجارية اليوم, والتي جرفت النظم الأكثر الدموية في المنطقة, بدءا من النظام التونسي, ومروراً بالليبي والمصري واليمني وأخيراً وليس آخراً النظام السوري…؟! اعتقد أن التغيير الذي أجبر الطغاة على الرحيل, والاختباء في الجحور والمجارير, سيعانق قامة الذين اختزلوا الحركة السياسية الكردية (سياسياً, اقتصادياً, واجتماعيا, ثقافياً…الخ ) في ذاتهم بدلالة القائد الواحد الأحد الذي يصلح لكل زمان ومكان  .!!  

*
يصدرها الإعلام المركزي لحزب آزادي الكردي في سوريا 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…