حسين جلبي
للأسف الشديد، يخلق الجيش الحُر الإنطباع أحياناً بأنه مُجرد مُرشد سياحي لكتائب الأسد، يدلها على المناطق التي لم تدمر بعد عبر إعلانه عن تحريرها من سلطة النظام، فتتبع هذه الأخيرة أثره لتقوم بما قامت به للمرة الألف في كل المواقع التي أعلن الجيش الحُر تحريرها.
و الحال أنه من حق الجيش الحُر تحرير سوريا من آل الأسد، لا بل أن ذلك من واجبه تجاه الشعب السوري بعد أن تصدى لهذه المهمة النبيلة عبر جنوده الشرفاء الذين إنشقوا عن الجيش الأسدي و كذلك المدنيين الذين إلتحقوا بصفوفه، لكن كُل ذلك مشروط ببقاء بعض الناس على قيد الحياة يحتفلون معه بالنصر فيما بعد، و كذلك ببقاء بيوت منتصبة أو مرتفعة قليلاً عن الأرض يمكن تعليق إشارات النصر عليها.
و الحال أنه من حق الجيش الحُر تحرير سوريا من آل الأسد، لا بل أن ذلك من واجبه تجاه الشعب السوري بعد أن تصدى لهذه المهمة النبيلة عبر جنوده الشرفاء الذين إنشقوا عن الجيش الأسدي و كذلك المدنيين الذين إلتحقوا بصفوفه، لكن كُل ذلك مشروط ببقاء بعض الناس على قيد الحياة يحتفلون معه بالنصر فيما بعد، و كذلك ببقاء بيوت منتصبة أو مرتفعة قليلاً عن الأرض يمكن تعليق إشارات النصر عليها.
كذلك فإن من واجبنا تجاه الجيش الحُر، و هو إذ يؤدي مهمته العظيمة هذه أن نكون حاضنته الشعبية، نقدم له الدعم اللوجستي لتسهيل مهمته و تخفيف الأضرار عنه، من حقه أن يتخفى أحياناً بين المدن و القرى على أن لا يصبح ذلك هدفاً بحد ذاته بل وسيلةً لتحقيق الهدف الذي نذر نفسهُ له.
ما حدث في سريه كانْيه، المدينة الغير إسترتيجية قبل يومين يدل على أن ما قام به الجيش الحُر كان عملاً إرتجالياً أو بعيداً عن أية حسابات لعواقبه، إذ (نحنُ نقوم بالتحرير) و نقطة إنتهى.
الإنكى من ذلك هو أن نصف العملية على الأقل قد خُطط لها أو تمت في تركيا كما يبدو، كان هذا واضحاً تماماً عبر الإعلام و من خلال المؤشرات على الأرض، لقد أرسل ذلك إشارات أُخرى سيئة لأبناء المنطقة بأن العملية مجرد إستبدال إحتلال أو نفوذ أسدي بآخر تركي، و لعل الجانب المُحزن في المسألة هو عبور رجلٍ غير مرغوبٍ فيه كُردياً هو (نواف راغب البشير) على رأس قوة إعلامية تصرف خلالها كأحد الفاتحين العثمانيين، ذلك أن هذا الشخص مُعارضٌ للحقوق الكُردية على طول الخط، و قد كان الأولى به دخول مدينته ديرالزور للدفاع عنها و تحريرها و هي حالياً في أشد الحاجة إلى كل مساعدة، لا تركها، كما فعل، بعد تعرضها لهجوم كتائب الأسد، و بعد أن قايض مع النظام الحصول على حريته مقابل الخروج على إعلامه لمدح رأس النظام و ما يقوم به من تدميرٍ ممنهج لسوريا و قتلٍ لمواطنيها و التهجم على الثورة.
بطبيعة الحال من حق أي مواطنٍ سوري و كذلك من واجبه أن يدخل إلى أية مدينة سورية شريطة أن يكون ذلك لتقديم العون و خاصةً العسكري أو الإغاثي لأهلها، على أن يبدأ أولاً القيام بواجبه تجاه المناطق الأكثر تضرراً خاصةً إذا كانت مدينته على رأس قوائمها، بغير ذلك، و بحالة مثل التي تتعلق بالبشير، يصبح الأمر مجرد إستعراضٍ فارغ و خاصةً عندما يتعلق بمدينة نائية مثل سريه كانْيه بعيدة عن معاقل النظام لا تطالها سوى طائراته، يتيح وضعها الجغرافي الملاصق للحدود التركية القيام بزيارة سريعة لها حتى دون دخولها، و الفرار عند حدوث أي طارئ.
مُقابل ذلك هناك رصاصات أُخرى تُطلق على المدينة الكُردية المنكوبة من داخل أسوارها أيضاً أسوةً بما تتلقاه المُدن الكُردية الأخرى، يتعلق الأمر بإدعاءات تحرير المنطقة من النظام التي أطلقها حزب العُمال الكُردستاني و التي إنساقت القوى الكُردية الأُخرى خلفها فراحت تبني على تلك الكذبة بيوتاتٍ حزبية هي أوهى من بيوت العنكبوت، و بدلاً من إستغلال الإستقرار النسبي لوضع أسس صحيحة و متينة لعمل أغاثي أشد ما تحتاجه المنطقة اليوم، دخلت في مزاوداتٍ سياسية ضد بعضها البعض و كذلك في بازارات بينية و مع القوى العربية الأُخرى، لقد أثبت حزب العُمال الكُردستاني أنه أكبر مستفز للمواطنين الكُرد و أكبر مُحرض على المنطقة الكُردية، و تظهر نتائج ذلك الآن في غمرة العداء السوري ـ التركي الرسمي و كأن هناك إتفاق ضمني بين هذين الطرفين على تدمير المنطقة الكُردية، كُلٌ لأسبابه الخاصة و بوسائله الخاصة أيضاً.
لكن المجلس الوطني الكُردي أثبت أيضاً بسلبيته أنه لا يقل إضراراً بالمنطقة عن سواه، لقد كان متأخراً دائماً بخطوة واحدة على الأقل عما يجب فعله، خطوة قد تحسب في زمن الثورة بسنة ضوئية، و لننظر إلى مثالٍ خارجي ماثلٍ للعيان، و هو ما يقوم به في قطر الآن بعيداً عن ساحة الحدث، ففي الوقت الذي إنتهت فيه المعارضة السورية من توحيد نفسها في إطار (الإئتلاف الوطني لقوى المعارضة و الثورة السورية) إنشغل المجلس بالتفاوض على وثائق مؤتمر القاهرة الذي إنفض قبل شهور و كان قد أُغلق على إنسحاب المجلس منه، إنفض إجتماع أهل الدوحة الأخير بدوره دون الكُرد و إنتقل المجتمعون إلى مرحلة متقدمة في القاهرة للحصول على إعترافٍ بما تمخض عنه، و قد تم ذلك فعلاً، لكن لا زال جماعة المجلس الكُردي في الدوحة يتفاوضون و يشترطون و يؤجلون!؟ بالمقابل يتابع أشقائهم في حزب العمال الكُردستاني الإعلان للمرة الثانية عن تحرير المناطق الكُردية التي كانوا قد أعلنوا عن تحريرها قبل شهور، و مرةً أُخرى بعد (معارك طاحنة) بيضاء لا يخسر فيها أي طرف قطرة دم، و يتابعون كذلك نهجهم في ترهيب النشطاء الكُرد و الإحتفاظ بالذين كانوا قد إختطفوهم، و لا ننسى قتل النشطاء أيضاً كما حدث عند إطلاقهم النار على مظاهرة كوباني.
العمل المجدي الوحيد الآن هو أن يبادر كل مواطن إلى تقديم المساعدة و بشكلٍ فردي إلى أهله في سريه كانْيه، و بالنسبة للمغتربين يكون ذلك بالطرق التي إعتادوها لإرسال العون لعوائلهم، أؤكد على أن تقديم المساعدة يجب أن يكون مباشراً بعيداً عن الوسطاء و خاصة الوساطات الحزبية التي ستعقد المسائل و ستفتح أبواباً لقصص مل منها الجميع.
حرب النظام السوري على الشعب الكُردي لم تبدأ بسريه كانْيه، و الثورة الكُردية على النظام لم تبدأ هي الأُخرى منذُ سريه كانيه، لكن كتائب بشار الأسد ستحاول إلحاق أكبر أذى ممكن بالمدينة بهدف ضرب التعاطف الشعبي الكُردي مع الجيش الحُر، و كذلك جعلها عبرةً للمدن الكُردية الأخرى كيلا تكون حاضنة شعبية له، لذلك على الجيش الحر مراجعة حساباته، و خاصة مسألة عدم وجود أهمية إستراتيجية للمدينة في الصراع الحالي مع النظام قبل أن تُدمر عن بكرة أبيها ثم يقوم بتنفيذ (إنسحاب تكتيكي) متأخر منها.
ما حدث في سريه كانْيه، المدينة الغير إسترتيجية قبل يومين يدل على أن ما قام به الجيش الحُر كان عملاً إرتجالياً أو بعيداً عن أية حسابات لعواقبه، إذ (نحنُ نقوم بالتحرير) و نقطة إنتهى.
الإنكى من ذلك هو أن نصف العملية على الأقل قد خُطط لها أو تمت في تركيا كما يبدو، كان هذا واضحاً تماماً عبر الإعلام و من خلال المؤشرات على الأرض، لقد أرسل ذلك إشارات أُخرى سيئة لأبناء المنطقة بأن العملية مجرد إستبدال إحتلال أو نفوذ أسدي بآخر تركي، و لعل الجانب المُحزن في المسألة هو عبور رجلٍ غير مرغوبٍ فيه كُردياً هو (نواف راغب البشير) على رأس قوة إعلامية تصرف خلالها كأحد الفاتحين العثمانيين، ذلك أن هذا الشخص مُعارضٌ للحقوق الكُردية على طول الخط، و قد كان الأولى به دخول مدينته ديرالزور للدفاع عنها و تحريرها و هي حالياً في أشد الحاجة إلى كل مساعدة، لا تركها، كما فعل، بعد تعرضها لهجوم كتائب الأسد، و بعد أن قايض مع النظام الحصول على حريته مقابل الخروج على إعلامه لمدح رأس النظام و ما يقوم به من تدميرٍ ممنهج لسوريا و قتلٍ لمواطنيها و التهجم على الثورة.
بطبيعة الحال من حق أي مواطنٍ سوري و كذلك من واجبه أن يدخل إلى أية مدينة سورية شريطة أن يكون ذلك لتقديم العون و خاصةً العسكري أو الإغاثي لأهلها، على أن يبدأ أولاً القيام بواجبه تجاه المناطق الأكثر تضرراً خاصةً إذا كانت مدينته على رأس قوائمها، بغير ذلك، و بحالة مثل التي تتعلق بالبشير، يصبح الأمر مجرد إستعراضٍ فارغ و خاصةً عندما يتعلق بمدينة نائية مثل سريه كانْيه بعيدة عن معاقل النظام لا تطالها سوى طائراته، يتيح وضعها الجغرافي الملاصق للحدود التركية القيام بزيارة سريعة لها حتى دون دخولها، و الفرار عند حدوث أي طارئ.
مُقابل ذلك هناك رصاصات أُخرى تُطلق على المدينة الكُردية المنكوبة من داخل أسوارها أيضاً أسوةً بما تتلقاه المُدن الكُردية الأخرى، يتعلق الأمر بإدعاءات تحرير المنطقة من النظام التي أطلقها حزب العُمال الكُردستاني و التي إنساقت القوى الكُردية الأُخرى خلفها فراحت تبني على تلك الكذبة بيوتاتٍ حزبية هي أوهى من بيوت العنكبوت، و بدلاً من إستغلال الإستقرار النسبي لوضع أسس صحيحة و متينة لعمل أغاثي أشد ما تحتاجه المنطقة اليوم، دخلت في مزاوداتٍ سياسية ضد بعضها البعض و كذلك في بازارات بينية و مع القوى العربية الأُخرى، لقد أثبت حزب العُمال الكُردستاني أنه أكبر مستفز للمواطنين الكُرد و أكبر مُحرض على المنطقة الكُردية، و تظهر نتائج ذلك الآن في غمرة العداء السوري ـ التركي الرسمي و كأن هناك إتفاق ضمني بين هذين الطرفين على تدمير المنطقة الكُردية، كُلٌ لأسبابه الخاصة و بوسائله الخاصة أيضاً.
لكن المجلس الوطني الكُردي أثبت أيضاً بسلبيته أنه لا يقل إضراراً بالمنطقة عن سواه، لقد كان متأخراً دائماً بخطوة واحدة على الأقل عما يجب فعله، خطوة قد تحسب في زمن الثورة بسنة ضوئية، و لننظر إلى مثالٍ خارجي ماثلٍ للعيان، و هو ما يقوم به في قطر الآن بعيداً عن ساحة الحدث، ففي الوقت الذي إنتهت فيه المعارضة السورية من توحيد نفسها في إطار (الإئتلاف الوطني لقوى المعارضة و الثورة السورية) إنشغل المجلس بالتفاوض على وثائق مؤتمر القاهرة الذي إنفض قبل شهور و كان قد أُغلق على إنسحاب المجلس منه، إنفض إجتماع أهل الدوحة الأخير بدوره دون الكُرد و إنتقل المجتمعون إلى مرحلة متقدمة في القاهرة للحصول على إعترافٍ بما تمخض عنه، و قد تم ذلك فعلاً، لكن لا زال جماعة المجلس الكُردي في الدوحة يتفاوضون و يشترطون و يؤجلون!؟ بالمقابل يتابع أشقائهم في حزب العمال الكُردستاني الإعلان للمرة الثانية عن تحرير المناطق الكُردية التي كانوا قد أعلنوا عن تحريرها قبل شهور، و مرةً أُخرى بعد (معارك طاحنة) بيضاء لا يخسر فيها أي طرف قطرة دم، و يتابعون كذلك نهجهم في ترهيب النشطاء الكُرد و الإحتفاظ بالذين كانوا قد إختطفوهم، و لا ننسى قتل النشطاء أيضاً كما حدث عند إطلاقهم النار على مظاهرة كوباني.
العمل المجدي الوحيد الآن هو أن يبادر كل مواطن إلى تقديم المساعدة و بشكلٍ فردي إلى أهله في سريه كانْيه، و بالنسبة للمغتربين يكون ذلك بالطرق التي إعتادوها لإرسال العون لعوائلهم، أؤكد على أن تقديم المساعدة يجب أن يكون مباشراً بعيداً عن الوسطاء و خاصة الوساطات الحزبية التي ستعقد المسائل و ستفتح أبواباً لقصص مل منها الجميع.
حرب النظام السوري على الشعب الكُردي لم تبدأ بسريه كانْيه، و الثورة الكُردية على النظام لم تبدأ هي الأُخرى منذُ سريه كانيه، لكن كتائب بشار الأسد ستحاول إلحاق أكبر أذى ممكن بالمدينة بهدف ضرب التعاطف الشعبي الكُردي مع الجيش الحُر، و كذلك جعلها عبرةً للمدن الكُردية الأخرى كيلا تكون حاضنة شعبية له، لذلك على الجيش الحر مراجعة حساباته، و خاصة مسألة عدم وجود أهمية إستراتيجية للمدينة في الصراع الحالي مع النظام قبل أن تُدمر عن بكرة أبيها ثم يقوم بتنفيذ (إنسحاب تكتيكي) متأخر منها.